حجاج فلسطين عالقون وسط الخلافات الحزبية

اتهامات متبادلة وحماس تشن هجوم على العائلة السعودية المالكة

اعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: انعكست تداعيات الازمة بين حركة حماس ومنظمة فتح بشكل مباشر على قوافل الحجيج المتوجهة صوب بيت الله الحرام في المملكة العربية.

ففي خضم التصريحات والاتهمات المتبادلة بين الحركتين علق ما يوازي 3500 حاج على معبر رفح الذي تسيطر عليه حماس، والتي بدورها تتهم السلطات المصرية باغلاق المعبر الامر الذي نفته الحكومة المصرية.

فيما يرى المراقبون ان حماس ترهن كما يبدو سفر حجاج الضفة الغربية التي تسيطر عليها فتح، بسماح كلا الحكومتين المصرية والسعودية لحجيج قطاع غزة باقامة مناسك الحج.

الحجاج العالقون يتهمون حماس

يقول الحجاج الذين يأملون في الوصول الى السعودية لاداء فريضة الحج لرويترز إن شرطة حماس أقامت نقاط تفتيش على مسافة 300 متر من موقع رفح الحدودي مع مصر ورفضت السماح لهم بالمرور. كما منع أمن حماس الصحفيين من التوجه الى المنطقة الحدودية في بلدة رفح.

فيما يلقي مسؤولو حماس باللوم على مصر قائلين إنها لم تفتح الحدود حسب الاتفاق فيما أصرت القاهرة على ان نقطة العبور مفتوحة.

ويكمن أصل المشكلة فيما يبدو في النزاعات بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين حماس وفتح حيث يسيطر كل منهما على أحد جزئين من الاراضي الفلسطينية بالاضافة الى السياسة السعودية بشأن اصدار تأشيرات للفلسطينيين.

وحاول 3000 من سكان غزة ترتيب الحصول على تأشيرات من خلال حماس التي سيطرت على القطاع في العام الماضي. وناشدت حماس السعودية ان تتساهل وتمنحهم تأشيرات. وقال بعض زعماء حماس إنه اذا لم يحدث ذلك فانها ستمنع أي شخص من مغادرة غزة للتوجه الى مكة لاداء الحج.

في وزارة الداخلية بحكومة حماس نفى المتحدث ايهاب الغصين منع الحجاج. وقال ان حماس لا تعيد الحجاج وان المصريين هم الذين يغلقون المعابر.

وأكد مسؤول مصري ان المعبر مفتوح للحجاج وسيبقى مفتوحا. وابقت مصر معبر رفح مغلقا تقريبا منذ ان سيطرت حماس على قطاع غزة في العام الماضي.

واتهم جمال بواطنة وزير الاوقاف والشؤن الدينية في السلطة الفلسطينية الذي كان يتحدث تليفونيا من مكة حماس بارتكاب "جريمة" ضد الحجاج. وقال إن السعودية تعترف فقط بالسلطة الفسطينية التي تمثل كل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

وعملت السعودية ومصر على الترويج لاتفاق بين الفلسطينيين لانهاء الانقسام الذي عرقل جهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس في التوصل الى تسوية سلام مع اسرائيل.

وقال محمد عيد انه وحجاجا اخرين مسجلين لدى وزارة الشؤون الدينية في حكومة حماس في غزة لم تصدر السعودية لهم تأشيرات. وقال عيد "نحث عاهل السعودية على منحنا تأشيرات حتي يتمكن جميع الحجاج في غزة من الذهاب لاداء الحج."

واضاف "لماذا يسمح لجاري بأن يذهب وأبقى أنا هنا.. انني لست ضد جاري لكن هذا تمييز سياسي يتجلى في امور دينية."

تبادل الاتهامات بين الحركتين 

 من جانبها شنت حركة فتح هجوما عنيفا على حركة حماس بسبب "منعها" اكثر من ثلاثة الاف وخمسمئة حاج من قطاع غزة من التوجه الى السعودية معتبرة ان "الاتهامات" التي اطلقتها حماس بحق السعودية ومصر دليل على "افلاسها وعزلتها". بحسب (ا ف ب).

وقال الناطق باسم حركة فتح احمد عبد الرحمن خلال مؤتمر صحافي في مقر الرئاسة في رام الله ان "احد حجاج القطاع توفي بعد الاعتداء عليه من قبل عصابات حماس التي تواصل اغلاق معبر رفح لليوم الثاني على التوالي لمنع 3500 حاج من اداء مناسك الحج في الاراضي الحجازية".

وانتقد المتحدث "الاتهامات التي اطلقتها حركة حماس ضد سياسة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية".

وقال "لا يوجد عاقل واحد يمكنه ان يتفوه بهذه الكلمات (...) ضد سياسة المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية".

وكان عاطف عدوان عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس انتقد ما اعتبره رفض المملكة العربية السعودية منح تاشيرات دخول الى فلسطينيين في غزة يرغبون باداء فريضة الحج محذرا العائلة المالكة السعودية من "تداعيات سلبية" لهذا الرفض.

وهذه المرة الاولى التي يهاجم فيها مسؤول في حماس العائلة المالكة السعودية علنا.

واضاف المتحدث باسم فتح ان "هذا الكلام يدل على مدى افلاس حركة حماس والعزلة الفلسطينية والعربية والدولية التي تعيشها وهذا يعني ان حركة حماس باتت على شفير الهاوية وان لا مستقبل لها في قطاع غزة".

وناشد المتحدث "كل قادة الدول الاسلامية ورجال الدين فيها للتدخل والوقوف مع حجاج قطاع غزة".

واشار الى ان حجاج القطاع فازوا بالقرعة للحج هذا العام من بين 19 الف حاج تقدموا بطلب والفائزون هم مواطنون لا ينتمون الى اي فصيل سياسي او حزب معين واعدا حجاج غزة الممنوعين من السفر ان تكون اسماؤهم على راس قائمة المتوجهين لاداء فريضة الحج "فور تخلص شعبنا من زمرة الانقلابيين".

وقال "ان الاوامر التي صدرت من حماس وتحديدا من سعيد صيام لاعتراض قوافل الحجاج ومصادرة اوراق وجوازات الحجاج المتوجهين الى معبر رفح وارجاعهم بعد الاعتداء على بعضهم تبطل ادعاءات حماس بان مصر هي التي تمنع الحجاج الفلسطينيين من مغادرة معبر رفح".

واضاف احمد عبد الرحمن "ان حماس بانقلابها وانفصالها ترفض نظام القرعة المعتمد لاختيار الحجاج منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية وتصر على استبعاد اي مواطن فلسطيني من بعثه الحج ما لم يكن من انصارها".

وتابع ان "اقدام حماس بمنع وحرمان الحجاج الفلسطينيين من اداء فريضة الحج يكشف القناع عن وجه هؤلاء الانقلابيين المتاجرين بالاسلام والاسلام منهم بريء".

واكد ان "استمرار هذا الانقلاب الدموي الذي تحول ابطاله الى قطاع طرق ومهربي انفاق اصبح الآن يشكل خطرا (..) على الاسلام والمسلمين فلاول مرة في تاريخنا الحديث تمنع عصابة من قطاع الطرق الحجاج الفلسطينيين من التوجه لاداء فريضة الحج".

واكد ان "الافلاس السياسي والاخلاقي والعزلة الداخلية والخارجية لزمرة الانقلاب الدموي ضد الشرعية الوطنية لا بد وان يوصل الانقلاب وابطاله الى السقوط الحتمي وفي القريب العاجل".

اشتباك بالايدي بين فلسطينيات من حماس وفتح

في سياق متصل افاد شهود عيان إن الاشتباك الذي وقع بجامعة في خان يونس اندلع بعد خلاف حول مزاعم قمع متبادلة بين زعماء حماس الذين يسيطرون حاليا على قطاع غزة وزعماء فتح الذين يهيمنون على الضفة الغربية.

وقال شاهد طلب عدم نشر اسمه "رأيت كراسي تتطاير فوق الرؤوس وبعض الطالبات أصبن بجراح. ورأيت أن اثنتين أو ثلاثة من المدرسات ضربن."

ووصلت شرطة حماس وأطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفرقة الطالبات وتوقفت الدراسة لليوم الثاني ولكن الاشتباك في الجامعة يعد فقط قمة جبل الجليد.

واذا لم يبدأ حوار المصالحة بين حماس وفتح بحلول 31 ديسمبر كانون الاول هناك مخاوف من مزيد من الاقتتال الداخلي في يناير كانون الثاني عندما يدعو عباس لاجراء انتخابات في ابريل نيسان.

ومع عزم حماس الاحتفاظ بسيطرتها على قطاع غزة ومطالب عباس بأن تنهي هذه السيطرة فان احتمالات التوصل لاتفاق مصالحة تبدو ضعيفة.

وكان مسؤولون من فتح في الضفة الغربية شكوا علنا من أن زملاءهم في قطاع غزة يتعرضون لترويع وهو الفتيل الذي أشعل اشتباك الطالبات.

وأضافوا أن حماس منعت نشطاء من فتح من القيام بأنشطة رعاية اجتماعية باسم فتح وحذرتهم قائلة ان يمكن أن يلقى القبض عليهم اذا خرقوا التعليمات.

ونفى فوزي برهوم المتحدث باسم حماس أن تكون حماس تعتزم حظر الانشطة الاجتماعية أو السياسية لفتح مضيفا أنها تدخلت فقط لمنع "خطط للتخريب من قبل بعض من يستخدمون اسم فتح."

وتابع "ولكن أعضاءنا في الضفة الغربية الذين يتعرضون للاعتقال يتم استجوابهم من قبل المحققين من فتح بتهمة انتمائهم لتنظيم محظور أو غير شرعي."

وقال برهوم ان محادثات الوساطة المصرية ألغيت في وقت سابق من الشهر الحالي لان عباس وفتح لم يظهرا اهتماما باجراء حوار في حين سعت حماس لمصالحة حقيقية.

ورد مسؤول من فتح بقوله "حماس لا تريد حوارا لانهم يريدون دولة خاصة بهم" في قطاع غزة.

وذكرت حماس أن فتح ألقت القبض على 2891 عضوا في حماس منذ يونيو حزيران عام 2007 . وتقول ان 650 ما زالوا في السجون بالضفة الغربية مضيفة أنها لا تحتجز أي سجين سياسي من فتح. وتقول فتح ان العديد من أعضائها محتجزون.

الدول العربية تعلن عدم الانحياز

امتنع وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا يوم الاربعاء في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة عن الانحياز لطرف في الانقسام الفلسطيني المستمر منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة قبل حوالي 17 شهرا مضت.

وجاء في قرار أصدره وزراء الخارجية أن دولهم تعبر عن "بالغ القلق ازاء استمرار الانقسام الفلسطيني الراهن وعدم انعقاد مؤتمر الحوار الفلسطيني الذي كان مقررا عقده في القاهرة."

ودعا القرار "كافة الفصائل الفلسطينية الى العمل الجاد على استعادة الوحدة الفلسطينة والانخراط المباشر في في جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية."  بحسب (رويترز)

ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاجتماع وزراء الخارجية لبحث الانقسام الفلسطيني وكان ينتظر أن تقرر الدول العربية تحميل حماس المسؤولية عن تعثر الحوار بين الفصائل.

لكن وزراء الخارجية دعموا في قرارهم الجهود المصرية للمصالحة الفلسطينية. وأكدوا على "تأييد الخطوات التي تم التوافق عليها بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصر لانهاء حالة الانقسام."

وتضمن القرار أن تلك الخطوات تشمل "تشكيل حكومة توافق وطني محددة المهام والمدة تتيح رفع الحصار (عن قطاع غزة)... اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة... اعادة هيكلة الاجهزة الامنية الفلسطينية على أسس مهنية ووطنية." وتسيطر السلطة الفلسطينية التي يرأسها عباس على الضفة الغربية المحتلة.

وامتنعت حماس عن حضور اجتماع الفصائل في القاهرة هذا الشهر وهو الاجتماع الذي قيل انه حاسم في مجال تحقيق المصالحة الفلسطينية.

وكانت حماس تحتج بذلك على قول عباس ان المعتقلين الذين تطالب حماس بالافراج عنهم في الضفة الغربية مجرمون جنائيون.

وتتبادل حركتا فتح وحماس الاتهامات باعتقال كل منهما لانصار الاخرى في المنطقة التي تسيطر عليها.

وقال مسؤول فلسطيني ان اجتماع وزراء الخارجية العرب استهدف أيضا تفادي أزمة دستورية بشأن شرعية حكم عباس بعد التاسع من يناير كانون الثاني موعد انتهاء ولايته الرئاسية الحالية.

وقالت حماس انها ستسحب اعترافها بشرعية الرئيس الفلسطيني اذا لم تقم مصالحة وطنية.

واعادة قطاع غزة الى السلطة الفلسطينية مهمة للغاية لعباس في مجال نيل المصداقية كزعيم فلسطيني يستطيع أن يجري محادثات سلام ناجحة مع اسرائيل.

وقال الامير سعود الذي رأس اجتماع وزراء الخارجية "من سخرية القدر" أن تطورات هي "مدعاة للتفاؤل" حدثت في وجود الانقسام الفلسطيني ومنها فوز باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الامريكية.

وأضاف أن الحكومة الامريكية المنتخبة تتجه الى "بلورة سياسة جديدة تجاه المنطقة... (من بين أسسها) الاهتمام الذي عبر عنه الرئيس الامريكي المنتخب ومعاونوه بمبادرة السلام العربية."

وجدد القرار تأييد الدول العربية للمبادرة التي طرحتها السعودية وأقرها مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بيروت عام 2002.

وتدعو المبادرة اسرائيل الى الانسحاب الكامل من الاراضي التي احتلتها في حرب يونيو حزيران عام 1967 والموافقة على قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية والتوصل مع الفلسطينيين لحل عادل لمشكلة اللاجئنين.

وتوافق الدول العربية في المقابل على تطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية.

وفي قرار منفصل اتفق وزراء الخارجية على ارسال "المواد الغذائية والادوية والمعدات الطبية الى قطاع غزة بشكل فوري وكذلك استقبال المرضي من الشعب الفللسطيني."

وطلب الوزراء من الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى التنسيق مع السلطات المصرية لضمان دخول المواد الغذائية.

وكان اجتماع سابق لوزراء الخارجية العرب قرر "كسر الحصار" المفروض على قطاع غزة لكن ادخال مساعدات الإغاثة لسكان قطاع غزة مرهون بموافقة اسرائيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 3/كانون الثاني/2008 - 4/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م