القطاع الخاص بين ضعف الدور الحكومي ومغريات الاستثمار في الخارج

 

شبكة النبأ: بالرغم من تصريحات الحكومة العراقية بضرورة إشراك القطاع الخاص في مشاريع الإستثمار، وإعطاءه دوراً في عمليات إعادة البناء والإعمار، وتنشيط الحركة الإقتصادية والتجارية، إلا أن مؤسسات القطاع الخاص ترى أن دورها في عملية البناء لا يزال محدودا، وتلقي بالمسؤولية عن ضعف دورها على عاتق الدولة لعدم إفساحها المجال لمؤسسات القطاع الخاص بالمشاركة في مشاريع الإستثمار، بينما ترى الحكومة من جانبها أن رؤوس الأموال الموجودة داخل العراق ضعيفة، قياسا برؤوس الأموال التي هاجرت خارج البلاد، مع تدهور الوضع الأمني وإنحسار سوق العمل وفرص الإستثمار.

ويقول مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الحسين العنبكي، إن "أحد أسباب ضعف رأس المال العراقي، يعود إلى هجرته إلى الخارج، وذلك لعدم وجود بيئة استثمارية ملائمة، وعدم وجود بيئة تشريعية أو مادية ولا حتى بنية تحتية ولا حكومة تحافظ عليها."بحسب تقرير لـ نيوزماتيك.

ويشير العنبكي إلى أن "هجرة رأس المال العراقي لم تبدأ بعد دخول القوات الامريكية البلاد عام 2003، وإنما بدأت في ثمانينيات القرن الماضي عندما كان النظام السابق يشارك القطاع الخاص في الإرباح" ويلفت إلى أن "هجرة رأس المال العراقي بعد 2003 كان بسبب تدهور الوضع الأمني في العراق، وقلة فرص العمل."

من جانب آخر، يقول رئيس غرفة تجارة بغداد، أمجد الجبوري إن "الدولة ما زالت بعيدة عن هذا القطاع ولا تعيره الإهتمام الكافي، بالرغم من المبادرات التي تقوم بها غرفة تجارة بغداد في دعم القطاع الخاص من خلال المؤتمرات والمعارض والاتصال بالشركات العالمية."

ويضيف الجبوري، إن الدولة قالت "إن هذا العام هو عام الإعمار، ولكن لم يعمر شيء، وقالت إن هذا العام عام الإستثمار ولكن لم يتم الإستثمار في شيء، وهذا يعني أن على الدولة الاستعانة بالخبرات الموجودة لدينا والكفاءات ورجال الأعمال لأجل النهوض بهذا القطاع."

ويطالب رئيس غرفة تجارة بغداد الحكومة العراقية بأن "تأخذ بنظر الإعتبار تجارب الدول في هذا المجال وخاصة ماليزيا والبرازيل ومصر والصين" لافتا إلى أن "إعمار العراق من جديد يستوجب مشاركة القطاع الخاص لأن عدم مشاركته ستؤدي إلى بقاء العراق في مكانه اقتصاديا."

وتأسست غرفة تجارة بغداد بموجب القانون رقم40 لسنة 1926 وهي أول غرفة تأسست في ظل الحكم الوطني في العراق، ثم توالى تأسيس الغرف الأخرى في بقية محافظات القطر، وتعرف بأنها منظمة اقتصادية مهنية لرعاية شؤون النشاط التجاري الخاص وتقديم الخدمات والمعلومات له بالشكل الذي يعينه على ممارسة دوره في الأنشطة التجارية على أفضل وجه.

قانون الإستثمار موجود لكنه غير مفعّل

وبالرغم من إقرار البرلمان لقانون الإستثمار العراقي رقم 13 لعام 2006 الذي يعد أهم وثيقة من أجل تنظيم العمل الاقتصادي وتطويره في العراق، والذي قيل عنه حينها أنه سيفتح الأبواب على مصراعيها أمام الإستثمار الأجنبي ويعيد إعمار العراق وخاصة في مجال البنى التحتية، إلا أن واقع الحال اليوم وبعد عامين على إقرار هذا القانون بقي على ما هو عليه."

وتشير النائبة البرلمانية عالية نصيف جاسم، عن القائمة العراقية في حديث لـ"نيوزماتيك" إلى أن "هناك الكثير من التشريعات والقوانين لدعم القطاع الخاص من خلال إعطائه الحوافز والامتيازات لرفع إنتاجه بشكل يضاهي الإنتاج الدولي."

وتعتقد جاسم، أن "قانون الإستثمار يعتبر من أهم القوانين التي قام بتشريعها مجلس النواب، إلا أنه لم يفعل بسبب مشاكل عدة، منها حداثة تشكيل هيئة الإستثمار، فضلا عن تغيير رئيسها مؤخرا وعدم رفد هذه الهيئة بكفاءات لها القدرة على إدارة المؤسسة" وتابعت "وبالتالي فان هذا القانون لم تصدر عنه تعليمات من شأنها جلب المستثمر."

القطاع الخاص غير قادر على إنجاز المشاريع الكبرى

من جانبه يرى أمين بغداد، صابر العيساوي، أن "الشركات الأجنبية تمتلك خبرات وإمكانيات عالية جدا لبناء مجمعات سكنية" ويضيف لـ"نيوزماتيك" أن "قلة خبرة الشركات العراقية وعدم بنائها مجمعات سكنية في بغداد مثل مجمعات الصالحية وحيفا وغيرها، تجعلنا نتجه إلى شركات عالمية لبناء مثل هذه الوحدات السكنية."

وكانت أمانة بغداد طرحت خطة "عشرة × عشرة" أي تخصيص مبلغ عشرة مليارات دولار تصرف على مدى عشر سنين، من خلال لجنة عليا من الحكومة، لبناء ثلاثة مجمعات سكنية في محيط مدينة الصدر وبمساحات مختلفة وفق أحدث التصاميم العالمية مع كافة الخدمات، وتوزيع هذه المجمعات على أهالي المدينة التي تعاني من مشكلة ضيق المساحات السكنية وضعف الخدمات.

وفي الوقت الذي أقر فيه الخبير الاقتصادي علي حسين حسان بوجود "أزمة ثقة من قبل الحكومة إتجاه القطاع الخاص العراقي والعديد من المشاكل التخطيطية والتنفيذية، فانه يقترح لأجل تطوير القطاع الخاص العراقي "مشاركة هذا القطاع للشركات الأجنبية التي ستعمل في العراق لرفد قدراته وللحصول على التكنولوجيا الحديثة التي أصبح بعيدا عنها بسبب إبتعاده عن العالم الخارجي."

يذكر أن الحكومة العراقية دعت العديد من الدول العربية والاجنبية إلى الإستثمار في العراق، ونظمت مؤتمرات في دول عربية وأجنبية خلال العام الماضي 2008 من أجل عرض فرص الإستثمار في مجالات إستخراج النفط، وبناء المجمعات السكنية والسكك الحديد وإنشاء المعامل والمصانع والفنادق والمرافق السياحية في بغداد وبقية المحافظات، وكان آخر تلك المؤتمرات، المؤتمر الذي عقده مسؤولون عراقيون وأمريكيون في فندق الرشيد ببغداد في الأول من تشرين الثاني من العام الماضي، لتفعيل فرص الإستثمار بين العراق والولايات المتحدة، وقال نائب الرئيس العراقي، عادل عبد المهدي في افتتاح المؤتمر إن العراق ما زال يعتمد على النظام المركزي وأن الدولة تساهم في أكثر من 66 % من رأس المال الثابت، في حين لا يشارك القطاع الخاص إلا بنسبة 4% من رأس المال الثابت، مؤكدا على الحاجة إلى إعادة التوازن للاقتصاد العراقي، من خلال عودة القطاع الخاص.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/شباط/2009 - 7/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م