العقل النظري من اليقين الموضوعي الى اليقين الذاتي

برير السادة

بالامس في جلسه حميمة مع بعض الاصدقاء, ابحر بنا النقاش من امكانية تكوين معادلات رياضية لصياغة قانون الحريات المطلقة او المقيدة, الى مرسى العقل النظري والعملي.

فالرياضيات كما يرى استاذها نسيم القطان تنطلق من مسلمات للوصول الى نتيجة (من المعلوم الى المجهول) وهو عين ما يقوله المنطق الارسطي.

فالمنطلقات الاولى التي يتحرك على ضوئها العقل هي الضروريات او البديهيات التي يسلم بها كل عاقل, فالعقل يبني جميع معادلاته الفكرية والمنطقية على ضوء المقدمات البديهية للوصول الى نتيجة تسمى المعلوم, من هنا يعرفون العلم بانه انكشاف المجهول.

ولكن سؤال مهما يطرح عن كيفية ضمان صحة النتائح الفكرية التي توصل اليها العقل؟؟؟ فالمعطيات البديهية والضرورية لا تؤدي بالضرورة الى صحة النتائج,, وهو ما نراه شائعا في الدراسات الفكرية والمنطقية ,فرغم ان المقدمات البديهية واحده الا ان النتائج مختلفة...

ويبدوا ان صحة النتائج الفكرية تعتمد بالدرجة الاولى على البيئة العقلية والفكرية السليمة, وطبيعة الاليات المعتمدة, فالعقل الذي ينمو في بيئة غارقة في المادة والهوى سوف تكون جميع النتائج التي يعتمدها العقل مادية او تناسب الوسط الذي ينمو فيه العقل, لذا لا نرى من الغريب ان تكون الغالبية من النتاجات الفكرية الغربية مثل الفلسفة البرجماتية (النفعية) او الميكانيكية او الماركسية او مدرسة التحليل النفسي (فرويد).

من هنا فان العقل العملي يلعب دورا مهما في قراءة وتصحيح الاليات النظرية والفكرية, وبعبارة ادق يعتبر العقل العملي ميزان اختبار لصحة النظريات الفكرية والفلسفية, بل هو نقطة انتقال من اليقين الموضوعي القائم على اسس ومقدمات معروفه الى اليقين الذاتي القائم على الحس الوجداني والجزم بصحة التصديقات المنطقية.

اذا نحن بحاجة لاختبار العديد من قناعاتنا الفكرية والمنطقية, وقياسها على معطيات العقل العملي, فالانتقال بالافكار الى حيز التطبيق كفيل بغربلتها ومعرفة مدى صمودها, بل هو مدعاة لجعلها جادة ومتماسكة لا تغرق في الاحلام والطوبويات, قريبة وملاصقة للاشكالات الحقيقة...

شبكة النبأ المعلوماتية- االسبت 21/شباط/2009 - 25/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م