السعادة المُعدية بين الناس وإمكانية المال لرسم الإبتسامة

تزداد فرص السعادة في حال العيش مع شريك سعيد

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: في توصل حثيث لإكتشاف ما يتعلق بسعادة الانسان النفسية وتوازنه كمحاولة لخلق مجتمع سعيد، يرى بعض العلماء ان اشاعة السعادة الممكنة طريقة للتعايش، وان كلمة اضحك تضحك لك الدنيا، هي كلمة حقيقية في واقعها ومضمونها أكثر منها مثل يضرب فقط.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على بعض الدراسات والبحوث التي تصدرها كبريات الجامعات والمعاهد العالمية، في توصل العلماء إلى طرق السعادة الممكنة وما هو العنصر الاساس في إكتمال السعادة:

إشاعة السعادة وطرق التوصل لحياة أفضل

لم تعد مقولة: اضحك تضحك لك الدنيا، مجرد مثل، بعد أن أظهرت نتائج دراسة نشرتها "ذا بريتيش ميديكال جورنال" أن السعادة تنتقل بالعدوى على دفعات كما لو كانت مرضا معديا.

الدراسة التي أجراها معهد هارفارد، تمت على عينة من نحو 5 آلاف إنسان لهم ارتباطات عائلية واجتماعية بنحو 50 ألف آخرين، وتبين أن السعادة تنتقل كالعدوى بين أفراد العائلة الواحدة والأصدقاء، لكن ليس في محيط العمل. بحسب (CNN).

وأكد الباحثان نيكولاس خريستاكيس من هارفرد وجيمس فاولر من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو أن مجموعات من الأشخاص السعداء والتعساء تتشكل وفق معايير اجتماعية وجغرافية، فعلى سبيل المثال فاحتمالات سعادة الفرد تزداد ب42 في المائة إذا كان له صديق يعيش على مسافة تقل عن 800 متر يشعر بالسعادة أيضا.

وأضافا: التفاوت في مستوى سعادة الفرد يمكن أن ينتشر على موجات عبر مجموعات اجتماعية ويشكل بنية أوسع ضمن شبكة واحدة وبالتالي تنتج عن ذلك مجموعات من الأفراد السعداء والتعساء.

وبحسب الدراسة، تزداد فرص السعادة بنحو 8 في المائة في حال العيش مع شريك سعيد وبنحو 14% في المائة إذا كان قريب سعيد يقيم في الجوار وحتى بنحو 34 في المائة إذا كان الجيران سعداء.

وقالت الدراسة إن زملاء العمل لا يؤثرون على مستوى السعادة ما يعطي الانطباع بان الإطار الاجتماعي قادر على الحد من شيوع الانفعالات.

وكتبت الصحيفة العلمية في مقال إن هذه الدراسة الثورية قد يكون لها انعكاسات على الصحة العامة، وأضافت: إذا كانت السعادة تنتقل فعلا من خلال العلاقات الاجتماعية قد يساهم ذلك بشكل غير مباشر على انتقال عدوى الصحة الجيدة.

السعادة المعدية بين البيت والشارع واوساط العمل

واكد الباحثون ان مجموعات من الاشخاص السعداء والتعساء تتشكل وفق معايير اجتماعية وجغرافية. على سبيل المثال ان احتمالات سعادة الفرد تزداد بـ42% اذا كان صديق يعيش على مسافة تقل عن 800 متر يشعر بالسعادة ايضا.

وهذه النسبة تتراجع الى 25% اذا كان الصديق يقيم على مسافة 1,5 كلم وتتراجع مع زيادة المسافة الجغرافية بين الشخصين.

وتزداد فرص السعادة بـ 8% في حال العيش مع شريك سعيد وبـ 14% اذا كان قريب سعيد يقيم في الجوار وحتى بـ 34% اذا كان الجيران سعداء.

وقال المسؤولان عن الدراسة البروفسور نيكولاس خريستاكيس من هارفرد ميديكال سكول والاستاذ جيمس فاولر من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ان: التفاوت في مستوى سعادة الفرد يمكن ان ينتشر على موجات عبر مجموعات اجتماعية ويشكل بنية اوسع ضمن شبكة واحدة وبالتالي تنتج عن ذلك مجموعات من الافراد السعداء والتعساء.

الا ان هذه المعادلة لا تنطبق على اوساط العمل. وبحسب الدراسة فان زملاء العمل لا يؤثرون على مستوى السعادة ما يعطي الانطباع بان الاطار الاجتماعي قادر على الحد من شيوع الانفعالات. بحسب فرانس برس.

وكتبت الصحيفة العلمية في مقال ان هذه الدراسة "الثورية" قد يكون لها انعكاسات على الصحة العامة. واضافت "اذا كانت السعادة تنتقل فعلا من خلال العلاقات الاجتماعية قد يساهم ذلك بشكل غير مباشر على انتقال عدوى الصحة الجيدة".

وشملت الدراسة عينة تمثيلية من 5124 راشدا تتراوح اعمارهم بين 21 الى 70 سنة بين عامي 1971 و2003.

وربما يكون العمل الجاد هو آخر شيء يتبادر إلى ذهنك بعد العودة من إجازة العطلات، ولكن تمهل قليلا فالخبراء يقولون إنه قد يكون المفتاح إلى السعادة!

فقد درس الباحثون من جامعة جوتنبرج بالسويد بيانات منشورة عما يبعث السعادة في نفوس الأشخاص.

حيث يعتقد الباحثون أن العمل من أجل تحقيق هدف، أكثر منه الوصول إلى الهدف المراد، يبعث على الشعور بالرضا ومع ذلك لا ينسى الباحثون الإشارة إلى أهمية العلاقات الجيدة.

وويوافقهم الخبراء البريطانيون الرأي، ولكنهم يضيفون أنه من الأهمية أن يتوافق حجم العمل المطلوب وقدرات الفرد.

من جانبه قد درس فريق جوتنبرج مئات المقابلات التي أجريت مع أشخاص من أنحاء مختلفة من العالم لمعرفة ما يحملهم على الشعور بالرضا.

ويقول الباحثون إن الفوز باليانصيب أو تحقيق هدف في العمل يحدث سعادة مؤقتة، غير أنها لا تدوم، في حين وجد الباحثون أن العمل الجاد للوصول إلى غاية ما، يعد أكثر إشباعا.

ويقول الباحث الرائد بالفريق د. بنكت برولدى، من قسم الفلسفة بالجامعة: أهم شيء هو البقاء نشطا. ويتابع قائلا: تظهر أبحاثنا أن الأكثر نشاطا هم الأكثر سعادة. ربما يعتقد المرء أن الأفضل في الحياة هو الاسترخاء على شاطئ البحر، ولكن إذا طال هذا الاسترخاء عن اللازم فسوف يفقد قدرته على الإسعاد.

وتقول آفيريل لايمون، من جمعية علم النفس البريطانية: العمل الشاق يبعث أيضا على الرضا، ولكن إذا كان مناسبا لك. وتتابع قائلة: يجب أن يستهلك العمل ملكات الفرد وطاقاته وإلا فإنه يحبط المعنويات.

ولكنها تقول: العلاقات أيضا يمكن أن تترك أثرا بالغا، فالعلاقات القوية، سواء عبر الأسرة، أو الكنيسة، أو الأصدقاء أو العمل يمكن أن تحصن الأفراد ضد الشعور بالاكتئاب.

كما كشفت دراسة جديدة أن الموضوع الذي يدرسه الطالب في الجامعة يمكن أن يترك تأثيرا كبيرا على سعادة الشخص في عمله.

وأظهرت الدراسة أن أكثر الأشخاص سعادة بعملهم هم الذين اختاروا الطب أو الزراعة. أما أكثر الأشخاص تعاسة فهم الذين اختاروا فن العمارة.

ويقول الأكاديميان في جامعة ووريك، ري ليدون وأندرو أوزولد، إن السبب يعود إلى القيود التي تضعها دراسة موضوع معين على خيارات الطالب المتعلقة بحياته المهنية لاحقا.

وقال ري ليدون لبي بي سي أولاين إن الطالب إذا ما درس فن العمارة واكتشف فيما بعد أنه لا يحب هذه المهنة فإنه يحتاج إلى دراسة أخرى كي يتعلم تخطيط المدن على سبيل المثال الذي يفترض به أن يكون قريبا من العمارة. بحسب بي بي سي.

وأضاف أن فريق البحث وجد أن الأشخاص الذين درسوا مواضيع واسعة لها تطبيقات أوسع في الحياة المهنية فإنهم أصبحوا أكثر سعادة.

وقال الأكاديميان بدراسة عشرة آلاف طالب في بريطانيا، من الذين تخرجوا في منتصف الثمانينيات ومطلع التسعينيات.

ويقول ليدون إنه يعتقد أن الطلاب الذين درسوا علم الزراعة كانوا سعداء لأن بإمكانهم أن يعملوا في العديد من الوظائف المتنوعة، مثل العمل في زراعة الأرض أو في صناعة الأغذية وغيرها.

وقام الأكاديميان إن المعلمين والمدرسين كانوا من الأشخاص الذين أظهروا درجة أقل من السعادة في العمل، وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين درسوا اللغات الأجنبية والعلوم الحياتية وإدارة الأعمال.

ويضيفان: إن المشكلة تكمن في أن يمضي الطالب في دراسة التعليم على سبيل المثال سنينا طويلة ليكتشف فيما بعد أن المجال ليس محببا لديه، فماذا يفعل عندئذ؟

لكن بعض فروع التعليم مثل الرياضيات والكمبيوتر على سبيل المثال، تفتح مجالا آخر لدارسيها غير التدريس.

سعادة الشباب تتراوح بين الأصدقاء والعائلة والمال

وكشف استطلاع أمريكي مستفيض أن الأجيال الشابة هناك تصنف الأصدقاء والعائلة، وليس الأموال، كأهم مصادر السعادة  رغم إقرارهم بمدى أهمية ونفوذ النقود.

وخلص المسح، الذي أجرته وكالة الأسوشتيد برس بالتعاون مع قناة MTV، أن علاقة الشباب الأمريكي بالنقود علاقة متشعبة وتتسم بالتعقيد من حيث رفضهم مبدأ أنها مصدر محوري للسعادة، وتسليمهم في ذات الوقت بمدى أهميتها.

ووجد أن واحد في المائة فقط من المستطلعين يرى في المال أهم مصادر سعادته، مقابل 20 في المائة يعتقدون أن السعادة تكمن في تمضية وقت مع العائلة، فيما قالت شريحة أخرى بلغت نسبتها 15 في المائة إن الأصدقاء وراء السعادة. بحسب (CNN).

كما بين المسح أن الأموال عاملاً مساعداً، ودون شك، في تحقيق السعادة خاصة وأن الضغوط التي قد تتسبب بها ندرتها قد تحرم المرء من التمتع بطعمها. كما أوضح أن القضايا المالية قبعت ضمن أهم المشاكل التي تتسبب في كدرهم.

وأعرب غالبية الذين شملهم البحث عن رضاهم عن أوضاعهم وعائلاتهم المالية، واحتلت النقود المرتبة الرابعة في قائمة أعلى أسباب ومصادر الضغوط.

وجاءت ردود الغالبية على سؤال بشأن رؤيتهم المثالية للسعادة، بانعدام المخاوف المالية والتمتع بعلاقات أسرية طيبة.

وردت الطالبة تريزا باليتي، التي تواجه ضائقة مادية منذ شرائها سيارة قبل عامين: أطمح لتكوين عائلة أكون قادرة على دعمها.. لن أتذمر إن لم أصبح ثرية .. لكن من الطيب دوماً امتلاك المال.

وعكس المسح مدى تعقيد نظرة الشباب إلى النقود، فـ49 في المائة قالوا إنهم سيكونون أكثر سعادة بامتلاك المزيد من الأموال، ورأت ذات النسبة أن الأموال الإضافية لن تضيف إلى سعادتهم الراهنة.

وقال واحد من ثمانية من الذين يتراوح دخلهم السنوي بين 50 ألف دولار إلى قرابة 75 ألف دولار، إن المال من العوامل التي تشعرهم بالبؤس، وهو معدل يفوق بالضعف ذوي الدخول المتدنية.

وتفاوتت المخاوف بشأن الأموال مع تفاوت السن، وفق البحث، فكل أربعة من بين عشرة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 21 إلى 24 عاماً، يرون في المال ضمن أولياتهم القصوى، وهو معدل يفوق 20 مرة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين سن 13 إلى 15 عاماً.

ووضع 5 في المائة من البيض، و8 في المائة من السود، 15 في المائة من الأمريكيين ذوي الأصول الإسبانية، على رأس لائحة أسباب عدم سعادتهم.ويري 55 في المائة من الرجال في المال أهم أسباب البلاء،  مقارنة بـ10 في المائة من بين الجنس الناعم.

هل يحقق المال السعادة وهل يتمكن من رسم الابتسامة؟!

تقول الحكم والأمثال القديمة في جميع الثقافات، ومنذ عصور سحيقة، إن السعادة لا يمكن أن تشتري بالمال، لكن الموضوع في عصرنا هذا بدأ في أخذ طابع علمي وبحثي.

وهاهم العلماء يعيدون علينا ما نعرفه سلفا، ففي دراسة أصدرها حديثا عدد من علماء النفس الأمريكيين تبين أن المال والشهرة ليست هي وسائل جلب السعادة، أو النيرفانا حسب التعبير الهندوسي. بحسب بي بي سي.

حيث يقول الخبراء إن الثراء الفاحش والشهرة التي تترافق معها، وخصوصا عند غير المعتادين عليها كمن يربح اليانصيب مثلا، ليست بالضرورة مجلبة للسعادة، بل قد تكون منفرة لها، إلا أن الشعور بالاستقلالية والاعتداد بالذات والرضا عن النفس فيما يفعله الإنسان، والتقارب مع الآخرين والثقة بالنفس، كلها أمور تسهم في الإحساس بالسعادة وتقريبها عموما.

ويقول الدكتور كينون شيلدون من جامعة ميزوري في ولاية كولومبيا الأمريكية إن هذه الحاجات والمتطلبات النفسية يمكن أن تكون العناصر الرئيسية التي تجلب السعادة للإنسان.

ويشير هذا الطبيب النفسي إلى أن الحاجات النفسية يمكن، في حال السعي إلى تحقيقها، أن تدفع السعادة الشخصية للفرد إلى مستويات وآفاق جديدة، تماما كما هو حال حاجة النبات لمكوناته الطبيعية التي لا غنى عنها في نموه واستمراره.

وقد اختار فريق البحث الذي يترأسه الدكتور شيلدون ثلاث مجموعات مختلفة من الطلبة لأغراض البحث العلمي، منهم مجموعة من كوريا الجنوبية، لاستقراء وفحص مستويات السعادة لدى كل شخص منهم.

وقد طلب الدكتور شيلدون من المجموعة الأولى تعريف وتحديد أكثر الأحداث التي أوصلت إلى أقوى وأفضل لحظات السعادة والرضا خلال فترة الشهر السابق لإجراء التجربة.

وطلب من المجموعة الثانية نفس الطلب ولكن خلال الأسبوع الأخير السابق للسؤال، أما المجموعة الأخيرة فقد طلب منها تحديد أسوأ وأتعس حادث مر بها خلال فترة الفصل الدراسي الجامعي.

ووجد البحث، المنشور في مجلة "الشخصية والسايكولوجيا الاجتماعية" التي تصدرها جمعية الطب النفسي الأمريكية، أن النتائج المستخلصة من المجموعات الثلاث كانت إلى نحو ما متشابهة.

وقال معظم الطلاب موضوع البحث إن قضية نقص الطمأنينة والأمان تؤثر بشكل كبير على استقرارهم النفسي.

ويوضح بحث الدكتور شيلدون أن النتائج تشير إلى أنه عندما يحدث مكروه يتمنى الناس بقوة أن يحصلوا على الراحة والسعادة النفسية من وجود الأمن والطمأنينة، التي عادة ما يعتبرونها موجودة كتحصيل حاصل في الظروف الطبيعية.

وبالنسبة للطلاب الأمريكيين فقد كان موضوع الثقة بالنفس على رأس قائمة أولويات السعادة، في حين كان عند الطلبة الكوريين الشعور بالقرب والتقارب.

ويأمل الباحثون في توسيع نطاق بحثهم من أجل مساعدة الناس على تشخيص مناطق السعادة في ذواتهم على المستويين الفردي والاجتماعي، ودفعهم نحو تحسين وتوسيع رقعة تلك المناطق على نحو يضمن لهم حياة أفضل.

وتتفق الدكتورة ديانا بيدويل عضو جمعية الطب النفسي البريطانية مع الرأي القائل بأن المال لا يجلب السعادة بالضرورة، وتقول إن العديد من الدراسات أجريت وركزت على موضوع أهمية أو عدم أهمية المال في نوعية حياة الفرد.

ولاحظت معظم هذه الدراسات أن المال يمكن أن يجلب درجة معينة ومحدودة من الشعور بالسعادة، لكنه بعد عبور هذه الدرجة يصبح الأمر سيان ولا يذكر.

وتضيف الدكتورة بيدويل أن هناك دلائل وشواهد كثيرة تشير إلى العدد المتزايد من الأثرياء غير السعداء، وعلى الأخص أولئك الذين لم يولدوا وفي فمهم ملاعق الذهب والفضة، كالفائزين بثروات اليانصيب الضخمة.

وكما قال شاعر العرب الأكبر المتنبي: أريك الرضا لو أخفت النفس خافيا، وما أنا عن نفسي ولا عنك راضيا.. فالسعادة أولا وأخيرا هي حالة في النفس والذهن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 21/كانون الثاني/2008 - 22/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م