قذائف الفسفور تكشف عن جرائم الحرب الاسرائيلية في غزة

منظمة العفو الدولية: الأدلة واضحة ولايمكن إنكارها

 

شبكة النبأ: يحرّم القانون الدولي استخدام الفوسفور الابيض ضد أهداف عسكرية تقع وسط مناطق بها كثافة سكانية عالية إلا اذا كانت الاهداف منفصلة بوضوح عنها، وفي مدينة كغزة التي هي عبارة عن شريط ساحلي ضيق تتداخل فيه الابنية الحكومية ومقرات سلطة حماس مع الاحياء السكنية الى حد كبير فإن الـ (200 قذيفة فسفورية) التي اعترفت اسرائيل مؤخراً برميها على غزة أوقعَتْ جل الخسائر بين صفوف المدنيين الابرياء والنساء والاطفال، في جريمة حرب تتصاعد كل يوم الدعوات لإقامة محكمة دولية لمعاقبة مرتكبيها...

صباح أبو حليمة, وكما هو الحال لدى الكثيرين من المدنيين في غزة، تعاني من حروق مضاعفة في ذراعها وساقها ويقول أطباء يعالجونها في مستشفى الشفاء بغزة ان الحروق نجمت عن قذائف الفوسفور الابيض الحارقة التي استخدمها الجيش الاسرائيلي.

وعرض الاطباء عينات من مواد بنية داكنة جمعوها في حقائب بلاستيكية تنبعث منها رائحة كيماوية كريهة.

وقال استشاري الجراحة صبحي سكيك "يخرج منها دخان اذا سمحت للهواء بالدخول اليها." كما قدّموا صورا لحروق مصابين التقطت مباشرة بعد نقلهم للمستشفى ومحاولات العلاج الاولى التي فشلت في منع امتداد الحروق الكيماوية الى العضلات.

وقال الاطباء في مستشفى الشفاء ان هناك نحو عشر حالات لحروق شديدة ناجمة عن استخدام الفوسفور الابيض خلال الهجوم الذي شنته اسرائيل على غزة واستمر ثلاثة اسابيع.

وقال سكيك "معظمهم نقل الى الحدود المصرية ثم الى مستشفيات في مصر والسعودية. لا نعرف بالفعل اين هم الان."بحسب رويترز.

وقالت صحيفة هاارتس الاسرائيلية ان تحقيقا يجريه الجيش بشأن استخدام الفوسفور ركّز على واقعة اطلقت فيها 20 قذيفة من الفوسفور على منطقة مزدحمة بالسكان.

واضافت ان الهجوم وقع في بلدة بيت لاهيا شمال غزة حيث اصيبت صباح يوم الرابع من يناير كانون الثاني خلال هجوم وقع بالنهار واسفر عن مقتل زوجها وابنها.

وقالت صباح (45 عاما) وهي ترقد متألمة على سرير بالمستشفى وقد لفت حروقها في ضمادات كثيرة "كان الامر مثل شهب تسقط وضوء أبيض قوي."

وتنفجر ذخائر الفوسفور على ارتفاع في الجو ولا يستهدف منها القتل بالتفجير. وتطلق عن طريق مدفعية ثقيلة طويلة المدى وتفجر فوق ميدان المعركة بهدف نشر غلالة من الدخان تغطي تقدم المشاة أو لتحدد هدفا للقصف.

وقال جراح التجميل جلال عبد الله "عندما نقلت هذه السيدة الى المستشفى كانت الجروح ملفوفة ومغطاة. وحين كشفناها بدأ ينطلق منها الدخان. كانت هناك رائحة كيماوية."

وأضاف "لم تكن لها نفس رائحة الحروق الناجمة عن النيران. كانت رائحتها مثل لحم متفحم.. لم نكن نعرف ما هذا في البداية. في النهاية اضطررنا الى التدخل الجراحي لاستئصال اللحم المحترق."

وذكر انه حتى بعد هذا العلاج توفي الكثير من المصابين لأنهم " استمروا في نزف الدماء برغم نجاح الجراحة واصلاح الاوعية الدموية."

وقال سكيك انه ثبت من سجلات المستشفى ان الحروق ناتجة عن الفوسفور "لكننا بحاجة الى دراسة معملية لنكون موضوعيين."

وقالت هاارتس ان الجيش الاسرائيلي أطلق اجمالا 200 قذيفة فوسفور أبيض خلال عملياته في غزة. وأضافت ان 180 من هذه القذائف استهدفت نشطاء يطلقون الصواريخ عبر الحدود على اسرائيل من بساتين وحقول.

وعرض فلسطيني جمع ما استطاع من متعلقاته من وسط حطام منزله في بلدة جباليا التي دمرت بالكامل جراء القصف الاسرائيلي على رويترز بعض فوارغ القذائف. ووصف المواد النارية التي سقطت بانها "مثل الشهب" وقال انه "حتى اذا وضعتها في الماء لن تنطفيء."

ومنعت اسرائيل الصحفيين الاجانب من دخول غزة خلال عملية " الرصاص المصبوب" التي قالت انها تهدف لمنع هجمات حماس الصاروخية ومعاقبة النشطاء الاسلاميين.

وقتل نحو 1300 فلسطيني بينهم 700 مدني وفقا لاحصاءات جماعات حقوق الانسان. ومعظم الحالات التي ترقد في مستشفى الشفاء المزدحم هي حالات اصابة باسلحة تقليدية.

وشاهد صحفيون كانوا يتابعون الهجوم الاسرائيلي من نقاط عبر الحدود قنابل حارقة تنفجر يوميا على ارتفاع نحو 300 او 400 متر فوق المدينة. وتنفجر هذه القنابل في دوائر واسعة من الدخان الابيض على شكل قنديل البحر وتنتشر على مساحات كبيرة.

منظمة العفو الدولية تحقق في استخدام اسرائيل قذائف فوسفورية

حفرة في سقف متفحم شظايا متناثرة في كل مكان وقطع من الفوسفور تشتعل عند ادنى ملامسة لها: هذا المنزل في شمال قطاع غزة هو دليل اضافي لمنظمة العفو الدولية التي تحقق في انتهاك اسرائيل المعاهدات الدولية حول الاسلحة.

ويتفقد خبير الاسلحة البريطاني كريس كوب سميث هذا المنزل بالذات ويروي ما جرى فيه يومها.

يقول كوب سميث وهو يشير باصبعه الى الاعلى "من هنا اخترقت القذيفة السقف. هنا انفجرت لدى ارتطامها بالجدار وتناثرت قطع الفوسفور في ارجاء المنزل" مضيفا "هذا ما يشرح سبب احتراق المنزل الى هذا الحد". بحسب فرانس برس.

ومنذ 17 كانون الثاني/يناير يجوب خبير الاسلحة هذا قطاع غزة مع وفد من منظمة العفو الدولية جاء خصيصا ليحقق في استخدام الجيش الاسرائيلي قذائف فوسفورية. ويتميز الفوسفور بقدرته على الاشتعال فور تعرضه للاوكسيجين.

جراء القصف الاسرائيلي لهذا المنزل في بيت لاهيا قتل خمسة مدنيين بداخله واصيب اربعة آخرون بجروح خطرة بينهم صباح ابو حليمة التي تروي ما حصل معها.

وتؤكد اليزابيث هودجكين المتخصصة في منظمة العفو الدولية بشؤون الشرق الاوسط منذ 1994 وحتى 2002 ان هذه المادة الحارقة فاقت قدرات مستشفيات القطاع التي لم تتمكن من التعامل معها لان "الفوسفور لم يسبق ان استخدم ابدا ضد قطاع غزة".

وفي مستشفى الشفاء يروي عدد من الناجين كيف ان الدخان يبدأ بالتصاعد من حروقهم كلما يجري غسلها او تغيير الضمادات لان الفوسفور يظل فعالا لمدة طويلة ويستمر في الاشتعال الى حين اطفائه.

ونظريا تنفجر هذه القذائف في الجو وتستخدم من اجل خلق "سحابة من الدخان" لحماية القوات المتقدمة او من اجل وضع علامات على الاهداف لكي يقصفها الطيران كما يقول كوب سميث.

ويؤكد الخبير البريطاني انه "ليس هناك اي مبرر تكتيكي لاستخدامها في غزة" مضيفا "اعتقد انها استخدمت هنا كسلاح ترويعي لاخافة السكان وكذلك ايضا من اجل التسبب باضرار جسدية وتدمير المباني".

تحقيق داخلي للجيش الاسرائيلي حول استخدام القذائف الفوسفورية

وذكرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي يحقق في احتمال استخدام القوات المظلية قذائف الفوسفور الابيض المحظور بالقرب من المدنيين خلال الهجوم الاسرائيلي على غزة.

وقالت الصحيفة ان التحقيق يركز على اطلاق نحو عشرين قذيفة من الفوسفور المحظر استخدامه في المناطق المأهولة في شمال قطاع غزة من قبل وحدة مظليين. 

واوضحت ان الكولونيل الاحتياط شاي الكالاي كلف التحقيق في هذه القضية. لكن متحدثا باسم الجيش نفى في تصريح لوكالة فرانس برس اجراء "تحقيق رسمي".

ونقلت "هآرتس" عن مصادر عسكرية ان الجيش اطلق نوعين من القذائف التي تحوي الفوسفور هي قذائف مدفعية دخانية من عيار 155 ملم تحوي كمية ضئيلة من الفوسفور وقذائف هاون من عيار 120 ملم ذات تركيز عال من الفوسفور. واضافت ان الجيش استخدم تلك القذائف باعتبارها قنابل دخانية.

ويأتي هذا بعد ان قالت منظمة العفو الدولية التي زار فريق منها قطاع غزة الدولة العبرية بارتكاب "جريمة حرب" وقالت ان استخدامها لقذائف الفوسفور في المناطق المدنية "واضح ولا يمكن انكاره".

حقائق رئيسية عن أسلحة الفوسفور الابيض

وفيما يلي بعض الحقائق الرئيسية عن الفوسفور الابيض، بحسب فرانس برس:

تستخدم ذخائر الفوسفور الابيض بشكل اساسي لصنع سواتر من الدخان او لتحديد اهداف كآلية للإشارة للمواقع لكنها ايضا اسلحة حارقة. وقالت هيومان رايتس ووتش ان اسرائيل تستخدم فيما يبدو هذا النوع من الذخائر لاخفاء عملياتها العسكرية "وهو استخدام مسموح به من حيث المبدأ وفقا للقانون الانساني الدولي".

ولا يعتبر الفوسفور الابيض سلاحا كيماويا بموجب المعاهدات الدولية. وهو مادة شبه شفافة تشبه الشمع وهي عديمة اللون او ضاربة للصفرة تشبه رائحتها رائحة الثوم قليلا. وتشتعل هذه المادة بسهولة في الهواء عند حوالي 30 درجة مئوية وقد يكون من الصعب اطفاؤها.

وبدأ سريان معاهدة حظر استخدام اسلحة تقليدية معينة عام 1983. ويحظر البروتوكول الثالث من الاتفاقية استخدام اسلحة حارقة ضد المدنيين.

كما يحظر البروتوكول استخدامها ضد اهداف عسكرية داخل تجمعات سكانية إلا اذا كانت الاهداف منفصلة بوضوح عن المدنيين واذا جرى اتخاذ "جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب سقوط ضحايا مدنيين.

وبالنسبة للولايات المتحدة واستخدامها القذائف الفوسفورية في العراق، أقر البنتاجون باستخدام ذخائر تحتوي على الفوسفور الابيض ضد من وصفهم بمقاتلين اعداء في هجوم بقيادة مشاة البحرية الامريكية في مدينة الفلوجة العراقية في نوفمبر تشرين الثاني 2004 شمل قتالاً ضارياً داخل مناطق حضرية، واطلقت قذائف تحتوي على الفوسفور الابيض على مسلحين في خنادق او مواقع مغطاة اخرى لإخراجهم منها تحت تأثير الدخان ثم ضربهم بعد ذلك بقذائف مدفعية شديدة الانفجار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/كانون الثاني/2009 - 29/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م