آراء وافكار - مقالات الكتاب

لماذا تصر إيران على النووي؟

ولماذا يخشى الآخرون هذه المساعي؟

هذه الرغبة الإيرانية، تقابلها إرادة أمريكية وإسرائيلية معارضة بشكلٍ كبير لها، فالطرفان لا يريدان أن تكون هنالك قوة نووية أخرى في المنطقة؛ لأن ذلك قد يهدد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية عليها، ويهدد الأمن الإسرائيلي، وقد يؤدي ذلك إلى انعدام قدرة الأمريكان على منع حلفائهم في المنطقة المناوئين...

قال ذات يوم الزعيم الباكستاني (ذو الفقار علي بوتو)، سنحصل على القنبلة النووية ولو أكلنا العُشب، وفي ذات السياق قال وزير الخارجية الصيني الأسبق (تشين يي) سنعمل على حيازة السلاح النووي حتى لو اضطررنا إلى رهن سراويلنا.

السؤال يطرح نفسه هنا، ما الذي دفع أمثال هؤلاء الساسة، إلى إطلاق مثل هكذا أقوال تعبر عن حاجات مصيرية؟، إنه الشعور بالتهديد والحاجة إلى ضمان الأمن، وتحقيق الردع، فباكستان تخشى الخطر الهندي، والصين بعد أخطار الأزمة الكورية (1950-1953)، والتهديدات الغربية لها، وحتى السوفيتية في القرن العشرين، أدت بها إلى إتخاذ قرار مصيري يتضمن بناء ترسانة نووية تحمي البلاد، وتقيها من خطر الأعداء، وتضمن لها التفوق النوعي في القوة قدر الإمكان.

من جانبها ترى إيران أن هذا العالم لا آمان ولا ضمان فيه للبقاء إلا بما تمتلكه من قوة، وتأكد لها ذلك بعد تجارب عملية من حولها، كتجربة إسقاط نظام صدام حسين عام (2003)، وعلى الرغم من تسليم القذافي مشروعه النووي إلى الغرب طوعًا لم يحمِ نظامه عام (2011) من السقوط، فلو كانت هذه الدول تمتلك ردع نووي لما اعتدي عليها بحسب الرؤية الإيرانية، مما يحتم عليها بناء مشروع نووي يؤدي بها إلى امتلاك القنبلة النووية، ليس من أجل استخدامها بالضرورة أو التهديد بها؛ بل لضمان الردع، يسمي ذلك (مايكل كريبون) مبدأ "ضمان الأمن قبل الندم"، ولكي تكون في مأمن من الأخطار الخارجية، كالتهديد الأمريكي والإسرائيلي، وأيضًا في ظل الطموحات الاستراتيجية التي تحملها، والتي ترغب عبرها إلى تحقيق مكانة إقليمية ترى إيران أنها تستحقها، وهو ما يدفع بالقوى الأخرى على الوقوف ضدها، لذلك تحمل النوايا الإيرانية بعدين: بعد أمني، وآخر البحث عن تحقيق المكانة.

هذه الرغبة الإيرانية، تقابلها إرادة أمريكية وإسرائيلية معارضة بشكلٍ كبير لها، فالطرفان لا يريدان أن تكون هنالك قوة نووية أخرى في المنطقة؛ لأن ذلك قد يهدد هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية عليها، ويهدد الأمن الإسرائيلي، وقد يؤدي ذلك إلى انعدام قدرة الأمريكان على منع حلفائهم في المنطقة المناوئين والمنافسين لإيران، من امتلاك السلاح النووي، رغبةً منهم في تحقيق التوازن في القوى والمكانة، وهو ما يعمل في ذات الوقت، إلى انتفاء التفوق النوعي الإسرائيلي، الذي يعد ضرورة إسرائيلية قصوى، وهو ما قد يؤدي كما ترى القيادات الإسرائيلية إلى تهديد وجودها وبقائها.

في الجهة المقابلة وكما قلت سيؤدي امتلاك إيران للنووي، إلى تحفز القوى الأخرى في المنطقة كتركيا والمملكة العربية السعودية، ومصر لامتلاكه، بدليل أن ولي العهد السعودي (محمد بن سلمان) قال ذات مرة في أحد لقاءاته عام (2018)، أن بلاده ستمتلك السلاح النووي في أسرع وقت ممكن إذا ما امتلكته إيران، بالتالي إذا كان التنافس النووي في الحرب الباردة بين معسكرين غربي وشرقي، وذو أبعاد آيديولوجية وحضارية، فإن التنافس سيتحول إلى العالم الإسلامي بين أبرز أطرافه السنة والشيعة، أي أن الدول السنية سترى أن امتلاك إيران الشيعية للقنبلة، سيدفعها إلى امتلاك القنبلة ذات المضامين السنية.

لذلك يرى كريبون أن الانتشار النووي في عصره الثاني الذي يبتدأ عام (1991)، اتخذ طابعًا دينيًا، وعليه تخشى الولايات المتحدة الأمريكية من أنها لن تستطيع السيطرة على حلفائها، مهما قدمت لهم من ضمانات أمنية، فهي لم تقدر على حليفتها باكستان، التي ما إن رأت الهند تمتلك السلاح النووي، حتى سارعت إلى امتلاكه.

أي أن خشيتها مزدوجة هي لا تريد إيران امتلاك السلاح النووي خشية على نفوذها في المنطقة، وأمن إسرائيل، وتعرف تمامًا أن ذلك سيؤدي إلى سباق تسلح نووي كبير في المنطقة، لا سيما وأنها تعج بالعديد من الأزمات، وقد يؤدي ذلك إلى وصول هذا السلاح الخطير إلى الجماعات الراديكالية لتزيد بالتالي التعقيدات الأمنية على المستوى العالمي وليس الإقليمي فحسب.

اضف تعليق


التعليقات

معاوية
العراق
فضلا عن ذلك.. فإن إيران تختلف عن جميع دول العالم النووية وغير النووية، المتقدمة والنامية، فهي دولة لها مزاج خاص جدا، فهي لا تعر للقانون الدولي أو المعاهدات أو العادات الدولية أي اهتمام ولم تلتزم يوما بحدود النظام الدولي ولن تلتزم، ودول العالم تعرف جيدا هذه الدولة المزاجية لهذا باعتقادي يستحيل السماح لها بامتلاك النووي.2021-06-02
معاوية
العراق
فضلا عن ذلك.. فإن إيران تختلف عن جميع دول العالم النووية وغير النووية، المتقدمة والنامية، فهي دولة لها مزاج خاص جدا، فهي لا تعر للقانون الدولي أو المعاهدات أو العادات الدولية أي اهتمام ولم تلتزم يوما بحدود النظام الدولي ولن تلتزم، ودول العالم تعرف جيدا هذه الدولة المزاجية لهذا باعتقادي يستحيل السماح لها بامتلاك النووي.2021-06-02