فساد الجمهوريين يكرّس سيطرة الديمقراطيين داخل الكونجرس

 

شبكة النبأ: في حلقة جديدة من مسلسل الفضائح التى تشهدها الولايات المتحدة من آن لآخر - والتى تطال كبار الشخصيات فى الحياة السياسية الأمريكية ونجوم المجتمع هناك، كشفت وسائل الإعلام عن اتهامات بالفساد والتربح ضد عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ألاسكا تيد ستيفنس.

يطلقون عليه فى ألاسكا العم تيد، ويعتبرونه احد أبطال الولاية والشخصية الأكثر شعبية هناك، وهو أقدم أعضاء الحزب الجمهوري الذين خدموا داخل مجلس الشيوخ، حيث قضى 40 عاما فى المجلس منذ انتخابه عام 1968، ولكن كل هذا لم يمنع عنه أن تطاله اتهامات بالفساد والتربح من موقعه هذا. وكانت أصداء هذه الفضيحة محط اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية هذا الأسبوع.

اتهامات ليست جديدة

اهتم راديو NPR بالاتهامات إلى وجهت إلى السيناتور تيد ستيفنس، وأعد برنامج Morning Edition تقريرا – أعده مارتن كاست - أكد فيه أن السيناتور تيد ستيفنس يمتلك تاريخ مشرف فى العمل السياسي ويعتبر من الشخصيات البارزة فى ولاية ألاسكا حيث بذل مجهودات كبيرة فى سبيل دعم قضايا ولاية ألاسكا داخل مجلس الشيوخ الأمريكى، ومن اجل توفير قدراً كبيراً من المخصصات المالية اللازمة لها ولمشروعات البنية التحتية هناك. وعمل ستيفنس رئيسا للجنة الاعتمادات المالية داخل مجلس الشيوخ، ودأب على توجيه العديد من الاعتمادات المالية الفيدرالية للولاية، لانجاز الكثير من المشروعات.

حياة سياسية حافلة

وأكد التقرير أن ستيفنس يتميز بالتفكير الاستراتيجي وبالطموح الكبير، ويعتبر من المحاربين القدماء الذين خاضوا الحرب العالمية الثانية، وانتقل ستيفنس من ولاية كاليفورنيا إلى ولاية Alaska فى بداية الخمسينيات وعمل بمهنة المحاماة، وسرعان ما بدأ نجمه يلمع فى سماء الولاية ويقيم الكثير من الروابط والعلاقات مع العديد من الشخصيات السياسية فى ولاية ألاسكا، هذا فضلا عن الدور الكبير الذى قام به ستيفنس فى إنشاء وإعلان ألاسكا كأحد الولايات الأمريكية. بحسب تقرير واشنطن.

وفى مطلع الستينيات بدا طموح ستيفنس السياسى يظهر ويتبلور، حيث سعى آنذاك إلى ترشيح نفسه فى انتخابات الكونجرس، ورشح نفيه مرتين لمجلس الشيوخ ولكنه لم ينجح فى أيا منهما، واستطاع أن يصل إلى ما ابتغاه فى نهاية عام 1968 ، حيث نجح فى شغل مقعد ولاية ألاسكا فى مجلس الشيوخ عقب وفاة السيناتور الذى كان يشغل هذا المقعد، ومنذ ذلك الحين لم يتخلى ستيفنس عن مقعده حيث فاز فى جميع الانتخابات التى أجريت هناك، وذلك بسب عمله الدءوب والجاد فى خدمة قضايا الولاية وشخصيته القوية.

ولفت معد التقرير الانتباه إلى انه على مدار هذه الفترة التى قضاها فى مجلس الشيوخ استطاع أن يكّون شبكة من العلاقات مع هؤلاء الذين كانوا يعملوا ضمن الطاقم المعاون له، وأصبحوا يشغلوا مناصب سياسية هامة فى الوقت الحالى ، سواء فى ولاية ألاسكا أو فى العاصمة الأمريكية واشنطن دى سى Washington, D.C. وعلى رأس هؤلاء ترفور ماكابى والذي تثار حول شكوك بالتربح من علاقته مع السيناتور ستيفنس.

اتهامات بالفساد

وفى هذا التقرير أكد مارتن كاست– معد التقرير – أن هذه الاتهامات ليست بالجديدة ولم تكن مفاجئة لساكني ولاية ألاسكا، حيث انه منذ عامين أعلن المدعى العالم الفيدرالى أن هناك اتهامات للعديد من المشرعّين داخل الولاية بالتربح والفساد، وأنهم استخدموا سلطاتهم ونفوذهم من اجل خدمة مصالح شركات البترول العاملة فى الولاية ، خصوصا شركة تدعى فيكو VECO، وفوجئ سكان الولاية آنذاك بشرائط سجلتها المباحث الفيدرالية الأمريكية لبعض أعضاء المجلس التشريعي للولاية تظهر العلاقات والروابط بين هؤلاء المشرعّين والموظفين التنفيذيين داخل هذه الشركة، وبدا يتساءلوا هل هناك من هو اكبر من هؤلاء جمعيا وله روابط وعلاقات اكبر وأكثر مع هذه الشركة.

والاتهامات الموجهة إلى ستيفنس تتلخص فى انه حصل على ما يقرب من 250 مليون دولار أمريكى كهدايا وهبات من شركات البترول العاملة فى ولاية ألاسكا، فى شكل إجراء تحسينات فى البيت الذى يملكه ، كما أن هذه الاتهامات طالت ولده بن الذي يعمل مستشاراً فى بعض الشركات التى يعتقد أنها فى حاجة إلى مساعدة وخدمات قد يقدمها السيناتور ستيفنس لهم.

خوف من فقدان المقعد

أما برنامج World News – على شبكة ABC - الذى يقدمه Charles Gibson فقد اهتم بما سيكون عليه الأمر مع العم تيد بعد هذه الاتهامات الموجهة له ، وفى هذا السياق اعد كل من جاك تابر وتريزا كوك تقريرا للبرنامج، أكدا فيه انه بعد توجيه هذه الاتهامات فانه طبقا للقواعد المعمول بها داخل مجلس الشيوخ فى مثل هذه الحالات ، فقد تخلى ستيفنس عن مقعده كزعيم الأقلية الجمهورية فى كل من لجنتي التجارة ولجنة المخصصات المالية فى مجلس الشيوخ، وفي محاولة من جانب الحزب الجمهورى للحفاظ على عدد المقاعد التى يشغلوها حاليا فى المجلس بعد سيطرة الحزب الديمقراطى على الأغلبية فى الكونجرس – والبالغ عددها 23 مقعد، أظهر أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريون دعمهم الكبير لـ ستيفنس، خصوصا مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشيوخ فى نوفمبر القادم تزامنا مع انتخابات الرئاسة الأمريكية .

وتشير كافة المؤشرات – حسب ما ذكره التقرير - إلى رغبة الحزب الديمقراطي فى الفوز بمقعد هذه الولاية فى مجلس الشيوخ، وان الحزب يسعى حثيثا إلى اقتناص هذا المقعد من المخضرم ستيفنس، وقد أشار استطلاع للرأى أجرى فى مطلع هذا الشهر انخفاض شعبية ستيفنس بين الناخبين فى ألاسكا حيث أعطاه 61% من الذين تم استطلاع رأيهم تقييم منخفض، مقارنة بمنافسه القادم فى انتخابات التجديد النصفي الديمقراطى مارك بيجيتش.

وفى تقرير أعدته صحيفة Los Angeles Times أكد أن هذه الاتهامات سوف تلقى بظلالها على إمكانية إعادة انتخاب ستيفنس مرة أخرى فى مجلس الشيوخ، وأكدت الصحيفة انه بالرغم من أن الناخبين فى ولاية ألاسكا لم يقوموا بانتخاب واختيار عضوا من الحزب الديمقراطي لمجلس الشيوخ منذ فترة طويلة، إلا انه بعد هذه الاتهامات بالفساد وبعد نتائج استطلاعات الرأى الأخيرة - والتى أجريت فى الولاية تؤكد صعود نجم منافسه الديمقراطى مارك بيجيتش– فان مستقبله السياسى بات فى خطر ، وبالتالي فان جميع المؤشرات تشير إلى أن هناك احتمالات كبيرة تؤكد فوز الديمقراطيين بمقعد ستيفنس فى مجلس الشيوخ الأمر الذي سوف يزيد ويدعم من سيطرتهم على الكونجرس.

تكهنات حول مستقبل ستيفنس

وفى السياق نفسه أكد كل من جانيت هوك وكيم ميرفى- المحررين فى صحيفة Los Angeles Times - على انه بالرغم من هذه الاتهامات الموجهة لـ ستيفنس فانه من الصعب أن يهزم فى انتخابات التجديد النصفي للكونجرس فى نوفمبر القادم ، فهو من الشخصيات السياسية العنيدة التى لها تراث سياسى كبير، وله خبرة كبيرة فى تخطى وهزيمة منافسيه الأقرب، ولفت التقرير الانتباه إلى انه حينما يتعلق الأمر بمقعده فى مجلس الشيوخ فانه يرتدى ثوب الأبطال الخارقين، فهو شخصية محبوبة ومخيفة فى مؤسسة تشبه إلى حد كبير نادى الرجال.

وأشارت الكاتبتان إلى أن العديد من المحللين السياسيين يتساءلوا عن إمكانية أن يتخلى ستيفنس عن رغبته فى الترشح لمقعد مجلس الشيوخ فى نوفمبر القادم، ويترك الفرصة للحزب الجمهورى لاختيار مرشح اقل إثارة للجدل ، خصوصا بعد اتهامات الفساد هذه الموجهة له.

وأكدوا أن أي رجل سياسي يمتلك قدرا من التواضع ومن الإحساس بالمسئولية يجب أن يقدم استقالته سريعا، ويعلن عدم سعيه إلى إعادة ترشيح نفسه مرة أخرى فى الانتخابات القادمة، لأنه من الصعب أن يفوز ستيفنس بعد هذه الاتهامات، ولكن تاريخ ستيفنس السياسي وإصراره الشديد لن يجعله يقدم على مثل هذه الخطوة طبقا للكثير من آراء المحللين السياسيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/أيلول/2008 - 26/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م