الشيعة في السعودية: بين فَكّي التَكفير والمُصادرة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بين تناقضات السعي نحو حوار الحضارات الذي تدعو اليه السعودية وبين قيم التسلط وقمع الأقليات والحريات الدينية والمدنية، التي تستمر في ظل النهج التكفيري للمؤسسة الوهابية ذات التاثير المباشر على السلطة في المملكة، تقبع الاقليات ومنها الشيعة، تحت نير مصادرة الحقوق والإستهداف المباشر لرموزها الفكرية والاجتماعية والدينية فضلا عن موجات التكفير المتواترة من رموز التطرف والظلام في هذه المملكة.

الشيخ العامر خلف القضبان

احتجزت السلطات السعودية لثلاثة ايام، داعية الحقوق والحريات الدينية الشيخ توفيق العامر لثنيه عن دعواته المستمرة بالحرية الدينية للمواطنين الشيعة في الأحساء.

وكانت سلطات البحث الجنائي في الأحساء اعتقلت العامر وأودعته السجن اثر رفضه الرضوخ لإملاءات المباحث بالحد من الممارسات الدينية وفق المذهب الشيعي.

وعملت السلطات خلال الفترة الماضية على إجبار العامر على توقيع سلسلة تعهدات مكتوبة كشرط لاطلاق سراحه غير أنه رفض ذلك تماما.

وعرف من بينها التعهد بعدم رفع الأذان وفق الصيغة الشيعية في مسجد أئمة البقيع الذي يؤم الصلاة فيه بمدينة الهفوف. شبكة راصد الإخبارية

وقالت مصادر مقربة لشبكة راصد الاخبارية بأن الشيخ المعروف بنشاطه في مجال الحقوق والحريات الدينية يتمتع بمعنويات عالية وهو خلف قضبان سجن المباحث الجنائية.

وأشار المصدر إلى أن الشيخ المعتقل وفي معرض رفضه الرضوخ للسلطات بالتوقيع على توقيف الآذان خاطب زائريه من خلف القضبان بالآية الكريمة: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾.

إلى ذلك طالبت جمعية حقوق الإنسان أولا في السعودية بإطلاق سراح الشيخ العامر فورا وتقديم الإعتذار له وتعويضه ماديا ومعنويا عن كافة الإعتقالات والمضايقات الأمنية التي تعرض لها بحسب بيان الجمعية.

وناشدت الملك عبد الله بالتدخل عاجلا لوقف كافة أشكال التدخل والتمييز ضد الطائفتين الشيعة والإسماعيليين وسن قوانين تجرم التمييز الطائفي.

يشار إلى أن هذه المرة الثانية التي يعتقل في العامر هذا العام بعد اعتقال دام اسبوعا واحد في شهر يونيو الماضي اثر انتقادات لاذعة وجهها لـ 22 عالما سعوديا متشددا وقعوا بيانا كفروا فيه المسلمين الشيعة.كما سبق للسلطات اعتقاله عام 2005 لرعايته انشطة دينية واجتماعية.

ويأتي اعتقال العامر ضمن سلسلة الاعتقالات الطائفية المستمرة منذ نحو خمس سنوات ويشرف عليها محافظ الأحساء بدر بن جلوي والتي طالت المئات من المواطنين الشيعة وأدت لاغلاق العشرات من المساجد والحسينيات.

صحيفة الرياض تروج لـ تجديف القرضاوي ضد الشيعة

من جهة اخرى احتفت صحيفة الرياض السعودية بتصريح مثير للجدل أطلقه الداعية المصري "قطري الجنسية" يوسف القرضاوي حمل فيه على الشيعة متهماً إياهم بغزو البلدان السنية.

وعلى صدر صفحتها الأولى نشرت الصحيفة السعودية تصريح القرضاوي الذي أدلى به لجريدة "المصري اليوم" ووصف فيه الشيعة بأنهم "مبتدعون".

 وقال "إن خطرهم يكمن في محاولتهم غزو المجتمع السني وهم مهيؤون لذلك بما لديهم من ثروات بالمليارات وكوادر مدربة على التبشير بالمنهج الشيعي في البلاد السنية".

ولطالما نظر للقرضاوي على أنه رمز للاعتدال في الأوساط الدينية السنية والشيعية غير أنه بات لا يخفي هجومه على الشيعة على خلفية العنف الطائفي العراق.

في حين لا تنظر التيارات السلفية السعودية للقرضاوي باحترام وتشن عليه هجمات متكررة بينها الحملة التي اطلقها الداعية السعودي الشيخ مقبل بن هادي الوادعي وتضمنها كتابه "إسكات الكلب العاوي يوسف القرضاوي".

غير أن صحفا سعودية دأبت منذ سقوط النظام العراقي في 2003 وحرب تموز في 2006 على تهويل الخلاف الطائفي لمحاصرة ما تسميه بالتصاعد المستمر للنفوذ الشيعي والايراني في المنطقة.

وقد أثار نشر الخبر في الصحيفة السعودية إمتعاضاً شديداً لدى المواطنين السعوديين الشيعة الذين وجدوا في نشر الخبر "تحريضاً" ضدهم واستهدافاً "غير مبرر" من الصحيفة الأكبر في السعودية والتي باتت تستورد الفتن الطائفية من دول الجوار إلى البيت الوطني.

الشيخ النمر ممنوع من اقامة صلاة الجمعة

وغابت للأسبوع الثالث على التوالي خطب الجمعة التي يلقيها على مسامع المصلين الشيخ نمر باقر النمر اثر تحذيرات وجهتها له السلطات السعودية عقب احتجازه لفترة قصيرة الشهر الماضي.

ويكتفي النمر منذ اطلاقه الاخير بكتابة مقال أسبوعي ينشره عبر المواقع الالكترونية الشيعية المحلية في حين ينوب عنه في اقامة الصلاة أحد تلاميذه.

وجاء امتناع النمر عن اقامة والقاء خطب الجمعة للاسبوع الثالث على التوالي اثر اجبار السلطات له على توقيع سلسلة تعهدات مكتوبة تحظر عليه القيام بانشطة مناوئة.

ودرج النمر بشكل اسبوعي على القاء الخطب الحماسية التي تتناول الحقوق والحريات الدينية للمواطنين الشيعة في المملكة.

ونفى النمر في خطبة سبقت احتجازه الأخير لأربع وعشرين ساعة ما نسب اليه من تصريحات مثيرة دعى فيها للاستقواء بالخارج سواء ايران أو أمريكا ضد بلاده السعودية.

غير أن مصادر مطلعة ذكرت لشبكة راصد الاخبارية أن الاستدعاء الأخير للشيخ النمر في 23 أغسطس لم يجري على خلفية تصريحاته بشأن الحريات الدينية في السعودية فحسب.

وإنما ارتبط الاستدعاء بحسب المصدر بتهديدات نسبتها السلطات لمقربين من الشيخ النمر في المنتديات الالكترونية على خلفية عزم السلطات تنفيذ حكم الاعدام الوشيك بشاب من بلدة العوامية متهم بقتل شرطي على خلفية جنائية.

وتضمنت التهديدات الالكترونية المزعومة محاولة تخليص الشاب القاتل من أيدي الشرطة إن حاولت تنفيذ حكم الاعدام في بلدة العوامية مركز تجمع أتباع الشيخ النمر بمحافظة القطيف.

وطالبت السلطات الشيخ النمر بـ "ضبط" أتباعه قبل وبعد اتمام عملية الاعدام الأمر الذي رفضه النمر جملة وتفصيلا كونه غير معني بتلك التهديدات المزعومة وفقا للمصدر.

وتعود بعض فصول قضية الشاب المحكوم بالاعدام إلى علاقة عاطفية تعود للعام 2002 والتي انتهت بـ"زواج" ربط عبد الله المطرود (36 سنة) بفتاة سعودية "سُنية" من المنطقة الغربية حضرت للعيش معه في منزله بالعوامية.

ورجحت مصادر أن يكون الاثنان قد تعرفا على بعضهما عبر المنتديات الالكترونية على شبكة الانترنت.

إلا أن الزواج لم يمض على نحو طبيعي مع تدخل الشرطي بالمباحث الجنائية في القطيف سليمان السميري الذي قيل أن علاقة قرابة تربطه بالفتاة لـ "تخليص" الأخيرة عبر دخول المنزل الذي يقيم فيها الزوجان دون تفويض رسمي.

وانتهت محاولة "الاقتحام" بمقتل السميري وجرح زميل آخر مرافق له بطلقات من سلاح رشاش استخدمه المطرود الذي فرّ بعدها إلى العراق حيث أقام وتزوج هناك.

غير أن السلطات السورية القت القبض على المطرود بعد خروجه من العراق عام 2006 وسلمته في ديسمبر من العام نفسه لنظيرتها السعودية التي حكمت عليه بالاعدام حيث يقبع في السجن منذ ذلك الحين في انتظار تنفيذ الحكم.

احتجاز مواطن شيعي لتعليقه صورة مرجع ديني في احتفال عام

وفي تكرسيها لسياسة مصادرة الحريات الفكرية والمدنية احتجزت السلطات الأمنية في محافظة القطيف ظهر السبت مواطنا شيعيا على خلفية تعليقه صورة لأحد المراجع الدينية البارزة ضمن الاحتفالات بذكرى مولد الإمام المهدي والإمام الحسن.

وذكرت مصادر مقربة أن سلطات البحث الجنائي في مدينة صفوى استدعت الشاب سامر علي البراهيم (35 سنة) وزجت به في السجن الانفرادي منذ ظهر السبت.

وذكر المصدر أن السلطات اتهمت البراهيم بتعليق صورة لأحد المرجعيات الدينية الشيعية الكبيرة على بوابة عامة نصبت بمناسبة الاحتفال بمولدي الإمامين المهدي المنتظر والحسن الزكي.ورجحت مصادر بأن تكون الصورة المذكورة لزعيم حزب الله في لبنان السيد حسن نصر الله.

واحتفل المسلمون الشيعة بمولد الامام المهدي في شهر أغسطس فيما يشهد منتصف الجاري احتفالات مولد الامام الحسن والاحتفالات التراثية المعروفة بالناصفة أو القرقيعان.

وتشهد المناطق الشيعية في السعودية اجواء احتفالية واسعة في ذكرى مولد الرسول الأكرم والأئمة الاثني عشر.

 وبحسب المعلومات الواردة ينتظر البراهيم وهو أرمل وأب لولدين وبنت ينتظر في السجن لحين بت إمارة المنطقة الشرقية في قضيته.

ويأتي احتجاز البراهيم بعد نحو عشرة ايام على اعتقال السلطات للقائم على مسجد العباس ببلدة الربيعية في محافظة القطيف السيد علي علوي الدرويش لتعليقه صورة السيد نصر الله  في نفس الاحتفالات.

وسبق للسلطات اعتقال العديد من المواطنين الشيعة بتهمة تعليق صور القادة الدينيين الشيعة ضمن الاحتفالات العامة وابرزهم السيد نصر الله.

يشار إلى أن السعودية تلتزم موقفا مناوئا من حزب الله منذ اختطاف الحزب جنديين اسرائيليين في حادثة اعقبها الهجوم الاسرائيلي على لبنان فيما عرف بحرب تموز  عام 2006.

ووصفت السعودية حينها عملية الاختطاف بالمغامرة محملة الحزب نتائجها كاملة لتتسم العلاقة بين الطرفين بعدها بالتجاذب الحاد على خلفية الدعم السعودي لجماعة 14 آذار غرماء المعارضة اللبنانية التي يقودها الحزب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 14/أيلول/2008 - 13/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م