أمريكا والعراق: إرهاصات ما بعد الاتفاقية

جدولة الانسحاب من أهم انجازات الولايات المتحدة إستراتيجيا

 

شبكة النبأ: رغم ان خطة الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما تتميز بأنها مُقلِقة من ناحية نيّته سحب الجيش الامريكي من العراق دون الرجوع للعسكريين الذين يمثل رأيهم حقيقة الامور على ارض الواقع إلا ان اوباما ادرك بأن الانسحاب من دون تكتيك يحفظ الانجازات الامنية في العراق يعد مغامرة كبيرة وأمراً غير ممكن ولذلك أخذ يدلي بتصريحاته القائمة على الانسحاب مع الحفاظ على الاستقرار في العراق.

من جهة ثانية يرى كاتب امريكي مرموق في ان انجاز الاتفاقية الامنية وجدولة الانسحاب من قِبل الادارة الامريكية الحالية يعد من أهم انجازات الولايات المتحدة إستراتيجيا، مبينا أنها توجه ضربة كبيرة لإيران وترسي نظاماً ديمقراطياً سيغير من حركة المجتمع العربي المائل للتطرف القومي والديني.   

فقد قال الرئيس المنتخب أوباما، إن على بلاده المضي قدماً في خططها لخفض وجودها العسكري في العراق بوقت سريع يحافظ على الاستقرار في هذا البلد، مبيناً أنه يريد نقل التركيز العسكري منه إلى أفغانستان.

وأضاف أوباما في لقاء بثته قناة أن بي سي NBC الأمريكية أنه “يتوقع من فريقه الأمني وضع إستراتيجية شاملة للتعامل مع الحرب في العراق وأفغانستان”، مشيرا إلى أنه “يريد نقل تركيز الجهود من العراق إلى أفغانستان”.

وأعرب باراك أوباما عن أمله بأن يتمكن فريقه الأمني ـ  ومن بينه هيلاري كلتنون التي سماها وزيرة للخارجية، وروبرت غيتس الذي أبقاه في منصبه وزيرا للدفاع ـ من التوصل إلى “إستراتيجية شاملة للتعامل مع الحرب في العراق وأفغانستان وتهديد الإرهاب”.

وذكر أوباما أنه ما يزال “يريد نقل تركيز الإستراتيجية العسكرية من العراق إلى أفغانستان”. منوها إلى أنه “يتعين على الولايات المتحدة المضي قدما في وضع خطط لخفض حجم القوات الأمريكية في العراق بأسرع طريقة يمكننا فيها الحفاظ على الاستقرار في العراق”.    

كاتب أمريكي: اتفاقية إنسحاب القوات أهم انجازات الولايات المتحدة

ونشرت صحيفة ستار تربيون Star Tribune الأمريكية مقال رأي حظي باهتمام واسع من جانب صحف أميركية أعادت نشره، يقول فيه كاتبه إن الاتفاقية الأمنية العراقية الأمريكية تعد من أهم انجازات الولايات المتحدة إستراتيجيا، مبينا أنها توجه ضربة كبيرة لإيران وترسي نظاما ديمقراطيا سيغير من حركة المجتمع العربي المائل للتطرف القومي والديني.   

وقال تشارلس كراوثمر إن “الهمجية في مومباي والأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة ألقت بظلالها بطريقة معينة على حدث متفرد إلا هو تصديق اتفاقيات تعاون إستراتيجي وعسكري بين العراق والولايات المتحدة”.

وكانت مدينة مومباي الهندية شهدت مساء 26 تشرين الثاني نوفمبر الماضي أعمال عنف من جراء مهاجمة مجموعة مسلحة أحد فنادقها الفخمة (ترايدنت أوبروي) وتفجيره ما تسبب بمقتل نحو 171 شخصا بينهم 26 أجنبيا وجرح أكثر من 200 آخرين.

هذا الحدث، كما يقول الكاتب، ينبغي ألا يمر مرور الكرام، فقد “توقفت عنده إيران بالتاكيد، وهي التي حاربت بضراوة لتقويض الاتفاقيتين”، إذ أن طهران، كما يرى الكاتب، فهمت “كيف أن تحالفا عراقيا أمريكيا لقي مساندة من إجماع واسع وعبر عنه بحرية برلمان منتخب، ما سيغير من التوازن الإستراتيجي في المنطقة”.

وكان مجلس رئاسة الجمهورية الذي يتألف من رئيس الجمهورية جلال الطالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي، صادق الخميس 4 كانون الأول ديسمبر بالاجماع على اتفاقية انسحاب القوات الأجنبية من العراق ووثيقة الإصلاح السياسي التي تتضمن عرض الاتفاقية على الاستفتاء الشعبي منتصف العام المقبل.

بعد أن كان مجلس النواب العراقي أقر في 27 شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي اتفاقية انسحاب القوات الأمريكية من العراق، ووثيقة الإصلاح السياسي بعد أن وقعت عليها كتل سياسية رئيسية.

ويعتقد الكاتب أن الاتفاقية تمثل للولايات المتحدة “التقدم الجيوبولتيكي الوحيد والأكثر أهمية في المنطقة منذ أن حوّل هنري كيسنجر مصر من عميل سوفييتي إلى حليف أمريكي”. لكن كراوثمر يعتقد أيضا أن “تضمين تاريخ انسحاب يوجه ضربة للاتفاقية”.

ويرى الكاتب أن الشيء “المذهل الذي تم تجاهله في الولايات المتحدة هي العملية التي أنتجت موافقة العراق الذي نظر إليه على أنه مناورات برلمانية كلاسيكية شهدت معركة أو اثنتين ـ وهو أمر مألوف في المعايير الدوليةـ بشأن أكثر القضايا جوهرية في الهوية والتوجه”.

وأشار إلى أن “أكبر معارضة مثلها الصدريون وحسب، ولديهم 30 مقعدا فقط من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 275. فالأحزاب الدينية الشيعية التي يزعم أنها موالية لإيران قاومت الضغط الإيراني وانتصرت للاتفاقية. وكذلك فعل الأكراد”، وتابع “أما السنة فقد عارضوها، إلا أن خشيتهم تتأتى من انسحاب امريكي “قريب جدا، يتركهم عرضة لهيمنة شيعية مستبدة بل ربما حتى انتقامية”، بحسب الكاتب.

فالسنّة، كما يقول الكاتب، الذين قاطعوا الانتخابات المحلية قبل سنوات قليلة، “تفاوضوا مع رئيس الوزراء نوري المالكي، محاولين استغلال مخاطرته الشخصية باتفاقيتين فاوض هو نفسه عليهما”، وأردف “فهم لم يحققوا أقصى أهدافهم، إلا أنهم حصلوا على التزامات تشريعية رسمية للنظر بشكاواهم، بدءا من العفو العام حتى المزيد من التخفيف لقوانين اجتثاث البعث”.

ويلفت الكاتب إلى أن هذا الأخذ والعطاء الديمقراطي الذي يجري في برلمان سلمي بعد سنتين فقط من انحدار العراق إلى جحيم طائفي، هو “بحد ذاته أمر مثير للدهشة”.

وأضاف أنه “ليس وضع موعد لانسحاب القوات الأمريكية مثير للقلق بنحو كبير”. إذ يرى الكاتب أن “الموعد النهائي رمزي بالكامل تقريبا، والقوات الامريكية يجب أن تخرج بحلول 31 من كانون الاول ديسمبر 2011″.

علاوة على ذلك، قال الكاتب “ليس أن ذلك التاريخ بعيدا وحسب بل ومرن أيضا”، منوها إلى انه بـ”حسب الاتفاقية من الممكن تعديله وإذا سمحت الظروف على الارض، فسيبقى الموعد كما هو”.

ويتابع الكاتب تشارلس كراوثمر قوله “صحيح أن الحرب لم تنته، وكما قال الجنرال ديفيد بيتريوس مرارا وتكرارا، فان نجاحنا (المتاخر) في العراق ما يزال هشا” ويستطرد “فهناك تفجيرات إرهابية كثيرة، لا شك انها تتواصل ما دامت هناك بقايا للقاعدة، وميليشيا الصدر، والمجموعات الخاصة التي توجهها إيران، تحاول تعطيل انتخابات المحافظات التي ستجري في كانون الثاني يناير المقبل”.

بيد أن الكاتب يرى أن “الخطر الأكبر على المدى البعيد هو أنه عندما تصبح الحكومة العراقية المركزية الوليدة قوية جدا، ومن خلال إنقلاب عسكري أو برلماني، تتفكك الترتيبات الديمقراطية الحالية على يد ديكتاتورية جديدة تلغي التحالف مع الولايات المتحدة”.

ويجد الكاتب أن مثل “هذه الكوارث شيء ممكن”، ويتابع “لكن إذا جرى خفض عدد القوات بالفطنة نفسها التي جرت فيها زيادتها، فلن يكون ذلك محتملا”.

وشرح أن “عراقا مكتفيا بنفسه، وديمقراطي، وموال لأمريكا أمر في متناول ايدينا”، لافتا إلى أن هذا “من شأنه أن يكون له اثران كبيران في المنطقة”.

الأثر الأول كما قال الكاتب “هو أنه سيشكل هزيمة هائلة لطهران، الرابح المفترض من وراء حرب العراق، وعميل إيران، مقتدى الصدر، الذي ما زال مختبئا فيها، قد هُمّش بوضوح في البرلمان ـ بعد أن أُذِل عسكريا في البصرة وبغداد على يد قوات الأمن العراقية”. وزاد “أن الأحزاب الشيعية الكبيرة كانت هي الوحيدة التي تفاوضت وروجت وأمّنت تمرير التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة على الضد من المعارضة الإيرانية الشديدة”.

ومضى الكاتب قائلا أما الأمر الثاني، فيتمثل بـ”الأثر الإقليمي للكيان السياسي الجديد الظاهر في بغداد الآن ـ أداء سياسي ديمقراطي وأن شابته عيوب وحرية تعبير لم يسبق لها مثيل، وانتخابات حرة وتنافس برلماني حر”، مبينا ان ما “يجري في أهم بلد عربي إلى جانب مصر، من الممكن، مع مرور الوقت (مع زمن هذا الجيل، ونطاق زمن الحرب على الإرهاب)، أن يغير من حركة المجتمع العربي”.

وأن هذا يشكل، كما يختتم كرواثمر، “أفضل أمل لنا بتغيير ثقافي سياسي جوهري في المجال العربي وهو وحده الذي سيأتي بما يوقع الهزيمة بالتطرف الإسلامي. وبعد كل شيء، فعراق ذو سيادة هو اليوم أكبر إسهاما في محاربة التطرف القومي العربي من أي بلد في العالم، باستثناء الولايات المتحدة ـ التي قررت، ومن الرائع قول ذلك، مشاركته مصيره”.

يذكر أن تشارلز كراوثمر طبيب نفساني وحاصل على جائزة النقد. ويكتب في صفحة آراء بجريدة واشنطن بوست وكان من أهم مؤيدي اجندة المحافظين الجدد في السياسة الخارجية. كما يكتب في مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية المعروفة.

زيباري يلتقي وفداً أمريكياً لتقييم الاوضاع السياسية والامنية

وقال وزير الخارجية هوشيار زيباري، خلال لقاءه وفداً امريكياً لتقييم الاوضاع السياسية والامنية، ان فرص نهوض ونجاح العراق في المنطقة باتت قوية وان عام 2009 سوف يكون عام التحدي الحقيقي للعراق.

وذكر بيان لوزارة الخارجية ان وزير الخارجية هوشيار زيباري استقبل ،الاحد، “وفداً امريكياً من الدبلوماسيين والعسكريين لقيادة القوات المركزية الامريكية (سينتكوم) والذي يزور بغداد لتقييم الاوضاع السياسية والامنية والاقليمية”. بحسب تقرير لـ اصوات العراق.

واشار البيان ان هذا الوفد الذي ترأسه العقيد كولن ماكسويل يشكل”فريقاً للتقييم يضم كبار المسؤولين من وزارات الخارجية والخزانة ومساعدة التنمية الدولية الامريكية”.

واضاف البيان ان زيباري “شرح للوفد الزائر التطورات الامنية والسياسية والديمقراطية الايجابية ، ولا سيما بعد توقيع ومصادقة الحكومة والبرلمان والرئاسة على اتفاقية سحب القوات واتفاق الاطار الاستراتيجي بين العراق وامريكا”.

وكان مجلس رئاسة الجمهورية صادق الخميس الماضي على اتفاقية انسحاب القوات الامريكية من العراق التي اقرها البرلمان في 27 شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي.

ونقل البيان عن زيباري ” تأكيده ان فرص نهوض ونجاح العراق في المنطقة باتت قوية وان العراق يحرص على الاندماج في بيئتيه العربية والاقليمية واقامة افضل العلاقات مع دول الجوار”.

وشدد الوزير زيباري بحسب البيان، على ان”عام 2009 سوف يكون عام التحدي الحقيقي للعراق لاستكمال مسيرته الديمقراطية وبناء مؤسساته”.

المالكي: البعض يتحدث عن الاتفاقية كتنافس انتخابي

من جهة ثانية أتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، البعض، بالحديث عن اتفاقية انسحاب القوات الامريكية بتنافس انتخابي، مبينا ان الحكومة لم ترد أن تجعل من الاتفاقية تنافسا انتخابيا، وفق ما نقلت فضائية العراقية شبه الرسمية.

وأضاف المالكي خلال كلمة القاها في تجمع لائتلاف دولة القانون الذي سيخوض انتخابات مجالس المحافظات المقبلة برئاسته أن “يوم اقرار الاتفاقية يستحق أن يكون يوما وطنيا للعراق الذي استطاع ان ينتزع السيادة الكاملة وبجدول زمني معلوم وضوابط على حركة القوات الدولية”.

ويضم ائتلاف دولة القانون سبعة كيانات ستخوض انتخابات مجالس المحافظات المقرر اجراؤها نهاية شهر كانون الثاني يناير المقبل وهي حزب الدعوة الاسلامية ومستقلون وحزب الدعوة الاسلامية – تنظيم العراق والتضامن والاتحاد الاسلامي لتركمان العراق وحركة الاخاء الكردي الفيلي العراقي وكتلة الانتفاضة العراقية الشعبانية.

وتابع المالكي “للأسف هناك من يريد أن يشوش على اذهان العراقيين ويتحدث عن الاتفاقية بتنافس انتخابي ولن اقول بمزايدة”. وزاد “نحن لم نرد ان نجعل من الاتفاقية وسيلة للتنافس الانتخابي”. بحسب اصوات العراق.

وكان البرلمان العراقي قد اقر اتفاقية انسحاب القوات الامريكية في الـ27 من شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، فيما صادق عليها مجلس رئاسة الجمهورية في الرابع من الشهر الجاري. وتقع مدينة كربلاء، مركز محافظة كربلاء، على بعد 108 كم جنوب غرب بغداد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/كانون الثاني/2008 - 14/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م