تشييع مصر بين الحقيقة والأوهام

دكتور أحمد راسم النفيس

مرة أخرى يأتي الشيخ القرضاوي إلى مصر ليثير زوبعة حول ما يسميه بخطط غزو مصر من قبل الشيعة.

كان لنا من قبل شرف التصدي لهذه الإثارات الحمقاء التي يحار المرء في تفسيرها.

ما هي المعطيات التي دفعت الرجل وفريق العزف النحاسي التابع له لإثارة هذا الضجيج؟!.

وإذا كنا نحن لا نمتلك أي معطيات حول انتشار حركة التشيع في مصر نظرا للظروف غير الطبيعية التي يعيشها الجميع حيث الحظر هو القاعدة والحرية هي الاستثناء كما أن شيعة أهل البيت لا يرتدون جلبابا قصيرا ولا يلزمون نساءهم بلبس السواد من أعلى إلى أسفل كما أنهم لا يمتلكون مقرات ولا مساجد ولا جمعيات فكيف يمكن معرفة عددهم أو مدى انتشارهم؟!.

نحن بالتأكيد لا نرد هنا على هذيانات الشيخ ولا على المبررات التي يسوقها لتدعيم تحذيراته أو تحريضه المستمر من أجل طمأنته فهو في كل الحالات لا يختلف ولن يختلف عن معاوية ويزيد وزياد ابن أبيه الذين قتلوا أصحاب النبي الأكرم محمدا صلى الله عليه وآله لأنهم حسب شهادة أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (كفروا بالله كفرة صلعاء) نسبة لأمير المؤمنين ومولى المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام!!.

لا نرى جديدا في هذا الهياج الجاهلي الذي لا يقدم مبررا عقلانيا واحدا لهذا التحريض ولهذا التطاول ووصف من يتبعون آثار النبي وأهل بيته بأنهم مبتدعون في نفس الوقت الذي يثني فيه الرجل بحرارة على الجماعات الإرهابية المتطرفة الذين قتلوا مئات الآلاف من المسلمين في كل مكان طالته أيديهم ويراهم مؤهلين لاستلام السلطة والحكم بالشريعة الإسلامية.

لا نرى فارقا كبيرا بين الشيخ وعبد الرحمن بن ملجم المرادي ونافع بن الأزرق فكلهم قد رضعوا الحقد على أهل البيت وشيعتهم أبا عن جد.

ولكننا نود أن يعرف الجميع أن الشيعة في مصر لا يحظون بدعم أي جهة على وجه الأرض شيعية كانت أم غير شيعية وليس لهم أي ميزانية رغم أن الشيخ (الصدوق) يزعم أن الميزانية تتجاوز المليار دولار أو يزيدون!!.

الأسوأ من غياب الميزانية (رضينا بالغُلب والغُلب لم يرض بنا) أن بعض الجهات أصابها الهلع بسبب الضجيج الذي يثيره القرضاوي ومن على شاكلته بين الفينة والأخرى وتصوروا أن المساهمة في إحكام طوق الحصار على شيعة مصر سيعطيهم مصداقية لدى النواصب فأقدمت على ما هو أسوأ من حرمان شيعة الكنانة من أي ميزانية بل صاروا قرضاويين أكثر من القرضاوي وما زال بعضهم يبذل جهدا مستميتا (قربة لله تعالى!!) لحرمان شيعة مصر من أي دعم لنشاطهم الثقافي والاجتماعي (لعل القرضاوي ومن على شاكلته يرضى)!!.

ولن يرضى!!.

ولا داعي لسرد التفاصيل, فقط نحن لا نتحدث من فراغ!!.

من أين جاء الشيخ بمعلومة المليارات هذه ومن الذي أقنعه بها؟.

هل لديه جهاز للمخابرات أم يتعاون مع أحد هذه الأجهزة وهو الذي يمده بالمعلومات الموثقة؟!.

ألم يرد الشيخ القرضاوي على الشيخ الرافسنجاني عندما قال له: أنت تعرف من أين يتسلل الإرهابيون إلى العراق, بالقول ليس لدي جهاز مخابرات!!.

القرضاوي يزعم أنه لا يعرف من أين يتسلل الإرهابيون القتلة إلى العراق وهو يعرف بالطبع ولكنه يلوذ بالصمت, فمن أين عرف بحكاية المليارات هذه؟!.

هل عرف من أجهزة مخابراته أم من عملائه في البنوك؟!.

الوجه الآخر لحالة الحصار المادي والمعنوي الخانق لشيعة الكنانة (الذي قام به ولا زال البعض يتفانى في القيام به قربة لله تعالى) هو قيام بعض الأجهزة بالتصعيد الإعلامي لبعض الشخصيات المشبوهة والمهووسة والتي تتحدث عن عشرة ملايين شيعي وعن المطالبة باستعادة الأزهر وتقديمهم كزعماء للشيعة في مصر رغم أن وسائل الإعلام التي استضافتهم لا هم لها إلا التهجم على الشيعة ومحاولة تشويههم بشتى السبل!!.

في تقديرنا أن الهيعة القرضاوية الأخيرة, هيعة مدفوعة من بعض الجهات التي تريد أن تستمطر مزيدا من الدعم المليوني والأمني والسياسي للتيارات الإرهابية الوهابية التي تخشى من فقدانها لدورها وللفرصة الذهبية التي كانت ممنوحة لها في إطار خطة (إعادة التوجيه) أو خطة بندر ولم تجد أفضل من (شيخ الوئام والسلام) الشيخ القرضاوي ليعيد تموضع قوى الإرهاب والظلام وإنقاذهم من الضياع المحتوم.

وكله بحسابه!!.

وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 17/أيلول/2008 - 16/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م