موجة الجفاف تضرب الزيتون الأردني والمزارع الفلسطينية

 

شبكة النبأ: تتعرض عشرات الآلاف من أشجار الزيتون التي تتميز بها مدينة الكرك الأردنية، للموت واقفة، نتيجة الجفاف الذي يضرب المنطقة بقسوة بالغة، والذي يرجعه خبراء البيئة والزراعة إلى التداعيات الناجمة عن ظاهرة التغيرات المناخية.

ومن جهة اخرى تضررت اسرائيل والضفة الغربية المحتلة على حد سواء بشدة من جراء الجفاف لكن المزارعين الفلسطينيين يقولون ان القيود التي تفرضها اسرائيل على امداداتهم من المياه زادت الظروف سوءاً اكثر بكثير بالنسبة لهم عن المزارعين في المستوطنات اليهودية القريبة.

وتضم مدينة الكرك، التي تبعد بنحو 120 كيلومتراً عن العاصمة عمان جنوبا، ما يزيد على 30 ألف شجرة من أشجار الزيتون، بدأت تتحول إلى أخشاب ميتة بعد جفاف ينابيع المياه، التي كان المزارعون يستخدمونها لري زراعاتهم بالمنطقة.

ووفقاً لتقرير أصدرته شبكة الأنباء الإنسانية "إيرين" التابعة للأمم المتحدة، فإن عدداً كبيراً من المزارعين بمدينة "الكرك" لجأوا إلى شراء حاويات المياه لإنقاذ مزارع الزيتون، ولكن ارتفاع أسعار المياه حال دون مواصلتهم هذا العمل بشكل مستمر. بحسب سي ان ان.

ونقل التقرير عن المدير التنفيذي لجمعية البيئة الأردنية، أحمد الكوفحي، قوله: "نشهد ارتفاعاً متزايداً في درجات الحرارة أثناء الصيف، وانعدام المطر في الشتاء، ومن المتوقع أن تزداد المشكلة تفاقماً في المستقبل، وأن يضرب الجفاف جميع أنحاء المملكة."

من جهته، قال عبد الله فاضل، وهو مزارع من بلدة "العراق"، التي تقع على بعد 20 كيلومتراً من الكرك، إنه ربما ينتهي الأمر بموت أشجار الزيتون في البلدة، قبل قدوم فصل الشتاء.

وأضاف قائلاً: "في العام الماضي شهدنا القليل من المطر أثناء الشتاء، مما أدى إلى انخفاض إنتاج الزيتون مقارنة بالسنوات السابقة، ولكننا نخشى الآن من موت جميع الأشجار، لأننا لم نتمكن من سقيها منذ مدة."

وأضاف فاضل: "ما زال فصل الشتاء بعيداً، لا أعرف ماذا سيحدث حتى تسقط القطرة الأولى من المطر، ولكن يبدو أن جميع الأشجار في المدينة ستموت."

وكانت المنطقة تضم أكثر من 20 ينبوعاً من المياه الجارية خلال العقود الماضية، كانت تساهم في تحويل البلدة إلى واحة صغيرة، ولكن خبراء البيئة يقولون إن الانخفاض المتوالي في مستويات هطول الأمطار جفف 15 ينبوعاً منها على الأقل.

ويستعمل السكان المحليون مياه الينابيع للغسيل والطبخ، لأن السلطات تطبق نظام ترشيد المياه للمنازل في مدن وبلدات المملكة بسبب النقص المزمن في المياه، بالإضافة إلى ذلك، تبنت الحكومة سياسة تمنع حفر ينابيع المياه الجوفية في محاولة منها للمحافظة على هذا العنصر الحيوي.

كما نقل التقرير عن أكثم مدانات، مدير مديرية زراعة "الكرك"، قوله إنه من المتوقع أن يؤدي الجفاف إلى انخفاض إنتاج الزيتون بنسبة 50 في المائة هذا العام.

وقد دعا سكان بلدة "العراق"، البالغ عددهم حوالي سبعة آلاف نسمة، لبناء سدود للمساعدة في تجميع أكبر كمية ممكنة من مياه الأمطار خلال موسم الشتاء.

وتُعد المملكة الأردنية، التي تشكل الصحراء معظم أراضيها، واحدة من أكثر عشر دول فقراً في العالم من حيث المياه، وفقاً لإيرين.

ويذكر أن الأردن يُعد واحداً من كبرى الدول المنتجة لزيت الزيتون في المنطقة، إذ بلغ متوسط الإنتاج خلال السنوات الخمس الماضية نحو 35.2 ألف طن، في حين بلغ متوسط حجم الاستهلاك لنفس الفترة نحو 17.57 ألف طن.

شجرة الزيتون زُرعت جنوب الأردن عام 5400 قبل الميلاد

وأعلن الفريق الفرنسي الأردني للآثار أن قرية "هضيب الريح" في منطقة رم جنوب الأردن، هي "أقدم منطقة في العالم زرعت بأشجار الزيتون،" عن طريق استخدامه لعملية تحليل الرماد في مواقد القرية التي يعود تاريخها إلى العصر النحاسي (نحو 5400 قبل الميلاد) .

ونقلت صحيفة "الدستور" الأردنية عن مستشار الشؤون البيئية الأردنية محمود البدور قوله إن "فريق الآثار اكتشف عن طريق تحليل الرماد في ثلاثة مواقد في القرية استمرار الاستيطان فيها إلى فترة طويلة جدا تعود إلى العصر النحاسي والبرونزي والحديدي والنبطي."

وأضاف أن "أهم اكتشاف هو تحليل الفحم في المواقد الذي رفع الستار عن أقدم زراعة للزيتون في العالم يعود تاريخها إلى 5400 قبل الميلاد في حين كان تاريخ أقدم زراعة للزيتون في العالم يعود إلى 4200 قبل الميلاد الأمر الذي يؤكد أن رم هي أقدم منطقة زرعت الزيتون في العالم."

وأشار البدور إلى أن سكان القرية استخدموا خشب الزيتون في الطبخ، ما يعنى أن شجر الزيتون كان متوفرا بغزارة، مؤكدا أن الاكتشافات الأثرية أظهرت أن منطقة رم تمتلك مخزونا أثريا قيما يعكس حقيقة ما ورد في كتب التاريخ.

واعتبر البدور أن "هذا الاكتشاف يعد من أهم السجلات العلمية العالمية التي تدل على النشاط الاستيطاني للإنسان في رم الأمر الذي يضع المنطقة على قائمة المواقع التاريخية المهمة للنشاط البشرى للقبائل العربية التي جسدتها الآثار الحسية ووثقتها أقلام الجغرافيين العرب."

ويعد الأردن من الدول المنتجة لزيت الزيتون في المنطقة، إذ بلغ متوسط الإنتاج خلال السنوات الخمس الماضية نحو 35.2 ألف طن، في حين بلغ متوسط حجم الاستهلاك لنفس الفترة نحو 17.57 ألف طن.

نقص المياه يعوق الزراعة الفلسطينية

وفي السهول المحيطة بقرية بردلة تتجلى اثار الحرب بين الاسرائيليين والفلسطينيين على الأرض والمياه بالالوان الطبيعية حيث تحد المزارع الفلسطينية التي يغلب عليها اللون البني الحقول الخضراء التي يمتلكها مستوطنون يهود.

وتضررت اسرائيل والضفة الغربية المحتلة على حد سواء بشدة من جراء الجفاف لكن مزارعين فلسطينيين يقولون ان القيود التي تفرضها اسرائيل على امداداتهم من المياه زادت الظروف سوءا اكثر بكثير بالنسبة لهم عن المزارعين في المستوطنات اليهودية القريبة.

وفي الكثير من المنازل بمدينة جنين بالضفة الغربية انقطعت المياه تقريبا منذ ابريل نيسان. وبات سكان جنين ومئات القرى يحصلون على المياه عن طريق شاحنات تقوم بتوصيلها لهم بأسعار باهظة.

وفي محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة بشأن اقامة الدولة الفلسطينية قد تطغى قضايا اكثر حساسية على قضية المياه مثل مستقبل القدس وعودة اللاجئين. لكن المفاوض الفلسطيني صائب عريقات قال انه "لا يمكن تصور" اتفاقية دون الاتفاق على تقسيم موارد المياه بالمنطقة.

وقال رئيس سلطة المياه الفلسطينية شداد عتيلي انه اذا كان الفلسطينيون يريدون أن تكون لهم دولة فينبغي أن يكون لديهم مياه. بحسب رويترز.

وفي بردلة بشمال وادي الاردن يقول زياد صوافطة انه يحصل على مياه لا تكفي الا لزراعة الباذنجان والكرنب (الملفوف) والمحاصيل الاخرى في نصف مساحة أرضه البالغة 125 فدانا.

ولتوضيح التباين يشير صوافطة (60 عاما) وهو اب لاربعة ابناء الى بستان مزدهر للموالح الى جواره مملوك لمستوطنة ميحولا اليهودية ويغذى بالمياه من خلال شبكة من مواسير الري. ويقول صوافطة "لا نحصل الا على أذن الجمل. بقية الجمل يذهب الى المستوطنات."

وقال أوري شور المتحدث باسم هيئة المياه الاسرائيلية ان الفلسطينيين يحصلون على مياه اكثر من المنصوص عليها في اتفاقات السلام المؤقتة. وأرجع نقص المياه الى فلسطينيين يقول انهم يستغلون نظام المياه بشكل غير مشروع.

ولطالما كانت المياه موردا شحيحا في الشرق الاوسط لكن المشكلة اكثر حدة هذا العام. فقد زاد نقص سقوط الامطار من الضغط على الامدادات التي تفرض عليها قيود بالفعل من اسرائيل التي تسيطر الى حد كبير على المستودعات المائية الرئيسية الثلاثة للضفة الغربية.

وقدر عتيلي رئيس هيئة المياه أن المزارعين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة يحتاجون الى 250 مليون متر مكعب من المياه في العام من أجل الري فحسب لكنهم لا يحصلون الا على 20 في المئة منها فقط او نحو 50 مليون متر مكعب سنويا.

ويقدر اجمالي كمية المياه التي يحصل عليها الفلسطينيون من مواردهم الخاصة بهم ومن اسرائيل بنحو 205 ملايين متر مكعب سنويا. وقال عتيلي لرويترز ان الناس والارض عطشى وانه لا يملك شيئا ليفعله حيال هذا.

ويشير مسؤولون فلسطينيون الى أن اسرائيل تسيطر على نحو 50 بئرا بالضفة الغربية ويبلغ اجمالي طاقتها 50 مليون متر مكعب في العام وتوجهها بالاساس الى المستوطنات اليهودية التي يعيش بها نحو 250 الف شخص.

ويسيطر الفلسطينيون على نحو 200 بئر ضحل في الضفة الغربية وكثير منها تم حفره قبل حرب عام 1967 التي احتلت خلالها اسرائيل الاراضي. وتنتج هذه الابار نحو 105 ملايين متر مكعب في العام لكنها من المفترض أن تمد 2.5 مليون فلسطيني بالمياه.

ويقول عتيلي ان فلسطينيي الضفة الغربية يكملون امداداتهم من الابار بشراء ما يصل الى 45 مليون متر مكعب من المياه من اسرائيل. ويذهب خمسة ملايين متر مكعب أخرى يتم شراؤها من اسرائيل الى قطاع غزة لاكمال 50 مليون متر مكعب من مستودع مائي.

ويرى مسؤولون وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الانسان أن جزءا كبيرا من المشكلة بالنسبة للفلسطينيين هو أن كمية المياه التي توفرها اسرائيل والمحددة بحصص في اتفاقات السلام المؤقتة التي أبرمت في التسعينات لم تزد بما يتماشى مع النمو السكاني الفلسطيني. وأضاف عتيلي أن هذا ليس عدلا وقال ان النقص في المياه يمكن تخفيف حدته اذا سمحت اسرائيل للسلطة التي يرأسها بحفر بئرين او ثلاث ابار جديدة في الضفة الغربية. 

لكن شور من هيئة المياه الاسرائيلية قال ان السماح للفلسطينيين بحفر مزيد من الابار سيفسد المستودعات المائية الموجودة بالضفة الغربية.

ويقول مسؤولون اسرائيليون ان الفلسطينيين ليسوا الوحيدين الذين يواجهون نقصا في المياه. ومما يسلط الضوء على مخاوفها أطلقت الحكومة الاسرائيلية حملة شعبية لحث السكان والمؤسسات التجارية على عدم اهدار الامدادات المحدودة.

وقال عبد الرحمن التميمي مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين انه لا وجه للمقارنة بين النقص الذي يواجهه الاسرائيليون وذلك الذي يواجهه الفلسطينيون في الضفة الغربية لان بعض المناطق لا توجد بها مواسير مياه فيما تعاني مناطق أخرى من عدم امكانية الحصول على مياه صالحة للشرب بشكل منتظم.

ووصف أزمة الضفة الغربية بأنها "خانقة" لانها تؤثر على الاسر والمؤسسات التجارية على حد سواء بينما تتحدث اسرائيل عن الحد من استخدام المياه في أغراض مثل أحواض السباحة والمروج الخضراء.

وذكر تقرير صدر مؤخرا عن جماعة بتسيلم الاسرائيلية المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان أن الاسر الاسرائيلية استهلكت ما متوسطة 3.5 أمثال كمية المياه التي استهلكتها الاسر الفلسطينية.

وأرجعت الجماعة نقص المياه في المناطق الفلسطينية الى ما وصفته بسياسة اسرائيل "التي تنطوي على تمييز" في توزيع موارد المياه والقيود التي تفرضها على حفر ابار جديدة. وترجم هذا النقص الى تجارة رائجة لشاحنات توصيل المياه في عدة مناطق بالضفة الغربية.

وجنين متصلة بشبكة المياه لكن الامدادات المتناقصة أجبرت الكثيرين على اللجوء الى باعة المياه الذين ارتفعت أسعار سلعتهم بشدة نتيجة للطلب الشديد والامدادات المحدودة.

وتوصل تقرير صدر مؤخرا عن منظمة الامم المتحدة الى أن الفلسطينيين في بعض المناطق الاكثر تضررا ينفقون ما بين 30 و40 في المئة من دخولهم على المياه التي توصلها لهم الشاحنات. ولم تجب هيئة المياه الاسرائيلية على عدة مكالمات هاتفية من رويترز للحصول على معلومات مماثلة عن المستهلكين الاسرائيليين.

وقال حسين رحال (73 عاما) وهو بائع مياه في جنين بينما كان يقف الى جانب شاحنته في طابور طويل من الشاحنات المماثلة تنتظر ملء صهاريجها "لم أشهد مثل هذا النقص من قبل قط." وأضاف أن بعض الابار في جنين جفت بالفعل.

وذكر زميله هاشم عبد الحفيظ الذي أومأ برأسه موافقا على ما قاله رحال انه أغلق هاتفه المحمول لانه لا يستطيع تلبية طلبات المتصلين الذين يطلبون المياه وأضاف "ظللت أجيب قائلا لا توجد مياه."

وفي بردلة التي يعيش بها قرابة الفي فلسطيني يتذكر المزارعون اياما افضل. حيث يقولون ان بردلة كانت تتمتع بفائض من المياه حتى أواخر السبعينات حين حفرت اسرائيل ثلاثة ابار عميقة الى جوار الابار الاربعة الضحلة للقرية مما أدى الى جفافها.

ومنذ ذلك الحين خفضت اسرائيل من كمية المياه التي تضخها لمزارع بردلة من 240 مترا مكعبا في الساعة الى 140 مترا مكعبا مما اضطر كثيرين الى خفض الانتاج بما يصل الى 50 في المئة واختيار محاصيل مثل الباذنجان والفول التي تستطيع الحياة على الري لمرة واحدة في الاسبوع.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/أيلول/2008 - 26/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م