المرأة العراقية الضحية الأولى والمستفيد الأخير  

إعداد: ميثم العتابي

 

شبكة النبأ: مرّت عليها السنوات وتعاقبت الأجيال وتوالت الحكومات، ومازالت تدفع ضريبة ما يحدث من أخطاء وتراكمات وتناحرات، سياسية منها واجتماعية وطائفية، في مسرحية قتال ودمار أهوج لا طائل فيها.

المرأة العراقية اليوم وبعد تفاقم الأوضاع وتدهور الأمن في العراق وبعد زوال الصنم المقيت، لم تجد بارقة أمل تغير لها منهجية الفقدان المستمر لذويها، ومسلسل الرعب المتكرر بين أبٍ مفقود وزوج معدوم وأخ مغيب.

وفوق هذا وذاك، تلاعب الآخرون بعقلية هذا الكائن المعدم، فجعلوا منه فخا لنواياهم ومادة دسمة لعملياتهم، فكان ما كان من استخدامهن كإنتحاريات وإرهابيات ضمن مجاميع تقتات على الدم العراقي في طبق بارد.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تكشف النقاب عن عمليات تجنيد النساء من قبل المتشددين، وكيف يتم المتاجرة بعواطفهن واستغلالهن بأبشع الصور، مع عرض للجانب الإيجابي في احتوائهن والخطط العملية التي وضعتها الحكومة لذلك:

كتيبة انتحاريات خاصة بالنساء في العراق 

كشفت صحيفة واشنطن بوست الامريكية، في تقرير مطول لها عن تنظيم لنساء انتحاريات في العراق تعمل فيه قيادية بارزة اسمها (ام الاسلام)، يستخدم الانتحاريات كآخر تكتيك في محرقة الحرب البطيئة.

وتقول الصحيفة ان: مسؤولين امريكيين وعراقيين يقولون ان جماعات تمرد سنية، بخاصة تنظيم القاعدة، تستخدم الدين والمال ووعود زائفة لاقناع نساء ضعيفات بتنفيذ تفجيرات انتحارية، وهذا ما يسلط الضوء على ياس هذه الحركة في وقت انحط فيه تاثيرها ومنزلتها.

وتشير الصحيفة الى ان الجهود التي تبذلها القوات الامريكية وجيران العراق قد حدت من اعداد المقاتلين العرب الداخلين الى العراق، وكان تدفقهم الى البلاد اكبر مصادر تجنيد الانتحاريين. بحسب اصوات العراق. 

الا ان متطرفين، يقولون ان النسوة يتطوعن لاسباب لديهن، من بينها ايديولوجية وثارية، ويصفون النساء الانتحاريات بآخر تكتيك في محرقة الحرب البطيئة.

ومنذ الغزو في العام 2003، كما تذكر الصحيفة، نفذت 53 امراة عراقية هجمات انتحارية او القي القبض عليهم قبل تنفيذها، طبقا لبينات الجيش الامريكي. وقتلن في هذه الهجمات ما يزيد عن 370 شخصا وجرحن 650 اخرين. وفي العام الجاري فجرت 31 امراة نفسها، 17 منهن في محافظة ديالى، شمال شرق العاصمة بغداد. وطبقا لسجلات الجيش الامريكي فان اصغرهن سنا تبلغ من العمر 13 عاما.

وقالت الصحيفة انه قبل اسبوعين القت شرطة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، القبض على امراة كانت تخفي تحت ملابسها حزاما متفجرا، قالت ان اسمها رانية وهي من مواليد 1993. وذكرت الصحيفة انها حصلت على شريط مصور بالتحقيق الذي اجرته معها الشرطة العراقية، حيث ذكرت ان امراة طلبت اليها ارتداء الحزام وابلغتها بالخروج من البيت.

وقالت الصحيفة ان اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث باسم وزارة الداخلية، الذي كان في بعقوبة للاشراف على هجوم ضد جماعات تمرد، ظهر في الشريط يسأل المراة عن سبب قدومها على تفجير نفسها. فتجيبه رانية (اقسم بالله انهم لم يخبروني اني سافجر نفسي)، وهنا يسألها ضابط اخر عن سبب رميها جهاز التفجير عندما القت الشرطة القبض عليها، فتقول (لم افعل ذلك، بل سقط مني. وليس لدى اية فكرة عن هذه المواد)، وتضغط الشرطة على رانية لتعطيها اسم المراة التي اعطتها المتفجرات وعنوانها، لكنها تصر على انها لا تعرف عنوانها.

وتكشف الصحيفة عن انها اجرت لقاء، في قرية شرق الفلوجة، مع امراة ملثمة وصفت نفسها بانها قيادية في (كتيبة نسيبة الانصارية الاستشهادية). وتعرف الصحيفة هذه الجماعة بانها مرتبطة بتنظيم دولة العراق العراق الاسلامية الذي يعمل تحت مظلة جماعة القاعدة في العراق.

وتروي هذه المرأة: ان 20 من عضوات هذه المجموعة، التي تشكلت في تشرين الثاني نوفمبر من العام الماضي، تطوعن كانتحاريات، وهن اخوات او بنات متمردين قتلتهم القوات الامريكية او العراقية.

وتذكر الصحيفة انها اجرت اللقاء بالطرق نفسها التي استخدمتها باجراء لقاءات سابقة مع اعضاء في تنظيم القاعدة في العراق، وبان المراة قالت ان اسمها (ام الاسلام)، وافقت على التحدث الى مراسل الصحيفة شريطة عدم الاشارة الى اسمها الحقيقي ومكان وجودها.

وتقول (ام الاسلام) للصحيفة: ان النساء طالما كن مشتركات في التمرد السني. وبعضهن جئن من بلدان اخرى مع ازواجهن بهدف الاشتراك في القتال بالعراق. وكانت النسوة يعالجن المتمردين الجرحى، ويحملن المتفجرات تحت ملابسهن، مستغلات التقاليد الاسلامية المحافظة في عدم تفتيش المرأة.

وتذكر الصحيفة ان مسؤولا في الاستخبارات الامريكية قال ان: لا علم له بمصاحبة نساء عربيات لازواجهن في العراق. وتواصل (ام الاسلام) حديثها للصحيفة عن دور عمل النسوة في هذه الجماعات قائلة ان "تفتيش النساء خط احمر، ولم يكن في ذلك الحين نساء يعملن في تفتيش النساء في نقاط التفتيش.

و (ام الاسلام) بحسب الصحيفة، هي عراقية قتل زوجها كما تقول على يد القوات الامريكية في العام الماضي.

وتذكر (ام الاسلام) ان تزايد قتل المتمردين ولد شعورا بالانتقام والكراهية واخذ الثار لدى الارامل لينتفضن ضد الامريكيين، مضيفة ان لدينا الان امراة حامل وتتنظر الولادة. وبعد ذلك ستلتحق مع البقية في خطوط الشهادة.

وتقول الصحيفة ان مسؤولين في الاستخبارات العسكرية الامريكية يقولون ان ليس لديهم معلومات عن مجموعة للنساء الانتحاريات، غير ان مسؤولين عراقيين قالوا انهم يعتقدون ان هناك شبكة بنساء ناشطات. واتفق العراقيون والامريكيون، على ان الانتقام دافع اساس لتلك النسوة وبان النساء يستخدمن الان من جانب الجماعات المسلحة بدلا من المقاتلين الرجال.

استغلال المتشددين للنساء العراقيات اليائسات

قالت نوال السامرائي وزيرة الدولة لشؤون المرأة بالعراق ان سنوات من الحرب تركت العديد من العراقيات أرامل يائسات تجهلن القراءة والكتابة ونتيجة لوضعهن المتدهور أصبحن فرصة يمكن للمتشددين استغلالها.

وحذرت السامرائي من كارثة اذا لم يجر بذل المزيد لضمان حقوق النساء التي تقلصت أيضا نتيجة لتزايد الاصولية والطائفية اللتين حرمتا العراقيات من الحريات التي كن تتمتعن بها ذات يوم. بحسب رويترز.

وتابعت السامرائي في مقابلة: واقع مترد ينذر بكارثة ان لم نستدرك الامر ونحاول ايجاد منافذ للمرأة المحاصرة من كل الجهات .. ان لم نثقف المجتمع بشكل سريع.

وتحدثت قبل ساعات من تفجير مهاجمة انتحارية نفسها مما أسفر عن سقوط 22 قتيلا شمالي بغداد.

وكانت هناك أكثر من عشرين مهاجمة انتحارية العام الحالي وهو أمر قالت السامرائي انه يسلط الضوء على يأس النساء مما يجعلهن عرضة لاستغلال المتشددين لهن.

وبرامج اعادة التأهيل والتوعية بحقوق النساء وحملات مكافحة الامية من بين الامور التي تريد وزيرة الدولة استخدامها لتحسين الوضع.

وقالت ان هناك أكثر من 1.5 مليون مطلقة ومليوني أرملة ونحو أربعة ملايين امرأة تجهلن القراءة والكتابة. وكثيرا ما تعاني المطلقات والارامل اللائي كن يعتمدن من قبل على دخل أزواجهن.

والفقر والجهل والاضطرار الى النزوح ليست مشاكل قاصرة على العراقيات ولكن وضعهن المهمش حتى داخل منازلهن زاد من محنتهن.

ونالت النساء في العراق حقوقهن بدرجة كبيرة في الثمانينات بشكل كان بالامكان مقارنته مع الغرب. ومنذ ذلك الوقت أدت الحرب والعقوبات الى بقاء العديد من النساء داخل منازلهن. وأدى الغزو بقيادة الولايات المتحدة الى تراجع حاد في حقوق النساء.

وقالت السامرائي: تعاني المرأة من التهميش والاقصاء ومن الاضطهاد... هي تعتبر شئ ثانوي في الاسرة.

وتابعت أنها على علم بحالة واحدة في محافظة ديالى باعت فيها الاسرة ابنتها من أجل المال لكي تصبح مهاجمة انتحارية. وفي حالات أخرى قد تكون النساء ترغبن في الثأر بعد رؤية أفراد في عائلاتهن يقتلن أو بعد تعرضهن هن أنفسهن لهجمات.

ويقول الجيش الامريكي ان متشددي تنظيم القاعدة يستخدمون المهاجمات الانتحاريات اذ يمكن ألا يرصدن من رجال الشرطة الذين لا يرغبون في تفتيش النساء. وقالت فتاة تبلغ من العمر 15 عاما التي سلمت بنفسها قبل أن تشن هجوما انتحاريا الشهر الماضي ان أقارب لها ربما قمن بتخديرها.

وقالت السامرائي: الحل لن يكون بين ليلة وضحاها لكننا يجب أن نبدأ... ليس لدينا خيار اخر. كان المفروض ان نبدأ قبل الان... نحتاج الى عشر سنوات على الاقل لنصل الى تغير واقع المرأة العراقية.

النساء المغرر بهن بين التأهيل والمعتقلات 

دعت نوال السامرائي وزيرة شؤون المرأة، الى اعادة تأهيل النساء المعتقلات المغرر بهن، حاثة على تقديم العون والرعاية الى من لم "تتلطخ ايديهن" بدماء العراقيين من اجل ان يكن عضوات نافعات في المجتمع.

ذكر ذلك بيان صدر عن مكتب السامرائي، ونقل عنها قولها إن قوى الارهاب تحاول استغلال الفتيات القاصرات واجبارهن باساليب التهديد والترهيب على تنفيذ مخططاتهم الاجرامية.

واشارات الى ان العديد من النساء اللواتي القي القبض عليهن تبين انهن خضعن لعمليات غسيل الدماغ وحوصرن بالافكار والقيم البائسة مما دفعهن الى الشعور بالاحباط والاقدام على تنفيذ العمليات الانتحارية. بحسب اصوات العراق. 

وكانت محافظة ديالى (57 كم شمال شرق بغداد)، تعد من اكثر المحافظات العراقية اضطرابا، وشهدت العديد من الهجمات الانتحارية التي نفذ بعض منها بواسطة نساء انتحاريات تم تجنيدهن من قبل تنظيم القاعدة، وذلك بعد ان خسر التنظيم ما كان يعتبره حاضنة له في محافظة الانبار اثر قيام العشائر هناك بمقاتلته، وهو ما اضطر الحكومة إطلاق عملية امنية واسعة اسمتها بشائر الخير في شهر تموز يوليو الماضي، لطرد العناصر المسلحة من أرجاء محافظة ديالى، وما تزال هذه العملية مستمرة حتى الآن.

عراقيات يتدربن على التجسس لدى الجيش الاميركي

اعلن الجيش الاميركي انه بدأ بتدريب عراقيات على التجسس للعمل الى جانب قوات التحالف بهدف احباط الهجمات التي تستهدف القوات الاميركية والعراقية.

وقال الجيش في بيان ان مدربين اميركيين استقبلوا المجموعة الاولى من العراقيات في اطار برنامج للتدريب على اسس الاستخبارات العسكرية. بحسب فرانس برس.

وقالت الجنرال ماري ليدجير مديرة استخبارات قوات التحالف في العراق متوجهة الى المتدربات متوجهة اليهن ستعملن معنا الى جانب رجال ونساء قوات الامن العراقية لنقل المعركة الى ارض العدو. ولم يشر البيان الى عدد المتدربات او مدة التدريب ومكانه.

وشهد العراق تصعيدا في العمليات الانتحارية التي تنفذها نساء خلال الاشهر الماضية وبينهن ارامل الحرب. ويعتقد ان هؤلاء النساء يدفعهن الفقر والياس او الرغبة في الانتقام لمقتل افراد من عائلاتهن.

برنامج اقتصادي لدعم الأرامل من وكالة التنمية الأمريكية

قالت نائب مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في العراق، أن الوكالة بدأت بتنفيذ برنامج اقتصادي يستهدف النساء الأرامل في العراق لمنعهن من التعامل مع جهات مسلحة واستخدامهن كـ"انتحاريات"، فضلا عن دعم النساء اللواتي فقدن معيلهن في العمليات العسكرية من خلال تقديم المنح المالية الصغيرة لهن.

وأوضحت دينيس هيربول أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بدأت بتنفيذ برنامج اقتصادي لدعم النساء الأرامل لمنعهن من التعامل مع جهات مسلحة واستخدامهن كانتحاريات من خلال إدخالهن في برامج تدريبية للحرف المختلفة، وتوفير فرص عمل بعد تخرجهن.

وبينت ان الغرض من تنفيذ البرامج الاقتصادية مع النساء الأرامل هو توفير دخل مالي للأسرة بعد فقدان معيلها ، ومنع استهدافها من قبل المسلحين والابتعاد عن عمليات العنف بعد استخدام النساء كانتحاريات في مختلف أنحاء البلاد. بحسب اصوات العراق.

وتقول الأجهزة الأمنية العراقية وكذلك القوات الأمريكية ان تنظيم القاعدة خسر عنصر الجزء الأكبر من الرجال الانتحاريين من خلال هروبهم خارج العراق ، بعد تنفيذ العمليات العسكرية من قبل الأجهزة الأمنية في مختلف محافظات العراق، لذا لجأ التنظيم (القاعدة) إلى استخدام النساء في تنفيذ عمليات العنف كـ"انتحاريات" وخاصة النساء ممن فقدن أزواجهن خلال العمليات العسكرية التي تنفذها القوات الأمريكية.

وشهدت محافظات العراق خلال الفترة الماضية عمليات انتحارية نفذتها نساء خاصة المحافظات الغير مستقرة أمنياً أو التي يتواجد فيها عناصر من تنظيم القاعدة كمحافظة ديالى والموصل وبغداد ومدن أخرى.

وأشارت هيربول إلى ان الوكالة تنفذ برامجها التدريبية بالتعاون مع الوزارة المعنية كوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة المهجرين والمهاجرين والبيئة ووزارة التخطيط والتعاون الإنمائي.

ونوهت إلى ان مشاريع البرامج ستستمر لمساعدة الحكومة العراقية على حل جزء من مشاكلها العالقة التي خلفتها الحروب وعمليات القتل الطائفي التي خلفت الآلاف من الأرامل والأطفال اليتامى.

ولم تقدم هيربول إحصائية بعدد الأرامل في العراق، إلا أنها ذكرت ان عددهن كثير، وان برامج الوكالة الأمريكية مستمرة بدعمهن.

وحول برنامج المرأة القيادية، ذكرت هيربول ان برنامج المرأة القيادية يهدف إلى تشجيع النساء على تولي المهام والمسؤوليات القيادية في دوائر الدولة من خلال المشاركة في الحكومات المحلية ودفعن للترشيح في الانتخابات المقبلة على نطاق مجالس المحافظات.

وقالت: لم تكن العادات والتقاليد العراقية التي تقول ان مكان المرأة منزلها عائقاً أمام برنامج المرأة القيادية بل كان البرنامج ناجح من خلال تدريب العشرات من النساء الأرامل على عمليات الإدارة العامة.

وعن الفترة التي سيستغرقها تنفيذ برنامج دعم النساء الأرامل وحجم الأموال المخصصة لبرامج التدريب والتمويل، قالت هيربول ان: برنامج دعم النساء الأرامل سيستمر لحين اكتمال الدورات التدريبية وتوفير فرص العمل ومنح القروض، أما حجم الأموال المخصصة لبرامج التدريب والتمويل تصل إلى أكثر من ملياري دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 24/أيلول/2008 - 23/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م