مؤشرات الحريات السياسية في العالم العربي: تكريس القمع والتسلط

تقدم هش في الحريات السياسية في العراق

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لايزال ملف الحريات السياسية من اكثر الملفات المستعصية على الحل في معظم الدول العربية.

فاستشعار القلق والخطر لدى بعض النظم العربية عقب الاطاحة بالنظام الديكتاتوري في العراق، قاد الى انفراج محدود في مجال الحريات السياسية لم تدم طويلا، حيث باتت الاحزاب والحركات السياسية تعاني من تضييق الخناق مجددا من قبل تلك السلطات.

فيما يرى بعض المحللين ان التضييق جاء وفق الضوء الاخضر من الولايات المتحدة بعد انزعاجها من نجاح الاسلاميين في الوصول الى بعض اهدافهم.

فيما عدت بعض المنظمات الحقوقية ان تراجع الحريات السياسية شمل خلال السنتين الاخيرتين العديد من الدول المنتشرة حول العالم.

تقلّص الحريات في 2008

حيث قالت منظمة حقوقية أمريكية إن الحريات السياسية تقلصت في أنحاء العالم عام 2008 وذلك للسنة الثالثة على التوالي مع نزول روسيا واليونان لمراتب أدنى في القائمة بسبب الاحداث السياسية بهما وصعود العراق وماليزيا مع زيادة التعددية الحزبية.

وذكرت منظمة فريدم هاوس في تقريرها السنوي أن روسيا شهدت انتخابات "لم تتسم بالحرية ولا النزاهة" وأن البلدان المجاورة الخاضعة لنفوذ روسيا والتي كبتت المعارضة عقب ثورات سلمية مناهضة للحكم الشمولي قادت الاتجاه النزولي.

وقالت المنظمة في بيان أذيع خلال مؤتمر صحفي في تايبه ان اليونان غرقت في اضطرابات على مستوى البلاد في ديسمبر كانون الاول وتحدثت عن " عجز" الحكومة عن السيطرة عليها. بحسب رويترز.

لكن العراق الذي شهد سنوات من الاضطرابات عقب الاطاحة بالنظام الديكتاتوري السابق  صعد في القائمة نظرا لتحسن الوضع الامني وزيادة المشاركة السياسية لمختلف اطياف الشعب. كما صعدت ماليزيا بسبب قوة الدفع الجديدة التي نالتها المعارضة في الانتخابات العامة.

وقال منسق أنشطة فريدم هاوس في تايوان ان المنظمة اختارت أن تعلن تقريرها في تايبه لانها ترى تايوان كمنطقة تتمتع بالحرية في اسيا.

وذكرت المنظمة أن عدد البلدان أو المناطق "الحرة" وهو 89 يتجاوز عدد البلدان أو المناطق "غير الحرة" وعددها 42 لكن الحقوق السياسية والحريات المدنية تقلصت بدرجة كبيرة لان حكومات في مناطق متفرقة من العالم قلدت "ثورات الالوان" الاوروبية المناهضة للحكم الشمولي والتي حولت مسارها وأخمدت الديمقراطية.

وجاء في بيان المنظمة "رغم أن الانتكاسات في 2008 لم تمثل تراجعا جوهريا في معظم البلدان فانها كانت عديدة وأثرت على معظم المناطق." وتحدثت الجماعة عن 34 تراجعا و14 تحسنا.

وجاءت فنلندا في صدارة الدول والمناطق التي شملها التقرير وعددها 193 في حين جاءت كوريا الجنوبية في المؤخرة.

وقالت فريدم هاوس ان ترتيب الصين كان قريبا من ذيل القائمة لانه بدلا من تحسين حقوق الإنسان والديمقراطية قبل دورة الالعاب الاولمبية التي استضافتها بكين العام الماضي فقد أظهرت للعالم "مشهدا شموليا واثقا".

وقال كريستوفر ووكر مدير الدراسات في فريدم هاوس ان الازمة المالية العالمية تهدد الحقوق والحريات السياسية هذا العام في الاماكن التي تخلو من "المؤسسات الديمقراطية" و"صمامات الامان" التي من شأنها أن تهديء أي صراعات قد تنشأ.وأضاف في المؤتمر الصحفي في تايبه "ستزداد الازمة المالية العالمية سوءا بمرور الوقت... لذا سيمثل عام 2009 تحديا كبيرا في هذا الصدد."

عودة القمع والاعتقالات في الدول العربية

وفي الشأن العربي، نشرت الفايننشال تايمز تحقيقاً لرولا خلف بعنوان "الازدهار المنسي"، تسلط الضوء من خلاله على تحول وتراجع الأنظمة السياسية المدعومة أمريكياً في الشرق الأوسط عن السماح بالترويج للديمقراطية في بلدانها والعودة إلى قمع الأحزاب والحركات الإسلامية وتقويض أصوات المعتدلين.

يقول التحقيق، الذي ترفقه الصحيفة بصورة كبيرة لامرأة مصرية تتوسل إلى رجل أمن وقف مع مجموعة كبيرة من زملائه الذين شكّلوا سداً بشرياً كبيراً حاول التصدي لأنصار حركة "الإخوان المسلمون" في القاهرة عام 2005، إن المشهد الآن في الوطن العربي بات مختلفا عما كان عليه قبل حوالي عامين عندما حقق ما يُعرف بـ "الإسلام السياسي" عودة وانتصارا واضحين في المنطقة.

العراق أعطى بعض الأمل للأحزاب

تقول المراسلة إن فرحة واحتفالات الإسلاميين بانتصاراتهم في العراق ومناطق أخرى من المنطقة لم تعمر أو تدم طويلا. فحالما بدأ هؤلاء يستعرضون عضلاتهم السياسية، أخذ حكام الشرق الأوسط يشعرون بالخطر والقلق مما يحصل، وكذلك فعلت الأنظمة الغربية التي تساندهم. وهكذا بدأت الحركة الارتجاعية وردود الفعل العنيفة على صعود تلك الأحزاب والمجموعات الإسلامية.

وتنقل الصحيفة عن عصام العريان، المسؤول في حركة "الإخوان المسلمون" المحظورة في مصر قوله إن الحركة ستمارس نوعا من الصبر في صراعها المستقبلي مع نظام الحكم في البلاد.

يقول العريان: "إن عملنا يدور حول التغيير في المستقبل، فنحن لم نكن في البرلمان على مر عقد التسعينيات من القرن الماضي. لكن شعبيتنا لم تعان. نعم، يمكن أن تتوارى وتبتعد عن البرلمان لمدة 10 سنوات، لكنك لا تختفي وتتلاشى من المجتمع."

وليس الإسلاميون وحدهم من يعاني الآن من تراجع وضيق فسحة الأمل، برأي مراسلة الفايننشال تايمز التي تقول: "إن المعتدلين أيضا يخسرون مواقعهم وأصواتهم، ربما بسبب تركيزهم على السياسة وإهمالهم للدين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الثاني/2009 - 22/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م