بيان حركة الوفاق الإسلامي في العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

يا ايتها النفس المطئمنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.

في هذا اليوم العصيب والمرحلة الأصعب يرحل عنّا إمام مجاهد كبير ومرجع ديني فذ وزعيم وطني عرفه تاريخ العراق الطويل ـ مجاهداً من أجل حقوق أبناء الشعب العراقي والأمة الإسلامية ـ ولقد مثل في حركته ومشروعه ومرجعيته الدينية المنفتحة مفخرةً للأمة وقبساً من نور بهي أضاء ليلها ودفع عنها الأذى والمكاره. وكان لها السند والداعم والمتراس وهي تواجه العدوان والارهاب والديكتاتورية.

كان (قدس سره) يدعونا دائماً الى العمل والمثابرة وبذل غاية الجهد من أجل الاسلام وإيصال صوت مظلومية الشعب العراقي لجميع الأوساط والأصوات العربية والاسلامية والدولية ولم يترك لحظة من لحظات حياته العامرة بالورع والزهد والتربية والجهد والسعي المتواصل الا واستثمرها لصالح الاسلام وحركيته الحضارية والعمل على تأسيس مجتمع اسلامي قادر على تحمل مسؤولياته السياسية الريادية.

لقد قال لنا في آخر مكالمة هاتفية وكنّا عشيتها نزور الكويت بناءً على دعوة رسمية (أنتم تقومون بأعظم مسؤولية دينية في جهادكم ضد نظام صدام). فما أعظمها من وصية يطلقها هذا المرجع القائد وهو يحث الحركة الاسلامية الوطنية على بذل المزيد من الجهود لصالح الانتصار لقضية الشعب العراقي المظلوم.

ولن ننسى في هذا المجال وصاياه وإرشاداته التي كان يوصينا بها( اعملوا لعراق التعددية والرشد الفكري) وهو وصية يلخص بها الامام الراحل سبيلنا السياسي القادم وما نطمح اليه في ظل عراقنا العائد من جحور الدكتاتورية الى سنن العمل بالتعددية والشورى وسيادة القانون وإطلاق الحريات لكي ينعم الشعب العراقي بالحرية التي يتوق لها بعد عهود من الضيم والقمع والقتل والطاغوت.

لقد كانت القضية العراقية وأبعادها السياسية الاجتماعية والدينية محط اهتمام الامام وعنايته وحرصه ولم تغب تلك القضية في عيون الامام سواءً حين كان في العراق وبعد هجرته الى الكويت بعد قرار الإعدام الذي صدر بحقه او في ايران حيث كان يعيش هموم الشعب العراق وأمانيه وتطلعاته. ولقد جسّد الامام الشيرازي كما الأسرة الشيرازية قيم الوقوف مع الشعب العراقي وقضيته الوطنية الاسلامية وافضل مثال على ذلك تاريخ الشهادة والشهداء وفي مقدمتهم المفكر الاسلامي الكبير آية الله السيد حسن الشيرازي (قدس سره). كما ان تاريخ الأسرة الشيرازية وزعامتها لأكبر ثورة وطنية واسلامية شهدها تاريخ العراق سنة 1920 شاهد عظيم على أصالة الشيرازية كنهج في الثورة وثورة في نهج العمل على استئصال شأفة الدكتاتورية عن بلادنا. هذا اضافةً الى مواقف الامام والأسرة الشيرازية إزاء قضايا الأمة العربية والإسلامية ومناهضتها لقوى الاستعمار والصهيونية والمخططات الاستعمارية.

إن رحيل الإمام الشيرازي يعد خسارة ثقيلةً ولا يمكن ان يعوضنا بفقده الا العظماء من سلالة هذه الأسرة ونبتهل الى الله العلي القدير ان يشد على يد المرجع آية الله العظمى الامام السيد صادق الشيرازي لإكمال شوط المسيرة الجهادية الحضارية الكبيرة التي ختمها الإمام الشيرازي بالموت في ديار الغربة بعيداً عن قبر جده الحسين (عليه السلام).

إن الامام الشيرازي كان مثالاً حياً في حياته ومسيرته ومثالاً وقيماً كبيرة بعد رحيله وأنّ أفضل مصاديق السير على خطاه وتمثل منظومته ومفاهيمه وفكره هو في الاهتداء بخطه ومنظومته الفكرية والحضارية.. ورجل مثل الامام الشيرازي لن تنطفأ شعلة حياته ولن تخمد نوارية نهجه ومشروعه.

ستثير وفاة الامام الشيرازي مكامن العمل على الاستمرار بتوظيف ثروته الفكرية بما يخدم أجيالنا الاسلامية وسيأتي اليوم الذي تتأسس فيه فرصة لحرية شعبنا العراقي لكي يبني (شاهقة) للإمام في بغداد وسيخلده التاريخ واحداً من عظماء الفقه ومجددي الاسلام.

فسلام على الامام يوم ولد ويوم رحل عن الدنيا ويوم يبعث حياً مع الأنبياء والصديقين والشهداء.

حركة الوفاق الاسلامي في العراق

2/شوال/1422 الموافق 18/12/2001

أرشيف الأخبار  |  الصفحة الرئيسية  |  اتصلوا بنا