
شبكة النبأ: طوال السنتين
الاخيرتين أعتاد الامريكيون على الإستيقاظ صباحا ليتجهوا مباشرة
الى شاشات الكمبيوتر او التلفزيون، او الى قراءة الصحف اليومية،
للتعرف الى آخر استطلاعات الرأي بشأن الفائز في الانتخابات
الامريكية، أهو الديمقراطي باراك اوباما، ام الجمهوري جون ماكين.
لكن في صبيحة اليوم الذي تلا اعلان النتائج الامريكية، استفاق
الامريكيون ليجدوا أنفسهم لا يقومون بواجبهم اليومي.. فليست هناك
اي استطلاعات للرأي، ولا وجود لمرشحين متنافسين ولا اجواء إثارة او
غضب..
ديفيد كرونميلر، مواطن أمريكي، قال: في اليوم التالي لإعلان
النتائج، استيقظت من النوم وأنا أشعر بالحزن الشديد.. فأنا كنت من
مؤيدي أوباما، إلا أنني الآن أحس بالفراغ الشديد لعدم وجود سباق
انتخابي أتابعه.
ويقول عدد من الخبراء، إنه رغم فوز أوباما، إلا أن مناصري كلا
الطرفين سيشعرون بحالة من الإكتئاب النفسي، نتيجة عدم وجود أي سباق
انتخابي، خاصة وأن هذا السباق قد استمر لفترة تصل إلى عامين،
وبالتالي أصبحت متابعته والاطلاع على آخر نتائجه جزءا من الحياة
اليومية. ويضيف الخبراء، بأن هذا النوع من الكآبة مشابه لما يصيب
الأم التي ولدت بتوها طفلها. بحسب سي ان ان.
من جهتها، تقول نانسي موليتور، أخصائية نفسية، إنها بدأت تلاحظ
نوبات من الاكتئاب تصيب مرضاها، حتى قبل نهاية الانتخابات وإعلان
النتائج. فبعضهم كان يتساءل كيف سيقضي وقته بعد انتهاء هذه
الانتخابات.
وتقول موليتور: أعرف سيدة عمرها ثمانون عاما، تقول إنها لم تعش
أياما مثيرة في حياتها كتلك التي عاشتها خلال فترة الانتخابات
الحالية، وإن هذه الأوقات ملأت حياتها بالتشويق.
أما بالنسبة لمن انتخب مرشحا وخسر في الانتخابات، تقول موليتور،
فإنه سيمر في حالة أقرب إلى العزاء، حيث سيعاني من عدم التصديق
لوهلة، ومن ثم سينتقل إلى مرحلة الغضب والحزن، ومن ثم سيحاول إقناع
نفسه بأن عليه الاستمرار في الحياة كما كان.
وتنصح موليتور الناس بمحاولة العودة إلى الروتين السابق في
حياتهم، أي قبل بدء النزال الانتخابي، كما أن عليهم المشاركة بشكل
أكبر في النشاطات الاجتماعية، كنوادي الكتب والموسيقى وغيرها.
وتؤكد موليتور أن الانخراط في الحياة الاجتماعية يساعد على
العودة إلى الروتين الطبيعي، حيث تقول: الرئيس المنتخب لن يًؤمن
لكل فرد منا على حدة لقمة العيش، كما أنه لن يضع ميزانية لكل واحد
منا، فإذا أراد الناس التغيير، فعليهم أن يبدأوا به من بيوتهم.
إلا أن نهاية الانتخابات للبعض الآخر تمثل مصدرا للارتياح، حيث
يقول أليكس كاني، وهو طالب في جامعة كاليفورنيا: أعتقد أن فترة
الانتخابات كانت عصيبة للجميع.. أما الآن، وقد انتهت، فستنتهي معها
جميع أشكال العنف والغضب. فقبل أسبوعين من النهاية، رأيت أحد مؤيدي
أوباما وهو يشق أحد إطارات سيارة علقت عليها ملصقات لماكين.
معنويات الأمريكيين في تراجع حاد رغم
انتخاب أوباما
ومع اجتماع الرئيس الأمريكي المنتخب، باراك أوباما، والرئيس
الحالي، جورج بوش، كشف استطلاع للرأي التحديات الجسام التي ستواجه
الرئيس المقبل خلال العام الأول من ولايته.
ورأى 16 في المائة فقط من الذين شملهم استطلاع CNN/أوبينيون
ريسيرتش كوربريشين، أن البلاد في وضع جيد، أدنى معدل على الإطلاق،
مقابل فئة متشائمة، بلغت 83 في المائة، هي الأعلى في تاريخ
الاستطلاعات.
وفسّرَ كيتينغ هولاند، مدير قسم الاستطلاعات بـCNN: التحديات
أمام أوباما هائلة.. لم يسبق أن تولى رئيس أمريكي المنصب وسط تراجع
في معنويات العامة كالآن... على مدى الـ34 عاماً الماضية التي طرح
خلالها هذا السؤال لم يسبق وأن تدنى المعدل لأقل من 20 في المائة.
ومن جانبه قال بيل شنايدر، كبير محللي الشبكة إن نسبة التشاؤم
الراهن - 83 في المائة - تزيد عن عام 1992، عندما أطاحت الحالة
الاقتصادية بالرئيس بوش الأب.. وأعلى من عام 1980 عند تنحية الرئيس
كارتر عقب وعكة صحية.. وتفوق تلك التي سادت في أعقاب فضيحة
ووترغيت إبان عهد الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1975.
ورغم تدني معنويات الشعب الأمريكي، إلا أن الغالبية تجمع أن
أوباما هو الخيار الأفضل لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وينظر ثلثا (2/3) الأمريكيين بإيجابية لما قام به الرئيس حتى
اللحظة منذ انتخابه، ويرى ثلاثة أرباع الشارع الأمريكي أن أدائه
سيكون جيداً كرئيس.
وأردف هولاند قائلاً: أوباما حصل تقريباً على دعم كافة
الأمريكيين من أصل أفريقي في الاستطلاع.. إلا أنه حاز كذلك على
تقدير جيد من غالبية البيض.
ولا يخفي التفاؤل الذي أبدته الغالبية العظمى قلق الأمريكيين
حيال الاقتصاد، حيث نفى ستة من أصل عشرة علمهم بالخطوات التي
سيتبناها الرئيس الجديد لإصلاح الاقتصاد.
ويربط المحللون تدني معنويات الشعب الأمريكي ربما إلى ما كشفه
استطلاع آخر للرأي بأن جورج بوش هو أقل رؤوساء الولايات المتحدة
شعبية، منذ إجازة مبدأ التقييم منذ أكثر من ستة عقود.
وقال 76 في المائة من شملهم الاستطلاع إنهم غير راضون عن كيفية
أداء بوش لواجب الرئاسة، وهو أعلى معدل تشهده استطلاعات CNN وغالوب،
الذي يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية.
البيت الابيض وازمة الفنانين الكوميديين
في عصر أوباما
من جانب اخر يرى خبراء أن الفوز التاريخي للرئيس الامريكي
المنتخب باراك أوباما لا يبشر بالخير بالنسبة للفنانين الكوميديين
الذين انتعشوا بنكات عن الرئيس جورج بوش.
ويتولى أوباما الذي دعمه الكثير من نجوم هوليوود سدة الرئاسة في
20 يناير كانون الثاني ليكون أول رئيس أسود وسط أزمة مالية عالمية
وحربين في العراق وأفغانستان.
وسواء أكان السبب هو أنه مفضل لدى فناني الكوميديا الذين يميلون
الى اليسار أو الطبيعة التاريخية لانتخابه او أنه لم يرتكب الكثير
من الزلات حتى الان فان الكوميديين لا يجدون الكثير ليطلقوا
المزحات بشأنه حتى الآن.
وقال مايكل ماستو الكاتب بجريدة فيليدج فويس التي تصدر في
نيويورك: انتخاب اوباما رائع بالنسبة لبلادنا لكنه سيء بالنسبة
للكوميديا... انه شخص نزيه وذكي يحاول انقاذ دولة في أزمة وهذا لا
يثير الضحك.
وأضاف: الكوميديا تزدهر حين تكون هناك أهداف مضحكة... تقليديا
قدمت برامج مثل (ساترداي نايت لايف) "Saturday Night Live" أفضل ما
لديها حين تناولت شخصيات مثل الرئيس (جيرالد) فورد الذي لم يكن
يستطيع الوقوف بشكل مستقيم طوال الوقت او (بوش) الذي لم يستطع نطق
كلمة نووي او سارة بالين التي لم تكن تعلم أن افريقيا قارة. بحسب
سي ان ان.
وارتفعت معدلات المشاهدة لبرنامج (ساترداي نايت لايف) "
Saturday Night Live" الذي يبث منذ فترة طويلة على شبكة ان بي سي
بشدة اثناء حملة الانتخابات الرئاسية للعام الحالي 2008 وأذكاها
تقليد النجمة تينا فاي لمرشحة الحزب الجمهوري لمنصب نائب الرئيس
سارة بالين حاكمة ألاسكا.
كما أن البرامج الاخبارية الساخرة مثل (ذا ديلي شو ويذ جون
ستوارت) The Daily Show with Jon Stewart" و(ذا كولبرت ريبورت) The
Colbert Report" فضلا عن مقدمي البرامج الحوارية التي تذاع في وقت
متأخر مثل ديفيد ليترمان وجاي لينو كانوا يحصلون على ذخيرة
للكوميديا بانتظام خلال السنوات الثماني التي قضاها بوش في الحكم.
وقال روبرت طومسون استاذ التلفزيون والثقافة الشعبية بجامعة
سيراكيوز: باراك اوباما حتى الان كابوس لفناني الكوميديا.
حتى اوباما مزح في حفل عشاء بنيويورك حين سخر هو ومنافسه
الجمهوري جون مكين من نفسيهما بأن اكبر نقطة ضعف في كل منهما كانت:
أنا مروع بدرجة اكثر من اللازم بقليل.
وأذاع برنامج (ذا ليت شو ويذ ديفيد ليترمان) The Late Show with
David Letterman" على شبكة سي بي اس فقرة ثابتة بعنوان لحظات عظيمة
في الخطب الرئاسية، "Great Moments in Presidential Speeches" تسخر
من بوش حين يتحدث علنا كما عبر لينو الذي يقدم برنامج "ذا تونايت
شو" "The Tonight Show" على ان بي سي عن حزنه لفوز اوباما.
وقال لجمهوره في اليوم التالي لانتخابات الرابع من نوفمبر تشرين
الثاني: لا بد أن أعترف كفنان كوميدي أنني سأفتقد الرئيس بوش لان
اطلاق النكات على اوباما ليس بالامر اليسير فهو لا يعطيك ما يكفي
لتستخدمه. وأضاف، لهذا وهبنا الله (نائب الرئيس المنتخب) جو بايدن.
كما شكا بوش من صعوبة السخرية من اوباما قبل أن يعلن السناتور نفسه
مرشحا للرئاسة بكثير.
وقال بوش في حفل عشاء في واشنطن عام 2006: سناتور اوباما...
أردت أن أطلق مزحة عنك لكن هذا مثل اطلاق مزحة عن البابا... امنحني
مادة لاستخدمها. لتخطيء في نطق كلمة ما.
لكن ليام اوبراين استاذ الانتاج الاعلامي بجامعة كوينيبياك قال
ان فناني الكوميديا لم يخسروا كل شيء لان الكوميديين التقدميين
سيواصلون استخدام ما خلفه الحزب الجمهوري ومن شأن اوباما أن يمنحهم
مادة ليعملوا بها في مرحلة من المراحل.
وأضاف، كما قال اوباما (لم أولد في مذود.) انه واع تماما خاصة
للمسائل الصعبة ومهما بلغت جودة المشورة التي يقدمها فريق العاملين
معه فان أخطاء سترتكب.
وذكر جي.ار هافلان الكاتب ببرنامج (ذا ديلي شو) The Daily Show
لصحيفة نيويورك تايمز أنه: ربما ليس سرا أين تقع حياتنا السياسية...
لم نجلس معا نفكر ماذا سنفعل على الصعيد الكوميدي اذا فاز اوباما..
سيدور الكثير حوله. وأضاف، نبحث عن مادة لكننا لا نبتدعها. يجب أن
يحدث شيء حتى نسخر منه.
عمل الساخرون انتهى بعد مغادرة بوش
يستعد الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش لمشاهدة أحدث أفلام
المخرج الأمريكي المثير للجدل أوليفر ستون، والذي يحمل عنوان W،
وتدور أحداثه حول حياة بوش وفترة رئاسته، ولكن طبعاً باستخدام
سخرية ستون المعهودة.
ويصور أوليفر ستون جورج بوش في الفيلم على أنه راعي البقر
الشغوف بالحرب، قليل المعرفة، والمتمتع بشخصية فريدة، حيث يقوم
الممثل الأمريكي جوش برولين بأداء دور بوش.
وبينما نتابع فيلم ستون، نلاحظ التركيز على أحداث كثيرة خلال
فترة رئاسية "دوبيا"، وهو الاسم الذي أطلق على جورج بوش للسخرية من
الطريقة التي يلفظ فيها اسمه الوسط، ومن بين هذه الأحداث: الحادي
عشر من سبتمبر/ أيلول، الحربين على العراق وأفغانستان، إعصار
كاترينا، والأزمة الاقتصادية الأخيرة.
يقول ستون: لقد حاولت جعل السياسة تبدو أكثر متعة، حيث أن معظم
السياسيين الذين مروا على الولايات المتحدة حتى الآن ليسوا مقدسين،
وبوش ما هو إلا واحد من أولئك الساسة الذين يشكلون حقلا خصبا
للتهكم.
ولم يكن بوش صيداً كبيراً للأفلام فقط، بل هو أيضاً شخصية مهمة
بالنسبة للبرامج التلفزيونية، مثل The Daily Show with John
Stewart، وSaturday Night live.
إلا أن هناك فترة من الوقت مرت في حياة بوش فقدت فيها السخرية
طابعها، كالفترة التي تبعت الهجمات على مركز التجارة العالمي في
نيويورك، حيث اعتقد وقتها أنه لا يمكن المساس بشخصية الرئيس المنقذ.
أما الفيلم المثير للجدل فهرنهايت 9/11 للمخرج مايكل مور، فقد
شكل صفعة قاسية لبوش، حيث أن هذا الفيلم لا زال يحتل صدارة الأفلام
السياسية الساخرة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، فقد جمع حتى الآن
نحو 119 مليون دولار حول العالم. ولكن ما الذي يجذب صناع الأفلام
ليكون بوش نجم أعمالهم؟
يقول توم باترسون، الأستاذ في كلية كينيدي الحكومية: أعتقد أن
كل ما بالرئيس يجذب الانتباه، فهناك التكتم وعدم الانفتاح، وهما
الأمران المشجعان على السخرية.
ويضيف باترسون: بالإضافة إلى ذلك، عندما تسوء الأوضاع، فإن هذا
الأمر يشجع على السخرية، كالحرب على العراق مثلا، والأزمة المالية.
ولهذا، فإن فوز أوباما في الانتخابات الأمريكية سيخفف من حدة
السخرية من الرئيس الأمريكية، وهو ما سيجعل مهمة جون ستيوارت
وستيفن كولبرت صعبة للغاية. ويقول باترسون: أعتقد أن أوباما سيكون
هدفا صعبا.
ولعل الفنانين الساخرين سينظرون اليوم إلى عهد بوش بأسى، حيث أن
عملهم ازدهر في تلك الفترة، لكن وكما يقول أوليفر ستون في فيلمه:
لا يمكننا اختراع جورج بوش جديد. |