الازمة المالية.. بوادر جمود الإنفاق الإعلاني في العالم العربي

ميزانية التسويق والاعلان للشركات الاكثر تضرراً

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: توقع خبراء ان يشهد القطاع الاعلاني في المنطقة العربية تراجعاً كبيراً خلال 2009، بعد أن لجأت شركات عقارية ومالية الى خفض إنفاقها على الاعلانات، ولجأت الى الاستغناء عن موظفين، أغلبهم من قطاع التسويق، لمواجهة آثار أزمة المال العالمية.

وعلى رغم هذه التوقعات، أشاروا إلى أن انعكاس أزمة المال العالمية على قطاع الإعلان العربي، لن يبلغ مستوى الانهيار، وإنما يجمد معدلات النمو التي شهدها القطاع خلال السنوات الثلاث الماضية وتعدت 20 في المئة سنوياً، ما يخلق تحديات كبيرة لأقطاب صناعة الإعلان في المنطقة.    

وأكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة فلاجشيب للمشاريع المتكاملة شادي الحسن، أن القطاع العقاري وقطاع التأمين، لا يمثلان سوى 12 في المئة من حجم الإنفاق على الإعلان في المنطقة العربية.

وتوقع اندماج وكالات إعلانية، وخروج أخرى من السوق، خصوصاً التي أطلقت لخدمة قطاع العقارات، لعدم قدرتها على الإيفاء باحتياجات عملائها في إدارة حملات إعلانية مبدعة وقليلة التكاليف.

ورجح الخبراء أن تتطلب المرحلة المقبلة تضافر جهود أطراف العملية الإعلانية كلها، من معلنين ووسائل إعلام ووكالات إعلان وشراء إعلاني موحد، للبحث عن عروض وحلول وبدائل مبتكرة للتعامل مع أزمة غير مسبوقة في العالم ودول المنطقة.

وعلى رغم الأوضاع توقع الحسن أن يواصل الطلب على الكفاءات العربية ارتفاعه، بحيث يشهد القطاع الإعلاني منافسة حامية تتمثل في تطوير استراتيجيات إعلانية قليلة التكاليف وذات درجات إبداعية عالية، ما يعزز الطلب على الكفاءات الإعلانية التي تملك خبرات كبيرة في القطاع.

وأضاف الحسن: لم تحجم شركات تسويق دولية من دخول أسواق الشرق الأوسط، بخاصة الإمارات على رغم الأزمة الحالية، ما يشير إلى محدودية تأثيرها في إضعاف القطاع، الذي يتميز بتبنيه بيئة عمل واستثمار مرنة ويعتمد ممارسات إبداع عالمية بخصائص محلية. بحسب تقرير لصحيفة الحياة.

وأشار تقرير للمؤسسة العربية للدراسات والبحوث (بارك)، إلى أن تبعات الأزمة تؤثر في الإعلانات الخارجية، نظراً إلى الكلفة العالـــية المرتـــبطة بها، غير أن حجم الإنفـــاق على تلك الإعلانات لا يزيد عن 5 في المئة من مجمل الإنفاق الكلي، وتستأثر الصحف والمجلات على 50 في المئة من إجمالي الإنفاق الإعلاني في المنطقة.

وتصدرت شركات الاتصالات والمنتجات الاستهلاكية، الإنفاق الإعلاني عبر التلفزيون بحصة 43 في المئة من الإنفاق الكلي على الإعلان في المنطقة.

وأكد الحسن أن إعلانات شركات الاتصالات والمنتجات الاستهلاكية لن تتأثر بالأزمة في شكل كبير، لتوفيرها خدمات ضرورية لا يمكن التخلي عنها، ما يخفف من تبعات الأزمة على القطاع». ودعا الشركات والوكالات الإعلانية إلى تعزيز تنسيقها بما يخدم القطاع ككل لاستيعاب تبعات الأزمة التي لن تتمكن من إضعاف القطاع الذي يخطو بخطى واثقة بخلاف نظرائه في الأسواق العالمية.

وتحافظ دول الخليج على مستويات نمو قوية ومستدامة على المدى الطويل، بحيث لا تزال تمضي في تنفيذ المشاريع التي أعلنت عنها، كما لا تزال الاستثمارات تدر أرباحا،ً وإن بنسب أقل من السابق، ما يشير الى صلابة الاقتصاد في المنطقة، لا سيما الخليجي منها وبالتالي القطاع الإعلاني العربي.

وقدر خبراء، إجمالي الإنفاق الإعلاني في المنطقة العربية خلال العام الماضي، بنحو 7 بلايين دولار، مقابل 4.82 بليون دولار في 2007.

وعلى رغم تأثر قطاع الإعلان خلال الربع الأخير، بتداعيات الأزمة، لم ينعكس على إجمالي الإنفاق الإعلاني في المنطقة على مدى السنة الماضية، بسبب التزام المعلنين وشركات الإعلان، بخاصة وكالات الشراء الإعلاني الموحد بالموازنات المرصودة والمتفق عليها مسبقاً

ميزانية التسويق والاعلان للشركات الاكثر تضررا بسبب الازمة المالية 

وبعد سنوات عدة من الرواج والانفاق بلا حدود تبدو ميزانية التسويق والدعاية والاعلان في الشركات الكويتية في مواجهة ازمة حقيقية نتيجة احتمالات تقليصها بسبب الاوضاع المالية والاقتصادية .

ومن المتوقع ان تختلف نسبة التخفيض في الميزانية من جهة لاخرى الا انها يمكن ان تصل في بعضها الى 30 في المئة وربما تزيد وذلك حسب مسح سريع اجرته وكالة الانباء الكويتية (كونا) ضم عددا من البنوك والمؤسسات المالية والشركات العقارية والتجارية الى جانب عدد من شركات الخدمات.

ولوحظ من خلال المسح ان ميزانية التسويق والدعاية والاعلان كانت اكثر القطاعات تضررا بسبب الازمة وبعبارة اخرى فان الجهات التى شملها المسح من منطلق مواجهة الازمة قلصت ميزانيتها الا ان بند التسويق والدعاية والاعلان كان اكثر بنود الميزانية تقليصا.

واجمع عدد من مسؤولي العلاقات العامة والتسويق في بنوك وشركات كويتية في تصريحات متفرقة ل(كونا) ان من الطبيعي ان تتقلص ميزانية التسويق والاعلان باعتبار انه فى فترة الرواج التى امتدت ما بين 2003 و 2008 تضخمت هذه الميزانية بشكل كبير مواكبة للرواج السائد في ذلك الوقت.

وقالوا انه في ظل الازمة الطاحنة وحركة الركود التى تشمل كل القطاعات الاقتصادية فان تقليص الانفاق في بند التسويق والاعلان يكون مطلوبا الى جانب البحث عن وسائل بديلة يمكن ان تحقق نفس النتائج بتكلفة اقل.

والى جانب ما سبق فان الضبابية لا تزال تكتنف ميزانية الانفاق الاعلاني لدى البنوك والشركات في ظل انتظار ما يمكن ان تسفر عنه الايام المقبلة من تداعيات للازمة او طرح حلول تخرج القطاعات الاقتصادية الكويتية من ازمتها.

واضافة الى الامور التقليدية التى تتضمها ميزانية التسويق والاعلان فان الكثير من الشركات قلصت الى حد كبير من مشاركتها في رعاية الاحداث والفعاليات مثل المؤتمرات والمعارض .

وادى ذلك الى تاجيل او الغاء عدد كبير من المؤتمرات والمعارض التى كانت تقام بصورة دورية نتيجة انخفاض مشاركة الشركات فيها والتى كانت تمثل الممول الاول لهذه الانشطة والفعاليات.

وتوقعت مصادر عدة ان ينخفض بشدة الانفاق الاعلاني في الكويت كبقية دول الخليج ودول العالم تاثرا بالازمة خلال العام الحالي وذلك بعد سنوات من النمو المتواصل المدعوم بحركة الانتعاش والرواج الاقتصادي التى شهدتهاالمنطقة.

وفي المقابل فان شركات الدعاية والاعلان تبدو في مواجهة تحديات كبيرة نتيجة انخفاض الانفاق الاعلاني والذي يمثل عصب عملها ومصدر دخلها الاساسي وهو ما دعا بعض الخبراء الى طرح فكرة اندماج وتحالف هذه الشركات لمواجهة تداعيات الازمة على انشطتها.

ويقدر عدد شركات الدعاية والاعلان في الكويت التى تعمل بالمعايير الحقيقية لصناعة الاعلان بحوالي 30 شركة ما بين اقليمية ومحلية الى جانب عدد كبير من الشركات الصغيرة التى ظهرت خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة مستفيدة من الفورة الاقتصادية ولاسيما تلك التى حدثت للقطاع العقاري .

اما بالنسبة للوسائل الاعلانية التى تشمل الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية واعلانات الشوارع فقد شهدت انخفاضا ملحوظا قوبل من ناحية اخرى برفع الاسعار بدءا من يناير الحالي وهو ما اثار علامات الدهشة .

فمع مطلع العام الحالي قامت العديد من الصحف اليومية باجراء زيادة في اسعار الاعلانات بنسبة تراوحت بين 10 الى 20 في المئة مع تشديد شروط نشر الاعلانات مثل وضع رسوم اضافية في حال طلب الاعلان في صفحات محددة كصفحات الاقتصاد او الصفحات التى تقع في يسار الصحيفة وهو امر لم يكن موجودا في السابق.

اما بالنسبة لاعلانات الشوارع او اعلانات (اوت دور) فقد شهدت انخفاضا حادا يمكن ملاحظته بسهولة من خلال بقاء الكثير من الاعلانات في الطرق والشوارع حتى بعد انتهاء الحدث او انتهاء فترة الترويج للمنتج وهو دلالة على عدم وجود اعلانات بديلة.

30 مليار درهم حجم الإنفاق في المنطقة خلال 2008

واحتفظت دولة الإمارات بالمركز الأول للعام الثالث على التوالي في حجم الإنفاق الإعلاني في البلدان العربية العام الماضي بنحو 1,9 مليار دولار (7,2 مليار درهم) لتستحوذ بذلك على نسبة 23% من إجمالي الإنفاق في المنطقة خلال 2008 والبالغ 8,2 مليار دولار (30 مليار درهم)·

ووفقاً للبيانات الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات الاستشارية ''بارك''، والتي حصلت ''الاتحاد'' على نسخة منها، زاد حجم النمو الإعلاني في الإمارات خلال عام 2008 بنحو 40% مقارنة بحجم الإنفاق خلال عام 2007 والبالغ 1,42 مليار دولار (5,2 مليار درهم)، في حين جاءت مصر في المركز الثاني بحجم إنفاق بلغ 1,13 مليار دولار (4,14 مليار درهم) ثم السعودية بحجم إنفاق إعلاني بلغ 1,09 مليار دولار (4 مليارات درهم)·

وقدرت ''بارك'' حجم الإنفاق الإعلاني في الدول العربية بنهاية العام الماضي بنحو 8,27 مليار دولار (30,3 مليار درهم) خلال عام 2008 مسجلا ارتفاعا بلغت نسبته 24% مقارنة بنفس نتائج العام السابق والتي بلغت 6,6 مليار دولار (24,2 مليار درهم)· بحسب تقرير لـ جريدة الاتحاد.

وبحسب بيانات المركز العربي للبحوث والدراسات الاستشارية، فقد استحوذ الإعلان المطبوع على نصيب الأسد من بين الفئات الإعلانية وشكل 82% من مجموع حصص الوسائل الأخرى حيث بلغ حجم الإنفاق الإعلاني في الصحف ما يزيد على 1,5 مليار دولار ونحو 200 مليون دولار للمجلات، فيما بلغ نصيب التليفزيون نحو 170 مليون دولار مقابل 25 مليون دولار للمحطات الإذاعية و60 مليون دولار للإعلانات الخارجية و11 مليون دولار فقط للسينما·

وأظهرت بيانات (بارك) تسجيل الإنفاق على الإعلانات العقارية في الإمارات خلال الربع الأخير من العام الماضي تراجعاً ملحوظاً يزيد على ثلثي ما كان عليه في السابق، فيما تراجع الإنفاق الإعلاني بشكل عام في الإمارات خلال الربع الأخير من 2008 بنسبة 25% بعد أن انخفض من 538 مليون دولار في الربع الثالث إلى 488 مليون دولار بنهاية الربع الأخير من السنة·

من ناحية أخرى، ومع استمرار تداعيات الأزمة المالية الراهنة وغموض مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل انهيارات أسواق المال والاقتصاد خلال ،2008 توقع تقرير نظرة على الإعلام العربي، الذي أصدره أمس الأول نادي دبي للصحافة بالتعاون مع شركة برايس ووتر هاوس كوبرز، تحت عنوان ''تعاون من أجل النمو''، وشمل 12 دولة عربية، أن تؤثر الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة على جميع قطاعات الاقتصاد في المنطقة والعالم بما فيها الإعلام·

وأشار التقرير إلى انه في الوقت الذي لم تتضح فيه بعد التأثيرات الدقيقة للأزمة العالمية على قطاع الإعلام، فإن تباطؤ الاقتصاد العالمي سيؤثر بالتأكيد على عائدات الإعلانات، وخاصة نتيجة انخفاض النمو في قطاع العقارات الذي ساهم بنسبة عالية من الإنفاق الإعلاني في المنطقة خلال السنوات الأخيرة·

ويتوقع التقرير أن يرتفع إجمالي عائدات الإعلانات عبر الدول التي شملها التقرير بمعدلات نمو سنوي مركب تتراوح بين 5 - 25 % بالقيمة الاسمية خلال الفترة من 2008 - ·2012

ووفقا للتقرير، فإنه من المتوقع أن تشهد جميع جوانب القطاع معدلات نمو خلال فترة قصيرة، وخاصة في ظل ما تشهده الإعلانات الخارجية ''مثل اللوحات الإعلانية الطرقية'' من نمو في معظم الأسواق·

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين 9/شباط/2009 - 13/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م