اوباما وتحديات الانسحاب السريع من العراق

تحذيرات من التسبب بانهيار الوضع في العراق وسحب القوات خلال 16 شهرا

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تفيد العديد من التسريبات الصادرة عن دوائر القرار في الولايات المتحدة الامريكية مواجهة الرئيس الامريكي الجديد موجة تحذيرات من مغبة التعجل بسحب القوات الامريكية من العراق.

حيث يبدي العديد من المعارضين للانسحاب السريع خشيتهم من انهيار مفاجئ للاوضاع في العراق، في الوقت الذي يهيئ البنتاغون خطط للانسحاب خلال فترة توازي 16 عشرا.

فيما تتبلور لدى بعض القادة الامريكان مخاوف من ظهور ديكتاتور جديد في العراق خصوصا ان البلد لا يزال يعاني العديد من المظاهر المقلقة والاوضاع غير المستقرة فيما يخص العلاقة بين المركز والمحافظات وكذلك ملف المصالحة السياسية وملفات اخرى تتعلق بالفساد المالي والاداري...

القوات الامريكية ستعود خلال عام

أشاد اوباما في مقابلة مع شبكة (ان بي سي) التلفزيونية بالانتخابات المحلية التي جرت في العراق حيث كانت اهدأ انتخابات منذ الغزو الذي قادته امريكا للاطاحة بصدام حسين في 2003.

وسُئل اوباما عما اذا كان "عدد كبير" من القوات سيعود للوطن من العراق في غضون عام فقال اوباما "نعم. سنظهر بطريقة رسمية جدا ما هي نوايانا في العراق وافغانستان."

وبدأت ادارة اوباما مراجعة شاملة لاستراتيجية امريكا في افغانستان حيث تناضل قوات يقودها حلف شمال الاطلسي لمواجهة اعمال العنف المتصاعدة وتجدد نشاط حركة طالبان.

وتفكر الادارة الامريكية في زيادة حجم القوة الامريكية في افغانستان الى المثلين تقريبا من 36 الف جندي الى اكثر من 60 الف جندي في غضون 18 شهرا.

وقال اوباما الذي اجري محادثات مع هيئة الاركان الامريكية المشتركة في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) انه يريد انسحابا تدريجيا يتسم بالمسؤولية للقوات الامريكية من العراق. ووقعت الولايات المتحدة على اتفاقية عسكرية مع العراق العام الماضي تحدد عام 2011 كموعد نهائي لانسحاب القوات الامريكية من العراق.

وقال اوباما في المقابلة "في المحادثات التي اجريتها مع هيئة الاركان ومع القادة على الارض اعتقد ان لدينا احساسا الان بان العراقيين اجروا للتو انتخابات مهمة للغاية دون وقوع اعمال عنف كبيرة .. اننا في وضع يتيح لنا تحميل العراقيين مزيدا من المسؤولية."

وعرض مستشارون عسكريون على الرئيس الاميركي بطلب من البيت الابيض بين هذه الخيارات سيناريو ينص على انسحاب في غضون 19 شهرا على ما اوضح المسؤول لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته مؤكدا بذلك معلومات نشرتها المجموعة الصحافية الاميركية "ماك كلاتشي".

وقال مسؤول اخر في مجال الدفاع طلب عدم الكشف عن اسمه كذلك "نعرف انهم يفضلون ان ينجزوا ذلك في غضون 16 شهرا" لكن "عرضنا مجموعة من الخيارات والمخاطر التي ترافقها".

وكانت مجموعة الصحف قالت ان البيت الابيض حصل على تقييم للمخاطر المرتبطة بانسحاب يتم في غضون 16 شهرا و19 شهرا و23 شهرا.

وكان اوباما حذر نهاية كانون الثاني/يناير بعد اول اجتماع له في البنتاعون مع القادة العسكريين من انه سوف يتخذ "قرارات صعبة" تتعلق بالحرب في افغانستان والعراق.

وفي الاسبوع الاول له في البيت الابيض طلب اوباما من قادته العسكريين الكبار وضع خطط لانسحاب عسكري "مسؤول" من العراق حيث ينتشر حاليا 142 الف جندي اميركي.

ويخشى القادة العسكريون الاميركيون في العراق ان يؤدي انسحاب متسرع الى تهديد المكاسب الامنية التي انجزت.

وقال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان الانسحاب في غضون 16 شهرا هو "من بين عدة خيارات" يجرى تقييمها محذرا من تراجع محتمل للاوضاع في العراق.

وقال غيتس بعدما التقى اوباما نهاية كانون الثاني/يناير "اظن ان من واجبنا ان نعرض على الرئيس سلسلة من الخيارات والمخاطر التي ترافق كل خيار. وهو سيتخذ القرار".

اوباما لن يتخذ قراراً جذرياً

من جهته قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان الادارة الاميركية الجديدة طمأنت العراق على ان الرئيس باراك اوباما لن يتخذ قرارا "جذريا" حول انسحاب مبكر للقوات الاميركية من البلاد.

وصرح زيباري للصحافيين في انقرة عقب محادثات مع نظيره التركي علي باباجان "لقد جرت طمأنتنا على ان سياسة الرئيس اوباما ستكون سياسة استمرارية".

واضاف "لقد جرت طمأنتنا على انه لن يتخذ قرارا جذريا .. وان اي قرار سيتخذ عبر مشاورات مع قادة الجيش الميدانيين والحكومة العراقية". بحسب فرانس برس.

واكد زيباري في بداية زيارة الى تركيا تستمر ثلاثة ايام ان العراق سيجري ثلاث انتخابات في عام 2009 اثنتان محلية والاخرى عامة، محذرا من ان المخاطر "مرتفعة للغاية" بالنسبة للعراق والولايات المتحدة.

وقال ان "عام 2009 سيكون عاما حاسما للغاية بالنسبة لمستقبل العراق والاستقرار والنظام السياسي".

واضاف "انا شخصيا لا اعتقد انه سيجري انسحاب كبير من العراق لان المخاطر عالية للغاية بالنسبة للولايات المتحدة والعراق والمنطقة والجميع".

الانسحاب سيقوض التقدم المحرز

من جانب آخر قال السفير الامريكي في بغداد المنتهية مهمته رايان كروكر إن مخاطر جدية قد تترتب على انسحاب امريكي سريع من العراق بما في ذلك تعزيز مواقع "تنظيم القاعدة" وتقويض السعي نحو تأسيس مجتمع مستقر.

وكان السفير كروكر يتحدث للصحفيين بعد يوم واحد من قيامه وعدد من كبار ضباط الجيش الامريكي باطلاع الرئيس باراك اوباما على الوضع في العراق.

وبينما امتنع كروكر عن الافصاح عما قاله والقائد العسكري الامريكي في العراق الجنرال ريموند اوديرنو لاوباما حول الوضع في البلاد، اكد على ان الرئيس ملتزم بانسحاب مسؤول للعسكريين الامريكيين الموجودين في العراق. بحسب رويترز.

وقال كروكر: "الانسحاب السريع والفوري تحيط به مخاطر جمة،" بما في ذلك اعادة "تنظيم القاعدة" الى الحياة وتشجيع "الدول المجاورة ذات النوايا غير الطيبة" على محاولة التأثير على الوضع في العراق.

وقال السفير الامريكي المنصرف إنه بينما اصيب "تنظيم القاعدة" بالوهن نتيجة الاخفاقات والهزائم التي مني بها في سوح المعارك وخسارته دعم وتأييد المجتمع العربي السني في العراق، فإنه (اي "التنظيم") "ما دام يستطيع التشبث بموطئ قدم في هذه البلاد فإنه سيحاول استرداد مواقعه التي فقدها."

ووصف كروكر سحب القوات الامريكية بشكل سريع بأنه "سيكون له اثر مروع على العراقيين."واضاف: "اعتقد ان روح التسامح والتراضي والتركيز على تطوير المؤسسات كلها ستكون موضع تهديد في حال اجراء انسحاب امريكي سريع من العراق."

صحيفة البرافدا تحذر من مفاجأت

وقالت صحفية برافدا PRAVDA الروسية، إنه على الرغم من الإشارات الإيجابية إلا أن مستقبل العراق لا يزال غير محسوم محذرة من إمكانية ظهور تغيرات كبيرة بعد الانسحاب الأمريكي بما في ذلك ظهور “صدام” جديد.

وذكرت الصحيفة الروسية في معرض تعليقها على أجواء انتخابات مجالس المحافظات أنه “على الرغم من الإشارات الايجابية إلا أن هناك حقائق تلمّح إلى أن مستقبل البلاد لم يحسم بعد”، مشيرة إلى أن ما وصفته بالتغيرات الكبيرة “ستظهر بعد الانسحاب الأمريكي وأنها ربما ستسفر عن ظهور صدام جديد”.

وقالت الصحيفة إن مسؤولين عراقيين “يؤكدون أن العمليات الأمنية نفذتها القوات الوطنية وليست الأجنبية، وأن 27% من المرشحين في أول انتخابات كبيرة منذ العام 2005 كنَّ نساء، وأن العرب السنّة شاركوا بأعداد كبيرة مقارنة بمشاركتهم في العام 2005 التي كانت بنسبة 2%”.

وتساءلت “هل هذه أخبار جيدة؟”، قبل أن تجيب “ليس تماما”، موضحة ما ذهبت إليه بالقول “حقيقة أن حدود البلد قد أغلقت، وكان حظر السيارات ضروريا، إلى جانب حظر التجوال، كلها تتحدث عن السيناريو المحيط بعملية الانتخابات”، وتابعت “في أي مكان من الأرض يكون ضروريا تنفيذ مثل هذه التدابير لمجرد إجراء انتخابات؟”.

وأضافت “أما العلامات الجيدة للمتجملين بالقناعة فهي نسبة 27% للمرشحات النساء، والمشاركة الكبيرة بين أوساط العرب السنة، الذين تجاوزت نسبة مشاركتهم 60% مقارنة بالعام 2005 حيث كانت 2%، والتوجه الظاهر نحو حركات سياسية علمانية وقومية”.

مع ذلك أن هذه النسبة النسوية، كما ذكرت البرافدا “يمكن أن تفسَّر بوصفها فرض من قوة أجنبية فكيف حدث فجأة أن ثلث المرشحين من النساء، وبأي تفويض؟”، وأفادت الصحيفة “ثم أن هناك تفاصيل أخرى مثيرة للقلق وهي ارتفاع عدد الأشخاص الذين لم يتمكنوا من التصويت لأنهم لم يُسجّلوا في مراكز الاقتراع”. وتتساءل الصحيفة مرة أخرى “لماذا؟” قبل ان تجيب مجددا “أن مشاركة المزيد من الناس يمكن عده فقط مؤشرا على الديمقراطية حتى الآن”.

وتتساءل البرافدا مرة أخرى “لكن ما هو مستقبل هذه البلاد؟”، وتحاول الإجابة قائلة إن “14 من أصل 18 محافظة اشتركت في التصويت باستثناء المحافظات الكردية الثلاث وكركوك التي لم تشترك بالتصويت”، وتابعت “مع تزايد الشعور بأن القوة العسكرية الغازية بصدد الرحيل وبعد كل شيء تبقى المسالة تتعلق بمتى ستغادر وليس إذا غادرت، فلا داعي، بالنسبة لمقاتلي الحرية، تبديد الأموال في أعمال من الممكن تأجيلها إلى وقت لاحق”.

ورأت الصحيفة أنه “في غضون سنوات قلائل، سوف يشهد العراق عودة إلى نوع الفوضى التي شهدت صعود صدام إلى السلطة، مدعوما من الولايات المتحدة”، واستدركت “لكن صدام الجديد هذه المرة لن يرغب بإقامة أية علاقات مع واشنطن لأن المجتمع العراقي قد تحطم، وكذلك البنية التحتية في البلاد التي خربتها المعدات العسكرية الأمريكية، قبل أن تُمنح عقود بالمليارات إلى مقربي نظام بوش”، بحسب البرافدا التي مضت قائلة “لكن قاعدة السلطة قد تغيرت”.

ايران: على امريكا ان تغير سياستها  

على صعيد متصل قال الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد انه على ادارة الرئيس الامريكي الجديد باراك أوباما ان تظهر تغييرا "اساسيا" في السياسة لا مجرد تكتيكات.

وجاءت تصريحات أحمدي نجاد ردا على قول أوباما في أول حديث تلفزيوني رسمي ان ايران ستجد يدا ممدودة من جانبه اذا "أرخت قبضتها".

وقال أحمدي نجاد لحشود من أنصاره في غرب ايران في خطاب نقله التلفزيون على الهواء "حين يقولون نريد ان نحدث تغييرات.. التغيير يحدث بطريقتين الاول ان يكون تغييرا أساسيا وفعالا والثاني ان يكون تغييرا في التكتيك."من الواضح جدا انه اذا كان التغيير من النوع الثاني سينكشف هذا سريعا." بحسب رويترز.

من جانبه اعلن سفير ايران لدى بغداد حسن كاظمي قمي ان بلاده ترحب بقرار الرئيس الاميركي باراك اوباما بسحب القوات من العراق.

وقال السفير "اننا بالتأكيد نرحب بانسحاب القوات الاميركية من العراق هذا ما قاله شعب العراق وما تريده حكومته". 

وقد اوعز اوباما منذ توليه منصبه الى كبار القادة العسكريين اعداد استراتيجية "مسؤولة" للانسحاب من العراق.

وخلال حملته الانتخابية وعد اوباما بسحب القوات الاميركية من العراق في غضون 16 شهرا بعد توليه منصبه لكنه قال ايضا انه سيستمع الى جنرالاته.

لكن المسؤولين في وزارة الدفاع الاميركية تحفظوا عن تأييد 16 شهرا كموعد نهائي لسحب القوات قائلين انهم سيقدمون لاوباما مجموعة كاملة من الخيارات.

واضاف كاظمي قمي الذي يتهم الاميركيون دولته بتأجيج الصراع الطائفي في العراق وزعزعة الاستقرار الامني ان "الامر يرجع الى الشعب العراقي ليقول ما اذا كان يريد القوات الاميركية على اراضه". بحسب (ا ف ب).

وتابع "على العراقيين ان يقرروا ما يفعله الاميركيون في بلادهم وسيقولونها من خلال الاستفتاء على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة". ومن المتوقع اجراء استفتاء الصيف المقبل، وتنص الاتفاقية على سحب جميع الوحدات الاميركية من العراق بنهاية العام 2011.

وقال كاظمي قمي دون تفاصيل "بالنسبة لنا فان الولايات المتحدة لا تزال على الحدود الايرانية العراقية لكن مسؤولية الحدود تدخل ضمن نطاق سيادة كل دولة. يجب اعادتها الى العراقيين بشكل كامل لكن هذا لم يحدث حتى الان".

وتتهم طهران واشنطن ولندن بتدريب وتمويل جماعات معارضة للجمهورية الاسلامية بغية شن هجمات تستهدف مصالحها في اراضيها.

وقال السفير الايراني ان الاتهامات لايران بالسعي الى التدخل في الشؤون العراقية عبر انتخابات مجالس المحافظات يشكل "اهانة للعراقيين".

واضاف "كلما يمر العراقيون بمرحلة حساسة في تاريخهم يخرج الاميركيون بادعاءات ومزاعم" ضد ايران.

وتابع "انها الانتخابات مرة اخرى ويريد الاميركيون خلق اجواء نفسية مشحونة لكي يجد المرشحون الذين يستطيعون خدمة العراقيين انفسهم في ظروف صعبة".

وتابع ان "ادعاءاتهم اكبر اهانة للشعب العراقي وممثليه وللديمقراطية التي تدعيها الولايات المتحدة".

واعتبر كاظمي قمي الذي عين سفيرا في بغداد منذ ايار/مايو 2006 ان "هذه الادعاءات ليست جديدة ولن تكون الاخيرة".لكن كاظمي يتوقع ان تسير الامور "عكس ما تسعى اليه الولايات المتحدة وسيصوت العراقيون للقوائم التي استهدفت من قبل من يتلقون الدعم الاميركي".

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين 9/شباط/2009 - 13/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م