منظمات المجتمع المدني في العراق بين الواقع الهزيل والطموح المنشود

تحقيق: بتول شلال

 

شبكة النبأ: على الرغم من التطور الملحوظ الذي شهده العراق في مجالات عديدة، حتى ظن الفرد العراقي ان الظلام الذي كان جاثماً على صدره ذهب وتلاشى، حيث لاسلاسل تقيّده ولاسجّان يكتم أنفاسه، ولكن هل حقق العراقي ماكان يصبوا اليه؟ بعد ان أصبح العراق كبحر تتلاطم فيه أمواج العديد من الظواهر الايجابية والسلبية، التي منها ماطفى الى السطح ومنها مازال في الاعماق يشق طريقه للظهور. ومن هذه الظواهر هي نشوء منظمات المجتمع المدني المختلفة الاتجاهات والأصناف، حيث كان منها ثقافية وحقوقية وانسانية واجتماعية وخيرية وغيرها.

وعلى الرغم من الاعداد الهائلة من منظمات المجتمع المدني التي تأسست بعد التغيير عام 2003 فإن مؤشرات تاثيرها في المجتمع والدولة ظلّت مبهمة فضلا عن غيابها عن ساحة العمل الفعلي. وهناك اليوم اسئلة عديدة برزت عمّا قامت به هذه المنظمات من اعمال ساهمت بصورة ولو جزئية في ان تقدم للمجتمع فوائد معنوية او مادية.

من هنا قامت (شبكة النبأ المعلوماتية) بالتحقيق التالي، لتعريف الناس بعمل هذه النظمات، فكان أول المتحدثين د. أحمد باهض تقي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات في كربلاء. الذي قال: أن مركزنا منذ تأسيسه في عام 2004 ولحد الان قدّم العديد من النشاطات على كافة المستويات الثقافية والأجتماعية السياسية. حيث يقوم بنشر المقالات والدراسات والبحوث ذات الاطار التنموي، هذا من جهة ومن جهة اخرى ساعد المركز في بلورة الرؤى حول الدستور العراقي، إبان فترة كتابة مسودته، من خلال سبعة ندوات طرحنا فيها عدة امور من آراء وافكار واقتراحات جديدة أُرسِلَت الى لجان اعداد الدستور.

وأضاف د. تقي، أن من ابرز نشاطات المركز الاخرى هي دراسات الرأي العام من خلال الأستبيانات، ومن ابرز هذه الأستبيانات كان حول المصالحة الوطنية والتواجد الاجنبي في العراق، وغيرها.

وتابع د. تقي، ساعد المركز في عملية تشجيع الدراسات حيث وُزعت جوائز للطلبة الاوائل، وسوف يقوم المركز بتقديم جائزة الفرات الاوسط لأفضل عمل يُقدم الى المركز، هذا من الجانب الثقافي، اما من جانب المشاريع فقد حاول المركز القضاء على محو أمية الحاسبات في العراق، وكان ذلك بالتعاون مع دوائر الدولة، من خلال بيع الحاسبات على الموظفين بالتقسيط.

واضاف الدكتور لـ شبكة النبأ، ان المركز يقوم بالتعاون مع شركة امريكية في إنشاء اكبر منحل في محافظة كربلاء، وهنالك العديد من النشاطات تطبَّق في الوقت الحاضر، اما على صعيد المستقبل فسيقوم المركز في انشاء مسرح للطفل وأرسال زمالات دراسية الى خارج القطر بالتعاون مع الجهات المختصة.

من ثم أستطلعت (شبكة النبأ) دور الجمعيات الخيرية في المساهمة برفع مستوى معيشة الفقراء واليتامى والارامل ومساعدتهم بالامور المادية والعينية ومن هذه الهيئات، مؤسسة المعصومين الاربعة عشر في كربلاء المقدسة، وتحدث الينا المسؤول الاعلامي فيها الاستاذ حيدر السلامي موضحاً عمل المؤسسة في مجالها الثقافي والانساني، وذلك من خلال توزيع مساعدات الى كافة العوائل الفقيرة بصورة مستمرة.

 وأضاف السلامي ان المؤسسة تقوم بدور نبيل. وذلك من خلال اعمالها حيث تقوم بدور الوسيط بين الكافل والمكفولن والمؤسسة تقوم بكفالة (700 يتيم في كربلاء ومن شهداء كارثة جسر الائمة في بغداد)، وكذلك تقوم بتقديم المعونات والقروض للعوائل المتعففة وتساعد في توزيع بعض المساعدات العينية الى الفقراء والمساكين.  

وكان من اهم اعمال المؤسسة في شهر رمضان المنصرم توزيع المواد الغذائية من الرز والسكر والمعجون والشعريّة على العوائل.

وتابع السلامي القول لـ شبكة النبأ، تقوم المؤسسة في توزيع بعض المبالغ الى الجمعيات الخيرية التي تهتم بمسألة التزويج الجماعي، لأن المؤسسة تؤمن بعملية التخصص (أي تخصص كل منظمة بمجال معين دون اخر).

اما من الجانب الثقافي فلا تغفل مؤسسة المعصومين الاربعة عشر عن دورها في دعم هذه الركيزة الاساسية حيث تقوم بالعديد من النشاطات وكان ابرزها اصدار مجلة (عفاف) الشهرية الأسرية. وقد نفى السلامي قول احدى العوائل في ان التسجيل في المؤسسة يحتاج الى المحسوبية (الواسطة)،  وقال ان هذه احدى الافكار الخاطئة الدارجة لدى بعض العوائل وانها ليست صحيحة، وانما المؤسسة تعمل بكل ما أوتيت في تيسير معاملات العوائل المتقدمة كافة دون تمييز او تمايز، انما الامر يعتمد على استيفاء الشروط الواجبة للتسجيل في برنامج الإعانة ليس إلا..

واوضح السلامي ان المؤسسة لم يتم دعمها مالياً من أية جهة حكومية، انما هو الدعم الميسور من قِبل الحوزة الشيرازية وعلى رأسها المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله) ومن بعض التجار في كربلاء والدول المجاورة وخاصة دولة الكويت.. وشكر الاستاذ حيدر السلامي (شبكة االنبأ) على ماتقدِم من اعمال جديدة على مسرح الصحافة.

بعد ذلك جمعنا اورقنا واتجهنا الى جمعية حقوقية تعنى بمسألة الحقوق القانونية، وهي جمعية السلام، وقد رحب بنا الحاج باسم، احد العاملين في الجمعية، واوضح ان اعمال الجمعية حقوقية وتتخللها بعض الاعمال الخيرية، ومن اهمها توزيع الوجبات الغذائية الى العوائل المهجَّرة والمتعففه.

وبين إن الجمعية تقوم بالتنسيق مع جمعية السجناء السياسيين للمطالبة بحقوقهم، وكذلك تقوم الجمعية بمعالجة المرضى خارج البلد، من الذين يصعب علاجهم في الداخل حيث تقوم بتكفل مصاريف العلاج.

واستدرك الحاج باسم القول، ان بعض المستشفيات والمراكز الصحية خارج العراق تتحمل جزء من مصاريف العلاج في بعض الاحيان، وذلك بحسب علاقات الجمعية وتنسيقها مع المؤسسات الخيرية في الخارج.

لَملمنا أوراقنا بعد ذلك متجهين الى محاولة بيان الدور الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني النسوية، حيث النساء نصف المجتمع بالاضافة الى تحملهن كاهل تربية النصف الاخر، فكانت باستقبالنا السيدة ( أم محسن معاش) رئيسة مجلس الادارة في جمعية المودة والإزدهار النسوية، التي قالت لـ شبكة النبأ، ان الجمعية تنقسم الى عدة اقسام وكل قسم له تخصُص معين، فهنالك قسم يخص (مجلة بشرى) المجلة الأجتماعية الأسرية، وقسم (براعم المودة) الذي هدفه تعليم المفاهيم الاسلامية للفتيات الناشئات، والقسم الاخر هو حوزة كربلاء لتعليم ثقافة اهل البيت عليهم السلام.

واضافت الحاجّة ام محسن، ان الهدف من هذه الاقسام هو رفع مستوى النساء من عدة نواحي، وبيّنَت ان الاقسام على الرغم من تواجدها في مكان واحد إلا ان ذلك لا يؤثر على سير العمل.

وتابعت، نحن نهتم بالشباب بصورة خاصة لأنهم قادة المستقبل حيث تقوم الجمعية في صقل مواهبهم التي يتمتعون بها، فمثلاً اذا وجدنا ان احدى الفتيات لديها مهارة في الخياطة مثلاً وليس لديها دافع قوي ان تعتلي منبر خطابي، هنا ياتي دورنا في صقل موهبتها عن طريق فتح مشغل للخياطة داخل الجمعية، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.

وتنشط الجمعية في مجالات اخرى منها، تحجيب الفتيات في سن التكليف، واقامة دورات تعليمية صيفية، تعليم الحاسبات التي صارت لغة العصر ولا غنى عنها.

واضافت السيدة ام محسن لـ شبكة النبأ، هذا من جهة الطالبات اما من جهة المدرِّسات فان الجمعية تقوم باختيار النساء الكفوءات عن طريق الاختبار، بعد ان يتم تزكيتهن من جهة موثوق بها، او عن طريق الطالبات التي كانت تدرس في الجمعية، واستطاعت ان تجتاز المراحل الدراسية بنجاح،  فيتم تأهيلها الى ان تكون مدرِّسة  على قدر من المسؤولية التي توكل اليها.

واوضحت ام محسن ان الاجور التي يتم اعطائها للمدرِّسات زهيدة جداً، ولكن اغلب النساء تأتينا للأجر والثواب..

والى هنا نقف وقفة تأمُّل لا وقفة محاسبة او مراجعة، فهذه المنظمات التي تهدف الى رفع المستوى التعليمي والمعاشي والثقافي للمجتمع لا تستطيع ان توفر المستوى المطلوب للعاملين فيها ابتداءاً، فكيف ستداوي جراح العراق التي لاتُعَد ولا تُحصى!!

من هنا نطالب الحكومة وكافة المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية في ان تضع يداً بيد، لتوفير القاعدة الصلبة الرصينة لمنظمات المجتمع المدني في العراق كي تقوم بدورها البنّاء بشكل صحي قائم على أساس القوة المعنوية والمادية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/تشرين الأول/2008 - 14/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م