روسيا وامريكا: هل تكون حقبة اوباما حرب باردة جديدة؟

مدفيديف يستقبل اوباما بهجوم لاذع ودرع صاروخية روسية

شبكة النبأ: ما لبثت ان انتهت زوبعة انتخابات الرئاسة الامريكية بفوز مرشح الديمقراطيين باراك اوباما حتى كشَّر الروس عن انيابهم مهددين باقامة درع صاروخي روسي بمواجهة الدرع التي كان بوش يعتزم اقامتها في بولندا بالقرب من الحدود الروسية ومشترِطين اقامة حوار بنّاء غير الذي كان في عهد بوش لأجل صياغة تفاهمات جديدة، فقد دعا الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف نظيره الاميركي المقبل باراك اوباما الى "حوار بناء" محمِّلا في الوقت عينه الولايات المتحدة مسؤولية المشاكل الكبرى في العالم وملوحا برد انتقامي على مشروع الدرع الصاروخية الاميركية في اوروبا.

وقال مدفيديف في خطابه السنوي الاول الى الامة منذ انتخابه في آذار/مارس "نأمل من شركائنا الجدد الادارة الاميركية الجديدة ان يختاروا اقامة علاقات جيدة" مع روسيا.

ولاحقا دعا مدفيديف اوباما في برقية تهنئة الى "حوار بناء" يقوم "على الثقة" في وقت شهدت فيه العلاقات الاميركية-الروسية في عهد جورج بوش توترات اعادت الى الاذهان مرحلة الحرب الباردة.

وقال الرئيس الروسي ان بلاده "مقتنعة بالحاجة الى تطوير العلاقات (الثنائية) تدريجيا" معتبرا ان تحقيق هذا الامر ممكن لوجود عوامل "ايجابية وصلبة".

لكنه ندد في مطلع خطابه ب"السياسة الاستعلائية للادارة الاميركية" التي قادت الى "مأساة تسخينفالي" في اشارة الى النزاع العسكري الذي دار في آب/اغسطس بين روسيا وجورجيا حول اوسيتيا الجنوبية الانفصالية عن تبيليسي اثر الهجوم العسكري الذي شنته الاخيرة على تسخينفالي عاصمة الجمهورية الانفصالية عنها.

واكد مدفيديف "لن نتراجع في القوقاز" مشددا على ان الحرب التي دارت في جورجيا (الحليفة للغرب) "زعزعت الاستقرار العالمي". بحسب فرانس برس.

واتهم الرئيس الروسي الولايات المتحدة ايضا بالتسبب في الازمة المالية العالمية عبر "نفخ الفقاعة المالية لتحفيز النمو لديها" في غياب "اي حس بالتقييم" داعيا الى "اصلاح جذري" للنظام المالي العالمي.

وحرص مدفيديف في خطابه الذي استغرق 85 دقيقة في الكرملين على مسامع النواب وممثلي المجالس المنتخبة ونخبة من الشخصيات الروسية في طليعتهم رئيس الوزراء فلاديمير بوتين على تشديد لهجته وتعزيز سلطته.

وشرح الرئيس الروسي بالتفصيل الرد العسكري الذي تنوي بلاده القيام به ردا على مشروع واشنطن نشر عناصر من الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في بولندا وتشيكيا والذي ترى فيه موسكو مصدر تهديد لامنها القومي.

وقال "لكي يكون بمقدورنا عند الاقتضاء ابطال مفعول نظام الدفاع الصاروخية سننشر انظمة صواريخ اسكندر في منطقة كالينينغراد" الجيب الروسي الواقع داخل الاتحاد الاوروبي بين بولندا وليتوانيا على بحر البلطيق في اجراء يشكل اول انتقال لروسيا من التهديد الى الفعل في ما خص الدرع الصاروخية.

واضاف "من هذه المنطقة نفسها سنشوش على العناصر الجديدة لنظام الدفاع الصاروخي الذي تنوي الولايات المتحدة نشره" من دون اعطاء مزيد من الايضاحات.

وباسلوب "بوتيني" صرف اتهم مدفيديف واشنطن بانها "استخدمت النزاع في القوقاز ذريعة لادخال سفن عسكرية اطلسية الى البحر الاسود ولتسريع فرض نظام الدفاع الصاروخي الاميركي على اوروبا".

وفي مجال السياسة الداخلية اقترح مدفيديف تمديد الولاية الرئاسية من اربع سنوات الى ست سنوات وتمديد ولاية مجلس النواب (الدوما) من اربع سنوات الى خمس وتعزيز "الرقابة على السلطة التنفيذية" عن طريق ارغام الحكومة على "تقديم حسابات كل عام الى مجلس الدوما".

لافروف: ليس للولايات المتحدة حق الادلاء برأي في نصب صواريخ روسية

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان قرار روسيا نصب صواريخ في جيب كالينينغراد المحاط بدول اوروبية مسالة داخلية ليس للولايات المتحدة ان تدلي براي فيها.

ونقلت وكالة انباء ايتار تاس عن لافروف قوله عقب لقاء مع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في مصر "لست اعتقد ان للولايات المتحدة علاقة بنصب نظم روسية على الاراضي الروسية".

وكان الرئيس الروسي قد اعلن الاربعاء الماضي نصب صواريخ في هذا الجيب المحاط باراضي دول في الاتحاد الاوروبي وذلك ردا على مشروع نصب عناصر في الدرع الاميركي المضاد للصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك. بحسب فرانس برس.

واثار هذا القرار الروسي انتقادات في الغرب حيث وصفته الولايات المتحدة بانه "مخيب للامال" بينما قالت المانيا انه "مؤشر سيىء في توقيت سيىء".

وقد عقد لافروف ورايس اجتماعا مطولا السبت في شرم الشيخ في محاولة لتحسين العلاقات الروسية الاميركية التي يشوبها التوتر.

واعرب الوزير الروسي عن ارتياحه لمباحثاته مع نظيرته الاميركية حسبما ذكرت وكالة ايتار تاس التي اوضحت ان الجانبين اتفقا على العمل معا فيما يتعلق بالمشكلات الدولية الكبرى ذات الاهتمام المشترك رغم وجود خلافات كبيرة حول بعض هذه المسائل.

رايس ولافروف يحاولان ترميم العلاقات الاميركية-الروسية المتعثرة

وعقدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الروسي سيرغي لافروف في شرم الشيخ بمصر اجتماعا طويلا استغرق نحو ساعة وثلث الساعة لمحاولة ترميم العلاقات الاميركية-الروسية المتعثرة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان وزيري الخارجية عقدا اجتماعا مغلقا "استمر حوالى ساعة وعشرين دقيقة" في احد فنادق شرم الشيخ حيث سيشاركان في اجتماع للجنة الرباعية للشرق الاوسط.

وقد عقد هذا اللقاء الذي تميز بطول مدته الاستثنائية بالنسبة الى رايس التي تحتسب لقاءاتها بالدقائق في اطار من التوتر الشديد بين روسيا والولايات المتحدة بسبب العملية العسكرية الروسية في منطقة اوسيتيا الجنوبية الجورجية الانفصالية خلال الصيف ومشروع نشر منظومة اميركية مضادة للصواريخ في اوروبا تعارضها موسكو معارضة شديدة. بحسب فرانس برس.

واضاف المتحدث "سأصف اللقاء بأنه جيد ومثمر". وقال "انهما تحدثا عن مجموعة واسعة من المواضيع في اطار اعلان سوتشي".

ففي نهاية لقاء عقد في نيسان/ابريل في سوتشي جنوب روسيا اصدر الرئيسان جورج بوش وفلاديمير بوتين "اعلانا من اجل اطار استراتيجي" تضمن مراجعة لعلاقاتهما ورسم خريطة طريق لخلفيهما.

ومنذ ذلك الحين سلم بوتين ديمتري مدفيديف الرئاسة على ان يسلمها بوش الى الرئيس المنتخب باراك اوباما في 20 كانون الثاني/يناير.

ولاحظ ماكورماك ان "الوثيقة تعترف بأن خلافات ستنشأ بين البلدين على بعض المواضيع لكنها تظهر المجالات التي يمكن ان يتعاون البلدان في شأنها".

واضاف المتحدث ان الوزيرين تطرقا ايضا الى معاهدة خفض الاسلحة الاستراتيجية (ستارت) والدرع المضادة للصواريخ التي تنوي الولايات المتحدة نشرها في بولندا والجمهورية التشيكية.

وذكر بأن المفاوض الاميركي جون رود سيلتقي نظيره الروسي سيرغي ريابكوف في الاسابيع المقبلة وفي موسكو على الارجح لمناقشة الاقتراحات الجديدة التي قدمتها واشنطن حول الدرع المضادة للصواريخ والتي لم يكشف مضمونها بعد.

اوباما لم يقطع اي تعهد بشان الدرع المضادة للصواريخ

واكد احد مستشاري الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما ان هذا الاخير لم يقطع اي تعهد بمواصلة مشروع الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية مناقضا بذلك ما قاله الرئيس البولندي ليش كاتزينسكي.

وقال مستشار اوباما للسياسة الخارجية دنيس ماكدونو ان الرئيس المنتخب لم يتخذ اي موقف نهائي بشان هذا البرنامج. وقال في بيان ان اوباما "اجرى محادثة جيدة مع الرئيس البولندي ورئيس الوزراء (دونالد تاسك) بشان اهمية التحالف بين الولايات المتحدة وبولندا". بحسب فرانس برس.

واضاف ماكدونو ان "الرئيس كاتزينسكي تحدث عن الدفاع المضاد للصواريخ لكن الرئيس المنتخب اوباما لم يقطع اي تعهد في هذا الشان".

وكان الرئيس البولندي اشار الى محادثة هاتفية مساء الجمعة بينه وبين اوباما مؤكدا ان الرئيس الاميركي المنتخب وعد بمواصلة مشروع الدرع الاوروبية المضادة للصواريخ في بولندا.

وقالت الرئاسة البولندية في بيان ان "باراك اوباما شدد على اهمية الشراكة الاستراتيجية بين بولندا والولايات المتحدة واعرب عن الامل في استمرار التعاون السياسي والعسكري بين البلدين. واشار كذلك الى ان مشروع الدرع المضادة للصواريخ سيتواصل".

شتاينماير يدعو اوباما الى مناقشة الدرع الصاروخية مع موسكو

من جهة ثانية دعا وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما الى اجراء محادثات مع موسكو حول مسألة الدرع الصاروخية التي تعتزم الولايات المتحدة نشرها في اوروبا الشرقية في مقابلة نشرت السبت.

وقال شتاينماير لصحيفة هامبورغر ابندبلات "في ما يتعلق بنظام الدفاع الصاروخي في بولندا والجمهورية التشيكية دعوت تكرارا الى بحث هذه المسائل مع روسيا ايضا وانتظر من اوباما ان يسعى لاقامة حوار كهذا".

وتابع الوزير الذي تعتبر بلاده احيانا بمثابة وسيط بين الاميركيين والروس "انتظر ايضا من السلطات الروسية ان تقوم بخطوات في اتجاه الاوروبيين والاميركيين". بحسب فرانس برس.

كذلك ندد شتاينماير باعلان موسكو نشر صواريخ للتشويش على الدرع الصاروخية الاميركية. وقال "آخر ما نحتاج اليه هو سباق لنشر" الصواريخ.

واعتبر ان موسكو وجهت "رسالة غير مناسبة في الوقت غير المناسب" موضحا ان "رئيسا اميركيا جديدا يصل ويتحدث عن انطلاقة جديدة وعن شراكات جديدة انها فرص لا يمكننا تفويتها".

روسيا تلمح الى موقف أقل تشدداً

وفي تطور لاحق بعثت روسيا باشارة قوية الى واشنطن بأنها لن تعجل بنشر صواريخ تكتيكية قرب الحدود البولندية اذا ألغى خصمها السابق من زمن الحرب الباردة خططا لاقامة درع صاروخية في شرق أوروبا.

وتقول واشنطن ان درع الدفاع الصاروخي التي ستتكون من عشرة صواريخ اعتراضية في بولندا ورادار في جمهورية التشيك ستساهم في حماية الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين من هجوم صاروخي تشنه دول مثل ايران. وتقول موسكو مرارا ان الخطة الامريكية تهديد مباشر لأمن روسيا القومي.

وأبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مؤتمرا صحفيا عقب محادثات مع نظيره الفنلندي الكسندر ستوب أن نشر صواريخ اسكندر سيكون "فقط في حالة تحقق منطقة المواقع الثالثة."بحسب رويترز.

وقال لافروف "أعلنا من خلال كلمات رئيسنا.. لو أن منطقة المواقع الثالثة ... أقيمت فعليا فان أحد الاجراءات الملموسة لتحييد التهديدات الناشئة حتما على أمن روسيا سيكون نشر منظومة اسكندر في منطقة كالينينجراد."

أمريكا تحث على سرعة ضم اوكرانيا لعضوية حلف الاطلسي

من جهة ثانية حث وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي على وضع اوكرانيا في الطريق نحو عضوية الحلف رغم اعتراضات روسيا والشكوك بشأن المستقبل السياسي للدولة السوفيتية سابقا.

لكن جيتس الذي وصل إلى استونيا لحضور اجتماعات حلف الاطلسي سيواجه اعتراضات من دول اعضاء تريد التحرك ببطء أكثر وتشعر بالقلق بشأن رد موسكو وخاصة بعد حربها مع جورجيا وهي دولة اخرى تأمل في الانضمام الى عضوية الحلف. بحسب رويترز.

ويتطلع زعماء الدول الاعضاء في الحلف بالفعل الى الادارة الامريكية القادمة بزعامة الرئيس المنتخب باراك اوباما الذي يتولى مهام منصبه يوم 20 يناير كانون الثاني. وقال محللون ان هذا لا يترك أملا يذكر لاهداف ادارة بوش بوضع اوكرانيا وجورجيا في طريق يعرف باسم خطة عمل (خارطة) للانضمام الى حلف الاطلسي هذا العام.

وقال يانوش بوجايسكي من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية " ادارة بوش تركت الامور حتى وقت متأخر قبل ان تبدأ في السعي لمنح خرائط (طريق) لاوكرانيا وجورجيا." وأضاف "المسألة ستكون بالغة الصعوبة لمنح خارطة لاوكرانيا."

وتوترت العلاقات بين موسكو وحلف الاطلسي منذ الهزيمة الساحقة التي الحقتها روسيا بالجيش الجورجي في اغسطس اب. لكن التوترات اشتدت حتى منذ فترة سابقة على ذلك بشأن توسع حلف الاطلسي داخل اراضي الدول السوفيتية سابقا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 15/تشرين الثاني/2008 - 15/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م