بيان الحوزة العلمية الزينبية المقدسة في الذكرى السنوية الأولى لرحيل المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

قال سبحانه وتعالى: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) سورة المجادلة: 11.

وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه). نهج البلاغة.

عام مضى على رحيل رائد العلم والتقى والجهاد في سبيل الله.. لم يكن كسائر الأعوام في أحزانه وآلامه.. حيث فجعت الأمة الإسلامية والعالم الإنساني أجمع برحيل المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه الشريف).

إن الإمام الراحل (أعلى الله درجاته) لم يقتصر على كونه مرجعاً دينيا للمسلمين وزعيماً روحيا للأمة.. بل كان الحامي والناصر والمدافع المقدام عن المظلومين وحقوقهم المغتصبة، والداعية الكبرى للإصلاح من الفساد والظلم والاستبداد عبر اتخاذ سياسة السلم واللاعنف والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

لقد اتسمت شخصية الإمام الشيرازي قدس سره بمزايا وكمالات قلّما توفرت في رجل مثله.. فقد كان: المصلح الأول الداعي إلى وحدة المسلمين وقوتهم وعزتهم، والمطالب بإعادة الأمة الواحدة والأخوة الإسلامية إلى المجتمع، وقد دعا إلى إلغاء الفوارق العنصرية واللغوية والجغرافية..، وكان ما دعا إليه قبل عقود من الزمن، والتي هي دعوة الإسلام والقرآن، هي النتيجة التي توصل إليها عقلاء العالم اليوم الداعين إلى وحدة العالم وتحرير البشر من قيود الحدود الأرضية والحواجز الجغرافية وغيرها، لأن البشر وحدة واحدة من الناحية الإنسانية، وهم متساوون في الحقوق والمشاعر والمسؤوليات، والكل مسؤول عن نفسه وعن الآخرين، وقد ورد عن رسول الله(ص): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (بحار الأنوار)، وعن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: (الناس صنفان أما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق« (نهج البلاغة)، وعنه عليه السلام: (إنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم) (نهج البلاغة).

لذا يجب على الإنسان المؤمن السعي في هداية الآخرين وإصلاحهم وإنقاذهم من كل ما يشينهم أو يخرجهم عن إنسانيتهم من ظلم وعدوان أو انحراف عن السنن الإلهية والشريعة السماوية.

كما وكان السيد الفقيد (رضوان الله عليه) مثال العالم الهادي، والإمام القدوة، والزعيم المرشد، في حركاته وسكناته، وقد كانت حياته مدرسة شاملة في كل أبعادها العلمية والعملية، فألف للجامعة العلمية والمكتبة الإسلامية ما قد لا ينهض بكتابته العشرات من العلماء، إذ ناهزت مؤلفاته 1300 كتاب، وقد جاءت شاملة مستوعبة لمختلف جوانب الحياة والمجتمع، وقد توخى فيها إصلاح الإنسان في كل مراحل حياته.

فكتب للإنسان وهو في دور الصبى، وكتب له في دور الشباب، وكذا في دور الكبر والشيخوخة.. كما كتب للمفكرين على اختلاف مستوياتهم واتجاهاتهم، فكتب للسياسي والاجتماعي والاقتصادي، كما كتب للطبيب والمهندس والفيلسوف والفلكي..

ومع ذلك كله كان فقيهاً لا يضاهى في فقهه واجتهاده، فقد أسس في الفقه أبواباً جديدة مبتكرة لم تفتح من قبل، وفرّع المئات من الفروع الفقهية الجديدة التي تطلبتها الحياة المعاصرة بكل ما لها من تفاصيل وتشعبات.. بل نظّر العديد من المسائل المستحدثة التي لم يتوصل إليها العلم الحديث وأعطى فيها رأي الشريعة المقدسة ليكون ذلك دليلاً آخر يضاف على متضافر الأدلة على كمال الإسلام وشمولية مدرسة أهل البيت عليهم السلام واستيعابها لكل نواحي الحياة البشرية وإلى يوم القيامة.

وتشهد (موسوعة الفقه) التي بلغت (160) مجلداً في الفقه الاستدلالي الشامل على سعة علمه وطول باعه في فهم الأحكام، فلم يسبقه في ذلك أحد.. ويكفيه أنه أول من دعا إلى نظرية (شورى الفقهاء المراجع) التي تعد الأطروحة المثلى لمعالجة مشاكل المسلمين وقيادتهم إلى أمنهم وحريتهم وتقدمهم.

وأول من دعا لإقامة الدولة الإسلامية العالمية الواحدة ووضع الضمانات العلمية والعملية الكفيلة بتطبيق الحكم الإسلامي الحر العادل بعيداً عن الأهواء وبروق المطامع ومفاسد الظلم والاستبداد، وقد دون ذلك في كتبه المتعددة من قبيل: (الفقه: الدولة الإسلامية)، و(الفقه: الحقوق)، و(الفقه: القانون)، و(الفقه: الحكم في الإسلام)، و(الفقه: السياسية) و(الفقه: طريق النجاة) و...

وأول من جعل للحرية الإسلامية باباً واسعاً في الفقه وبين أصولها من الكتاب والسنة والإجماع والعقل، وألف فيها، (الفقه: الحريات)، و(الحرية الإسلامية) و(الصياغة الجديدة) و...

وأول من نظّر للمجتمع الإسلامي المعاصر وشرح خصوصياته وأشار إلى دعائمه وعناصر قوته وأسباب رفاهه ومقومات كرامته في كتابه: (السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين) و(الفقه: الاجتماع) و...

وأول من دعا المسلمين إلى النهضة الثقافية والسلمية لأجل المطالبة بحريتهم ونيل حقوقهم المغصوبة ودعاهم إلى انتهاج سيرة رسول الله (ص) والأئمة الطاهرين من عترته (ع) في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في كتاب (نحو يقظة إسلامية) و(إلى نهضة ثقافية إسلامية) و(ثلاثون سؤالا في الفكر الإسلامي) و...

وأول من دعا إلى إقامة منظمة عالمية إسلامية وحث على عقد المؤتمرات العالمية والأقليمية كمنطلق لإنقاذ العالم الإسلامي من قيوده في كتابه: (مؤتمرات الإنقاذ) علل ذلك بقوله: إن للمسلمين قوة هائلة إذ لهم علماء وتجار ومفكرون وعاملون ولهم تنظيمات وأحزاب وهيئات وتجمعات بأعداد غفيرة ولهم أنشطة في مختلف أبعاد الحياة الثقافية والسياسية والصحية والاقتصادية وغيرها، لذا كان لابد من جمع هذه الطاقات الهائلة في مؤتمرات صغيرة وكبيرة تنعقد وبشكل دوري ومتواصل لأجل:

أولا: تبادل الآراء والأفكار.

ثانياً: تنسيق الجهود.

ثالثاً: بلورة خطط عمل مشتركة لنصرة الإسلام وإنقاذ المسلمين.

كما دعا إلى اتخاذ المناسبات الدينية الكبرى كالحج ومواسم الزيارة للمراقد المشرفة وشهري رمضان المبارك ومحرم الحرام، لاستثمار هذه الطاقات كما قال سبحانه في فرصة الحج: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ  لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ (سورة الحج).

وكان أول من نظر لإنقاذ العالم الغربي والإنساني ككل من براثن الظلم والعدوان، ودعاه إلى نبذ القسوة والعنف والأنانية والمصلحية والاستعمار وغيرها من مساوئ الحضارة الجديدة والقيم المادية التافهة والتي خيمت على حياة البشر فأبدل أمنهم خوفاً وغناهم فقراً وسلمهم حرباً وراحتهم بؤساً، كما وضع الطرق الموصلة إلى التخلص من كل ذلك في كتابه: (الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام) و(كيف يمكن نجاة الغرب) و(الغرب يتغير) و(الفقه العولمة) و...

إلى غيرها من عشرات بل مئات الكتب التي ذكر فيها آراءه ونظرياته وتصوراته التي استنبطها من الكتاب والسنة الشريفة كبرنامج لعالم الإنسان الذي جعله الباري عزوجل خليفة له في الأرض.

جعل الإمام الشيرازي (قدس سره) نهجه في الإصلاح الشامل لأوضاع العالم الإسلامي في العصر الحاضر، ضمن خطوط أساسية وأصيلة من أهمها:

1: التنظيم، لكونه من أهم سبل استثمار طاقات الناس وتوجيهها إلى الخير.. إن التنظيمات تقوم بملء الفراغ الفكري عند الشباب عبر الكتب والمحاضرات والأفلام التربوية ونحوها، واحتوائهم نفسياً وروحياً، وقضاء حوائجهم، ودفعهم نحو التقدم، وإرشادهم إلى المستقبل الأفضل، مضافا إلى كل ذلك حصانتهم من التنظيمات المنحرفة، وشبكات الفساد والانحراف التي يقيمها أعداء الإسلام والمسلمين لتضليل الشباب.

2: التنافس الحر والتعددية الإيجابية والاحترام للرأي الآخر فكراً وعملاً، ولذا دعا إلى إنشاء العديد من التجمعات والهيئات والتكتلات واللجان في مختلف شؤون الحياة والمجتمع، لتكون متنافسة على الخير ومسارعة إلى العمل وساعية إلى الأهداف العليا، كما قال سبحانه: وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (المطففين: 26)، ومن الواضح أن التنافس الإيجابي يقود إلى التعاون والتنسيق والتكامل في القوة والمنعة.

3: الاكتفاء الذاتي، لأن من أكبر وسائل سيطرة الأعداء وفرض هيمنة الدول الاستكبارية على البلاد الإسلامية هو الحاجة الاقتصادية، قال أمير المؤمنين علي (ع): »احتج إلى من شئت تكن أسيره« (الخصال).

4: إحياء تعاليم القرآن، فإن القرآن الكريم كتاب حياة، وهو مجموعة متكاملة من التعاليم الإلهية التي تكفل سعادة البشر في الدين والدنيا، لكن بتخطيط الأعداء وغفلة المسلمين أعرض عن آيات حيوية كثيرة من القرآن في مجال العمل.

ومن هذه الآيات قوله سبحانه: (إن هذه أمتكم أمة واحدة) (الأنبياء: 92).

وقوله سبحانه: (إنما المؤمنون أخوة) (الحجرات: 10).

وقوله سبحانه: (يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف: 157).

فلا يمكن إنقاذ المسلمين إلا بالعودة إلى القرآن والعمل بآياته الكريمة.

5: المطالبة بالحقوق الضائعة، وذلك عن طريق النصيحة أولاً، ثم وسائل الضغط السلمية والتكتلات الاجتماعية، ثم بواسطة الإضرابات والمظاهرات الشعبية العامة، ويجب أن يتسم كل ذلك بأسلوب اللاعنف في اللسان والقلم والعمل، فإنه أفضل الطرق للوصول إلى الحق.

كان الإمام الشيرازي (رضوان الله عليه) مؤسساً بارعاً في مختلف الحقول والمجالات، وقد كان نتاج مرجعيته ـ التي هدت المسلمين إلى رضا الله سبحانه حوالي نصف قرن من الزمان ـ أكثر من ألف مؤسسة وهيئة متنوعة وشاملة.. وهي منتشرة في مختلف بقاع العالم، وقلما يوجد بلد ليس للإمام الشيرازي فيها مؤسسة أو هيئة عاملة للدين وداعية إلى التوحيد والتقوى والعمل الصالح.

وكان قدس سره يوصي العلماء والخطباء والوجهاء والعاملين في سبيل الله سبحانه ببناء المؤسسات وإقامة المراكز الخيرية ذات النفع العام وتأسيس الهيئات، ويشاركهم في ذلك مادياً ومعنوياً وقد دعا إلى ذلك في أكثر من كتاب ومحاضرة ولقاء، وعده من المقومات الأساسية لرجال الفكر والجهاد، فكان يرى أن المؤسسة ليست مشروع عمل فقط، بل مصدر إشعاع للوحدة والتلاحم، والتوعية والتبصير، وأيضاً هي خندق للدفاع عن القيم والمبادئ وكيان لحفظ دين المؤمنين وصيانة أخلاقهم من الفساد والانحراف، وضمان لحماية حقوقهم من السلب والمصادرة.. كما وجعل من المؤسسات مراكز عبادة لإقامة صلوات الجماعة، وتلاوة القرآن الكريم، ومحافل الدعاء والابتهال، وترويج التعاليم الإسلامية، والعلوم الربانية.. كما جعلها منطلقاً لإحياء الشعائر الإسلامية، ومواساة لأهل البيت (ع) في أحزانهم وأفراحهم، من خلال عقد المجالس والمواكب الحسينية في المناسبات المختلفة، تطبيقاً لقولهم (ع): »يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا« (وسائل الشيعة).

وكان (أعلى الله درجاته) يدعو لإحياء الإسلام عبر العمل بالقرآن والاقتداء بالسيرة النبوية الشريفة وسيرة أهل البيت (ع) وذلك بإحياء الشعائر، فجعل من الشعائر طريقاً لترويج الدين، وجذب الشباب إلى الإيمان والعمل الصالح، وتربيتهم على الخدمة والتعاون..

ومضافاً إلى كل ذلك جعل من المراكز منطلقاً للمشاريع الخيرية في مساعدة المحتاجين وحل المشاكل الاجتماعية ونشر الوعي والثقافة بين الناس، ولذا تقام في الكثير من مؤسساته ومراكزه مراسم الزواج الجماعي، وصناديق الإقراض الخيري، والمساهمة في معالجة المرضى، والإصلاح بين الناس، إلى غير ذلك من أعمال وخدمات إنسانية كبيرة وكثيرة..

كان الإمام الشيرازي (قدس سره) مربياً كبيراً ومرشداً عطوفاً ومعلماً نصوحاً.. فقد ربى آلاف العلماء والخطباء والفضلاء والموجهين الاجتماعيين، كما ربى الكثير من القادة والساسة والإعلاميين والكتّاب والمفكرين، في مختلف البلدان الإسلامية.. وقد أسس لذلك العشرات من المدارس والحوزات العلمية والمراكز والأندية الفكرية والثقافية.

وعطاء الحوزة العلمية الزينبية المقدسة في دمشق الشام التي أسسها برعايته أخوه الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي في عام 1395هـ الموافق 1975م، كالنار على المنار والتي خرجت إلى العالم الكثير من العلماء والموجهين والمبلغين والكتاب والخطباء والشعراء الأفاضل، وتعد اليوم من أقوى الصروح العلمية لشيعة أهل البيت(ع) في العالم الإسلامي الحافلة بالأساتذة الكبار والمدرسين الأخيار والطلبة الأبرار من مختلف مناطق العالم.

كما ولم يبرح (رضوان الله عليه) في إرشاده وتوجيهه لأهل العلم ليكونوا القدوة والمثل الصالحة للمجتمع المسلم في الأخلاق والآداب والهمة والصبر والجهاد، وقد كتب لهم المزيد من الكتب منها (مقومات رجل الدين) و(إلى الحوزات العلمية) وكان من وصاياه الدائمة لهم ما يلي:

1: التزود بالتقوى، فإن خير الزاد التقوى كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. (سورة البقرة).

2: التواصل المستمر في طلب العلم، فإن العلم لا يتوقف عند حد ولا يبلغ فيه إلى مدى، وقد نصت الأخبار الشريفة على طلب العلم من المهد إلى اللحد.

3: معاشرة الناس بالحسنى والأخلاق الطيبة، فان ذلك من أهم مقومات نجاح العالم في خدمة أمته وبلده.

4: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فيبتدئ بنفسه وعائلته ليكون داعية بالعمل قبل القول.

5: التعاون على البر والتقوى، لأنه من أفضل سبل نشر العلم والفضيلة في البلاد.

6: رفع المستوى الثقافي، لأن الدين والدنيا يتقدمان بالثقافة وفهم متطلبات العصر وضرورات المجتمع، للتعامل معها بالتعامل الإيجابي الذي يشجع على النافع ويحذر من الضار.

7: كسب ثقة الناس، لأن الإنسان يعيش بثقته بينهم وخصوصاً العالم القدوة، وكسب الثقة يتطلب جهداً كبيراً وعملاً دائباً ومتواصلاً، وهذا ما يتوقف على مقومات من أهمها: الإخلاص لله تعالى، لأن من أحبه الله أحبه الناس، واستواء الظاهر والباطن، وقطع الطمع عما في أيدي الناس، والدأب في العمل، والتحلي بالتقوى والأخلاق الحسنة والإقدام والشجاعة، والشهامة والكرم، وحفظ اللسان، والقصد في الأمور، والتوسط في المعيشة، وغير ذلك من صفات النجاح والتوفيق.

8: العمل الجماعي وتوزيع الأدوار، فان الإنسان لا ينمو ولا يتقدم بمفرده ـ عادة ـ كما لا يتمكن من تحقيق أهدافه وحده بل لابد من التعاون والتنسيق مع الآخرين.

9: الاهتمام بالشؤون الإسلامية والقيام بمهامها: كالقضاء بين الناس، وإصلاح شؤونهم، والمواظبة على صلوات الجماعة في الأوقات الثلاثة، والحضور في المراسم الدينية، فان للمظاهر والشعائر الأثر الكبير في جذب الناس إلى حظيرة الإسلام.

10: تكريس روح الجهاد والمثابرة في الأمة، فان للجهاد روحاً خاصة قد تعيشها الأمة فتحظى بالقوة والانتصار، وقد تحرم منها فتعيش الذل والهوان، وتؤكد التجارب وتواريخ الأمم أن أية أمة اتسمت بروح الجهاد أخذت بالسمو والارتفاع، وقد اتصف المسلمون بهذه الروح في عصر الرسالة فنشروا العدل والتوحيد في الأرض، ولما خبت تحطمت بلادهم وذهبت ريحهم، إلى غير ذلك من خصوصيات العلماء العاملين والمجاهدين الصابرين.

وان الحوزة العلمية الزينبية بطاقمها العلمي والإداري إذ تحيي الذكرى السنوية الأولى لرحيل هذا المرجع الكبير، والمجاهد الصابر، والمحامي الناصر.. تدعو المسلمين كافة إلى الاقتداء بهديه، والمضي على دربه المستلهم من سيرة رسول الله وأهل بيته الأطهار (ع) ، كما وتعاهد سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان(ع) والحوزات العلمية والمراجع العظام، لا سيما المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) ـ الذي تقوم الحوزة اليوم برعايته ـ على المضي قدماً في النهج الذي أسسه أخوه المرجع الراحل، ومواصلة العمل في طريق العلم والفضيلة..

وفي الختام نسأل الله العلي القدير أن يتغمد راحلنا الكبير بالرحمة الواسعة، وأن يحشره مع أجداده محمد وآله الطاهرين، وأن يمد في عمر سيدنا المرجع (دام ظله) بالصحة ودوام العافية، وأن يأخذ بيديه إلى ما فيه خير للمسلمين وسعادتهم، وأن يعجل الفرج لولي الله الأعظم الحجة بن الحسن المهدي أرواحنا له الفداء، بحق محمد وآله النجباء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 

الحوزة العلمية الزينبية    

دمشق / السيدة زينب (ع)

2 شوال 1423ه‍