فتور الأزمة اللبنانية وحرب الشائعات

الإشاعة... المولود غير الشرعي لمخاض التصريحات المتشنجة

إعداد: محمد حميد الصواف

شبكة النبأ: في سياق التطورات السياسية والأمنية في لبنان حلت حرب الإشاعة والتقارير مجهولة المصدر على المشهد السياسي كبديل على ما يبدو لملء الفراغ التي خلفته حرب التصريحات التي كانت المتسيدة  في الفترة السابقة.

فبعد أن خفتت حدة التصريحات السياسية المتشنجة  و تنامي دعوات التهدئة والتسوية  في أعقاب الحراك السياسي والميداني الذي افرز حالة شبه أجماع لدى الفرقاء السياسيين على التهدئة, أخذت بالانتشار مؤخرا في الأوساط الرسمية والشعبية العديد من الأنباء والروايات المزعومة.

مما حدي ببعض السياسيين الخروج عن دائرة الصمت والتصدي الى ما يتم تناقله من تلك الروايات.

 حيث دحض الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تقارير متناقلة حول تعرضه للتسمم، واصفاً تلك المزاعم بالحرب النفسية التي تخاض ضد "المقاومة" للإيحاء بوجود صراعات وتصفيات داخل الحركة، وفق تقرير. (CNN)

 وقال نصر الله إن الهدف من نشر هكذا معلومات بين الحين والآخر"تدخل في سياق: " الحرب النفسية التي تُخاض عادةً. من المعروف أن حزب الله هو في دائرة الاستهداف دائماً، على المستوى المعنوي والنفسي والإعلامي والشعبي والجماهيري"، وفق الموقع الإلكتروني لقناة "المنار" التابعة لحزب الله.

وتابع نصر الله بقوله: "هناك محاولة للإساءة لصورة حزب الله من خلال أكاذيب وادعاءات كالخبر الذي نُشر في الآونة الاخيرة في موضوع كولومبيا وللأسف الشديد بعض الفضائيات نشرت الخبر ولم تنشر النفي." 

وأردف: "وهناك استهدافات من نوع آخر كالحديث عن انقسامات واختلافات وانشقاقات وصراع تيارات، هذه كلها أكاذيب لا صحة لها، وصولا إلى الحديث عن عمليات اغتيال، يعني حتى الخبر حاول أن يقدّم الموضوع ببُعدين، يعني البعد الاول هو تعرضي لعملية تسمم، وهذا غير صحيح وأن فلانا استهدف وعلى مشارف الموت - وكثّر الله من خير الإيرانيين - أنهم أرسلوا فريق طبي وما شاكل. وثانياً هناك محاولة للإيحاء بانها عملية داخلية، وأن هناك صراعا داخل حزب الله وأن هناك بحث عن الذين قاموا بهذا العمل."

وعلى صعيد متصل، نفت الحركة اللبنانية، في وقت سابق، بشدة ما زعمته السلطات الكولومبية عن علاقة الحركة بثلاثة أشخاص اعتقلوا في إطار عملية دولية لمكافحة المخدرات.

وأكد مسؤول العلاقات الدولية في "حزب الله" نواف الموسوي أن إلصاق النعوت الإرهابية والإجرامية بالحزب أكاذيب تأتي في سياق حملة صهيونية إمبريالية تسعى إلى تشويه صورة حزب الله المقاوم.

وكانت السلطات الكولومبية، التي ترتبط بعلاقات تنسيق مع الأجهزة الأمنية الأمريكية، قد أعلنت عن اعتقال ثلاثة أشخاص قالت إنها تشتبه في ارتباطهم بحزب الله في اطار عملية دولية لمكافحة المخدرات أدت إلى ضبط شبكة واسعة واعتقال نحو مائة شخص.

وأشار النائب العام الكولومبي إلى أن المعتقلين الثلاثة ينحدرون من الشرق الأوسط وتحديداً من الاردن ولبنان، وفق الشبكة.

 وادعى أن جزءاً من المال الناتج عن العملية "وزع في دول شرق اوسطية لتمويل مجموعات وصفها "بالإرهابية" مثل حزب الله.

 مصارحة لا مصالحة

على صعيد متصل جزم عمار حوري، النائب عن كتلة تيار المستقبل، أن اللقاء الذي جمع سعد الحريري، زعيم الأغلبية النيابية اللبنانية، والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله لم يكن لقاء "مصالحة بل مصارحة"، مضيفاً أن "جرح" مواجهات مايو/ أيار التي خلفت مئات القتلى والجرحى "كبير"، في حين ظهر حزب الله بمظهر المراهن على أن اللقاء أفرز "مصالحة"، مؤكداً أن الأمر ليس "شكلياً"، بل "قطع دابر الفتنة." حسب (CNN)

وقال حوري إن أهمية لقاء نصرالله والحريري "أتت من واقع أنه الأول بعد أكثر من سنتين على آخر لقاء بينهما، كما أنه الأول بعد أحداث السابع من مايو/ أيار، مع ما تخلل هذه الفترة من اعتصامات واحتلال لوسط بيروت ومحاصرة السراي"، الذي يضم مقر رئيس الحكومة.

وأضاف حوري أن ليس من المعقول بالتالي أن تكون المصالحة "عبارة عن مجرد لقاء ينهي كل هذه التفاصيل، لذلك فنحن موضوعيون عندما نقول إن اللقاء هو مصارحة وإفصاح وليس مصالحة."

غير أنه لفت إلى وجود عامل إيجابي أساسي، يتمثل بشأن "إعادة الاختلاف السياسي إلى موقعه الطبيعي في المؤسسات بعد أن انتقل إلى الشارع، الذي شهد ما شهده من تشنجات."

وكشف حوري عن أن اللقاء شهد اتفاقاً على "عقد اجتماعات تنسيقية على مختلف المستويات بين الطرفين، على ألا يشمل ذلك لجاناً أمنية، " لأننا نرى أن الأمن من مسؤولية الأجهزة الرسمية وحدها دون سواها."

ونفى النائب اللبناني أن يكون الحريري ونصرالله قد تطرقا إلى الملف الانتخابي، مؤكداً أن الأمر لم يبحث "لا من قريب ولا من بعيد، لا على مستوى التحالف، ولا حتى تبادل الأصوات."

وأشار بالمقابل إلى أنه جرى التأكيد على خوض كل طرف للانتخابات وفق تحالفاته القائمة حالياً، أي أن تيار المستقبل سيشارك ضمن تحالف 14 آذار، الذي يضم قوى أبرزها الكتائب والقوات والحزب الاشتراكي، بينما يشارك حزب الله ضمن قوى 8 آذار، التي تضم أيضاً حركة أمل والتيار الوطني الحر.

كما نوه إلى وجود "تفاهم" قال إنه "عُقد على هامش اتفاق الدوحة"، لتقاسم مقاعد الدائرة الثانية في بيروت مناصفة.

وعن التأثير المرتقب للقاء نصر الله والحريري على جلسات طاولة الحوار الوطني المقرر أن تنعقد في خلال الشهر الجاري، توقع حوري أن ينعكس الاجتماع إيجابياً عليها، مؤكداً رفض قوى 14 آذار لزيادة عدد المحاورين، مبدياً تخوفه من أن يكون هذا الطلب الذي تسعى إليه المعارضة يهدف إلى "تمييع مضمون" النقاش الذي سيطال "الاستراتيجية الدفاعية" وسلاح حزب الله المرتبط بها.

وفي الشأن الإقليمي، اعتبر حوري أن التحليلات التي أشارت إلى أن العملية الأمريكية الأخيرة على الأراضي السورية قد تبرر عملية مماثلة تنفذها دمشق - التي زادت من حجم انتشارها العسكري قرب الحدود اللبنانية مؤخراً - ضد أهداف تصفها بأنها "إرهابية" في شمال لبنان، أمر "مرفوض جملة وتفصيلاً"، مشدداً على أنه "من غير المقبول حصول تدخل بالشأن اللبناني، كما أن التدخل بالشأن السوري ممنوع أيضاً."

المصالحة تطغى على الاجواء

وفي نفس السياق طغت أجواء المصالحة بين الفرقاء المتنافسين في لبنان على حفل افتتاح مجمع ثقافي اسلامي في الضاحية الجنوبية لبيروت وتركزت الكلمات على المصالحة الوطنية ونبذ الخلافات.

فقد افتتح نبيه بري رئيس مجلس النواب وزعيم حركة امل الشيعية مجمع الامام الصادق في الضاحية الجنوبية بدعوة من جمعية آل البيت الخيرية برعاية المرجع الشيعي السيد علي السيستاني ممثلا بوكيله العام العلامة السيد جواد الشهرستاني الذي يزور لبنان. وفق (رويترز).

وقال بري امام حشد سياسي وديني من معظم الفرقاء المتنافسين في البلاد "ان الاوان لاتخاذ المبادرات الاصلاحية للانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة وفقا لاتفاق الطائف والدستور" مضيفا ان "لبنان كسب معركة تجديد الثقة".

وكانت الاطراف المتنافسة خاضت صراعا سياسيا لمدة 18 شهرا دفع البلاد الى شفا حرب اهلية في مايو ايار الماضي قبل وساطة قطرية تمخضت عن اتفاق على اجراء انتخابات برلمانية العام المقبل وانتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

شارك في الحفل ممثلون عن زعيم تحالف الغالبية البرلمانية سعد الحريري ومنافسه الزعيم المسيحي ميشال عون ومفتي الجمهورية السني محمد رشيد قباني والسفير السعودي عبد العزيز الخوجة ونواب ووزراء من تحالف الغالبية المناهضة لسوريا والمؤيدين لدمشق.

ومن بين المشاركين الزعيم الدرزي المناهض لسوريا وليد جنبلاط الذي زار الضاحية الجنوبية معقل حزب الله للمرة الاولى منذ حرب يوليو تموز عام 2006 بين حزب الله واسرائيل.

وجلس جنبلاط جنبا الى جنب بمحاذاة السفير الايراني في لبنان محمد رضا شيباني. وكان جنبلاط قد دعا في مايو ايار الى طرد السفير الايراني ومنع الطيران الايراني من الهبوط في مطار بيروت الدولي بعد أن اتهم حزب الله بتلقي السلاح الايراني عن طريق هذا المطار وزرع كاميرات بجواره لمراقبة حركة الوافدين اليه.

وبدت أسلحة حزب الله قضية رئيسية مثيرة للانقسام بعدما استخدمت الجماعة بعضا منها لالحاق الهزيمة بخصوم في معارك دارت في شوارع بيروت ومناطق أخرى في مطلع مايو أيار.

لبنان تكشف شبكة تجسس إسرائيلية ربما وراء اغتيال مغنية

من جانبه أعلن الجيش اللبناني السبت أن الاستخبارات العسكرية تمكنت من كشف شبكة تجسس تعمل لحساب "الموساد" الإسرائيلي، تضم عضوين أساسيين، اعترفا بأنهما كانوا وراء العديد من عمليات الاغتيال التي وقعت في لبنان وسوريا مؤخراً، والتي يُعتقد أن من بينها عملية اغتيال القيادي في حزب الله، عماد مغنية.

وجاء في بيان صدر عن الجيش اللبناني: "تمكنت مديرية المخابرات في الجيش، بعد سلسلة تحريات ومتابعة في منطقة البقاع، من توقيف شخصين ينتميان إلى شبكة تجسس وإرهاب، متورطة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي، وقد ضبطت بحوزتهما أجهزة اتصال وكاميرات تصوير متطورة.

كما اعترف الموقوفان، وفقاً لبيان الجيش الذي نقلته الوكالة الوطنية اللبنانية للأنباء، بإقدامهما على "جمع معلومات حول مراكز حزبية، ورصد تحركات مسؤولين حزبيين، لصالح هذا العدو"، مشيراً إلى أن التحقيق ما زال جاريا مع الموقوفين، بالتنسيق مع القضاء المختص لكشف تفاصيل القضية.

ويسعى المحققون إلى إيجاد رابط بين هذه الشبكة وعمليات اغتيال شخصيات أخرى سواء في لبنان أو في سوريا، منها أيضاً اغتيال ضابط الاستخبارات السوري، العميد محمد سليمان، كما يجري التركيز على الدور الذي لعبته هذه الشبكة خلال حرب 2006، سواء بتوفير المعلومات، أو بتحديد الأهداف، أو تقديم الدعم اللوجستي للإسرائيليين في بعض الحالات.

كما نقلت صحيفة "السفير" أن الجيش اللبناني وضع يده على "شبكة إسرائيلية خطيرة، ومحترفة، وذات تاريخ حافل في العمل الأمني لمصلحة الموساد الإسرائيلي، منذ عقود طويلة"، مشيرة إلى ذلك يأتي "في سياق الحرب الأمنية المفتوحة بين لبنان وإسرائيل."

وأضافت الصحيفة أن اكتشاف تلك الشبكة، يأتي في خطوة هي الثانية خلال عامين، بعد أن تم الإمساك بـشبكة "محمود رافع"، في مطلع يونيو/ حزيران 2006، وذكرت أن "عمل الشبكة لم يقتصر على لبنان فقط، بل شمل الأراضي السورية، حيث كانت مكلفة بمسح بعض المناطق الأمنية الحساسة في دمشق."

وأشارت "السفير" إلى أن المحققين اللبنانيين يحاولون إيجاد رابط بين أعضاء هذه الشبكة وعملية اغتيال عماد مغنية المسئول العسكري في حزب الله، بالعاصمة السورية دمشق، في فبراير/ شباط الماضي، وشخصيات أخرى سواء في لبنان أو في سوريا.

وذكرت الصحيفة، استناداً إلى مصادر قضائية وأمنية، أنه "بعد حرب يوليو/ تموز 2006، تم وضع خريطة بعدد من الأشخاص المشتبه بتورطهم بالعمل لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية في جميع المناطق اللبنانية، وقد استرعى انتباه المتابعين احتمال وجود شبكة إسرائيلية تعمل في نقطة بقاعية دقيقة وحساسة جداً."

وأضافت: "تم إحكام أعمال المراقبة، وصولاً إلى توقيف أحد المشتبه بهم في الآونة الأخيرة، ويُدعى (ع ج) من إحدى بلدات البقاع الغربي، "كان يوفر لنفسه غطاءً سياسياً وأمنياً، عنوانه الانتماء إلى أحد التنظيمات السياسية منذ أكثر من عقدين من الزمن."

الاتهام الجديد القديم

من جانبها جددت اسرائيل اتهامها لسوريا بدعم وتسليح حزب الله على لسان مسؤول عسكري اسرائيلي بارز اتهم سوريا بتسليح حزب الله في ما اعتبره انتهاكا لقرار مجلس الامن الدولي الذي انهى الحرب بين اسرائيل والحزب اللبناني الشيعي في 2006.

وقال عاموس يادلين رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية خلال اجتماع الحكومة الاسبوعي ان "سوريا اصبحت مستودع اسلحة حزب الله" حسب ما نقل مسؤول بارز اخر.

واضاف ان "نشطاء حزب الله يفعلون ما يشاؤون في سوريا. وقد ازالت سوريا كافة القيود وسمحت بتصرفاتها غير المسؤولة لحزب الله الحصول على كافة قدراته الاستراتيجية تقريبا".

واتهمت اسرائيل سوريا مرارا بتسليح حزب الله والسماح بدخول اسلحة ايرانية الى لبنان في انتهاك لقرار مجلس الامن 1701 الذي انهى 34 يوما من الحرب بين اسرائيل والحزب اللبناني.

وتوقف المسؤولون الاسرائيليون عن اتهام سوريا مباشرة بدعم حزب الله بعد ان اعلنت الدولتان في ايار/مايو اجراء محادثات سلام بوساطة تركية بعد ثماني سنوات من التوقف.

وينص القرار 1701 على انسحاب القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني في المنطقة تدعمه الامم المتحدة. كما دعا الى نزع اسلحة كافة المليشيات في اشارة الى حزب الله والمجموعات والفصائل الفلسطينية ومنع بيع الاسلحة بشكل غير قانوني وعمليات التهريب الى لبنان.

وشنت اسرائيل هجوما واسعا على لبنان في 12 تموز/يوليو 2006 بعد ان قام حزب الله باسر اثنين من جنودها في عملية عبر الحدود. وتمت اعادة جثتي الجنديين الى اسرائيل الصيف الماضي في عملية تبادل للاسرى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 8/تشرين الثاني/2008 - 8/ذي القعدة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م