ايران والحرب في غزة: مغامرة مفتوحة الأفق مع محور اوباما والعرب

حماس وحزب الله قويين الطريق الوحيد للحفاظ على نفوذ ايراني

 

شبكة النبأ: تريد ايران أن تبعث برسالة الى الادارة الامريكية الجديدة والحكومات العربية مفادها أنها قوة يعتد بها في المنطقة من خلال الدفاع عن قضية حليفتها (حماس) في قتالها مع اسرائيل. بالاضافة الى ان الرئيس الايراني أحمدي نجاد الذي يسعى لإعادة انتخابه في حزيران المقبل ربما وجد أيضاً سبباً لإسكات الانتقادات الموجهة لادارته للاقتصاد وتراجع عائدات النفط.

لكن دعم طهران الصريح لحماس وانتقادها لرد فعل بعض الدول العربية قد يأتي بنتائج عكسية اذا ما كسبت دعم الجماهير العربية مع دفع في نفس الوقت الحكومات العربية القلقة لتصبح أقرب من الولايات المتحدة في نزاعها مع إيران. وهذا مايبرر التحليلات التي تقول بأن الحرب في غزة هي أولى حروب الرئيس الامريكي المنتخب اوباما...

يقول المحلل الإيراني باقر معين "الرسالة من الإيرانيين (إلى واشنطن) هي أن هناك أخذ وعطاء. نستطيع أن نساعدكم في افغانستان.. نستطيع أن نساعدكم في العراق.. نستطيع مساعدتكم في لبنان وفلسطين اذا كانت بيننا وبينكم علاقات جيدة."وأضاف المحلل ومقره لندن "نحن قوة اقليمية ويجب أن تعترفوا بهذا وأن تتحدثوا معنا على هذا المستوى اذا كنتم تريدوننا أن نكون متعاونين في القضايا التي تحتاجون الينا فيها."

واستقطبت أزمة غزة - حيث قتل 574 فلسطينيا على الاقل في الهجمات الاسرائيلية - تعاطفا من الايرانيين المحبطين ككثيرين غيرهم من المسلمين مما يعتبرونه رد فعل دوليا محدودا لوقف القتال.

لكن المتشددين كانوا الاعلى صوتا في دعم القضية الفلسطينية التي هي من دعائم الجمهورية الإسلامية منذ قيام الثورة الإسلامية ووسيلة ساعدت إيران في تصوير نفسها على أنها زعيمة العالم الإسلامي.

وتوجه اسرائيل الاتهام لإيران بأنها تذكي العنف من خلال امداد حماس بالاسلحة. اما طهران التي لا تعترف باسرائيل فتقول انها تقدم الدعم المعنوي والمادي للحركة. بحسب رويترز.

ويقول محللون انه ليس واضحا ما اذا كانت إيران شجعت حماس على عدم تجديد التهدئة مع اسرائيل في ديسمبر كانون الاول أو دفعتها إلى اطلاق الصواريخ التي تقول اسرائيل انها تحاول وقفها.

لكن محللين يرون أنه ايا كان دور إيران فان العنف أدى إلى انتكاس خطوات السلام بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية واسرائيل وسوريا وهي مبادرات يقول محللون ان إيران تخشى أن تقوض حلفاءها.

وقال دبلوماسي غربي "يشعرون (إيران) أن الطريقة للحفاظ على النفوذ في هذه المنطقة عن طريق حزب الله قوي وحماس قوية" مضيفا أنه اذا تم حل صراع حماس او حزب الله اللبناني مع اسرائيل "ستكون هذه كارثة استراتيجية (لإيران)."

احتمالات دخول حزب الله حلبة الصراع مع إسرائيل؟ 

وفي صحيفة لوس انجليس تايمز نشر الكاتب والمحلل بورزو دراغاي مقالاً حول احتمالات دخول حزب الله حلبة النزاع بين حماس واسرائيل جاء فيه: لأن ذكريات حرب اسرائيل المدمرة في لبنان عام 2006 لا تزال عالقة في الاذهان، سعى رجال السياسة اللبنانية في الايام الاخيرة لطمأنة مواطنيهم في الدوائر الانتخابية بأن حزب الله لن يتجرأ على دخول حلبة الصراع الدائر بين حليفتها حركة حماس الفلسطينية وبين عدوتها التقليدية اللدودة اسرائيل.

لكن مع استمرار حدة الهجوم الاسرائيلي على حماس في قطاع غزة، بدأ اكثيرون من المراقبين السياسيين يتساءلون ماذا يمكن ان يحدث حتى يفتح حزب الله جبهة عسكرية جديدة ليخفف الضغط بها عن حماس في الجنوب؟

هذا السؤال اكتسب اهمية كبيرة عندما انطلقت 3 الى 5 صواريخ من لبنان وسقطت في شمال اسرائيل محدثة اضرارا طفيفة على بعد حوالي 5 اميال من الحدود بين البلدين، وردت اسرائيل بالطبع بوابل من القذائف هي الاخرى.

ويتساءل الكاتب دراغاي، لكن من اطلق هذه الصواريخ؟ فيقول، ليس حزب الله على الارجح، اذ يقول معظم الزعماء السياسيين والمحللين اللبنانيين ان الحزب لن يخاطر بشعبيته الداخلية قبل انعقاد الانتخابات البرلمانية المهمة في مايو التي من المنتظر ان تعزز سلطته برأي بعض المراقبين.

كما ابلغ طارق متري وزير الاعلام رجال الصحافة والمراسلين ان هناك احساسا عاما في لبنان بأن احدا لا يريد الانزلاق الى الصراع القائم في غزة وقال: ان التعبير عن التضامن مع هذه المدينة لا يعني اننا نريد استفزاز اسرائيل للهجوم على لبنان أو اعطاءها مبررا للقيام بذلك.

حتى الآن لم يصدر عن الشيخ حسن نصر الله ما يشير الى ان ميليشياته التي ملأت ترسانتها بالصواريخ من سورية وايران منذ حربها مع اسرائيل في صيف عام 2006، سوف تشن هجوما أو تدخل في صراع جديد. بل ووافق وزير عن حزب الله في الحكومة الاسبوع الماضي على البيان الذي اصدرته هذه الحكومة وتعهدت به ابقاء البلاد المنقسمة سياسيا بعيدة عن القتال في غزة. غير ان الشيخ حسن نصر الله ما لبث ان حذر يوم الاربعاء الماضي بعواقب رهيبة اذا بدأت اسرائيل حربا على لبنان. فقد ابلغ مؤيديه الذين كانوا يهتفون »الموت لإسرائيل« خلال الاحتفال الديني السنوي بيوم عاشوراء قائلا: اننا مستعدون لأي عدوان فإذا جئتم ايها الصهاينة الى قرانا، واراضينا واحيائنا سوف تكتشفون ان حرب يوليو عام 2006 لم تكن شيئا بالمقارنة مع ما ستواجهونه هذه المرة.

ويضيف الكاتب دراغاي، من الملاحظ هنا ان معظم المراقبين يعترفون ان تردد حزب الله في شن عملية عسكرية ضد اسرائيل يمكن ان يتغير بشكل دراماتيكي اذا ما استمر القتال، الذي بدأ قبل نحو اسبوعين في غزة، في تأجيج مشاعر الجماهير العربية لاسبوع آخر.

يقول دبلوماسي غربي يعمل في الشرق الاوسط: ثمة حد يصبح فيه الواجب عاملا اساسيا في دفع الاحداث. ولا شك ان هناك الآن ضغط متصاعد في الشارع العربي، وزعماء حزب الله هم من يقود هذا الشارع الآن.

وفي هذا الاطار، يقول متري: كلما تأخرت الجهود الدبلوماسية في وضع حد للصراع، وكلما اصبحت مشاعر الغضب اكبر، سوف تصبح الفرصة مهيأة اكثر لاتساع دائرة العنف وانتشاره لاماكن اخرى.

عندئذ ربما يعيد حزب الله النظر في موقفه السلبي عسكريا اذا رأى ان حماس على وشك الهزيمة على نحو يضر القضية الوطنية الفلسطينية ويغير توازن القوة في المنطقة.

تقول المحللة اللبنانية امل سعد غريب: ان احتمال فتح جبهة جديدة يعتمد تماما على اداء حماس. فإذا انهارت هذه الحركة سيشكل هذا خطرا كبيرا جدا على القضية الفلسطينية ايديولوجيا واستراتيجيا، ولذا، ليس بوسع حزب الله السماح بهذا.

وبدوره، يؤكد مسؤول عسكري لبناني رفيع المستوى ان الوضع الاقليمي يمكن ان يتغير في اية لحظة، لذا اتخذ الجيش اللبناني وقوة يونيفيل التابعة للامم المتحدة كل الاجراءات الضرورية للتعامل مع الوضع.

كما حذرت اسرائيل، التي نشرت قوات من الاحتياط على الحدود الشمالية، من تعرضها لأية هجمات يقوم بها الحزب أو حلفاؤه. اذ ابلغ البريغادير جنرال آفي بيناياهو، الذي يتحدث باسم القوات المسلحة الاسرائيلية، ابلغ راديو الجيش قائلا: اعتقد ان حزب الله والايرانيين يشعرون بقلق كبير من الضربة الكبيرة التي تلقتها حماس، وذلك لخشيتهم من ان تكون بداية الحرب اوسع على المقاومة.

وتقول امل سعد غريب: اذا احست قيادة حزب الله وانصارها في طهران ان هزيمة حماس هي تمهيد لحرب اوسع هدفها وقف النفوذ الايراني في المنطقة، ستجد هذه القيادة نفسها عندئذ مضطرة للعمل عسكريا بشكل اسرع فهي ترى ان اخطار هذا الصراع الحاسم جدا تحدق بكل حلفاء المقاومة الفلسطينية في المنطقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/كانون الثاني/2009 - 19/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م