التاريخ الإسلامي الناصع للإمام الحسن العسكري (ع)

* إعداد قسم المتابعة[1]

الإمام الحسن بن الإمام علي الهادي (عليهما السلام) هو الإمام الحادي عشر في تسلسل أئمة أهل البيت المعصومون (عليهم السلام) حيث اتسم عهده بالدقة التاريخية الممزوجة بالحذر المتناه المطلوب وذلك بسبب كونه سيكون الأب للإمام محمد المهدي المنتظر (عجل الله مقدمه الشريف للبشرية جمعاء) بحسبما بشّر بذلك قبلاً رسول الله محمد (ص) بأن آخر الأئمة سيكون من نسل أحد أبنائه الأئمة الأطهار وأسمه يحمل اسمه والذي سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ينتشر فيها الجور والظلم أي بما قد يكون عليه تماماً زماننا هذا.

* مولد الإمام العسكري (ع)

ينعطف مولد الإمام الحسن العسكري (ع) إلى صميم الأسرة النبوية التي أعز الله بها البشرية جمعاء حتى قال أحد الشعراء فيه:

نسبٌ كأن عليه من شمس الضُحى            نوراً ومن فلق الصباح عموداً

وقد اختلف الرواة على تحديد زمن ولادته الميمونة إذ أن ما قالوه ينحصر بين السنين الأربعة 230هـ و233هـ أما عن مكان الولادة فقد ذكر بعض المؤرخون أنه كان في مدينة يثرب في حين ذهب آخرون للإشارة إلى مدينة سامراء.

أما أبو الإمام الحسن العسكري (ع) فهو الإمام علي الهادي (ع) الذي كان من ألمع علماء عصره وأكثرهم تقواً وعن أُمهِ الكريمة فيكفي للتعريف بزيكيتها أن الإمام الهادي (ع) قد أثنى عليها ثناء أشار فيه بسمو منزلتها وعلو شأنها في الإيمان والعرفان وعن أسمها فقد نقل الرواة أنه كان (سليل) وهو الأصح أو الأكثر اتفاقاً عليه بين المؤرخين وقيل أيضاً أن أسمها (سوسن) من بين أسماء أخرى.

ومن مراسم ولادة الإمام العسكري (ع) تشير المصادر إلى أن والده الإمام علي الهادي (ع) ما أن بُشِّر بوليده المبارك حتى أجرى عليه مراسم الإسلام فأذن في أذنه اليمنى (الله أكبر) وأقام في أذنه اليسرى (لا إله إلا الله) وفي اليوم السابع من ولادته بادر الإمام الهادي (ع) فحلق رأس وليده، وتصدق بزنته ذهباً أو فضة على المحتاجين كما عقّ عنه بكبش عملاً بالسُنة الإسلامية الشريفة إذ جعلته حقاً للمولود على أبيه.. وقد كُني الإمام (ع) بـ(أبي محمد) وهو الاسم المقرر لولده الإمام المنتظر الإمام محمد المهدي (عج) أمل المحرومين في الأرض وفي ألقابه (الزكي) و(الهادي).

أوصاف الإمام العسكري (ع):

لقد وصف أحمد بن عبيد الله بن خاقان ملامح شخصية الإمام الحسن العسكري (ع) فقال:

أنه أسمر أعين (أي واسع العينين) حسن القامة جميل الوجه، جيد البدن، له جلالة وهيبة، وقيل أنه كان (بين السمرة والبياض).

والظاهرة المتميزة في نشأة الإمام الحسن العسكري (ع) أنه قد ترعرع في بيت يُتلى به القرآن الكريم ليل نهار إذ من يستطيع أن ينكر أنه بيت الإمامة ومركز سليلوا النبي محمد (ص) البيت الذي أذهب عنه الرجس بحسبما وصفهم بذلك الله سبحانه وتعالى بكتابه المقدس القرآن الكريم في الآية الشهيرة المتداولة في الضمائر المؤمنة: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

* انطباعات جليلة عن الإمام الحسن العسكري (ع):

أشاد علماء ورجل فكر كثيرون في التعريف بعظمة الإمام العسكري (ع) فقد قال عنه أبوه الإمام الهادي: (أبو محمد أبني... هو الخلف، وإليه تنتهي عُرى الإمامة وأحكامنا...

وشهادة (بختشوع الطبيب) عن الإمام العسكري توضح المعيته في عصره فإذا أحتاج الإمام إلى طبيب يقصده طلب من بختشوع أن يرسل إليه بعض تلاميذه ليقوم بذلك فكلف بختشوع تلميذ له يدعى (بطريق) ليعالج الإمام (ع) وقد حادثه قبيل ذهابه بهذه الكلمات البليغة مبيناً سمو ورفعة الإمام (ع) قائلاً: (طلب مني الإمام الحسن العسكري (ع) من يقصده للعلاج فصر إليه وهو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء، وأحذر أن لا تعترض عليه في ما يأمرك به...

ويقول الشيخ المفيد عن الإمام العسكري (ع):

إن الإمام العسكري قد تمرس في أكثر العلوم الإسلامية وأشاد بمواهبه الجمة وتقدمه على كافة أهل عصره فيما توجبت له الإمامة حيث أمتاز بالعلم الواسع والزهد الشديد وكمال الحكمة وامتلاك العصمة والشجاعة والكرم النادر واللهاث لإنجاز الأعمال التي يرضى عنها الله سبحانه وتعالى.

ومما قاله العلامة الكبير ابن الجوزي عن الإمام الحسن العسكري (ع):

أن منقبته العليا، ومزيته التي خصه الله بها وقلده فريدها وجعلها صفة دائمة لا يبلى الدهر جديدها، ولا تنسى الألسن تلاوتها وترديدها، أن المهدي محمد (ع) نسله المخلوق منه، وولده المنتسب إليه...

* كلمات خالدة للإمام العسكري (ع):

يقول (ع) ضمن معرض فضل أهل البيت (ع):

(قد صعدنا ذُرى الحقائق بأقدام النبوة، والولاية... ونورنا السبع الطرائق بأعلام الفتوة، فنحن ليوث الوغى، وغيوث الندى، وفينا السيف والقلم في العاجل، ولواء الحمد والعلم في الأجل، وأسباطنا خلفاء الدين، وحلفاء اليقين، ومصابيح الأمم، ومفاتيح الكرم، ... وشيعتنا الفئة الناجية، والفرقة الزاكية...).

* استشهاد الإمام العسكري (ع):

إن من أعظم ما عاناه الإمام العسكري (ع) هما الخطوب والمحن اللتان أحيطتا بحياته من أكثر من جانب وكان لإجماع الأمة على تعظيم الإمام العسكري (ع) سبباً في اضطراب السلطة العباسية وبالتالي اغتياله (ع) فقد أوعز الخليفة المعتمد لدس السم القاتل للإمام فلما تناوله تسمم بدنه الشريف ولازم الفراش فترة قصيرة (ثم فارق الحياة محتسباً أمره إلى الله سبحانه وتعالى وكان ذلك في يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول سنة 260هـ.

[1]  هذه المادة الانترنيتية مُعدة (بتصرف) عن كتاب (حياة الإمام الحسن العسكري – دراسة وتحليل – من تأليف باقر شريف القرشي ومن إصدارات دار الأضواء (بيروت – لبنان) الطبعة الأولى 1409هـ - 1988م.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس  2  /اذار/2006 -1 /صفر/1427