الخطر القادم من أعماق الأرض: عصر الفيضانات على الأبواب

 

شبكة النبأ: التغيرات والمشاكل البيئية بدأت تطفو على سطح الواقع متمثلة بأعاصير وفيضانات من شأنها ان تدمر الانسان وتهدد مستقبله بشكل مباشر خاصة في تلك المناطق الواقعة والمطلة على البحار او المحيطات.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على الفيضانات التي تجتاح آسيا وعلاقتها بارتفاع درجات حرارة الأرض وظاهرة الاحتباس الحراري:

العلاقة بين ارتفاع حرارة الأرض وقوة الأعاصير

حذر العلماء من أن الزوابع الاستوائية تزداد قوة مع ارتفاع حرارة المحيطات. وأظهر تحليل الصور التي التقطت عبر الأقمار الاصطناعية أن الأعاصير والعواصف والزوابع والأنواء القوية صارت ظواهر طبيعية تحدث بصفة أكثر تواترا خلال السنوات الـ25 الأخيرة.

وقال العلماء في مقال نُشر بمجلة نيتشر Nature إن عدد العواصف ضعيفة المفعول لم ينقص. بحسب بي بي سي.

ويعد موضوع تأثير التغيرات المناخية على الزوابع الاستوائية موضوعا مثيرا للجدل. وقبل يضع سنوات ذُكر أن الأعاصير ستصير ظاهرة مناخية معتادة في كوكب ترتفع حرارته.

وتستمد الرياح قوتها من الحرارة المنبعثة من المحيطات. لكن أبحاثا نشرت حديثا أشارت إلى أن هذه الظواهر لن تحدث بصفة دورية، على الرغم من أنها ستزداد قوة مع مرور الوقت.

ويعتقد جيمس إلسنر وزملاؤه في جامعة ولاية فلوريدا بتلهاسي الأمريكية، أن الرابط بين التغيرات المناخية وبين الزوابع والأعاصير سيصير أوضح إذا ما دُرست المعطيات من زاوية قوة العاصفة.

وأظهرت الدراسة التي أجريت في المحيطات الأطلسي والهادئ والهندي، أن ارتفاع درجة حرارة المحيد بدرجة مئوية واحدة يؤدي إلى تعاظم قوة الإعصار.

فرار البشر والحيوانات في جنوب اسيا من الفيضانات

أجبرت أمطار غزيرة وارتفاع مستوى مياه الفيضانات مئات الآلاف من البشر والفيلة وحيوانات وحيد القرن في شمال شرق الهند على الفرار مع اتساع مأساة الرياح الموسمية في جنوب اسيا.

وفي ولاية بيهار الهندية في شرق البلاد هاجم ضحايا فيضانات يائسون مخزنا ونهبوا امدادات غذائية بينما ارتفعت المياه في الانهار الرئيسية في بنجلادش المجاورة الى مستويات خطيرة وانغمرت اجزاء جديدة من البلاد بالمياه.

وفي ولاية اسام في شمال شرق الهند تسببت امطار غزيرة في ارتفاع مستويات المياه مما اضر باكثر من مليون شخص وعرقل شبكات الطرق. بحسب رويترز.

وهربت الحيوانات الى اراض مرتفعة في محمية كازيرانجا الوطنية بعد ان فاضت المياه عن ضفتي نهر براهمابوترا لتغزو معظم المحمية التي يعيش فيها أكثر من نصف حيوانات وحيد القرن الموجودة في العالم.

وقال مسؤولو غابات ان عجلين على الاقل من حيوانات وحيد القرن غرقا وان قطيعا يضم 100 فيل جرفتها مياه الفيضانات.

وقال اس. ان. بوراجوهيان المسؤول البارز في حماية الغابات: اننا قلقون خشية ان ينتهز الصيادون المتنمرون الفرصة ويقتلوا وحيد القرن والفيلة بعد خروجها من المناطق المحمية الى مناطق اكثر أمنا.

وفي ولاية بيهار شردت الفيضانات بالفعل نحو ثلاثة ملايين شخص واودت بحياة 90 شخصا على الاقل.

ونهب مئات القرويين الذين تسلحوا بالعصي مخزنا للطعام في منطقة مادهيبورا واستولوا على عبوات غذاء بينما فر افراد الشرطة للاحتماء. ونهبت ايضا شاحنات حكومية محملة بالغذاء.

وقال مسؤول اغاثة محلي يدعى بيجيندارا براساد ياداف: لا يمكننا التصدي للحوادث رغم بذل قصارى جهدنا هذه (الحوادث) شائعة جدا اثناء فترات الفيضانات.

وانعزل كثير من القرويين في منطقة بيهار الفقيرة فوق الاسطح لايام دون طعام بينما اضطر اخرون للاغتذاء على النباتات واوراقها كي يظلوا على قيد الحياة.

وكان فيضان نهر كوسي قد ادى الى انهيار سد في نيبال في أواخر الشهر الماضي واكتسحت المياه مئات القرويين في انحاء الولاية ودمرت 250 الف فدان من الاراضي الزراعية.

واظهرت صور تلفزيونية قرويين يائسين يقودون ماشيتهم الى نهر كوسي لعدم توافر ما يطعمون به حيواناتهم.

ومنذ أن بدأ هبوب الرياح الموسمية في جنوب اسيا في يونيو حزيران لقي اكثر من الف شخص حتفهم في فيضانات ومعظم الضحايا المسجلين سقطوا في ولاية اوتار براديش الهندية في يوليو تموز.

ويقول بعض الخبراء ان الفيضانات سببها امطار اغزر من المعتاد اسقطتها الرياح الموسمية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري بينما يقول اخرون ان السلطات تقاعست عن اتخاذ اجراءات وقائية لتحسين البنية التحتية.

وبينما يرتفع مستوى مياه الفيضانات في اسام وبنجلادش تنحسر مستويات المياه في بيهار وتريد الحكومة اجلاء كل القرويين الذين تقطعت بهم السبل.

مخيّمات الناجين من فيضانات الهند ونيبال تنتشر فيها الأوبئة

حذر عاملون في منظمات انسانية من ان مئات الاف الناجين من اسوأ فيضانات يشهدها شرق الهند منذ 50 عاما وجنوب النيبال يواجهون خطر انتشار الاوبئة في المخيمات التي تؤويهم.

وقال موكش بوري من صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف): حين يكون هناك الكثير من الناس في مكان واحد من الطبيعي ان تحصل بعض حالات الاسهال او التهابات اخرى لكن هذه الحالات تتضاعف وذلك اصبح مقلقا ويتطلب مراقبة من كل الهيئات.

وتم اجلاء اكثر من نصف مليون شخص في ولاية بهار الهندية بينهم 200 الف ارسلوا الى مخيمات ايواء فيما لا يزال هناك 400 الف عالقين في الفيضانات ومحرومين من المياه العذبة والمواد الغذائية. بحسب فرانس برس.

وقد ادت الامطار الموسمية التي سقطت على بهار على الحدود مع النيبال الى فيضان نهر كوسي الذي غمرت مياهه في 18 اب/اغسطس مجرى مجاور لنهر قديم جفت مياهه منذ قرون.

وغمرت المياه مئات القرى في هذه الدلتا الجديدة التي يبلغ عرضها 1,6 كلم وانقطع الملايين عن العالم. وقتل حوالى مئة شخص خلال اسبوعين. وهناك حوالى 60 الف منكوب ايضا في النيبال حيث خرج نهر كوسي عن مجراه قبل اسبوعين.

وفي المخيمات التي نصبت على جانبي الحدود الهندية النيبالية: ليس هناك اي هيكلية مساعدة باستثناء المواد الغذائية كما قالت ماليني مورزاريا من مكتب المساعدة الانسانية التابع للمفوضية الاوروبية.

وقالت متحدثة من ساهارسا في بهار: المهم الان هو تنظيم المخيم لتامين مراحيض ومياه للشرب وحد ادنى من الرعاية الصحية للناس.

من جهته قال دورغا بانداري المسؤول عن دائرة سانساري انه في جنوب النيبال: توفي ستة ناجين على الاقل من جراء امراض مختلفة في المخيم. وقال سانجيف كافل من الصليب الاحمر النيبالي هناك اشخاص يعانون من الحمى والتهابات رئوية واسهال معبرا عن خشيته من انتشار اوبئة مثل الكوليرا.

عواصف الأطلسي وسيول هايتي تغرقان جزر كاملة

أغرقت العاصفة الاستوائية هانا جزر البهاما واطلقت سيولاً مميتة في هايتي وهي تتجه الى اليابسة ويتوقع وصولها لجنوب شرق الولايات المتحدة.

وفي نفس الوقت تشكلت عاصفة استوائية جديدة هي جوزفين امام ساحل افريقيا خلف العاصفة الاستوائية ايك. وتتحرك كلتاهما في اتجاه الغرب حيث وصل نشاط عواصف الاطلسي الى معدل محموم في الوقت الذي اخذ فيه الاعصار جوستاف يفقد قوته بعد ان ضرب ساحل خليج المكسيك قرب نيواورليانز. بحسب رويترز.

وهذه الفورة من الاعاصير احدث دليل على صدق التنبؤات بموسم مزدحم اكثر من المعتاد. وهذه أنباء مثيرة للقلق لدى صناعة النفط والغاز الامريكية في خليج المكسيك وللملايين الذين يعيشون في جزر البحر الكاريبي وعلى السواحل الامريكية وللمزارعين الذين يخشون غرق حقولهم.

وتنبأت الحكومة الامريكية بهبوب ما بين 14 و18 عاصفة استوائية خلال موسم الاعاصير للمحيط الاطلسي الذي يستمر ستة شهور ابتداء من يونيو حزيران مقارنة بالمعدل التاريخي وهو عشرة. وتعتبر العاصفة الاستوائية جوزفين هي العاشرة بالفعل وتشكلت قبل الذروة الاحصائية للموسم التي تأتي في العاشر من سبتمبر ايلول.

وتوقع فريق بارز من خبراء الارصاد الجوية في جامعة ولاية كولورادو هبوب اربعة اعاصير في سبتمبر ايلول وقال ان نشاط العواصف سيكون بمثلي معدله في هذا الشهر.

وقال المركز القومي الامريكي للاعاصير انه في الصباح الباكر ضعفت قوة الاعصار هانا وتحول الى عاصفة استوائية اثناء هبوبه قرب جزيرة جريت ايناجوا في جزر البهاما لكن هذا الضعف قد يكون قصيرا.

وبلغت سرعة رياحه 110 كيلومترات في الساعة اي اقل بقليل من كونه اعصارا من الفئة الاولى على مقياس سافير سيمسون ذي الخمس درجات لقياس شدة العواصف.

واسقطت العاصفة هانا امطارا غزيرة على جنوب شرق البهاما وجزيرة توركس وكايكوس حيث حذر مسؤلو ادارات الطواريء من ارتفاع مياه البحر واحتمال حدوث سيول.

وفي هايتي قالت السلطات ان الامطار الغزيرة الناتجة عن هانا تسببت في سيول شديدة في مدينة جونيفس الساحلية حيث لاقى الالاف حتفهم منذ اربعة اعوام في كارثة مماثلة.

الجوع والمرض يخيمان على الهاربين من الأعاصير

اكتظ ملجأ بالناجين من العاصفة الاستوائية هانا بمدينة جونايفز الساحلية في هايتي وقد غالبهم البكاء حزنا على فقد أحبائهم الذين قضوا في الفيضانات فيما اصطفوا لتسجيل أسمائهم للحصول على غذاء لم يصل.

وغالبية الناجين من هانا لم يأكلوا شيئا منذ أغرقت السيول الناجمة عن العاصفة الاستوائية جونايفز في مياه بارتفاع مترين. ولم يملك بعضهم سوى ملابسه التي يرتديها بينما لم يكن لدى اخرين حتى هذا. بحسب رويترز.

وقالت جيرتا ميوس وهي تهدهد ابنتها الصغيرة البالغة من العمر عامين: فقدت كل شيء في الفيضان. كل ما أملك هو ما أرتديه من ملابس.

وقتل 136 شخصا على الاقل في الفيضانات والانهيارات الطينية التي تسببت فيها هانا وكثير منهم في منطقة جونايفز وفقا لما قاله مكتب الحماية المدنية في هايتي وهي أفقر دول الامريكيتين.

ولا تعتبر مشاهد البؤس في جونايفز غير مسبوقة في هايتي التي تعاني من فوضى سياسية وسفك دماء وكوارث طبيعية منذ استقلالها عن فرنسا بعد ثورة للعبيد قبل قرنين من الزمان. وكانت اخر مرة يقع فيها فيضان مشابه لهذا الفيضان في جونايفز عام 2004 حيث أسفر عن مقتل ثلاثة الاف شخص.

ونجا العديد من الاشخاص في جونايفز هذه المرة باعتلاء اسقف المنازل مع ارتفاع منسوب المياه ثم الخوض وسط الاوحال الى الملجأ بعد انحسار المياه.

وقالت جاكلين ميرانفيل وهي تبلغ من العمر 21 عاما انها صعدت هي وأختها الاصغر في بادئ الامر فوق سور ومنه الى سقف منزلهما: لكن والدتي البالغة من العمر 60 عاما لم تستطع التسلق ولم نستطع مساعدتها لذا ماتت.

وبعد أن بح صوتها من الصراخ ووهنت من الجوع جلست ويدلين جان لوي على أرض الملجأ وهي تحاول ارضاع ابنتها الصغيرة التي لم تتعد 13 شهرا.

وقالت: دخلت المياه منزلي وساعدنا بعض الناس للوصول الى سقف المنزل ولكن وبينما كان يهم زوجي بالانضمام الينا حاول اعتلاء السقف وسقط وجرفته المياه أمام أعيننا. وأضافت، ابنتي مريضة للغاية ولا يوجد من يساعدني.

تقييم شامل للأضرار التي خلفها الإعصار جوستاف

انقطع التيار الكهربائي عن نصف مدينة نيو اورليانز كما تضررت شبكة الصرف الصحي بها وقالت السلطات ان من المبكر جدا عودة من تم اجلاؤهم الى بيوتهم غير أن المدينة المنخفضة عن سطح البحر تنفست الصعداء بعدما أفلتت من ضربة مباشرة من الاعصار جوستاف.

وضرب جوستاف ساحل الخليج الامريكي وكان الكثيرون يخشون تكرار الدمار الذي نجم عن الاعصار كاترينا قبل نحو ثلاث سنوات غير أن حواجز المياه في نيو أورليانز بدت صامدة هذه المرة. بحسب رويترز.

وضعف جوستاف قبل أن يضرب الساحل الى الغرب من نيو اورليانز بقوة اعصار من الفئة الثانية وتجنبت المدينة ضربة مدمرة. ولم تلحق العاصفة أيضا أضرارا كبيرة بمنشات النفط الرئيسية في خليج المكسيك مما أدى الى تراجع اسعار النفط الى أدنى مستوياتها في خمسة أشهر.

وبعد أوامر باخلاء المدينة في اطار نزوح جماعي لنحو 1.9 مليون شخص بالولاية وهو أحد أكبر عمليات الاجلاء الاجبارية في تاريخ الولايات المتحدة قال رئيس بلدية نيو اورليانز راي ناجين ان بامكان السكان العودة في وقت لاحق.

وقال لمحطة (سي.ان.ان) التلفزيونية: سنجري تقييما شاملا ونبدأ في الاصلاحات بجد. لكن تقييمي المبدأي هو أنه لا تزال هناك بعض الاضرار في المدينة.

وقال ان معظم المدينة لا يزال بدون كهرباء وان المستشفيات يديرها الحد الادنى من الاطقم.

وصرح حاكم لويزيانا بوبي جيندال بأن أكثر من 1.4 مليون أسرة في الولاية تعيش بدون كهرباء منذ صباح اليوم فيما تستعد شركات المرافق لتقيم الاضرار الناجمة عن الاعصار جوستاف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/أيلول/2008 - 28/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م