سوريا ولبنان.. علاقات دبلوماسية وآمال بالتعاون المشترك لمحاربة الإرهاب

 

شبكة النبأ: في خطواتها لتصحيح مسارها السياسي الدولي، أعلنت سوريا عن بدء العلاقات الرسمية بينها وبين لبنان، بعد أزمات دامت لسنوات بسبب الصراع اللبناني الداخلي وبسبب سلسلة من الاغتيالات المنظمة لشخصيات لبنانية، كان من ابرزها رفيق الحريري.

اليوم عادت سوريا لفتح صفحات جديدة معلنة من خلالها نوايا حسن الجوار، والعلاقات الرسمية الاقتصادية والامنية بين البلدين الشقيقين، ومواجهة ما أسمته بالخطر والعدو المشترك الذي يريد النيل من الطرفين.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على أعلان بشار الأسد عن بدء العلاقات الرسمية بين بلاده ولبنان، مع الترحيب العالمي للخطوة السورية اتجاه الطريق الصحيح:

الإعلان عن بدء العلاقات الرسمية بين سوريا ولبنان

وقّع وزيرا خارجية سوريا وليد المعلم ولبنان فوزي صلوخ في دمشق على بيان مشترك لإعلان بدء العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان وذلك للمرة الاولى منذ استقلال البلدين.

واعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) انه: جرى فى مقر وزرارة الخارجية التوقيع على بيان مشترك باعلان بدء العلاقات الدبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية اعتبارا من هذا اليوم 15 تشرين الاول/اكتوبر 2008.

واكد البيان حرص الجانبين على توطيد وتعزيز العلاقات بينهما على اساس الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال كل منهما والمحافظة على العلاقات الاخوية المميزة بين البلدين الشقيقين بما يلبي آمال وتطلعات الشعبين الشقيقين، كما اوضحت سانا. بحسب فرانس برس.

وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده الوزيران بعد التوقيع اكد المعلم ان افتتاح السفارت في كلا البلدين سيتم قبل نهاية هذا العام.

وردا على سؤال حول ما اذا كان قرار انشاء العلاقات الدبلوماسية يؤدي الى الغاء المجلس الاعلى السوري اللبناني اجاب المعلم المجلس الاعلى تحكمه اتفاقيات بين البلدين وفي نظرنا ما زال قائما.

ويأتي التوقيع على هذا البيان تنفيذا للاعلان الخاص باقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الذي صدر بعد القمة السورية اللبنانية بين الرئيسين السوري بشار الاسد واللبناني ميشال سليمان في 13 اب/اغسطس الماضي.

واعلن انذاك في دمشق الاتفاق على التبادل الدبلوماسي وذلك في اعلان خاص لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا في اطار تعزيز العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين.

واصدر الرئيس الاسد مرسوما ينص على اقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان يفتح الطريق امام البحث في الخطوات العملية لاقامة سفارات للمرة الاولى منذ استقلال البلدين قبل اكثر من ستين عاما.

وجاء في المرسوم الذي بثت نصه سانا تنشأ علاقات دبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية بدون تحديد تاريخ بدء العلاقات وتنشأ بعثة دبلوماسية للجمهورية العربية السورية بدرجة سفارة في عاصمة الجمهورية اللبنانية.

مرسوم التبادل الدبلوماسي يمهّد الطريق للخطوات العملية

وجاء في المرسوم الجمهوري السوري، الذي وزعت نصه وكالة الانباء السورية الرسمية سانا: تنشأ علاقات دبلوماسية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية اللبنانية، من دون ان يحدد تاريخ بدء العلاقات وتنشأ بعثة دبلوماسية للجمهورية العربية السورية بدرجة سفارة في عاصمة الجمهورية اللبنانية.

وكانت الحكومة اللبنانية قد وافقت على اقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا وفتح سفارة لبنانية في دمشق منذ 21 آب/اغسطس.

يذكر ان الاتفاق على التبادل الدبلوماسي اعلن في 13 آب/اغسطس خلال قمة الرئيسين ميشال سليمان والاسد وذلك في اعلان خاص لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا في اطار تعزيز العلاقات الاخوية بين البلدين الشقيقين.

ونص الاعلان على تكليف وزيري خارجية لبنان وسوريا فوزي صلوخ ووليد المعلم اتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك وفق الاصول التشريعية والقانونية في كلا البلدين.

وافاد مسؤول في الخارجية اللبنانية ان صلوخ سيتوجه الى العاصمة السورية لاصدار "بيان مشترك يحدد تاريخ سريان مفعول التبادل الدبلوماسي مشيرا الى ان البيان سيذاع في كلا البلدين في آن واحد وفق ما هو متبع بشأن التبادل الدبلوماسي وفق اتفاقية فيينا.

وخلال الزيارة التي تستغرق يوما واحدا سيتم الاتفاق بين صلوخ والمعلم على الخطوات العملية لاقامة سفارتين لكلا البلدين وفق المصدر نفسه.

وفي دمشق اعلن مصدر اعلامي في وزارة الخارجية السورية أن وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ سيصل الى دمشق وسيلتقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم ويعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا حوالى الساعة 0011 بالتوقيت المحلي.

وفي اول تعليق من جانب قوى 14 اذار/مارس المناهضة لسوريا والتي تمثلها الاكثرية النيابية اعتبر الزعيم الدرزي وليد جنبلاط خطوة الاسد تطورا ايجابيا وبداية طريق طويل لبناء علاقة صحية خطوة خطوة.

وكان ساركوزي اول من اعلن ان لبنان وسوريا سيتفقان على التبادل الديبلوماسي وذلك قبيل قمة الاتحاد من اجل المتوسط التي عقدت في باريس في تموز/يوليو الماضي وشارك فيها الاسد وسليمان.

وقال جنبلاط: ننتظر استكمال سوريا الايفاء بتعهداتها عبر ترسيم الحدود مع لبنان تمهيدا لاستعادة مزارع شبعا ووضعها تحت السيادة اللبنانية.

يذكر ان حل قضية التبادل الدبلوماسي التي تتمسك بها الاكثرية والتي نصت عليها قرارات دولية ليست الملف الوحيد العالق بين لبنان وسوريا فهناك ملفات لترسيم الحدود وكشف مصير المفقودين ومراجعة الاتفاقات السابقة وهي امور عهدت بها القمة الى لجان مختصة.

ففي شأن ترسيم الحدود تطالب الاكثرية بان تبدأ العملية من مزارع شبعا لتأمين مطلب الامم المتحدة للعمل على انهاء احتلال اسرائيل لها فيما سبق لسوريا ان اعلنت رغبتها البدء بعملية الترسيم من الشمال رافضة ترسيم مزارع شبعا في ظل الاحتلال الاسرائيلي.

كما طالبت الاكثرية بالغاء المجلس الاعلى اللبناني السوري بعد التبادل الدبلوماسي لانه تأسس في عهد هيمنة سوريا على لبنان التي استمرت نحو 30 عاما.

ولم تقرر القمة اللبنانية الغاء المجلس انما: درس صلاحيات الامانة العامة لالغاء تلك التي تتعارض مع دور البعثات الدبلوماسية.

بيروت ودمشق في مواجهة واحدة للتهديد المسلح

وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في تعليقات نشرت في وقت سابق ان لبنان وسوريا يجب ان يتعاونا في محاربة الارهاب رابطا بين التهديدات التي تواجه الدولتين اللتين كانتا محور استهداف مسلح سابق.

وقال المعلم لصحيفة السفير اللبنانية ان: كشف الخلايا الارهابية في كل من لبنان وسوريا أظهر أن مصدر الخطر على البلدين واحد. بحسب رويترز.

ووصف المعلم التعاون الأمني بين لبنان وسوريا بانه جيد وتوقع تعزيز التعاون والتنسيق الامني بين الجانبين: كي نواجه معا ما يدبر للبلدين وامنهما واستقرارهما. وقال: لا بد من التعاون في مواجهة هؤلاء الارهابيين.

وكانت السلطات في سوريا ولبنان اتهمت مسلحين اسلاميين بالقيام بالهجمات السابقة. وتقول سوريا ان انتحاريا كان وراء الانفجار الذي وقع في السابع والعشرين من سبتمبر ايلول وادى الى مقتل 17 شخصا بينما قال الجيش اللبناني الاحد انه اعتقل مسلحين اسلاميين متورطين بهجومين في مدينة طرابلس الساحلية في شمال لبنان.

وفي الثالث عشر من اغسطس اب والتاسع والعشرين من سبتمبر ايلول وقع هجومان في طرابلس استهدفا الجيش واديا الى مقتل 22 شخصا بينهم 15 جنديا.

وحذر الرئيس الاسد من تنامي التهديد من المسلحين الاسلاميين في شمال لبنان واتهم دولا أجنبية بدعمهم.

وكانت سوريا قالت ان السيارة التي استخدمت في انفجار دمشق جاءت من دولة عربية جارة لكنها لم تفصح عن اسم الدولة. والمعروف ان جيران سوريا هم العراق ولبنان والاردن.

واحتفظت سوريا بوجود عسكري في لبنان استمر 29 عاما حيث اضطرت في العام 2005 الى الانسحاب تحت ضغط دولي اعقب اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري.

ترحيب ايراني بالعلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا

من جهتها رحبت ايران باقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا حسب ما ذكرت وكالة الانباء الطلابية الايرانية (ايسنا). ونقلت الوكالة عن حسين قشقاوي المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله ان: هذه الخطوة تساهم في تعزيز العلاقات المتبادلة والتاريخية بين البلدين اللذين يعتبران صديقين وشقيقين لايران. بحسب فرانس برس.

وتعد ايران الشيعية مؤيدا قويا لحزب الله اللبناني رغم انها تنفي التهم الغربية والاسرائيلية بانها تدعم الحزب عسكريا.

كما تقيم طهران تحالفا مع دمشق يعود الى اكثر من ثلاثة عقود وتعزز عام 2006 بعد التوقيع على اتفاق تعاون عسكري بينهما.

بنود الاتفاقية اللبنانية خطيرة بحسب وزير العدل اللبناني

ومع توقيع البيان المشترك بإعلان بدء العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان في مقر وزارة الخارجية السورية، يرى مراقبون أن هناك حاجة الآن لمراعاة الاتفاقيات التي سبق أن أبرمت بين البلدين، وبخاصة في ظل تغير المعطيات السياسية.

فقد أكد وزير العدل اللبناني إبراهيم نجار أن: أي تعديل لبنود الاتفاقيات الموقعة بين لبنان وسوريا يجب أن يتم عبر التفاهم والتفاوض بين البلدين.

وقال نجار في حديث خاص لموقع CNN بالعربية إن اتفاقية الأخوة والتعاون والتنسيق اللبنانية السورية التي وقعها البلدان عام 1991 تتضمن بنودا خطيرة.

وأضاف الوزير نجار أنه: من هذه البنود مثلا تنفيذ القرارات التي يتخذها رئيسا البلدين من دون الرجوع إلى أحد (مجلسا النواب والوزراء).

وركز على إمكانية مراجعة الاتفاقيات في هذه المرحلة، وخاصة بعد الانسحاب العسكري السوري من لبنان وتغير المعطيات السياسية.

وشدد على أن الدوائر القنصلية والسفارات، ومنها أطر عمل الملحقين العسكريين والإعلاميين والاقتصاديين وغيرهم، هي من صلب اتفاقية فيينا التي ترعى العلاقات الدبلوماسية بين الدول، والتي يفترض أن تطبق مع بدء التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.

وتساءل الوزير نجار عن دور المجلس الأعلى اللبناني السوري، في ظل التبادل الدبلوماسي، وهل سيكون هناك ذات الدوائر القنصلية؟

مشيرا إلى أنه يمكن أن يكون هناك إرادة سياسية في الإبقاء على هذا المجلس، إذ لا لم يكن ما يمنع في القانون الدولي من توقيع اتفاق يضيف إلى هذه العلاقة الدبلوماسية دورا للمجلس الأعلى اللبناني السوري.

وشدد الوزير نجار على أن دور وزارة العدل اللبنانية أساسي في النظر بالتعديلات على الاتفاقيات التي سوف ستراجع مع تطور الظروف والمعطيات، كما جاء في البيان الذي أصدره الأربعاء وزيرا الخارجية اللبناني والسوري.

إلا انه أكد على أن دور وزارة العدل يتوقف على مراجعة الوزارات المختصة للاتفاقيات الموقعة من قبل كل وزارة على حدة، لأن الأمر يحتاج لأن تنظر فيه كل جهة (وزارة) بحسب اختصاصها.

من جانبه، قال رئيس هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، القاضي شكري صادر، لموقع CNN بأنه تم توقيع 124 اتفاقية ثنائية بين لبنان وسوريا منذ إعلان اتفاقية التعاون عام 1991.

موضحا أن القاعدة الدولية في هذا المجال تفترض أن تطبق الاتفاقيات: بحسن نية بين الدول، وفي حال أبدى طرف عدم ارتياحه لبنود الاتفاقيات يفترض أن يتعاون الطرف الآخر لتعديلها في ضوء مصالح ذاك الطرف.

وأشار القاضي صادر إلى أنه: صحيح أنه تم توقيع الاتفاقية بين لبنان وسوريا بحسب الأصول الدستورية، وتمت مصادقتها من قبل مجلس النواب إلا أن هذه الاتفاقية أشمل وأكبر من إقامة علاقات دبلوماسية، وليس هناك نص يحدد مدة انتهائها.

وأوضح أن رئيس الوزراء اللبناني فواد السنيورة كان شكل، منذ أكثر من شهرين، لجنة تضم وزراء وقضاة وخبراء بالقانون الدولي، لدراسة اتفاقية التعاون والتنسيق، والنظر بإمكانية مراجعتها وكيفية القيام بذلك. كاشفا عن أن هذه اللجنة اقترحت الطلب من كل وزارة أن تدرس الاتفاقيات المتعلقة بها.

وعن الاتفاقيات الثلاثة الموقعة مع وزارة العدل، قال القاضي صادر، إن الوزارة أبدت رأيها بعدم وجود مشكلة في هذه الاتفاقيات القضائية.

يذكر أن توقيع أول اتفاقية قضائية بين لبنان وسوريا كان عام 1951، وتم تعديل هذه الاتفاقية عام 1996، ومن ثم طرأ عليها تعديلا ثانيا عام 2003.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 22/تشرين الأول/2008 - 22/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م