ضبابية عواقب استخدام القوة الامريكية او الاسرائيلية ضد ايران

 

شبكة النبأ: ربما تقرِّر الولايات المتحدة مهاجمة منشآت ايران النووية في محاولة منها لتدمير القدرة الايرانية في هذا المجال، في حال فشلت جهودها نهائياً في إيقاف الملف النووي الايراني.

غير أن احتمال نجاح مثل هذا الخيار غير مؤكد بل وينطوي على خطر اثارة صراع اوسع وزعزعة لاستقرار المنطقة المتأزمة أصلاً. وما يزيد هذا المأزق تعقيدا هو بالطبع اسرائيل التي تواجه ما ترى انه تهديد لوجودها مما قد يدفعها للتصرف لوحدها حتى قبل ان تعلن الولايات المتحدة انها استنفدت جهودها الدبلوماسية لكن من غير المرجح ان يُفضي الخيار العسكري، سواء كان امريكيا أو اسرائيليا لنتائج مفيدة تستحق التكاليف والعواقب المخيفة بعد ذلك..

وكتب بروس رايدل، من معهد بروكلين مقالاً تحليلياً عن علاقة امريكا المستقبلية في ظل أوباما بملف ايران النووي، جاء فيه: لابد من الاعتراف بأن جهود الولايات المتحدة لوقف برنامج ايران النووي قد فشلت، لكن ايران لاتزال بسبب قدراتها الفنية المحدودة لحسن الحظ بحاجة لسنتين او ثلاث سنوات لبناء منشأة تخصيب كاملة قادرة على انتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع السلاح النووي كي يصبح لخيارها النووي هذا شيء من المصداقية.

وهذا يعني ان ادارة اوباما ستمتلك على الارجح متسعاً لا بأس به من الوقت لتطوير نهج دبلوماسي جديد لمنع ايران من اكتساب قدرة صنع الاسلحة النووية.

يتعين ان يتضمن هذا النهج الجديد بالطبع اجراء محادثات مباشرة وغير مشروطة بين الولايات المتحدة وايران حول جملة من المسائل الثنائية بالإضافة للدخول بمفاوضات نووية رسمية يشارك فيها كل من: ايران، فرنسا، المانيا، المملكة المتحدة، الصين، روسيا، والولايات المتحدة.

ولجعل هذه المفاوضات فعالة، يتعين على الادارة الامريكية الجديدة السعي للوصول إلى اتفاق مع الدول المذكورة (باستثناء ايران) من اجل تأمين دعم اقوى للعقوبات الاقتصادية والسياسية اذا ما رفضت ايران حل المسألة النووية ولم تعمل على تحسين علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة.

وأضاف بروس رايدل، إلا ان المراقبين السياسيين يعتقدون بان النظام الايراني يمكن ان يقتنع - اذا ما واجه المزيد من الحوافز الجذابة واحتمال مواجهة عقوبات دولية اكثر خطراً- بان من الافضل الا تتجاوز نشاطاته النووية عتبة القدرة النووية على صنع الاسلحة.

لكن اذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية الجديدة في منع ايران من الوصول الى هذه القدرة اي انتاج كميات كبيرة من اليورانيوم المستخدم في صنع الاسلحة ستواجه الولايات المتحدة عندئذ خيارا صعبا، فهي يمكن ان تقبل بإيران كدولة قادرة نوويا (اي تمتلك المقدرة على انتاج كميات مهمة من اليورانيوم المستخدم في صنع الاسلحة، وتحاول (امريكا) بناء سدود نارية لمنع ايران من انتاج فعلا مثل ذلك اليورانيوم وصنع السلاح النووي.

كما يمكن ان تحاول الولايات المتحدة في حال فشل هذا الجهد احتواء وردع ايران المسلحة نوويا مع السعي لاقناع الدول الاخرى في المنطقة بعدم تطوير اسلحة نووية هي الأخرى.

بل وربما تقرر الولايات المتحدة مهاجمة منشآت ايران النووية في محاولة منها لتدمير القدرة الايرانية في هذا المجال.

وتابع بروس رايدل، غير أن احتمال نجاح مثل هذا الخيار غير مؤكد بل وينطوي على خطر اثارة صراع اوسع وزعزعة لاستقرار المنطقة. وما يزيد هذا المأزق تعقيدا هو بالطبع اسرائيل التي تواجه ما ترى انه تهديد لوجودها مما قد يدفعها للتصرف لوحدها حتى قبل ان تعلن الولايات المتحدة انها استنفدت جهودها الدبلوماسية لكن من غير المرجح ان يُفضي الخيار العسكري، سواء كان امريكيا أو اسرائيليا لنتائج مفيدة تستحق التكاليف والعواقب المخيفة بعد ذلك.

وعلى الرغم من هذا، وهنا المفارقة، من غير المحتمل ان تُبدي ايران أمام مثل ذلك التهديد العسكري الامريكي أو الاسرائيلي تنازلات نووية تلبي المطالب الامريكية.

لذا، على ادارة اوباما ان تُقنع ايران بانها »الادارة« مستعدة لاستخدام القوة فعلا اذا رفضت طهران الحل الدبلوماسي.

واستعدادا للتعامل مع مثل هذه الخيارات الصعبة وتخفيفا لعواقب اي قرار يتم اتخاذه، على ادارة اوباما البدء مبكرا بمناقشات هادئة مع بلدان المنطقة، ولاسيما اسرائيل ودول الخليج المعنية على نحو مباشر برد الفعل الاقليمي على ايران في حال ظهورها كدولة نووية.

اذ من المحتمل بالطبع ان تبدأ ايران في حال استحواذها على السلاح النووي بالتصرف مثل الدول الاخرى التي تمتلك مثل هذه الاسلحة ، وتحاول تخويف اعدائها، لكنها لن تتجرأ على استخدام هذه الاسلحة بطيش أو تعطيها للارهابيين اذا واجهت تهديدا حادا بالانتقام من جانب الولايات المتحدة. وعلى الرغم من ان ايران النووية سوف تكون سببا لاثارة سباق تسلح نووي في المنطقة لن يكون لدى أية دولة عربية القدرة على تطوير برامج نووية حقيقية إلا بعد عقد من الزمن على الاقل.

واختتم بروس رايدل بالقول، لاشك في ان امام الدبلوماسية الامريكية فرصة الآن لتشكيل رد فعل اقليمي على ايران »النووية« لكنها ستواجه هنا عقبة مؤكدة تتمثل في الكيل بمكيالين عند التعامل مع ترسانة اسرائيل النووية بالمقارنة مع جهود ايران في هذا المجال.

من هنا، اذا فشلت الدبلوماسية او القوة في منع ايران من الحصول على السلاح النووي، يتعين ان تصبح مسألة نشر مظلة نووية امريكية فوق المنطقة أو جزء منها شيئا اساسيا لردع ايران وتطمين اسرائيل ودمج حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في توازن اقليمي فعال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/كانون الاول/2009 - 4/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م