أوباما الفائز يتطلع للمستقبل

مرشح شعاره التغيير ورئيس بدايته الحذر الشديد

 

شبكة النبأ: تحول السناتور الديمقراطي باراك أوباما من زهو الفوز التاريخي بدخول البيت الابيض الى التحديات الصعبة المتمثلة في قيادة دولة تواجه أزمة اقتصادية كبيرة وحربين طال امدهما.

ففي اليوم التالي لفوزه الكاسح الذي سيجعله أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة واجه أوباما مهمة تشكيل ادارة جديدة بسرعة والدفاع عن أولوياته قبل تولي السلطة رسميا يوم 20 يناير كانون الثاني المقبل.

وقال أوباما أمام أكثر من 200 ألف من أنصاره المبتهجين الذين احتشدوا في متنزه جراند بارك في شيكاجو للاحتفال بفوز المرشح الديمقراطي "سيكون الطريق أمامنا طويلا. سنتسلق منحدرا صعبا. وقد لا نصل الى هناك في عام أو حتى في فترة ولاية واحدة. ولكن يا أمريكا.. لم أكن أكثر تفاؤلا مما أنا الليلة بأننا سنصل الى هناك."

وقاد أوباما الديمقراطيين الى نصر كاسح وسعوا فيه أغلبيتهم في مجلسي النواب والشيوخ بالكونجرس مع رفض الامريكيين الشديد لفترتي رئاسة بوش طوال ثمانية أعوام.

وانطلقت الاحتفالات في الشوارع في انحاء البلاد لكن لن يكون لدى أوباما وقت للاستمتاع بالنصر. ففور توليه السلطة سيواجه بتحديات أن يفي بتعهداته الانتخابية ويحل قائمة طويلة من المشكلات التي طال امدها.

وسيجتمع زعماء العالم في واشنطن يوم 15 نوفمبر تشرين الثاني الجاري في قمة بشأن الازمة المالية العالمية. وقال البيت الابيض انه لا يتوقع حضور الرئيس المنتخب لكن أوباما لم يعلن خططه بعد.

وأظهرت تقارير ان سوق الوظائف في القطاع الخاص تدهورت بسرعة في أكتوبر تشرين الاول وان قطاع الخدمات انكمش بدرجة كبيرة مما يلقي الضوء على التحديات الاقتصادية التي تواج أوباما.

وقال بوش في حديقة البيت الابيض انه تحدث مع أوباما وهنأه "بالفوز المبهر" الذي يمثل "تحقيق حلم" فيما يتعلق بالحقوق المدنية. وتعهد بالتعاون في انتقال السلطة. وقال بوش "خلال فترة الانتقال هذه سأبقي الرئيس المنتخب على اطلاع كامل على القرارات المهمة."

وتحضير أوباما لتولي السلطة بدأ بالفعل قبل أسابيع ومن المتوقع ان يتحرك بسرعة لتعيين وزيري الخزانة والخاجية. بحسب رويترز.

وتردد أن أوباما طلب من رام ايمانويل وهو عضو كونجرس ديمقراطي من ايلينوي كان قد خدم في ادارة الرئيس بيل كلينتون ان يتولى منصب كبير موظفي البيت الابيض.

وأمضى أوباما أول أيامه بعد فوزه بالرئاسة في مهام أقل اثارة. فتناول افطاره في منزله في شيكاجو مع ابنتيه ثم توجه الى قاعة للالعاب الرياضية وخطط للمرور على مقر حملته ليشكر العاملين به.

وكان رد فعل الاسواق الاولي محدودا. وقال المحللون ان السوق استوعبت بدرجة كبيرة فوز أوباما وان المخاوف المتعلقة بالاقتصاد العالمي تطغى على الاسواق. وارتفع الدولار معوضا بعض خسائره في الجلسة السابقة ثم عاد فتخلى عن بعض مكاسبه بعد صدور بيانات عن قطاع الخدمات الامريكي.

وأعربت الحكومات الحليفة عن أملها في تعاون وثيق مع واشنطن بينما طالب منتقدون سواء كانوا مسؤولين في روسيا وايران او جماعات اسلامية في الشرق الاوسط بتغيير واضح في سياسة واشنطن.

وتحدث الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف عن امله بشأن علاقات روسية أمريكية قوية لكنه في الوقت نفسه توعد بالرد على خطط نظام الدفاع الصاروخي الامريكي.

اوباما يفضل أسلوب الفعالية والتروي

وسيجلب باراك اوباما أسلوبا أكثر حذرا وترويا الى البيت الابيض يختلف عن ميل الرئيس جورج بوش الى الاعتماد بدرجة أكبر على غريزته.

لكن حتى منتقدي سناتور ايلينوي (47 عاما) يعزون اليه الفضل في ادارة حملة شديدة الفعالية اتسمت بالنظام والتنظيم الجيد وشحذتها معركته الطويلة ضد هيلاري كلينتون من أجل الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة. وتوفر العملية السياسية فهما للطريقة التي سيحكم بها اوباما حين يتولى سدة الرئاسة في 20 يناير كانون الثاني وسط أزمة اقتصادية وحربين في العراق وافغانستان.

ومن بين الصفات التي ضخّم مساعدوه من شأنها باعجاب خلال الحملة سلوكه الهاديء الذي دفع فريق العاملين معه الى أن يطلقوا عليه اسم "اوباما بلا دراما."بحسب رويترز.

ويقول أعضاء بفريقه انهم نادرا ان لم يكن أبدا ما سمعوه يرفع صوته غير أن له أساليب في اظهار عدم رضاه عن قرار ما.

وقال ديفيد اكسيلرود كبير واضعي الاستراتيجيات بحملة اوباما "أسلوبه في الادارة هو اختيار أشخاص يثق بهم ومنحهم الكثير من السلطات وتحميلهم المسؤولية... يريد أن يعلم ما هي الخطط لتنفيذ هذه الاهداف ومحاسبة المرء على هذا."

واكسيلرود الذي يشتهر ببراعته في صياغة الرسائل السياسية واحد من حفنة من كبار المساعدين الذين وضع اوباما ثقته فيهم.

ومن بين أعضاء هذه الدائرة من المساعدين ديفيد بلاوف مدير حملة اوباما شديد التنظيم الذي راقب انفاق الحملة بحماس وفاليري جاريت وهي محامية وسيدة أعمال منغمسة في الحياة السياسية في شيكاجو.

وعند حاجته للمشورة بشأن العلاقات مع الصحافة يلجأ اوباما لروبرت جيبز الجنوبي قوي الشكيمة الذي يتسم بأسلوب مهذب والذي فرض سيطرة محكمة على وصول وسائل الاعلام للمرشح.

ومن المرجح أن يلعب كثيرون من هؤلاء المستشارين أدوارا بارزة في ادارة اوباما. ويقال ان جيبز سيصبح السكرتير الصحفي للبيت الابيض فيما يبحث اكسيلرود شغل منصب أحد كبار المستشارين لكنه لم يقرر بعد ما اذا كان سينتقل الى واشنطن.

ويشترك اوباما مع بوش الجمهوري الذي تولى الرئاسة لولايتين في صفتين هما دقة المواعيد والالتزام بالحفاظ على اللياقة البدنية. ويذهب سناتور ايلينوي الى صالة الالعاب الرياضية كل صباح حتى في اكثر اللحظات انشغالا من الحملة. وينظر الى ثبات اوباما على أنه أفاد في تحويل دفة الانتخابات لصالحه حين تفجرت الازمة المالية في منتصف سبتمبر ايلول.

واتسم رد فعل مكين بايماءات مبالغ فيها مثل التعهد بتعليق حملته لمساعدة الكونجرس على التفاوض من أجل الأموال اللازمة لخطة للانقاذ المالي ونادى باقالة رئيس لجنة السندات والصرف.

على النقيض أجرى اوباما مكالمات جماعية سرا مع خبراء مثل بول فولكر رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي السابق ووزير الخزانة السابق لورانس سومرز والمستثمر وورين بافيت بينما كان يتابع أحداث السوق على جهاز البلاكبيري الخاص به.

وركز حديثه في الايام القليلة الاولى من الازمة على القاء اللوم على ادارة بوش لاسلوبها الفضفاض في التنظيم ومحاولة الربط بين مكين وسياسات بوش. وجازف باحتمال أن يجسده مكين في صورة الشخص المتردد بأن ألغى خططا لكشف النقاب عن اقتراحه الخاص بسوق العقارات وفضل الوقوف وراء دعوة وزير الخزانة هنري بولسون لوضع خطة للانقاذ قيمتها 700 مليار دولار.

أوباما يرث أسوأ أزمة مالية ويبحث عن وزير للخزانة

ويرث أوباما أسوأ أزمة مالية منذ عقود لدى تسلمه منصبه في يناير كانون الثاني القادم ومن المتوقع ان يعلن قريبا جدا ربما يوم الخميس مرشحه لمنصب وزير الخزانة.

ومن بين المرشحين لوزارة الخزانة تيموثي جيتنر رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي بولاية نيويورك ولورانس سمرز وزير الخزانة السابق وبول فولكر الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي).

وبعد النصر الكاسح الذي حققه في انتخابات الثلاثاء ليصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة يقترب أوباما فيما يبدو من اعلان مرشحه لمنصب رئيس موظفي البيت الابيض.

ووفقا لمصادر ديمقراطية طلبت عدم الكشف عنها عرض على النائب الديمقراطي رام امانويل من ولاية ايلينوي مهمة قيادة فريق أوباما في البيت الابيض.

وعضو الكونجرس البالغ من العمر 48 عاما له روابط وثيقة مع الدائرة المقربة من أوباما (47 عاما) وهو أيضا مثل الرئيس المنتخب من شيكاجو. ومن المتوقع ان يقبل امانويل المنصب الذي يوكل اليه مسؤولية المكتب البيضاوي في البيت الابيض. بحسب رويترز.

وقال احد المصادر الديمقراطية ان أوباما شكل بالفعل فريقا للمرحلة الانتقالية يعمل سريعا على تشكيل الفريق الاقتصادي للادارة الامريكية التالية وفريق الامن الداخلي.

ويرأس فريق المرحلة الانتقالية هذا كل من فاليري جاريت وهي صديقة مقربة لاوباما وبيت روز رئيس مكتبه في مجلس الشيوخ وجون بوديستا وهو رئيس سابق لموظفي مكتب الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون.

ووسط أسوأ أزمة مالية منذ الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي يريد أوباما ان يتحرك سريعا ليكون مستعدا للتعامل مع الكساد وحربي العراق وأفغانستان.

ويفرض مكتب أوباما سرية على عملية انتقال السلطة التي تحدث خلال 11 أسبوعا وحتى يوم 20 يناير كانون الثاني حين يؤدي اليمين الدستورية خلفا للرئيس الجمهوري غير المحبوب جورج بوش ليصبح بذلك الرئيس الرابع والاربعين في تاريخ الولايات المتحدة.

وسيقود من يتولى وزارة الخزانة مهمة انقاذ وول ستريت التي تتكلف 700 مليار دولار والاصلاح التنظيمي لمنع تكرار الازمة.

خيارات صعبة بشأن الحرب في العراق وفي افغانستان

ويواجه اوباما عما قريب قرارات حاسمة بشأن الحرب في العراق وفي افغانستان فيما تجري الولايات المتحدة اول تغيير في الادارة وقت الحرب منذ حرب فيتنام.

ويتعين على القائد العام لاكبر قوة عسكرية في العالم ان يتعامل ايضا مع قضايا امنية قومية رئيسية على غرار البرنامج النووي الايراني وتيارات التشدد واوضاع زعزعة الاستقرار في باكستان المسلحة نوويا.

وفيما تواجه وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) مثل هذا التحول الرئيسي في هذا الوقت العصيب تقول انها بذلت جهودا غير مسبوقة كي تكفل الانتقال السلس للسلطة الى الادارة الجديدة.

وقال برايان ويتمان المتحدث باسم النبتاجون "انه اول انتقال وقت الحرب منذ عام 1968 عندما انتقلت السلطة من جونسون الى نيكسون حلال حرب فيتنام."وقال "نحن على استعداد للبدء في اطلاع الادارة القادمة على الفور."بحسب رويترز.

وتتصدر قمة جدول اعمال اوباما مسألة كيفية التعامل مع الحرب في العراق - حيث تحتفظ الولايات المتحدة باكثر من 150 الف جندي - وفي افغانستان حيث يوجد اكثر من 30 الف جندي امريكي.

ويعارض اوباما الحرب في العراق وهي الحرب التي اصبحت لا تحظى باي قدر من الشعبية مع تصاعد العنف وارتفاع عدد القتلى العراقيين والامريكيين. وتعهد اوباما بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الامريكية من العراق واقترح استكمال الانسحاب في غضون 16 شهرا.

الا ان عددا من كبار القادة العسكريين الامريكيين قالوا انهم يعارضون وضع اطار زمني ويقولون ان اي انسحاب من العراق يتعين ان يرتكز على التقييمات الامنية التي يجريها القادة على ارض الواقع.

فريق اوباما للمرحلة الانتقالية

وقدم فريق اوباما الفريق المكلف اعداد المرحلة الانتقالية بين ادارة جورج بوش والادارة الجديدة. وسيتسلم اوباما مهامه رسمياً في 20 كانون الثاني/يناير المقبل.

وقال فريق اوباما في بيان ان الفريق المكلف الاعداد للمرحلة الانتقالية تشكل "قبل بضعة اشهر" ولكن مهمته اصبحت رسمية الان.

ويترأس الفريق الانتقالي ثلاث شخصيات من بينها جون بوديستا الامين العام للبيت الابيض في عهد بيل كلينتون من 1998 الى 2001 والذي يشغل حاليا منصب رئيس معهد "المركز من اجل تقدم اميركا" وهو معهد ابحاث يساري.

والشخصيتان الاخريان هما فاليري جاريت مستشارة مقربة من اوباما وبيتي روس وهو مدير مكتب سيناتور ايللينوي. بحسب رويترز.

وسيساعد هذه الشخصيات الثلاث 12 مستشارا من بينهم حاكمة اريزونا جانيت نابوليتانو وزيرة التجارة في عهد كلينتون ووليام دالاي وزير النقل والطاقة في عهد كلينتون وفدريكو بينا مستشارة اوبما للشؤون الدولية بالاضافة الى سوزان رايس التي عملت في ادارة كلينتون.

كما اعلن المسؤول الديموقراطي الكبير ستيني هوير الاربعاء ان رام امانويل الذي اعيد انتخابه الثلاثاء نائبا عن ايلينوي في الكونغرس الاميركي وهو مقرب من اوباما ينوي قبول تعيينه امينا عاما للبيت الابيض في الادارة الجديدة.

وكانت محطة التلفزيون الاميركية "ان بي سي" اعلنت في وقت سابق نقلا عن مستشار للرئيس المنتخب باراك اوباما فضل عدم الكشف عن هويته ان امانويل قبل منصب الامين العام للبيت الابيض.

دول الشرق الاوسط تريد ان تتعاون مع اوباما

وفيما ابقت ايران على صمتها الرسمي ازاء فوز باراك اوباما عبرت عدة دول من الشرق الاوسط عن رغبتها في التعاون مع الرئيس المنتخب الذي بات اول اسود يصل الى البيت الابيض وسط تطلعات البعض الى تغيير يمكن ان يحمله وصوله على صعيد السياسة الخارجية.

واعرب وزير الاعلام السوري محسن بلال الذي تعرضت بلاده لغارة اميركية قبل اسابيع عن الامل في ان يؤدي انتخاب باراك اوباما الى "تغيير في سياستها (واشنطن) الخارجية" والى "دعم تحقيق السلام" في الشرق الاوسط.

اما في العراق البلد الذي تنشر فيه الولايات المتحدة حوالى 145 الف جندي فقد عبرت الحكومة وبعض السياسيين العراقيين من مختلف الاتجاهات عن املهم في تعاون الرئيس الاميركي الجديد في حفظ الامن والاستقرار رغم تاكيده العمل على سحب القوات الاميركية من هذا البلد خلال اقل من عامين. واكدت الحكومة "رغبتها الصادقة" في التعاون مع اوباما بما "يحفظ الامن والاستقرار في العراق".

وعبر بيان رسمي عن "ترحيب الحكومة العراقية واحترامها لخيار الشعب الاميركي في انتخاب السيناتور باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة" وعن "رغبة الحكومة الصادقة في التعاون مع الرئيس المنتخب بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين ويحفظ الامن والاستقرار في العراق ويصون سيادته الكاملة ويحفظ مصالح شعبه".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/تشرين الثاني/2008 - 10/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م