الملصقات الانتخابية تنشر الفوضى في مدينة كربلاء وتشوّه الديمقراطية

تحقيق وعدسة: عبدالامير رويح

 

* من حق المرشح أن يعلن عن برنامجه الانتخابي لكن ليس بهذه الطريقة

* لابد للمرشح من احترام قدسية المدينة وجمالها واحترام النظام والقانون لتكون له مصداقية ويكون مرشحاً مؤهلاً للانتخاب.

* هناك تقصير من قبل الجهات المعنية وبالذات المفوضية العليا للانتخابات، والتي كان عليها توضح آلية نشر الدعاية الانتخابية الخاصة بالمرشحين وتحديد الاماكن الخاصة

* بخلاف كل البلدان والقوانين والأنظمة لم تخصص مديرية بلدية كربلاء ولا مكان واحد لعرض الملصقات والمنشورات الانتخابية

 

شبكة النبأ: من حق جميع الكيانات السياسية والمرشحين الإعلان عن خططهم وبرامجهم الانتخابية وعرض صورهم ومنجزاتهم لاستقطاب الناخبين، هذا الحق الذي كفله لهم الدستور وضمنته لهم القوانين.

ومع اقتراب فترة الانتخابات تزداد الحملة الدعائية وتشتد حدتها بين المرشحين. وهذا ما لاحظه جميع العراقيين دون استثناء فقد غصّت جميع مدننا المشمولة بالانتخابات بصور وشعارات وملصقات تخطت في عددها الأرقام الفلكية المعروفة وانتشرت بشكل عشوائي غير مدروس ومنظم. شوهَت جمال هذه المدن وأخرجتها بمنظر لا يليق وطموح أبنائها. ومن هذه المدن مدينة كربلاء المقدسة والتي أغرقتها هذه الصور والملصقات الانتخابية وجعلت منها لوحة تجريدية سيئة الإخراج!!، فقد تزاحمت هذه الملصقات ووزعت بشكل عشوائي في جميع إرجاء المحافظة دون استثناء فغطت جدران المباني والمؤسسات والمنازل وعلت أعمدة الكهرباء وزاحمت لافتات الأطباء والصيدليات وواجهات المباني العالية والمحلات بل حتى إن بعضهم  استخدم علامات المرور وغيرها!!

كل تلك الملصقات أثارت حفيظة المواطن الكر بلائي وأزعجته. فهو من تأمل خيراً بأن يضاف إلى مدينتة المقدسة جمال وحسن يباهي به بلدان ومدن العالم الأخرى ويجعل الوافدين من غير العراقيين  ينقلون أحديث الإنجازات العمرانية والجمالية والمشاريع العمرانية التي قد بدأت بنسب معينة، لكنه فوجئ بهذا البحر الهائل الذي أغرق المدينة المقدسة بالملصقات والتشويه الكبير.

ولأجل تسليط الاضواء على الظاهرة التقت (شبكة النبأ المعلوماتية) بعض المواطنين الذين تحدثوا بأسى وحزن امتزج مع أحزان شهر محرم الحرام.

المواطن محمود حسن، قال: نحن لسنا ضد الانتخابات بل نحن فرحون جداً لما وصلنا اليه من تقدم ديمقراطي جعلنا نعيش أيام الحرية ونمارس حقوقنا بانتخاب من نشاء. لكن وللأسف مازالت هنالك بعض الأمور التي نجهلها في هذا المجال، نعم من حق المرشح أن يعلن عن برنامجه الانتخابي لكن ليس بهذه الطريقة وهذا الشكل العشوائي الذي شوه منظر المدينة نتمنى أن توضع الحلول والدراسات المسبقة قبل بدأ أي شي حتى نأمن الوقوع في الأخطاء كما ونتمنى أصلاح ماقد تضرر.

الأستاذ علي عذاب قال: أنها ظاهرة غير حضارية فعرض الإعلانات والملصقات بهذه الطريقة العشوائية شيء يجب الانتباه اليه ومحاسبة المقصرين عنه، ثم من المسؤول عن رفع هذه المساحات الهائلة من الفوضى بعد الانتخابات؟ هل هي الدولة التي ستصرف منح ومخصصات أضافية لإزالتها؟. انه تجاوز على حريات الجميع والمال العام، نعم قد يشتركوا في جزء من هذه الحقوق لكن لا يحق لهم الاعتداء والتجاوز وتشويه جمالية المدينة. لذا أكرر قولي بأنها طريقة غير حضارية وغير لائقة بقدسية المدينة. وأتمنى إن ترفع وتُزال بعد انتهاء الانتخابات كي تعود كربلاء إلى سابق عهدها.

الشيخ مرتضى معاش، رئيس تحرير مجلة النبأ وشبكة النبأ المعلوماتية، عقّبَ على الموضوع بالقول: أولاً لابد أن نعرف أن هدف الانتخابات هو تحقيق النظام العام وتطبيق أحكام القانون، والمرشح الذي لا يطبق القانون ولا يحافظ على النظام العام هو في الواقع ينقض الغرض الذي جاء من أجله، فلابد للمرشح من احترام قدسية المدينة وجمالها واحترام النظام والقانون لتكون له مصداقية ويكون مرشحاً مؤهلاً للانتخاب.

واضاف الشيخ معاش، الملاحظة الاخرى هي، أن الدين الإسلامي قام على أساس النزاهة والنظام، والمرشح الذي لا يحترم قدسية وجمال المدينة ولا يحترم الشارع والنظافة كيف يكون مطبقاً لأحكام هذا الدين الحنيف، الذي يرفض التجاوز والاساءة والضرر بكل شيء فـ(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).

كما ان اجتهاد البعض من المرشحين بلصق دعايتهم الانتخابية بشكل عشوائي وأينما يحلوا لهم دون أخذ الإجازة  المسبقة من صاحب الملك الخاص انما هو فعل محرّم شرعاً، فلا بد لهذا المرشح من استحصال الإذن الشرعي بالموافقة من صاحب الشأن وهذا ما يدعوا اليه الدين الإسلامي، فإذا التزم المرشح بتطبيق فقرات احترام النظام والقانون والشرع  فسيكون مصداقاً مؤهلاً وناجحاً لقيادة المجتمع.

بعد ذلك انتقلت (شبكة النبأ) للتعرف على رأي أصحاب الشأن من المرشحين والمسؤولين القائمين على أمور الانتخابات، بدأنا أولاً مع الأستاذ هاشم المطيري، مسؤول مكتب منظمة العمل الإسلامي في كربلاء، والمرشح رقم واحد في قائمة المنظمة والذي قال: ارى انه كان من الواجب في قانون الانتخابات ان يتم التنسيق مع مديريات البلديات في المحافظات لأن تضع وتحدد أماكن عرض الدعاية الانتخابية الخاصة بالمرشحين، وهذا ما نص عليه القانون، لكننا تفاجئنا وبعد بدأ الحملة بعدم تحديد هذه الاماكن ليس في كربلاء فقط بل في عموم العراق، نعم المفوضية منعت من استخدام بعض الاماكن لأغراض الدعاية الانتخابية وتركت الحرية باستخدام الباقي.

واضاف المطيري، ان قانون الانتخابات قد حدد غرامات وعقوبات تُفرض بحق من يخرق هذا القانون لكن لحد هذه اللحظة وعندما نشاهد مرشحين لكيانات معينة يقومون بتجاوزات وخرق للأنظمة من خلال لصق إعلاناتهم وملصقاتهم على دوائر الدولة ومؤسساتها نرى أن المفوضية لم تتخذ بحقهم أي أجراء بحجة أن القانون لم يشرع بشكل كامل ليتيح لمجلس المفوضية أخذ قرار بهذا الشأن، لذا يجب على المفوضية العليا للانتخابات تفعيل القانون ومحاسبة الجميع دون تمييز ويجب عليها المراقبة وتشخيص الأخطاء.

الاستاذ اسامة الحسناوي مدير الحملة الإعلامية لتيار الإصلاح الوطني في كربلاء قال: أود ان أبين بعض النقاط المهمة، ان المفوضية وبالتعاون مع مديرية بلدية كربلاء وبخلاف كل البلدان والقوانين والأنظمة لم تخصص ولا مكان واحد لعرض الملصقات والمنشورات الانتخابية، بل أنها ألغت الكثير من الاماكن التي كان من المفروض استخدامها لهذا الغرض!! في حين إننا نجد وفي الكثير من دول العالم أن هناك أماكن محددة وخاصة للعرض ليس لأغراض الانتخابات فقط بل لمختلف الحملات الدعائية، وهذا غير موجود في عموم العراق.

وفيما يخص الدعاية العامة ونتيجة كثرة المرشحين وهي من وجهة نظري ظاهرة ايجابية فإن مبدأ المنافسة مشروع، وهذا النشر للدعاية الانتخابية في الاماكن العامة يتيح للمواطن القراءة والتصفح للمنشور!!. ومن خلاله يستطيع ان يحكم على كل مرشح وعلى كل قائمة  بما يتناسب وفائدته وبالتالي يتاح له انتخاب الأصلح.

مسؤل العلاقات العامة في مؤسسة شهيد المحراب في كربلاء والمرشح ضمن قائمة المؤسسة مهدي حسن محمدن قال لـ شبكة النبأ: بالنسبة للمصقات والدعاية الانتخابية الموجودة بهذا الشكل  الفوضوي انما هي ظاهرة عشوائية غير لائقة بقدسية مدينة كربلاء، وتسببت بحدوث إرباك في طريقة العرض سواء كانت مقصودة أم غير مقصودة. وبعض هذه الملصقات كانت عندما توضع تأتي جهات اخرى مجهولة وترفعها وهذا يتسبب بتشويه المنظر العام للمدينة فضلاً عن انه تصرف غير لائق ولااخلاقي. ونحن من وجهة نظرنا نرى أن هناك تقصير من قبل الجهات المعنية وبالذات المفوضية العليا للانتخابات، والتي كان عليها أن تولي هذا الامر أهتماماً كبيراً وتوضح آلية نشر الدعاية الانتخابية الخاصة بالمرشحين وتحديد الاماكن الخاصة لهذا الغرض والتعريف عنها بكل وسائل الاعلام المتاحة.

مكتب المفوضية العليا للانتخابات في كربلاء أجاب عن هذه التساؤلات وعلى لسان مسؤول الاعلام في المكتب الاستاذ حسين العامري والذي قال: قامت المفوضية وبالتعاون مع مديرية بلدية كريلاء بتحديد الاماكن التي يمنع استخدامها في الدعاية الانتخابية، والتي شملت (المدارس والدوائر الحكومية والمراكز الصحية والمستشفيات والحرمين المطهرين ودور العبادة وأعمدة الكهرباء).

واضاف العامري، لاحظنا في الآونة الاخيرة ان هنالك مجموعة من الكيانات السياسية والمرشحين قد تجاوزوا على هذه الاماكن بما يشكل خروقات للحملة الانتخابية، وقد تم تشكيل لجان من قبل مكتب المفوضية والمكاتب الفرعية لرصد وتوثيق هذة الحالات ورفعها الى المكتب الوطني لاتخاذ الاجراءات المناسبة بشأن المخالفين.

وبيّن العامري لـ شبكة النبأ، ان عملية رصد الخروقات هي عملية يومية مستمرة وليس لدينا أرقام محددة لهذه الخروقات والتجاوزات لكونها وكما ذكرت عملية مستمرة ويومية. وهناك مجموعة من العقوبات والغرامات التي نص عليها قانون انتخابات مجالس المحافظات تتراوح مابين الـ(الغرامة والحبس وقد تصل الى شطب الكيان السياسي وبحسب نوع المخالفة المنصوص عليها في هذا القانون).

اما بخصوص ما اذا كان مكتب مفوضية كربلاء قد استبعد بعض المرشحين من الانتخابات فقال الاستاذ العامري لـ شبكة النبأ، نعم قد تم أستبعاد خمسة مرشحين في كربلاء، خلال مرحلة التدقيق لعدم استيفائهم الشروط المطلوبة عند تدقيق المستمسكات خلال المرحلة السابقة..

ودّعنا مكتب المفوضية متوجهين إلى مديرية بلدية كربلاء، والتي  زرناها لمرتين متتاليتين لنتعرف على رأي المسؤولين فيها بخصوص ظاهرة الملصقات العشوائية، لكننا لم نحصل على أية أجابة بهذا الخصوص بحجة عدم حصولنا على تصريح رسمي يخولنا بالتحدث معهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الثاني/2009 - 22/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م