العِمارة الإسلامية لمآذن تحافظ على نفسها مئات السنين

شبكة النبأ: العِمارة والفن الإسلامي له نكهته الخاصة بين جميع الفنون وعلى مر السنين وتعاقب الزمان، ذلك لأنه يجمع بين سمته الإسلامية وحضارة عربية مضيفا لها بصمته التي تميز، وروحانيته التي تفرده في إنجازه للعمارة.

حيث مازالت ماذن جوامع ومساجد دمشق محافظة على شكلها الخارجي وهندستها المعمارية الجميلة بالرغم من عمر البعض منها يزيد على مئات السنين ويزداد رونقها في شهر رمضان المبارك حيث تبقى طيلة ليالي هذا الشهر الفضيل كانها منارات ومضاءة بالوان متعددة تدعو الناس لعبادة الله عز وجل.

ويوجد في مدينة دمشق مئات من الجوامع والمساجد التي تنتشر في حاراتها واحيائها واسواقها القديمة منها والحديثة وتتميز هذه الجوامع بماذن ذات تنوع معماري جميل تعود في هندستها الى النمط الاسلامي بمختلف فنونه المعمارية وطرزه الشهيرة واشكاله التراثية الجميلة.

وتقسم الماذن الدمشقية من حيث طرازها وفق العصور المختلفة التي تعود اليها وهي ماذن العهد الاموي والنوري والايوبي والمملوكي الشامي المملوكي والعثماني والشامي العثماني والطراز الشامي والطراز الشامي المختلط والرمزي والطراز الحديث.

ومن اشهر ماذن العهد الاموي تاتي ماذن جامع دمشق الاموي الثلاث وهي مئذنة عيسى وهي من الماذن الفريدة في اسلوبها المعماري فجذعها مقسوم الى كتلتين لا رابط بينهما من الوجهة الفنية الكتلة السفلية مربعة الاضلاع وقد شيدت فوق برج المعبد الروماني القديم ايام الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك وهناك مئذنة العروس وهي واحدة من الماذن المميزة بتكويناتها المعمارية. بحسب تقرير لـ كونا.

ويذكر الباحثون ان ماذن العالم الاسلامي كلها شيدت على نسق مئذنة العروس ابراجا مربعة طوال قرون عديدة ولم يتغير شكل الماذن الا بعد القرن عشر الميلادي حيث اخذت تظهر ماذن مضلعة واخرى مستديرة.

اما تسمية مئذنة العروس فتنسب الى مظهرها عندما كانت تتلالا بانوار الفوانيس في المناسبات مما يجعلها تشبه العروس ليلة زفافها.

وهناك مئذنة قايتباي وهي من ماذن الجامع الاموي الثلاث شيدها الوليد بن عبد الملك سنة 90 هجرية وجددت في العهد الايوبي وتعرضت بعد ذلك لكوارث فقام بتجديدها السلطان المملوكي الاشرف قايتباي المحمودي.

اما ماذن العهد النوري فهي نسبة الى نور الدين الزنكي الملقب بالشهيد فعندما دخل دمشق سنة 450 هجرية ادخل معه عناصر العمارة السلجوقية في الجوامع والماذن والتي سميت بالطراز النوري ومن اشهر هذه الماذن مئذنة الباب الشرقي التي بنيت في القرن السادس للهجرة وقد تم ترميمها عدة مرات في عصور عديدة فيما بعد لذلك يلاحظ فيها تاثير العمارة الايوبية والمملوكية والعثمانية والمئذنة تتميز بجذع مربع خال من العناصر التزينية او الزخرفية وكذلك الشرفة البسيطة وتغطي راسها قلنسوة مخروطية كثيرة الاضلاع ومن ماذن هذا العهد مئذنة حسان في حي السويقة.

وتتميز ماذن دمشق في العهد الايوبي بانها ذات جذع مربع بسيط وهي خالية من المقرنصات وبقية العناصر التزينية والزخرفة ومن ابرز ماذن هذا العهد مئذنة المدرسة الاتابكية ومئذنة جامع التوبة وهي ذات جذع مثمن تزينه مداميك حجرية ذات لونين متناوبين وهو ما يعرف بالابلق وشرفتها مبنية على غرار الجذع في عدد اضلاعه.

وهناك مئذنة الجامع الجديد ومئذنة جامع جراح امر ببنائها والجامع السلطان صلاح الدين الايوبي وهناك مئذنة جامع الحنابله في حي الصالحية ومئذنة المدرسة الشامية البرانيه ومئذنة المدرسة الماردانية ومئذنة المدرسة المرشدية ومئذنة جامع المصلى.

وفي عام 658 هجرية صارت الشام ولاية مملوكية بعد الاستيلاء عليها وقد بنيت العديد من المساجد في العهد المملوكي وتميزت ماذن هذا العهد بعدة خصائص وهي ظهور الشكل المثمن لاول مرة في الجذع والشرفة والجوسق مع استمرار الشكل المربع والاسطواني بالبقاء وتنوع اشكال الجذع في بعض الماذن عند تعدد طبقاته وتعدد الشرفات في المئذنة الواحدة وكثرة استعمال العناصر التزينية والزخرفية والمقرنصات وظهور الذروة الصنوبرية لاول مرة في دمشق وانتشارها بعد ان انتقلت اليه من ذرى ماذن القاهرة المملوكية.

ومن ابرز هذه الماذن مئذنة جامع الشحم ويقع عند النهاية الشرقية لسوق مدحت باشا وشيدت سنة 1368 ميلادية وهي ذات جذع مربع مشيد بالمداميك الحجرية باللونين الاحمر والابيض ومئذنة جامع البزوري ومئذنة جامع تيكنز ومئذنة مسجد الاقطاب والمعلق وهشام والورد وماذنة المدرسة الصابونية.

وفي عام 922 هجرية احتل السلطان سليم الاول دمشق فانتهى بذلك العهد المملوكي وبدا العهد العثماني فنشات مشيدات عمرانية لازالت ماثلة حتى اليوم في دمشق ومنها الجوامع العديدة ذات الماذن المبنية على الطراز العثماني حيث تميزت ماذن هذا العهد بالارتفاع والرشاقة وكثرة اضلاع الجذع بشكل يقترب من الاسطوانية او قد يكون اسطوانيا كاملا احادية الشرفة وثنائيتها وغياب الزخارف بشكل عام مع بقاء بعض الجذوع مشيدة بالمداميك الحجرية المتناوبة وبقاء المقرنصات مستعملة في معظم الماذن وظهور القلنسوة المخروطية والسروة المصفحة بالرصاص في معظم ماذن العهد العثماني.

ومن ابرز ماذن هذا العهد هناك مئذنتا جامع التكية السليمانية وهم مئذنتان متشابهتان ترتفعان فوق التكية وتتميز هاتين المئذنتين بكثرة اضلاع الجذع بشكل يصبح معها اقرب الى الدائرة وتحول الجذع وارتفاع المئذنة الى علو كبير بالمقارنة مع ارتفاعات الماذن الاخرى واعتماد القلنسوة المخروطية.

ومن الماذن الجميلة في هذا العهد القائمة حتى الان مئذنة جامع السنانية في ساحة باب الجابيه بدمشق وهي مئذنة فريدة بعمارتها في دمشق فجذعها كثير الاضلاع لدرجة اصبح معها اقرب الى الاسطوانة منه الى الجذع المضلع وتؤكد على هذا التفرد الواح القاشاني الرمادية والخضراء وتعلو الجذع شرفة اسطوانية ذات مقرنصات بسيطة يحيطها درابزين اسمنتي مفرغ وتغطيها مظلة على غرارها وفوقها جوسق وقلنسوة مخروطية تصفح اضلاعها الكثيرة الواح مسطحة وتتميز القلنسوة بقدها الممشوق وراسها المؤنف بشدة بحيث تصبح معه قريبة من شكل السروة او راس قلم الرصاص المبري جدا.

وهناك ايضا مئذنة الشيخ محي الدين وتعتبر المئذنة الاهم للعهد العثماني شيدها السطان سليم الاول سنة 924 هجرية مع الجامع فوق ضريح الشيخ محي الدين في حي الصالحية بدمشق وهي تتميز بفن زخرفي حتى اعتبرها الكثيرون واحدة من اجمل الماذن المقامة في دمشق.

ومن ماذن هذا العهد هناك مئذنة جامع الدرويشية وجامع مراد باشا.

وهناك جوامع العصر الحديث والتي تتميز بماذن ذات طراز شامي متاثر بالعهود السابقة اضافة الى تميزها بالطراز المعماري الحديث وهي تعد بالمئات من الماذن الرائعة. وتنتشر مئات الجوامع في كافة انحاء العاصمة السورية دمشق تم تشيدها خلال العقود القليلة الماضية من قبل وزارة الاوقاف او عن طريق عدد من المحسنين او الجمعيات الخيرية الاسلامية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/تشرين الأول/2008 - 4/شوال/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م