صالح عاشور في حوار مفتوح مع مجلة النبأ حول مرحلة حياة الامام الشيرازي قدس سره في الكويت

 

حين تجلس إليه لا تحسب أن ملامحه التي يعلوها الحياء يمكن أن تخفي وراءها تلك الحنكة والعمق السياسيين، ولكن ما أن تتبادل معه أطراف الحديث حتى تخرج بحصيلة مؤداها أن الرجل كان قد أمسك بوعي بخيوط اللعبة السياسية ما أهله أن يخوض ساحة اللعب بين الكبار.

إنه الحاج صالح عاشور النائب في مجلس الأمة الكويتي الذي حل في جوار السيدة زينب (ع) في سوريا، ضيفاً كريماً وذلك للمشاركة في المهرجان التأبيني الذي عقد لتأبين الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره).

مجلة النبأ حيث أنها تعد لملف خاص حول الإمام الشيرازي اغتنمت الفرصة لعمل لقاء مع الحاج صالح عاشور فزارته في محل إقامته حيث استقبل وفد المجلة بالترحاب والحفاوة.

تركز الحوار الذي أداره رئيس تحرير المجلة الشيخ مرتضى معاش حول دور الإمام الشيرازي في الكويت إبان إقامته فيها فترة السبعينات من القرن الماضي. وبما أن للحاج صالح عاشور من الذكريات حول تلك الفترة الكثير من خلال ملازمته للإمام فقد استطرد بالحديث حتى أنه كان يطوي الأسئلة في سؤال واحد وكأنه كان يتوقع ما أعدت له النبأ من أسئلة، ما اختزل بعض تلك الأسئلة وأطمع في إضافة أسئلة أخرى لم تكن بالحسبان ولم يُعدّ لها ضمن الأسئلة التي كانت قد أعدت سلفاً.

وكما هو المعتاد كان السؤال – المنطلق – عن البداية المباركة التي بدأ بها الإمام (قدس سره) في الكويت فأوضح عاشور أن السيد الشيرازي بدأ حيث لم تكن الساحة الكويتية قد شهدت من النشاطات الدينية وغيرها سوى النزر اليسير الذي تحدد بحدود إقامة المجالس الحسينية في ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) والحال أن ذلك النشاط على جلالة قدره لم يكن ليفي بالغرض المرجو على الساحة الكويتية التي تضم مختلف الأديان والمذاهب.

فقد كانت الإنطلاقة تتركز حول التوحيد فقد كان الشيعة أنفسهم من مختلف الجنسيات يعيشون حالة العزلة والانطواء، ما دفع السيد الشيرازي إلى كسر تلك الحواجز التي نشأت بين تلك الجنسيات فكان أن أثمر جهده المبارك في انفتاح كل على الآخر وتذويب جبال الجليد التي كانت قائمة دون مبرر بين تلك الأطراف.

بعدها أنتقل الحديث إلى التأثير السياسي للسيد في الكويت فقد ذكر الحاج عاشور أن السيد كان يمسك بأساسيات العمل السياسي ما دفعه للعمل بحنكة منقطعة النظير، ولست وغيري سوى صنيعة تلك الحنكة التي كان الإمام قد عمل وفقها على صدى عقد من الزمن.

أما الأثر الاجتماعي للسيد فقد كانت الوحدة إحدى ثماره أما الآثار الأخرى فمنها الكثير حيث كان السيد قد نزل إلى الميدان بنفسه فأول عمل قام به حين نزل الكويت مبادرته إلى زيارة جيرانه وهذا ما لم يعهد من قبل – زيارة مرجع لجيرانه بنفسه – ما خلق للسيد – رحمه الله – قاعدة جماهيرية واسعة، وهذا العمل ساهم في تقوية أواصر الأسر المسلمة فيما بينها.

ولم يكن تأثير السيد الراحل بالشباب الكويتي ليغيب عن ساحة الحوار مع الحاج صالح عاشور فقد أوضح في معرض إجابته على هذا السؤال بأن السيد وإن كان يولي مختلف طبقات المجتمع عنايته إلا أن عنايته بالشباب كانت قد فاقت عنايته بغيرهم وذلك إيماناً منه – قدس سره – بأنهم الجيل الأقدر على حمل الراية والاستمرار بالمسيرة.

علماً أن السيد لم يكن يولي الشباب الذكور فقط تلك العناية إنما الشباب الذكور والإناث منهم، فقد كان للمرأة حيز كبير في فكر وسلوك الإمام الراحل فقد كان المبادر الأول لعمل حيز خاص في المساجد للنساء وهذا الإقدام وإن عابه البعض عليه إلا أن ذلك البعض عاد في النهاية ليسلك المنهج ذاته ليخصص للنساء حيزاً خاصاً في المساجد وذلك لكي يتسنى لهن الاستفادة من الخطب سواء في المناسبات كمحرم الحرام أو شهر رمضان، أو في خطب الصلاة حيث كان السيد أول من حث إمام الجماعة على الخطبة بالمصلين.

أما عن سلوكه الشخصي وزهده فقد كانا محط أنظار الناس الذين التفوا حوله فقد ذكر عاشور أن السيد أهدي له داراً للسكن فما كان منه إلا أن اكتفى بغرفتين منها لسكنه هو وعائلته ليوقف القسم الآخر كمدرسة باسم مدرسة الرسول الأعظم للدراسات الدينية وهي مدرسة لا زالت قائمة إلى الآن. ثم أنه – رحمه الله – انتقل لدار أخرى استأجرها ليوقف الدار كاملة للمدرسة.

هذا نزر يسير مما دار في الحوار الشيق الذي سوف ينشر في العدد الخاص من مجلة النبأ الذي تضمن ملفاً خاصاً حول الإمام الشيرازي الراحل – قدس سره – بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيله.