عُنف عكّا وجه آخر من إستحالة التعايش بين اليهود والعرب في فلسطين

 

شبكة النبأ: تعيش مدينة عكا شمال اسرائيل على وقع توتر شديد تؤججه مخاوف المواطنين الفلسطينيين من مخططات التهويد، وتفاقمه اجواء التحريض اليهودي وانباء عن جلب 850 متطرفا من صفد وطبريا لمساندة اليهود في المدينة. ورغم بقاء الشرطة الاسرائيلية على أهبة الاستعداد وانتشار 700 شرطي في المدينة، الا ان «احداث عكا» ما زالت تقلق المستوى السياسي الذي ينتظر جلاء الصورة بعد انتهاء عطلة السبت اليهودية، مدركاً ان عدم اخماد النار قد يؤدي الى انتشارها الى مناطق عربية اخرى في الجليل.

وتواصلت احداث العنف ضد المواطنين الفلسطينيين في عكا، وكانت بدأت الاربعاء الماضي باعتداء يهودي على فلسطيني كان يقود سيارته في الحي الشرقي في «يوم الغفران»، فهب مواطنون عرب الى نجدته، وسرعان ما تحول الامر الى اشتباكات بين العرب واليهود. وبلغت المواجهات مستوى اشد خطورة عندما احرق يهود متطرفون بيتين لعائلتين عربيتين في الحي الشرقي في المدينة والحقوا اضرارا بثمانية منازل اخرى. وكانت الشرطة اعتقلت ليل الجمعة - السبت 12 شخصا، كما اصيب ثلاثة مواطنين بجروح، فيما بقي العديد من المتاجر والمطاعم في البلدة القديمة مغلقا. بحسب تقرير لـ صحيفة الحياة.    

وفي مسعى الى تهدئة الخواطر، التقى قائد الشرطة الاسرائيلية شخصيات اعتبارية عربية في عكا حيث توعد «المشاغبين» اليهود والعرب على السواء. الا ان ذلك لم يخفف من المخاوف العربية، خصوصا في ضوء التحريض اليهودي ضدهم واعتقادهم بوجود مخطط لتهويد المدينة في اطار مخطط تهويد الجليل. في هذا الاطار، اكد العديد من الاهالي للنائب العربي في الكنيست واصل طه اثناء جولة له في المدينة امس، انه تم جلب نحو 850 يهوديا متطرفا من صفد وطبريا الى عكا، بالاضافة الى وجود نحو 200 من طلاب المعاهد التوراتية ونحو الف مستوطن، تم اسكانهم في المدينة قبل 3 سنوات بعد نقلهم من قطاع غزة في اطار عملية الانسحاب الاحادي الجانب.

من جانبه، اكد النائب طه ان ما يجري في عكا يعكس «نيات سلبية مبيتة» وراءها «عقلية دينية عنصرية تريد ان تحول الصراع الحقيقي الى صراع ديني»، مؤكدا ان الصراع يجري على «الوجود العربي في عكا، وعلى هوية اهلنا».

في هذه الاثناء، انتقل التحريض اليهودي ضد العرب في المدينة الى مواقع الانترنت، اذ دعا موقع الكتروني يهودي الى مقاطعة المصالح التجارية العربية في المدينة بهدف تهجير السكان العرب و «القضاء عليهم اقتصاديا واجتماعيا وتربويا». وذهب الموقع الى حد الدعوة الى اعتبار كل يهودي يشتري من العرب او يتعامل معهم بأنه «بمثابة عربي» تجب مقاطعته. وتذكّر هذه الاجواء بالتحريض الذي ساد في المدن المختلطة مثل حيفا ويافا والناصرة بعد الهبة الجماهيرية العربية عام ألفين، ما تسبب بأضرار جدية للاقتصاد العربي الضعيف اصلا في اسرائيل.

نائب عربي يحمِّل سائقاً عربياً مسؤولية اندلاع العنف

وحمَّل النائب العربي الاسرائيلي عباس زكور سائق سيارة عربيا بالتسبب في اندلاع اعمال عنف في عكا بين السكان العرب واليهود لانه قاد سيارته عشية عيد الغفران في حي يهودي في عكا شمال اسرائيل.

وقال النائب زكور في تصريح الى الاذاعة العسكرية الاسرائيلية "نحن عرب عكا نحمل المسؤولية للسائق الذي خرج بسيارته عشية يوم الغفران. كان من المفترض ان يقوم بكل ما هو ممكن للعودة الى منزله من دون سيارة الى هذا الحي الذي تسكنه غالبية من اليهود".

وجاء كلام النائب العربي في ختام اجتماع مع مسؤولين آخرين من العرب في عكا بهدف السعي لاعادة الهدوء الى هذه المدينة. بحسب فرانس برس.

واعرب زكور عن دهشته لوقوع اعمال العنف خلال الايام الماضية بين اليهود والعرب في المدينة حيث تتعايش المجموعتان عادة بدون مشاكل.

وقال "لم نكن نتصورا اننا سوف نصل الى مثل هذا الوضع. نحن نحترم جميع الاديان وجميع اعياد اليهود والمسيحيين والمسلمين". واوضح ان "الشرطة لم تكن منتشرة بشكل كاف في اليوم الاول للمصادمات ولكنها تصرفت كما يجب".

ومن جهة اخرى اعلن المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد لوكالة فرانس برس ان الوضع في المدينة عاد الى الهدوء مساء السبت.

وقال ان "الشرطة ما زالت تنشر تعزيزات في المدينة حتى اشعار اخر". ولا يزال حوالى 700 شرطي منتشرين في المدينة لفرض الامن بين المجموعتين.واوضح "على خط مواز نواصل الاتصالات مع الشخصيات العربية واليهودية في المدينة".واضاف ان ما مجموعه 22 شخصا اعتقلوا لتعكيرهم صفو الامن.

وتقول الشرطة الاسرائيلية ان اعمال العنف بين العرب واليهود بدأت ليلة الاربعاء الخميس عندما استقل عربي سيارته ودخل بها حيا شرق عكا يعيش فيه عرب ويهود وهو يطلق العنان للراديو في السيارة.

والمعروف ان اليهود في يوم الغفران لا يستخدمون السيارات.

حماس تتهم اسرائيل بالتخطيط لتهجير العرب من عكا

من جهة اخرى اتهمت حركة المقاومة الاسلامية حماس اسرائيل بانها تخطط لتهجير السكان العرب من مدينة عكا في شمال اسرائيل اثر المواجهات التي وقعت بين شبان عرب ويهود.

وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس في بيان تلقته وكالة فرانس برس ان "الاعتداءات الصهيونية على اهلنا في مدينة عكا.. تؤكد على وجود مخطط صهيوني خطير يهدف الى تهجير اهلنا من بيوتهم وارضهم وطردهم منها بالقوة تمهيدا لقيام دولتهم اليهودية العنصرية المتطرفة". ودعا برهوم الفلسطينيين في عكا "للتمسك بحقوقهم وثوابتهم وحقهم في ارضهم وديارهم مهما كلفهم ذلك من ثمن".

وحمل الحكومة الاسرائيلية "المسؤولية الكاملة عن هذا الاجرام وهذا الارهاب المخطط" مطالبا اسرائيل بالعمل "فورا على وقف كل هذه الاعتداءات على شعبنا في عكا والقدس وفي كل الارض الفلسطينية وان يتعلموا الدروس جيدا مما يجري في القدس من مقاومة باسلة ومشروعة من قبل اهلنا المقدسيين" في اشارة الى هجمات نفذها فلسطينيون في القدس مستخدمين سيارات لدهس دهس مارة او جنود اسرائيليين.

وشهدت مدينة عكا منذ الاربعاء مواجهات بين شبان عرب ويهود اصيب خلالها ثلاثة اشخاص بجروح ودفعت الشرطة الى نشر نحو 700 من عناصرها في المدينة التي تعد 50 الف نسمة ثلثهم من العرب.

عودة الهدوء

وعاد الهدوء الى مدينة عكا التي شهدت مواجهات بين شبان عرب ويهود. ودعا العديد من المسؤولين الاسرائيليين في وقت سابق الى وقف اعمال العنف التي اندلعت في اليوم الاول من الاحتفال بعيد الغفران واسفرت عن اصابة ثلاثة اشخاص بجروح طفيفة بحسب الشرطة.

وقال قائد الشرطة شيمون كورن للتلفزيون العام ان "الهدوء ساد المدينة". واضاف التلفزيون ان ما لا يقل عن 700 شرطي انتشروا في المدينة. بحسب فرانس برس.

وذكرت الاذاعة العامة ان الشرطة تلقت تعليمات بعدم استخدام الرصاص الحي او الغاز المسيل للدموع. وفي بيان دعا الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز "السكان والمسؤولين" في المدينة الى التزام الهدوء.

وقال بيريز "على اليهود والعرب ان يضعوا حدا في اسرع وقت لموجة العنف هذه التي ليست في مصلحة احد (...) يجب ان تتوقف فورا اعمال العنف والاتهامات المتبادلة".

بدورها طالبت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني التي توجهت الى المدينة بالتزام الهدوء "ليتمكن السكان من الاستمرار في العيش معا". وقالت ليفني "على كل مواطن اسرائيلي ان يحترم يوم الغفران الذي يشكل جزءا من ارث اسرائيل".

أولمرت يأمر الشرطة بعدم التهاون مع مثيري الشغب

وأمر رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت الشرطة بألا تتهاون مع مثيري الشغب بعد أربع ليال من العنف بين العرب واليهود في مدينة عكا بشمال اسرائيل.

وقال أولمرت في الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء الاسرائيلي "تبعث المشاهد في عكا منذ عيد الغفران وعلى مدى عدة ليال منصرمة على الالم." وأضاف أن "مجموعة صغيرة من المتشددين" تحتجز سكان المدينة البالغ عددهم 53 ألف شخص كرهائن. وقال "تلقت الشرطة تعليمات بعدم التهاون مع العنف."بحسب رويترز.

وسلطت أعمال العنف الضوء على توترات كامنة بين اليهود وعرب اسرائيل الذين يتعاطفون مع الفلسطينيين في الاراضي التي تحتلها اسرائيل والذين يشكون منذ وقت طويل من التمييز ضدهم.

وقال مسؤولون محليون ان 11 منزلا على الاقل مملوكين لعرب أحرقوا منذ بدء أعمال الشغب. ويفيد موقع مدينة عكا على الانترنت بأن العرب يمثلون نحو 28 في المئة من سكان المدينة.

ويمثل العرب نحو 20 في المئة من سكان اسرائيل. ويقول مسؤولون اسرائيليون ان العرب يتمتعون بحقوق مواطنة كاملة كما أن لهم تمثيلا قويا في البرلمان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/تشرين الأول/2008 - 16/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م