ترقّباً لإقرار الاتفاقية مع العراق: البنتاغون يعلن رفع الحصانة عن الشركات الأمنية

المتعاقدون الأجانب يشككون في نزاهة القضاء العراقي

إعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: تواجه الشركات الأمنية العاملة في العراق في حال سريان مفعول الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة مطلع العام المقبل فقدان الحصانة القانونية التي وفرتها لها القوات الأمريكية طيلة الفترة الماضية، واضطرارها العمل تحت سلطة القوانين الجنائية والمدنية العراقية.

وتحظى تلك الشركات أسوة بقوات التحالف التي اجتاحت العراق عام 2003 بالحصانة من القوانين العراقية، مما أتاح لها الإفلات من ملاحقة السلطات المحلية عقب اقترافها لعدد من الجرائم والانتهاكات بحق المدنيين العراقيين.

وتركز نشاط تلك الشركات من خلال توفيرها الحمايات الشخصية للساسة العراقيين والدبلوماسيين الأمريكان على حد سواء، فضلا عن تعاقدها في تأمين بعض الخدمات الضرورية للجيش الأمريكي.

وتشير التوقعات إلى انخفاض كبير في أعداد الشركات الأمنية أو شركات الحمايات الخاصة بعد فقدانها الحصانة لعدة أسباب، منها ارتفاع نسب الأجور التي سوف يتقاضاها العاملين في تلك الشركات بعد أن يواجهوا احتمالات الاعتقال في السجون العراقية.

البنتاغون يبلغ الشركات بفقدان الحصانة

ذكرت صحيفة سيراكيوز Syracuse إن آلاف المتعاقدين الخاصين من الأمريكيين والأجانب غير العراقيين الذين يعملون لصالح الولايات المتحدة في العراق، سيفقدون الحصانة وسيكونون تحت طائلة القانون العراقي بموجب الترتيبات الأمنية الجديدة، حسب ما ذكر مسؤولون في إدارة بوش.

وقالت الصحيفة إن مسؤولين من البنتاغون والخارجية اعلموا شركات توفر متعاقدين، من قبيل بلاكووتر وادينكورب انترناشونال وترايبل كانوبي وكي بي ار، بالتغيرات التي طرأت على عملهم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهما إن اتفاقية صوفا، التي تمنح الحكومة العراقية ولاية قضائية محدودة على القوات الأمريكية وموظفي وزارة الدفاع المدنيين، تستثني متعاقدي وزارة الدفاع.

وأشارت الصحيفة إلى إن المسؤولين تحدثا شريطة عدم الكشف عن اسميهما بعد إعطاء المعلومات نفسها إلى ممثلي 127 شركة تعاقد دعوا الى اجتماعين منفصلين في بواشنطن.

وقال مسؤول من الخارجية وهو يقرا من نص بيان قدم إلى المتعاقدين ان “المتعاقدين والممنوحين عليهم ألا يتوقعوا بعد الآن أنهم يتمتعون بحصانة واسعة من القانون العراقي الساري المفعول منذ العام 2003.”

وقال المسؤولان سيكون للعراق “الحق الأول في ممارسة الولاية القضائية”، على مثل هؤلاء المستخدمين، الذين يعملون في مجالات دعم متنوعة لصالح الجيش الأمريكي، ومن بينها خدمات الطعام والنقل والطبابة.

وأشار المسؤولان إلى إن الاتفاقية لم تذكر متعاقدي وزارة الخارجية، الذين يوفرون الأمن بنحو رئيس الى الدبلوماسيين الأمريكيين في العراق، إلا إن من المتوقع أن تثير الحكومة العراقية مسالة حصانتهم بعد البدء بتنفيذ الاتفاقية في أعقاب تصديق البرلمان العراقي عليها. 

وقال المسؤول من وزارة الخارجية أنه “في المستقبل، سيكون المتعاقدون والممنوحون كلهم تحت سلطة القوانين الجنائية والمدنية العراقية، والى سلطة النظام القضائي العراقي”، مضيفا أن “المتعاقدين سيواجهون الوضع نفسه في مناطق أخرى من العالم، ومنها أفغانستان.”

وتعلق الصحيفة بالقول انه “لم يتضح على الفور ما إذا سيختار احد المتعاقدين التوقف عن العمل في العراق بسبب هذه التغيرات. وسمح مسؤول البنتاغون لبعض المتعاقدين بالإعراب عن قلقهم، إلا انه أكد أن لا احد قال: إذا افقد الحصانة، ساترك العمل”.

وتشير الصحيفة إلى إن البنتاغون توظف قرابة 163.000 متعاقد في العراق، من بينهم حوالي 17% مواطنون أمريكيون، و34% من جنسيات أخرى، و49% عراقيون. وتستخدم وزارة الخارجية 5.500 متعاقد في العراق، من بينهم 1.000 فقط مواطنون أمريكيون. وتوظف الوكالة الأمريكية للتنمية العالمية 4.800 متعاقد لم تتح إلى الآن معلومات عن جنسياتهم.

وقال المسؤول في وزارة الخارجية انه يتوقع أن تتمكن الحكومتان الأمريكية والعراقية من التوصل إلى تفاهم منفصل [عن الاتفاقية] يسمح بموجبه للمتعاقدين الذين يوفرون الحماية للدبلوماسيين الأمريكيين أن يستخدموا “قوة دفاعية مناسبة” إذا تعرضوا لهجوم. لكن هذا المسؤول، كما تلاحظ الصحيفة، لم يذكر متى سيمكن التوصل إلى مثل هذا التفاهم.

المتعاقدون الامنيون لايثقون بنزاهة القضاء العراقي

وتشير صحيفة وول ستريت جورنال The Wall Street Journal أن المتعاقدين الأمنيين بصدد مواجهة العمل في العراق من دون حصانة ما يؤثر في عملهم بخاصة مع خفض حجم القوات الأمريكية.

وقالت الصحيفة  ومع وقوع المتعاقدين تحت ولاية المحاكم العراقية، قد يصبح الأمر “أكثر صعوبة بالنسبة لهم في توظيف عمال جدد ورفع نسب التامين وارتفاع أجور التعويضات عن مخاطر نزولهم في سجن محلي (عراقي)”، كما تذكر الصحيفة.

ويستخدم الجيش الأمريكي، كما تذكر الصحيفة، “حوالي 90 ألف متعاقد غير عراقي يؤدون أعمالا شتى من حراسة قوافل الإمدادات إلى تقديم وجبات الطعام للجنود. وهؤلاء العمال، حسب الصحيفة، الذين تستخدمهم شركات مثل شركة كي بي ار KBR Inc. وشركة ترايبل كانوبي Triple Canopy Inc.، لعبوا دورا بالغ الأهمية في دعم عمليات الجيش الأمريكي، وقد تتزايد أعدادهم مع سحب الولايات المتحدة لقواتها النظامية”.

وبالنسبة لإدارة اوباما المقبلة، كما ترى الصحيفة، تزيل الاتفاقية “نقطة سياسية صِدامية محتملة مع الحكومة العراقية بعد شكاوى من أن الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفي لمساءلة المتعاقدين”. وتضيف “ففي شهر أيلول سبتمبر 2007 تورط فريق من شركة بلاكووتر يعمل لصالح وزارة الخارجية الأمريكية في أطلاق نار خلّف 17 قتيلا عراقيا. وما زالت وزارة العدل الأمريكية تحقق بهذا الحادث”.

وكان بيان صادر عن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في السابع من تشرين الأول أكتوبر 2007 اتهم العاملين في شركة (بلاك ووتر) الأمريكية الخاصة للحراسات الأمنية بتجاوز قواعد استخدام القوة وقانون السلوك للشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق، وعد ما ارتكبوه جريمة قتل عمد، يتوجب أن يحاسبوا عنها وفق القانون.

وكشف البيان عن أن الحصيلة الرسمية الأخيرة للخسائر الناجمة عن حادث إطلاق عناصر (بلاك ووتر) النار عشوائيا على المواطنين المدنيين في (ساحة النسور) الواقعة بالقرب من حي المنصور غربي بغداد، في 16 أيلول سبتمبر 2007، بلغت  17   قتيلا و27 جريحا، فضلا عن احتراق وتلف سبع  سيارات تصادف وجودها في المكان.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي فال في الكلمة التي وجهها للشعب العراقي، إن اتفاقية سحب القوات الأمريكية من العراق تضمن استعادة السيطرة على الفضاء والترددات، كما أن الشركات الأمنية سيئة الصيت التي عانى منها العراقيون في ساحة النسور وغيرها ستكون تحت الولاية القضائية العراقي.

ومضت الصحيفة الأمريكية قائلة “كان متوقعا أن يفقد المتعاقدون الحصانة القانونية”، ونقلت عن رئيس رابطة عمليات السلام العالمية دوغ بروكس، وهي مجموعة صناعية متخصصة بتوفير متعاقدين أمنيين ولوجستيين ومقرها واشنطن، قوله إن أعضاء الشركات “يدعمون المساءلة في العراق إلا أن لديهم مخاوف من نزاهة النظام القضائي العراقي”.   

بلاك ووتر متورطة في تهريب الاسلحة الى العراق

من جانب آخر ذكرت محطة أي بي سي نيوز  ABC News التلفزيونية الاخبارية، ان موظفين سابقين ابلغوها ان الشركة الامنية المثيرة للجدل بلاكووتر Blackwater، استخدمت اكياس اغذية كلاب لتهريب اسلحة غير مصرح بها الى العراق، من بينها اسلحة هجومية وكواتم صوت.

وقالت المحطة في تقرير لها، ان “هيئة محلفين فيديرالية كبيرة في كارولاينا الشمالية تحقق في اتهامات بحق الشركة الامنية الخاصة المثيرة للجدل بلاكووتر في انها نقلت بنحو غير شرعي اسلحة هجومية وكواتم صوت الى العراق، اخفتها في اكياس كبيرة خاصة باغذية كلاب”، حسب ما اعلنت المحطة.

وبموجب قواعد وزارة الخارجية الامريكية، يحظر على بلاكووتر استخدام عدد من الاسلحة الهجومية وكواتم الصوت في العراق لانها تعد اسلحة “هجومية” لا تتناسب مع دور بلاكووتر كشركة امنية خاصة توفر الحماية للمهمات الديبلوماسية الامريكية.

وقال الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الامريكية CIA، جون كيرياكو، ان “السبب الوحيد الذي تحتاج فيه كاتم صوت هو انك تريد اغتيال شخص ما”.

وواصلت المحطة قولها ان ستة من مستخدمي بلاكووتر هم الان تحت التحقيق امام هيئة محلفين فيديرالية كبيرة اخرى في واشنطن، بسبب صلتهم باطلاق نار ومقتل 17 مدنيا عراقيا في ايلول سبتمبر في العام 2007 في ساحة ببغداد. ومن المتوقع ان يقدم المدعون العامون لوائح الاتهام في الاسابيع القليلة القادمة، طبقا لما ذكر اشخاص على اطلاع على القضية.

والتحقيق باتهام تهريب اسلحة غير مرخصة في اكياس اغذية كلاب، بدأ العام الماضي اثر القاء القبض على مستخدمين في بلاكووتر يحاولون بيع اسلحة مسروقة في كارولاينا الشمالية. واعترف الرجلان، وهما كينيث كاشويل ووليام ماكس غرميوكس، بانهما مذنبان في شباط فبراير الماضي واصبحا شاهدين حكوميين، حسب ما تذكر وثائق المحكمة.

كما قالت المحطة ان “مستخدميْن اخريْن ابلغاها انهما شهدا ايضا بشان عمليات تهريب الاسلحة في اكياس اغذية الكلاب”، وقالا للمحطة ان الاسلحة “مخفية حاليا في اكياس كبيرة مخصصة لغذاء الكلاب وتغلف في مقرات الشركة في كارولاينا الشمالية لترسل الى العراق على اساس انها غذاء للكلاب التي تكشف عن المتفجرات وعددها 20 كلبا”.

واضاف الموظفان السابقان، بحسب المحطة “ان كميات كبيرة تتضمن اسلحة هجومية من طراز M-4 تخفى بطريقة سرية في صناديق شحن تحيط بها اكياس اغذية الكلاب، ثم تغلف بورق السيلوفان ما يجعلها بعيدة عن شك مفتشي الجمارك الامريكيين عندما ينظرون اليها عن كثب”.

وتنقل المحطة عن مطلعين ان “مفتشا في وزارة التجارة الامريكية اكتشف العام الماضي في مطار جون كينيدي في نيو يورك، جهاز اتصال بخطين مخفي في كيس غذاء كلاب شحنته بلاكووتر الى العراق”.

من جهتها قالت المتحدثة باسم بلاكووتر آن تايرل، ان بعض الاسلحة ارسلت الى العراق وحولها اغذية كلاب “من اجل تأمينها في الطائرة وليس لتهريبها”، مضيفة انها لا تستطيع التعليق على التفاصيل لان “التحقيقات جارية” مؤكدة ان الشركة لم ترتكب أي خطا.

وقال موظف سابق اخر في بلاكووتر للمحطة ان مدراء الشركة اتخذوا قرارا بتهريب اسلحة وكواتم صوت في اكياس اغذية الكلاب “لان العراق في حالة حرب وان رجالنا يحتاجون اليها”. بحسب (CNN).

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 26/تشرين الثاني/2008 - 26/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م