
شبكة النبأ: من الواضح ان الغرب يرى
في تحوّل الكثير من المسلمين نحو الاحزاب السياسية الاسلامية وتأييدها
في الشرق الاوسط تهديداً مؤكداً له.
وهذه المسألة الشائكة كانت قد استحوذت على اهتمام العديد من
التجمعات الحوارية المتصلة بالموضوع، فقسم من اعضاء الاحزاب
الراديكالية يرى ان الاسلام والمسلمين ليسوا غير ديموقراطيين او
متطرفين غريزياً لكن التسييس الحديث للاسلام، الذي يتخذ بعضهُ التطرف
وسيلةً، أوجدَ أيديولوجية لا إنسانية مشوبة بالعنف تسعى لفرض رؤاها
بصورة قسرية على المجتمعات والافراد وحتى الدول.
وفي هذا السياق تعرب العديد من الاوساط الثقافية الاسلامية والعربية
والغربية، عن استياءها الشديد من سوء استخدام الدين، واستغلاله من جانب
بعض الاحزاب السياسية الاسلامية التي اختطفت بأنانية العقيدة لتسبغ
الشرعية على العنف والترهيب وخاصة المدرسة الوهابية ومثيلتها السلفية
الجهادية.
التنوع المعقّد للاسلام السياسي يخضع هو الاخر لتأثيرات المحيط الذي
ينمو وينشط به ومن خلاله، وذلك يجعلنا نتساءل عن الفارق بين المجتمعات
الاسلامية التي تعمل على الساحة السياسية، مثل الامريكيين المسلمين
الذين يؤيدون أوباما وساعدوه في القيام بعملية تغيير كانت قبل وقت قصير
من المستحيلات، وبين اسلاميين سياسيين معينين مثل حماس أو الاخوان
المسلمين.
يرى الاسلاميون السياسيون في الاسلام محركا اساسيا للسياسة، فهم
يريدون ان تلعب الشريعة الاسلامية دورا اكبر في السياسة العامة، وهم
بهذا يختلفون عن الفئة الاولى -المجتمعات الاسلامية- التي تصوّت مثل
المواطنين الآخرين استنادا الى برامج مرشحيهم، وعلى خلفية ضمانهم
لحقوقهم المشروعة وحرياتهم الدينية والمدنية بالطبع..
لكن من الملاحظ ان الايديولوجيين السياسيين اليمينيين في الولايات
المتحدة واوروبا على نحو خاص يربطون بإصرار كل مجموعات الاسلام السياسي
بالقاعدة، وذلك لتحذير اولئك الذين يسمحون لمثل هذه الاحزاب السياسية
بكسب النفوذ والتأثير والشعبية في اوطانهم.
واذا كان الاسلام السياسي، وفقاً لهؤلاء الايديولوجين اليمينيين
يعمل على استخدام النظام الديموقراطي لتطبيق الشكل العنيف من الاسلام،
فكيف يمكن تفسير نجاح حزب العدالة والتنمية في تركيا الذي هو حزب
ديموقراطي معتدل موال للغرب يحظى بشعبية انتخابية كبرى بالرغم من
التزامه بالقيم الاسلامية. وكيف يمكن تفسير استحواذ الاحزاب الاسلامية
على الحكم في العراق دون أن يكون هناك تاثيرات سلبية واضحة على الحريات
او خلق بؤر تشدد قيادية او مجتمعية تهدد الاخرين..
بالنتيجة، ان المتطرفين الاسلاميين المعروفين بأصولهم وانتماءاتهم
الوهابية المتشددة كانوا قد استخدموا الارهاب في امريكا والعراق
وافغانستان وباكستان ولندن وبالي واسبانيا بصور بالغة البشاعة في
محاولتهم تحقيق اهدافهم، إلا ان هذه الاعمال ينبغي ألا ننسبها لكل
المواطنين المسلمين الملتزمين في مختلف ارجاء العالم بتعزيز قيمهم
الدينية من خلال سعيهم لإقامة نظم ديموقراطية. خاصة وان غالبية اطياف
المسلمين تعتنق السلم واللاعنف منهجاً في الحياة.
لذا، إذا كانت الولايات المتحدة والغرب عموماً ملتزمين حقاً بمُثل
الديموقراطية فعليهم إذاً احترام رغبات السكان المسلمين حتى ولو
انتخبوا بحرية أحزاباً اسلامية متشددة مثل حماس وحزب الله او اخرى
تدّعي الاعتدال كالأخوان المسلمين في مصر، بحيث تُترك التجربة في
إمكانية القيادة المباشرة للمجتمع هي التي تلعب الدور المباشر في كشف
سلبيات هذه الحركات ومن ثم قيام الشعب بالتفرق عنها ونبذها نحو
الاعتدال والمعتدلين.. حيث ان دورة العنف لاتنتج إلا العنف وهو ما
شهدناه طوال عقود مضت. |