تحديات الحرب السرية وإمكانية أوباما في مواجهة القاعدة

هل ينجح اوباما في التوفيق بين مشاكل الداخل وتهديدات الخارج؟

شبكة النبأ: بعد أن اصبح اوباما رئيساً، هل سيتمكن من القضاء على القاعدة، وهل سيتمكن من ضرب معاقلها أينما كانت، ليواصل بذلك الطريق الذي بدأه بوش في ملاحقة هذا التنظيم التكفيري، في حرب شبه مفتوحه منذ أحداث سبتمبر عام 2001 والى الان.

البعض يشكك في قدرة الديمقراطيين عامة وأوباما خاصة في مواصلة هذه الحملة ضد الارهاب، خاصة وان التركة التي خلفها الجمهوريين ثقيلة جدا، من قبيل الازمة المالية وغيرها، لتسحب انظار السياسة الجديدة إلى الداخل ومعالجة المشاكل العالقة بدلاً من النظر الى الخارج بتركيز الجمهوريين المعهود.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على إمكانية الحرب التي سيشنها أوباما ضد الإرهاب، وتجديد البحث عن بن لادن، مع عرض لدعوة القاعدة لأوباما بإعتناق الاسلام:

الحرب السرية على القاعدة وإمكانية أوباما

من المتوقع أن تستمر الضربات الامريكية السرية ضد القاعدة التي أمر بشنها الرئيس جورج بوش بعد أن يتولى الرئيس المنتخب باراك أوباما منصبه رغم الاحتجاجات المتوقعة من الحلفاء والخصوم.

وقال برايان جلين وليامز الاستاذ بجامعة ماساتشوسيتس دارتموث الذي أدلى بشهادة بشأن القاعدة في التحقيقات الخاصة بجرائم الحرب في جوانتانامو: هذه على الارجح أكثر القضايا الشائكة صعوبة في بداية عمل أوباما في مجال السياسة الخارجية.

والعمليات العسكرية السرية في أنحاء العالم بما في ذلك الدول التي ليست في حالة حرب مع واشنطن هي جزء من السياسة الامريكية على مدى عقود وجرى تكثيفها ضد تنظيم القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001. بحسب رويترز.

وأثناء حملته الانتخابية التي اعتمدت على الحاجة للتغيير بعد ثماني سنوات من سياسات بوش ندد أوباما بعمليات مكافحة الارهاب التي ينتهجها بوش بوصفها غير فعالة ودعا الى مزيد من الدبلوماسية الدولية لعزل الجماعات المتشددة.

ولكنه تعهد ايضا بضرب زعماء القاعدة في باكستان اذا حصلت الولايات المتحدة على معلومات مخابرات جيدة وعجزت اسلام اباد عن التحرك مما يمهد السبيل أمام مواصلة سياسة بوش هناك.

وقال محللون ان أوباما سيتعين عليه عندما يتولى منصبه في يناير كانون الثاني ايجاد توازن بين الفرص والمخاطر التي تكتنف العمليات السرية وادارة العلاقات المعقدة مع الدول التي تعمل بها القوات السرية الامريكية.

وقال بريان ميشيل جينكينز الخبير في مجال الارهاب بمركز بحوث راند كورب والذي عمل في السابق في القوات الخاصة بالجيش الامريكي: لا أتوقع ان يكف أي رئيس أمريكي عن استخدام العمليات السرية كخيار.

وكان بوش قد منح الجيش تفويضا جديدا لمحاربة القاعدة من تلقاء نفسه وبالتنسيق مع وكالة المخابرات المركزية الامريكية. وقالت صحيفة نيويورك تايمز ان أمرا سريا أصدره وزير الدفاع الامريكي السابق دونالد رامسفليد عام 2004 بموافقة بوش يتضمن تفويضا بشن ضربات عسكرية ضد القاعدة في أنحاء العالم.

وتابعت الصحيفة ان الامر حدد ما بين 15 و 20 بلدا يعمل بها المتشددون وان أكثر من 12 هجوما لم يكشف عنها في السابق جرت بموجب هذا التفويض.

وخلال العام الماضي تصاعدت الضربات الامريكية ضد أهداف تابعة للقاعدة وخاصة في باكستان مما أدى الى تصاعد الاحتجاجات العلنية من جانب الحكومة في اسلام اباد. وأثارت غارة شنتها طائرة هليكوبتر أمريكية على سوريا الشهر الماضي واستهدفت شخصا يقوم بتهريب المقاتلين الى العراق ادانات شديدة من جانب الحكومة السورية.

وقالت كاثرين لوتريون الاستاذ بجامعة جورج تاون والتي عملت في السابق مستشارا مساعدا في وكالة المخابرات المركزية الامريكية انه على الرغم من أن القانون الامريكي يسمح بشن مثل هذه الضربات الا انها تنتهك القانون الدولي اذا لم تتم بموافقة الدولة التي تجري بها.

وقال وليامز ان الهجمات لها حساسية خاصة في باكستان حيث تواجه حكومة ديمقراطية حديثة العهد غضبا شعبيا عارما تجاه الهجمات الامريكية على المتشددين داخل حدودها مع أفغانستان. واضاف: سنخسر الحرب على الارهاب اذا خسرنا السيطرة على باكستان.

وقال جينكينز انه بالاضافة الى التداعيات الدبلوماسية فانه يتعين على أوباما أن يأخذ في الاعتبار مخاطر الفشل واحتمال سقوط ضحايا مدنيين وأثر ذلك على الدعم من جانب حلفاء الولايات المتحدة.

ولكن جون برينان مستشار أوباما في مجال المخابرات وهو مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية قال أيضا ان الولايات المتحدة ليست أمامها من خيار سوى العمل مع الحكومة الباكستانية.

وقال وليامز: معضلته الحقيقية تتمثل في محاولة ايجاد سبيل لمواصلة السياسة. لان ذلك يبقي على القاعدة في حالة فرار... ولكن يتعين عليه في نفس الوقت ايجاد الية للابقاء على الباكستانيين معه.

وقال برينان أيضا ان من المحتمل التحدث الى بعض الشخصيات من حركة طالبان التي حكمت أفغانستان واوت القاعدة الى أن تمت الاطاحة بها بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول كجزء من استراتيجية لاتصالات دبلوماسية واسعة.

إستئناف عمليات البحث عن بن لادن يطلقها أوباما

أعلن مستشارون للرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما أنّه يرغب في إعادة إطلاق جهود العثور على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

ويعتقد فريق أوباما أنّ إدارة الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش صرفت النظر عن أهمية القبض على المطلوب الأول لمكتب التحقيقات الفيدرالية لأنها لم تكن قادرة على العثور عليه.

وأثناء المناظرة الانتخابية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قال أوباما: سنقتل بن لادن. سندمر القاعدة، سيكون ذلك أكبر أولويات أمننا القومي. بحسب (CNN).

غير أنّ تعقّب أسامة بن لادن لا يبدو بهذه السهولة. ففي مايو/أيار، بثّت القاعدة شريطا صوتيا لزعيمها، لكن واشنطن قالت إنه ليس لديها مؤشرات صلبة على المكان المفترض لاسامة بن لادن منذ أواخر 2001، عندما كان على وشك الوقوع في المصيدة في معركة مع القوات الأمريكية في تورا بورا بأفغانستان.

وقال الضابط الميداني السابق في CIA روبرت بير، في تصريحات لـCNN: لقد تحدثت إلى 12 رجلا من وكالة الاستخبارات كانوا يتعقبونه (بن لادن) ونصفهم أبلغوني أنهم يعتقدون أنه توفي فيما النصف الآخر قالوا إنهم يعتقدون أنه مازال حيّا، ولكن المفتاح هنا هو الاعتقاد.. إنهم لا يعرفون.

ويعتقد مسؤولو الاستخبارات أنّ بن لادن يختبئ في مناطق القبائل شمال غرب باكستان النائية وذات التضاريس الجبلية الصعبة والتي يصل طولها إلى 14 ألف قدم وهو ما يعقّد من عمليات البحث.

وقال رئيس شعبة الاتصال في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في باكستان روبرت غرينير: إذا كنتم تتصورون أنّ هذا مزيج بين تعقّب إريك رودولف الذي قام بعملية تفجير أثناء الألعاب الأولمبية، وفيلم (دليفرنس) وتضرب ذلك في 10، فهذا هو حقيقة ما يتعلق به أمر البحث عن بن لادن.

فالمنطقة مقسومة بين القبائل وعدد منها تقاتل بعضها بعضا، كما أنّ إيجاد مصادر إنسانية هناك يعدّ أمرا بالغ الصعوبة.

ويقول غيرنير في هذا الصدد: ما تحتاجه بدقة هو جيش من المخبرين هناك، مع الأمل في أن يتم التركيز على المنطقة التي يعتقد أنّ بن لادن يختبئ فيها.

لكنه يضيف: مع ذلك ومجددا، تحتاج إلى الكثير الكثير منهم لأنّ الغالب على الظنّ إذا نجحت في الحصول على خدمات أحدهم ونجح بدوره في الدخول إلى الأسر وبمجرد بدئه في طرح الأسئلة فمن المحتمل جدا أن يقتل بأرسع ما يمكن.

ووضعت الإدارة الأمريكية مبلغ 25 مليون دولار على رأس بن لادن، غير أنّ مسؤولين عملوا في منطقة القبائل قالوا إنّ سكّانها يعتبرون ذلك أمرا يضرب كرامتهم وشرفهم.

ونجحت الولايات المتحدة في قتل عدد من قيادي القاعدة، باستخدام أسلحة متطورة أدت بدورها إلى سقوط أبرياء مما زاد من تعقيد الوضع السياسي بين باكستان والولايات المتحدة.

ويخطط أوباما لإرسال مزيد من القوات إلى داخل أفغانستان لدحر تنامي تمرد طالبان وعملياتها العسكرية، غير أنّ خبراء يحذرون من أنّ تداعيات ذلك قد تكون خطيرة.

وقال قائد العمليات الخاصة في تورا بورا، دالتون فوري إنّ "الرئيس سيرث بذلك الوضع الذي وجد فيه السوفييت أنفسهم قبل 15 عاما أثناء فترة الجهاد ضدّ الروس."

ولم يكن التعاون من قبل السلطات الباكستانية كافيا حيث أنّ غالبية الخبراء يتفقون على أنّ اعتقال بن لادن ليس أولوية بالنسبة إلى الجيش الباكستاني.

ويقترح فوري أن يقوم أوباما بدلا من ذلك بتغيير خطابه بشأن بن لادن الذي لا تعتقد الاستخبارات أنه يلعب دورا عمليا، وأنه ليس هناك من داع يجعله يتحرك أو يقوم باتصالات.

وأوضح فوري قائلا: أعتقد أنه من المهم أن نفهم أنّ بن لادن لعب دوره وكان الحظّ حليفه. لقد كان في جبال تورا بورا وفرّ. وأعتقد أنه علينا أن ننشر ذلك.

مع ذلك فإنّ الكثير من الخبراء يشددون على أهمية اعتقال بن لادن رغم ضخامة التحديات: فأنا لا أعتقد أنّ الأمريكيين سيقبلون أن يكون حيّا فيما نحن نغادر. سنكون ساعتها أضحوكة العالم وفق فوري.

أوباما يتلقى دعوة من تنظيم القاعدة لإعتناق الاسلام

وفي مفارقة كبيرة أصدر تنظيم القاعدة في العراق بيانا موجه إلى الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما وإدارته الجديدة.

وتم وضع الشريط الصوتي الذي تبلغ مدته 22 دقيقة على عدة مواقع انترنت متعاطفة مع القاعدة.

ويحتوي هذا الشريط الصوتي على رسالة صوتية لأبو عمر البغدادي، زعيم ما يسمى بدولة العراق الإسلامية، التابعة للقاعدة.

ويدعو البيان الصوتي الذي يحمل اسمه الإدارة الأمريكية وحلفائها من الزعماء الغربيين إلى اعتناق الإسلام وسحب قواتهم العسكرية من العراق وأفغانستان وإطلاق سراح السجناء المسلمين في العراق ومن معتقل جوانتانمو في كوبا.

وعند مقارنة هذا البيان ببيانات سابقة من هذه المجموعة، فإن هذا البيان يعتبر لينا، حيث يدعو أمريكا إلى العودة إلى ما سماه بـ"الحياد"، كما يدعو إلى عدم تعطيل إمدادات النفط الغربية لو تم الاستجابة إلى شروط القاعدة.

ومن كتبوا هذا البيان يعرفون على الأرجح أن طلبهم بسحب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان سيتم تجاهله.

لكن المحللين يعتقدون أن الهدف من هذا البيان هو العلاقات العامة، خاصة تدعيم موقف القاعدة بشكل استباقي قبل أي انسحاب محتمل للقوات الأمريكية من العراق، حتى تدعي القاعدة بعد ذلك أنها طردت القوات الأمريكية.

وعلى عكس ما حدث في انتخابات عام 2004 عندما حاول زعيم القاعدة أسامة بن لادن التأثير في نتيجة الانتخابات بدعوة الناخبين الأمريكيين إلى رفض سياسات الرئيس الأمريكي جورج بوش، كانت القاعدة في انتخابات 2008 صامتة بشكل لافت للنظر.

وقد دفع ذلك أنصار القاعدة إلى الأمل في أن يكون هذا الصمت مقدمة لهجوم كبير على المصالح الغربية يحاكي أحداث 11 سبتمبر.

وعندما لم يقع أي هجوم، دعا المشاركون في منتديات الانترنت المتعاطفة مع القاعدة، إلى تنفيذ اعتداءت جديدة على أمريكا، حيث قالوا أن باراك أوباما سيكون: قبطان سفينة هالكة.

وقلة من المتعاطفين مع القاعدة الكترونيا، عبروا عن تفاؤلهم في تغير السياسات الأمريكية تحت قيادة أوباما.

وقالوا إن السياسات الأمريكية ستبقى على حالها وستستمر الحرب على الإسلام، كما حذروا المسلمين في دول مختلفة من كلاب أوباما.

كما علق بعضهم على تعيين أوباما لرهمان إيمانويل كرئيس لموظفي البيت الأبيض، كدلالة على الانحياز لاسرائيل، وقالوا إنه سيرضي اللوبي الصهيوني. ورحب متشددون بانتخاب أوباما بسيل من التعليقات العنصرية والإهانات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/تشرين الثاني/2008 - 20/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م