إصدارات جديدة: رسائل عربية.. للرئيس الأمريكي القادم

شبكة النبأ: صدر العدد الخامس من دورية "رؤى عربية Arab Insight" (أراب إنسايت)، والتي يصدرها معهد الأمن العالمي بواشنطن، وهو الهيئة البحثية غير الحكومية التي يصدر عنها تقرير واشنطن، من العاصمة الأمريكية.

وتُعد دورية "رؤى عربية"، التي تصدر باللغة الإنجليزية، الأولى من نوعها التي يكتبها باحثون ومتخصصون من مختلف الدول العربية، وتُوزع على مختلف دوائر صنع القرار الأمريكي المهمة والنافذة مثل كبريات وسائل الإعلام الأمريكية، ومراكز الأبحاث المتخصصة، وأعضاء ومساعدي لجنتي العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والعلاقات الدولية بمجلس النواب، وإدارة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية، والبيت الأبيض. وسيتم توزيعها على أساتذة وطلاب دراسات الشرق الأوسط، والدراسات الإسلامية بمختلف الجامعات الأمريكية. بحسب موقع تقرير واشنطن.

وتتوافر الدورية بمكتبة الكونجرس، وكبريات مكتبات الجامعات الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أنها حصلت على رقم سجل ( (ISSN ( 8984-1936 من مكتبة الكونجرس كدورية جديدة متخصصة في الشئون الدولية. وتهدف دورية "رؤى عربية" إلى أن تكون منبراً جديداً ومحايداً للتحليلات العربية المستقلة داخل العاصمة الأمريكية. فعلى الرغم من تعدد وتنوع مراكز الأبحاث والرأي المتخصصة بالولايات المتحدة ، وتزايد عدد النشطاء الأمريكيين من أصول عربية، وممثلين للحكومات العربية، يغيب الصوت العربي العاكس لنبض وفكر الشعوب العربية داخل العاصمة الأمريكية، فهو ما زال شيئاً مفقوداً. 

رسائل عربية للرئيس الجديد

حاولت "رؤى عربية" عبر أعداها السابقة الوقوف على مظاهر ومصادر الخلل في العلاقات العربية- الأمريكية من خلال طرح عدد من التساؤلات المهمة ذات الصلة، ومن خلال مداخل عدة. وهذا العدد من "رؤى عربية" يحاول انتهاز اللحظة الأمريكية الراهنة للانتقال من إدارة الرئيس جورج بوش الابن الجمهورية، والتي ارتبط اسمها بسياسات الحرب ضد الإرهاب، وحربي أفغانستان والعراق واللتان أثارتا – ولاتزال- جدلا شديدا داخل العالم العربي والإسلامي وداخل الولايات المتحدة أيضا، إلى إدارة أمريكية جديدة، للحصول على إجابات عربية على سؤال: ماذا يريد العرب من الإدارة الأمريكية القادمة. وقد طلبت "رؤى عربية" من كتاب هذا العدد رصد سلبيات/ إيجابيات الإدارة الأمريكية الراهنة، ثم وضع تصوراتهم - من وجهة نظرهم- لما يجب أن تقوم به الإدارة القادمة للتعامل مع أخطاء الإدارة الراهنة من ناحية، وعلى نحو يساهم في تحسين العلاقات العربية- الأمريكية من ناحية أخرى.

لقد كشفت مقالات العدد عن وجود توافق عام بين الكتاب على أن الإدارة الأمريكية الراهنة قد وقعت في الكثير من السلبيات، سواء فيما يتعلق بملف العراق، أو السودان ودارفور، أو مسألة نشر الديمقراطية، أو قضية الدبلوماسية العامة، أو إدارة العلاقة مع سوريا .الخ، على نحو ساهم في تحول جميع تلك القضايا إلى محاور أو مصادر أساسية لتدهور صورة الولايات المتحدة في المنطقة العربية، وتغذية الإداركات العربية السلبية للولايات المتحدة ولأهداف السياسة الأمريكية حيال تلك القضايا، على نحو حال دون تعاون العالم العربي- شعوبا وحكومات- مع إدارة بوش لإنجاح هذه السياسة.

وعلى الرغم من التفاوت النسبي في مضمون السياسات التي اقترحها كتاب العدد على الإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل مع مختلف قضايا الشرق الأوسط، إلا أن ما جمع بينهم هو ضرورة إدخال تغييرات جوهرية على هذه سياسات إدارة بوش. وعلى العكس من الكثير من التحليلات التي ذهبت إلى أنه في حالة نجاح ماكين فإن إدارته سوف تشكل امتدادا لإدارة بوش القائمة ومن ثم لن تكون هناك تغييرات جوهرية على السياسات الأمريكية في المنطقة، فقد ذهب بعض كتاب هذا العدد إلى أنه حتى في حالة نجاح ماكين فإن تغييرات مهمة سوف تطرأ على السياسة الأمريكية في المنطقة، بل وتحدثوا عن "حتمية" هذا التغيير. ويستند هؤلاء إلى أن حزمة الملفات السياسة والأمنية المهمة التي واجهت إدارة بوش منذ عام 2001 (المشكلة الأفغانية، ملف العراق، أزمة البرنامج النووي الإيراني، الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، العلاقة مع روسيا، الإرهاب الدولي، أزمات الطاقة والاحتباس الحراري .الخ) لازالت قائمة، ولازال الإنجاز الذي حققته إدارة بوش بشأنها محدودا، الأمر الذي يعني في التحليل الأخير عدم فعالية السياسات التي اتبعتها إدارة بوش إزاء هذه الملفات. ولا يعول هؤلاء كثيرا على خطابات وتصريحات كلا المرشحين، ماكين أو أوباما، ويذهبون في ذلك إلى أن هذه الخطابات أو تلك التصريحات لن تشكل محددات حقيقية للسياسة الخارجية لأي منهما في حالة نجاحه، بينما ستشكل الملفات السابقة المحددات الموضوعية الحقيقية لهذه السياسة. ويستشهد هؤلاء بخبرة بعض الإدارات الأمريكية السابقة في هذا المجال.

تأكيد عربي على ضرورة التغيير

ويمكن القول إن هناك توقعات عربية إلى حد ما بإمكانية إدخال تغييرات إيجابية مهمة على السياسة الأمريكية تجاه قضايا المنطقة.

وفي هذا الإطار، فقد انتهى صلاح نصراوي، استنادا إلى الحصيلة السلبية للسياسة الأمريكية خلال سنوات خمس، باقتراح وضع العراق تحت الوصاية الدولية المؤقتة بإشراف الأمم المتحدة، على أن يتم خلالها إطلاق عملية سياسية جديدة تعيد هندسة البناء العراقي وفق أسس جديدة، وتنتهي بإنهاء الاحتلال بكل صوره. ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للنصائح المقدمة بخصوص القضية الفلسطينية، فقد اقترح د. سمير غطاس خيارين كبيرين على الإدارة القادمة، الأول هو ما أطلق عليه "التحول من نظرية الضغط الأمريكي على إسرائيل إلى نظرية الضمانة- التسوية"، بمعنى تحول الولايات المتحدة من الضغط على إسرائيل لقبول المفاوضات والتسوية إلى تقديم حزمة من الحوافز والضمانات الأمنية لإسرائيل وربط هذه الحزمة بعملية تسوية تقوم على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة محدودة السلاح يضمن أمنها وأمن إسرائيل معا طرف ثالث مثل الأمم المتحدة أو حلف الناتو، وأن تنضم الدولتين (إسرائيل وفلسطين) إلى نظام أمن إقليمي أو جماعي. الخيار الثاني هو خيار "التدويل"، تقوم خلاله السلطة الوطنية الفلسطنية، في إطار توافق عربي- أمريكي، بحل نفسها طواعية والمطالبة بوضع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 تحت سلطة نظام الوصاية الدولية لمدة زمنية محدودة وغير قابلة للتمديد، وتشكيل مجلس وصاية دولي، تشرف من خلاله القوات الدولية على الانسحاب الإسرائيلي التدريجي حسب برنامج مقرر، ودعم عملية بناء وتطوير المؤسسات والاقتصاد الفلسطيني بما ينتهي في النهاية إلى إعلان مؤكد عن إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة القادرة على الحياة بجانب دولة إسرائيل.

وفيما يتعلق بالعلاقة مع السودان ومشكلة دارفور، وضع د. خالد التيجاني النور عددا من النصائح للإدارة الجديدة تدور حول ضرورة إعادة ترتيب الأولويات والوسائل بصورة أكثر بارغماتية، ويستشهد المقال هنا بما حدث مع إدارة بوش الأولى، إذ يرى أنه لو لم تقم تلك الإدارة بإعادة النظر في سياسة الاحتواء والعزل التي طبقتها إدارة كلينتون، وتحولها إلى سياسة تقوم على التواصل الإيجابي مع نظام البشير لما كان من الممكن التوصل إلى وضع نهاية للحرب الأهلية في الجنوب. وينصح التيجاني الإدارة القادمة أيضا بضرورة الانطلاق من أن البشير يرغب بالفعل في تطبيع علاقاته مع الولايات المتحدة، ويدرك أيضا فداحة تكلفة استمرار الصدام معها، وأن ما اعتبرته إدارة بوش مماطلة ومناورة من جانب نظام البشير إنما يعود في الحقيقة إلى شعوره بالإحباط بسبب عدم حصوله على أية حوافز حقيقية من إدارة بوش رغم تعاونه الاستخباراتي والأمني معها في إطار الحرب ضد الإرهاب. ويؤكد التيجاني أنه رغم الخلفية الإسلامية لنظام البشير، يجب أن تدرك الإدارة الجديدة الطابع البارجماتي لهذا النظام واستعداده لمراجعة الكثير من أطروحاته، ولعل عملية تسوية أزمة الجنوب تقدم برهانا مهما على ذلك، والتي تعد في جوهرها تعبير عن قبول نظام البشير بإعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الدين والدولة في السودان، من خلال القبول بإطار للتسوية يسمح لجنوب السودان بالخروج من دائرة التشريعات الإسلامية. وبهذا المعنى، ينصح التيجاني بان أي تعامل للإدارة الجديدة مع نظام البشير من منظور الحرب ضد الإرهاب، أو من منظور مواجهة الأنظمة ذات التوجهات الدينية لن يكون دقيقا ولن يكون مفيدا.

وأخيرا ينصح التيجاني بعدم هدم الأطر التي تم التوصل إليها في مجال تسوية المشكلات السودانية، خاصة مشكلة الجنوب.

ونترك للقارئ التعرف على باقي النصائح والرؤى العربية للإدارة الأمريكية القادمة بخصوص باقي قضايا الشرق الأوسط ذات الأهمية من وجهة النظر العربية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/تشرين الأول/2008 - 28/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م