علم التنبؤات الجوية وعلاقته بمتعة الإنسان

 

شبكة النبأ: لطالما تساءل الناس في شتى بقاع العالم عن احوال الطقس وتقلباته نظرا لأثرها الكبير على انشطتهم وسلوكياتهم وبخاصة في حالة الطقس السيىء ما يبرز اهمية دقة وصحة التنبؤ بالاحوال الجوية وخاصة للملاحة الجوية او البحرية.

وعن التنبؤ الجوي وتطوره قال خبير التنبؤات الجوية عيسى رمضان ان التنبؤ الجوي مر بعدة مراحل عبر الازمنة فمنذ قرون عدة ميز الملاحون المتغيرات في الظواهر الجوية وأنواع الغيوم وظواهر جوية أخرى لنظم الطقس التي قد تواجههم في المحيطات والبحار.

وذكر رمضان ان بعض الملاحين كان قادرا على استنباط حسابات تقريبية أعطت أحيانا تنبؤات دقيقة فحفظتهم من أهوال وتقلبات البحر مضيفا انه في عام 1502 بينما كان كريستوفر كولومبس قريبا من جزيرة هاييتي تنبأ بنجاح بتقدم اعصار مدمر فنجا طاقم السفينة من الهلاك في المحيط الأطلسي.

واضاف انه في عام 1667 استطاع الضابط في البحرية البريطانية الكابتن لانجفورد وضع أسس علمية دقيقة تعطي تحذيرات متوقعة لاقتراب اعصار فتمكن الملاحون من الاستفادة منها في التنبؤ الجوي للأعاصير في المحيطات والبحار.

وقال انه من غير المعروف ان كانت هذه التنبؤات جاءت بسبب الخبرة لديهما ام بالحظ لأن الأعاصير رغم التطور التكنولوجي لايمكن التكهن بها وقد تشذ عن طريق مسارها بطريقة غير متوقعة وبذلك تتحدى أكبر المتنبئين الجويين المتمرسين بعلم التنبؤ الجوي. بحسب تقرير لـ كونا.

واوضح ان المصطلحات العلمية الفنية كالمقاييس السطحية او معلومات طبقات الجو العليا لم تعرف قبل القرن ال19 كما ان معظم نماذج الطقس والرياح للمحيطات والبحار اكتشفت بعد الحرب العالمية الأولى وفي منتصف القرن العشرين وقد تم ذلك بعد استخدام الطائرات الاستطلاعية فوق الأعاصير واستخدام مسبار اللاسلكي (الراديو سوند) والأقمار الصناعية وسفن الرصد.

وقال انه بعد الحرب العالمية الأولى قام عالم الرياضيات ريتشاردسون البريطاني الأصل بنشر كتابه حول التنبؤ والذي اصبح من الكتب الكلاسيكية في هذا المجال الرائد في الاكتشاف الجديد باستخدام الرياضيات والفيزياء في التوقع الجوي.

واوضح ان فرضيته الأولى تقول ان الغلاف الجوي محيط مائع تتحكم فيه قوانين الديناميكية الحرارية لسلوك المائع وعبّر عنها بمعادلات الحركة والمعادلات الخاصة بالديناميكا الحرارية وافترض ان حالة وحركة الغلاف الجوي مرتبطتان بمتغيرات الضغط الجوي ودرجات الحرارة والسرعة للرياح وانه يمكن التحقق والتنبأ لحركة الغلاف الجوي مستقبلا بحل هذه المعادلات.

وذكر ان علماء الأرصاد الجوية لا يزالون منذ عام 1922 يعملون على تحسين النماذج الحسابية للتوقع الجوي التي أسسها ريتشاردسون كما تطور العلم كثيرا وأصبحت معلومات طبقات الجو العليا دقيقة. واضاف انه رغم معرفة ظروف الغلاف الجوي فان الحاجة تتطلب معرفة المزيد عن هذه الظروف لتحسين التنبؤ.

وقال رمضان ان الحل الرياضي اصبح موثوقا به بشكل كاف ليستخدم في عمليات التنبؤ بالأعاصير المدارية وحركة العواصف ونظم الطقس بفضل الحاسب الآلي.

وعن التنبؤ للمدى القصير اوضح انه التنبؤ لبضع ساعات الى عدة أيام تالية عن الطقس ولمنطقة معينة او اقليم معين بعد الحصول على المعلومات الجوية ومعالجتها عبر النماذج الحسابية وهي تعتمد على الظروف الفيزيائية والديناميكية للغلاف الجوي.

واضاف ان هذه العملية الرياضية تكون عملية مبسطة مقارنة بتعقيدات الغلاف الجوي الحقيقي فالحاسب الآلي يحاول ان يتوقع في اي المناطق ستهطل الأمطار او تتحرك الجبهات او تنشط الرياح او تتساقط الثلوج او تنخفض الرؤية وكل ذلك في سبيل تحقيق توقع صحيح والتقليل من الكوارث الجوية.

وذكر ان من الضروري ان تكون المعلومات الجوية كالقياسات المستخدمة في تحديد الحالة الجوية الابتدائية للغلاف الجوي كافية كما ونوعا لتحقيق الهدف في توقع صحيح وقد تحصل أخطاء كبيرة في تنبؤات الطقس للمدى القصير بشكل خاص بسبب قلة المعلومات ومحطات الرصد الجوية.

وشدد على اهمية الرصد الجوي في المسطحات المائية مضيفا انه اذا لم نتمكن من جمع المعلومات الكافية حولها فان التوقع يخطىء. واكد اهمية الحاجة للحصول على معلومات كافية من المراصد الجوية التي تغطي مساحة كبيرة من المحيطات لتحقيق تنبؤ عددي دقيق ومن ثم التقليل من الكوارث البحرية غير المتوقعة.

وذكر رمضان انه يتم حديثا استخدام صور الأقمار الاصطناعية العالية الدقة خصوصا أثناء الليل والمستخدمة للأشعة دون الحمراء والتي توضح موقع وكثافة الغيوم لتبين موقع مركز المنخفضات والجبهات الجوية والتي تساعد المتنبىء الجوي المتخصص وتساند الخرائط الجوية وان كانت قد تعطي نسبة من الخطأ عن موقع مركز المنخفض بمسافة قد تزيد على 100 ميل بحري (185 كيلومترا) اي ان هناك فارقا بالخطأ قد يصل الى اربع ساعات.

وقال ان التقدم في علم التنبؤ الجوي تم من خلال استخدام شبكات النماذج العددية اذ لا تزال بعض من مكاتب الأرصاد الجوية في بعض دول العالم تستخدم معلومات الرصد الجوية المنتشرة في أنحاء منفصلة من العالم وقد تكون كثيرة وتغطي مساحات واسعة كأوروبا لكن قد تكون هذه المراصد الجوية قليلة ولا تغطي مساحات واسعة كأفريقيا وآسيا.

واوضح ان ذلك يتم عن طريق رسم هذه المعلومات على خرائط (ساينبتيكية) ومن ثم يتم تحليلها ورسم خطوط تساوي الضغط الجوي والجبهات الهوائية والظواهر الجوية المصاحبة لها كما يتم رسم خطوط تساوي درجات الحرارة ورسوم اخرى مضيفا ان هذه العملية مجهدة ومضيعة للوقت لكون المعلومات قد مضى عليها زمن وربما تكون العاصفة قد عبرت منطقة معينة ودمرت المكان ولم يتمكن المتنبىء الجوي من اصدار اي تحذير مسبق.

واضاف رمضان انه لذلك يتم في معظم مراكز ومكاتب الأرصاد الجوية عملية التنبؤ الجوي اوتوماتيكيا باستخدام راسم بياني متصل بالحاسوب الآلي لتحليل النماذج العددية للغلاف الجوي.

واشار الى استخدام التقنية التجريبية في علم التنبؤ الجوي والتي تعتبر من الطرق المثالية وبخاصة في مناطق خطوط العرض المتوسطة والعالية ومن طرقها تحليل وضعية الطقس بواسطة خرائط تبين توزيعات خطوط تساوي الضغط الجوي وتحليل خرائط طبقات الجو العليا واختلاف الضغوط الجوية ومنها تنتج الخريطة (البارتربكية) أو ما يعرف بخريطة الضغط المتوقعة.

وعن أخطاء التنبؤ الجوي قال رمضان ان النقص في المراصد الجوية وخصوصا فوق المحيطات ومناطق اليابسة الخالية والنائية من السكان والجبال تتسبب في زيادة أخطاء التنبؤ الجوي للطقس وبخاصة للتنبؤ قصير المدى.

واشار الى وجود مصادر خطأ أخرى أيضا كالمعلومات الجوية في حركة عمود الهواء الرأسية والتي لها أهمية رئيسية في عملية تكون الغيوم وتساقط الأمطار والتي تحصل عادة في مناطق صغيرة يصعب للنموذج الحسابي أن يقيسه.

واضاف رمضان ان القيم التي تم التنبؤ بها لسرعة الرياح والاتجاه مسؤولة أيضا عن أخطاء كبيرة لذا فان الغيوم الركامية المطيرة ومعرفة مسارها وكمية الهطول يكون من الصعب التكهن بها من خلال النماذج الحسابية المنفردة وهنا تكمن الحاجة للمزيد من التقنية العلمية لحل مثل هذه المشكلات.

وعن التغيرات السريعة وغير المتوقعة في حالة الطقس قال ان التقدم العلمي الكبير في أكثر النماذج العددية حاليا في العالم وبخاصة لنماذج المقياس القصير في مناطق خطوط العرض المتدنية تطور كثيرا ولاسيما في التنبؤ بدقة سلوك ومسار الأعاصير المدارية في المحيطات.

واوضح انه مع ذلك يجب اتخاذ الحيطة والحذر عند الابحار في المناطق التي تكثر فيها هذه الأنواع من الأعاصير والتي يمكنها أن تتطور بسرعة كبيرة غير متوقعة لأن هذه الأعاصير المدارية تميل الى التصرف والتكون السريع من دون أي مقدمات مما تسبب الرعب للملاحين عند مفاجأتهم في وسط المحيط. وقال ان تطور علوم التنبؤات الجوية واكتشاف علم التنبؤ بالنماذج العددية جدير بايجاد الحلول للتنبؤ الدقيق والذي يتوقع له خلال السنوات القليلة المقبلة أن يدخل في مراحل متقدمة جدا بحيث يمكن للانسان ان يعلم ويخطط لرحلاته سواء البحرية او الجوية او البرية الترفيهية قبل فترة كبيرة وبدقة متناهية حيث يؤمن لنفسه رحلة آمنة من دون ان يواجه ظروفا جوية غير متوقعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 24/أيلول/2008 - 23/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م