حرب القفقاز بين مصالح الغرب وعرقلة جهود محاصرة أيران

اعداد/صباح جاسم

 

شبكة النبأ: التوتر غير المسبوق بين روسيا والغرب، الذي أثاره الصراع في جورجيا اخذ يعقد أي جهود لتشديد العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي. وكذلك يعرقل خطط الدول الغربية الكبرى المبيّتة ضد ايران، غير أنه مع تردد أصداء التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية للازمة قد يكون من السابق لأوانه أن تفترض طهران أنها أفلتت من عنق الزجاجة، لكنه من الواضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين سيجدون صعوبة في التوصل الى توافق في الرأي مع روسيا المشاكسة والصين الحذرة لفرض عقوبات اكثر صرامة لكبح جماح البرنامج النووي الايراني.

في هذا الشأن قال فولكر بيرتيس مدير المعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية "اذا كنا نتحرك في اتجاه حرب باردة جديدة فسيكون التوصل لحل مشترك للمشكلات اكثر صعوبة... مثل النزاع النووي مع ايران."ورفض الاقتراحات بأن هذا قد يدفع الولايات المتحدة الى اللجوء الى تحرك أحادي الجانب ضد ايران.

ومضى يقول "بالطبع التعاون بصدد المسألة الايرانية قد يقع ضحية للمواجهة الحالية بين الولايات المتحدة وروسيا لكن يجب الا يحدث هذا."وأضاف "في الاشهر الماضية ابتعدت الولايات المتحدة عن التحرك من جانب واحد في هذه المسألة واتجهت الى مزيد من التعددية."

وأيدت روسيا التي هي واحدة من خمس دول تملك حق النقض ( الفيتو) بمجلس الامن الدولي ثلاث اجراءات سابقة بفرض عقوبات على إيران لكن بعد تخفيف حدتها.

وذكرت صحيفة إيران نيوز هذا الاسبوع أن الازمة في جورجيا أبعدت ايران عن عناوين الصحف العالمية بينما أثار غزو روسيا لجارتها شكوكا بشأن الاتهامات الغربية للجمهورية الاسلامية بأنها تمثل اكبر تهديد للامن العالمي.

وترى الصحيفة التي تصدر بالانجليزية فوائد واضحة بالنسبة لايران في صراع روسيا العنيف مع الغرب بشأن جورجيا. بحسب رويترز.

وتقول الصحيفة "يجعل هذا تطبيق العقوبات التي تم التصديق عليها بالفعل ضد طهران اكثر تحديا...ويقلل بشدة احتمالات التوصل الى توافق في الاراء...لفرض جولة رابعة من العقوبات ضد بلادنا."وتبدو المجادلة في صحة هذا القول صعبة حتى بالنسبة لمنتقدي البرنامج النووي لايران.

وقال مارك فيتزباتريك الخبير في مجال منع الانتشار النووي بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "تراجع العلاقات بين روسيا والغرب سيزيد عملهما سويا على أي شيء صعوبة والسياسة تجاه ايران ستتصدر قائمة المجالات التي ستتضرر."

ومضى يقول "باديء ذي بدء التوصل الى توافق اراء بشأن فرض عقوبات لمجلس الامن صعب" مضيفا أن أي قرار جديد قد يركز على تحسين تطبيق العقوبات القائمة فحسب.

وطرح مرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الامريكية باراك اوباما جدول اعمال اكثر طموحا يوم الاثنين حين قال ان على العالم " تشديد الضغط دبلوماسيا" بفرض عقوبات على ايران.

ولدى سؤاله ان كانت اسرائيل لديها ضوءا أخضر بضرب ايران في غياب مزيد من الضغوط العالمية على طهران قال أوباما انه "يجب أن نفعل هذا قبل أن تشعر اسرائيل أنه ليس امامها الكثير من الخيارات."

وتضغط الولايات المتحدة من أجل فرض مزيد من العقوبات على ايران وفي الوقت الحالي تعطي الاولوية للتحرك الدبلوماسي على العمل العسكري.

وصرح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك هذا الشهر بأن الولايات المتحدة "لا ترى أن أي تحرك ضد ايران هو التصرف الصحيح في الوقت الحالي" لكنها تتفق مع وجهة نظر الدولة اليهودية القائلة "بعدم استبعاد أي خيار من الطاولة."

جورجيا.. القشة التي قصمت ظهر البعير لروسيا

يفسر شعور قوي بأن الغرب حرم موسكو من تحسن في العلاقات كان وعدها به بعد الحرب الباردة الدافع وراء رفض روسيا أن يتم تهديدها بسبب جورجيا ومطالبتها بأن يتم الاستماع لوجهة نظرها.

وعلق مسؤول بالكرملين قائلا "كان من الممكن أن تكون جورجيا او شيء اخر لكن كان هناك موقف يمكن وصفه بالقشة التي قصمت ظهر البعير في انتظار الحدوث."وتابع "لا يمكن أن ننسحب بابتسامة على وجوهنا الى الابد."بحسب رويترز.

وأشعل الرد العسكري الروسي على محاولة جورجيا استعادة السيطرة على اقليمي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا الانفصاليين اللذين تدعمهما موسكو واعتراف روسيا لاحقا باستقلالهما التكهنات الغربية بأن امبراطورية سوفيتية ولدت من جديد وبدأت ترد.

لكن الامور تبدو مختلفة تماما من وجهة نظر موسكو المحبطة مما تعتبره اخفاقا من الغرب في وضع العلاقات على قدم المساواة معها ومحاولاته احاطة موسكو بحاجز واق جديد.

ويرجع شعور المرارة الى عام 1990 حين وافق الرئيس الاصلاحي السوفيتي ميخائيل جورباتشوف الذي كان حريصا على بدء عهد جديد في العلاقات مع الغرب على سحب قوات من المانيا الشرقية سابقا واعطاء الضوء الاخضر لتوحيد المانيا.وتقول روسيا ان حلف شمال الاطلسي خلف وعدا مهما.

وقال دبلوماسي روسي بارز شارك في المحادثات "شرط موسكو الوحيد كان ألا ينشر حلف الاطلسي قوات في المانيا الشرقية... قطع الوعد لكن سرعان ما نسي."ويعترض بعض مسؤولي حلف شمال الاطلسي على هذا قائلين انه لم تقطع أي وعود.

وفي الاعوام التالية توترت العلاقات مع الغرب بدرجة اكبر حين أعطى حلف الاطلسي عضويته لدول كانت خاضعة لسيطرة الاتحاد السوفيتي السابق في شرق اوروبا فضلا عن جمهوريات البلطيق السوفيتية السابقة لاتفيا واستونيا وليتوانيا.ومنذ ذلك الحين أصبحت بولندا ودول البلطيق منتقدين لروسيا داخل الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وفي عام 1999 احتجت روسيا هباء على قصف حلف الاطلسي لبلجراد في حملة عسكرية قادت الغرب في نهاية المطاف الى الاعتراف باستقلال اقليم كوسوفو عن صربيا في وقت سابق من هذا العام.

روسيا تحذر من أنها سترد على "العدوان"

وفي نفس السياق قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ان بلاده لا ترغب في مواجهة مع الغرب لكنها سترد اذا تعرضت لهجوم.

من جهة ثانية قال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون انه سيدفع نظراءه الاوروبيين باتجاه مراجعة العلاقات مع روسيا ردا على قرار موسكو بارسال قوات الى جورجيا واعترافها باستقلال اقليمين جورجيين انفصاليين.

واتخذ وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير موقفا أقل حدة مما يعكس الاختلافات في المواقف بين اعضاء الاتحاد الاوروبي المؤلف من 27 دولة. وقال شتاينماير ان عزل روسيا سيضر بمصالح الاتحاد. بحسب رويترز.

وقال دبلوماسي أمريكي رفيع ان بلاده تأمل في أن يعبر الاتحاد الاوروبي عن دعم قوي وملموس لوحدة أراضي جورجيا وحث أوروبا على تقليل اعتمادها على امدادات الطاقة الروسية.

ويواجه ميدفيديف إدانات متزايدة من الغرب الذي يتهم روسيا باحتلال اجزاء من جورجيا فيما يقول الكرملين انه تصرف ليمنع ما يصفه بالابادة الجماعية ضد الاقليمين الانفصاليين.

وقال ميدفيديف في مقابلة مع أكبر ثلاث محطات تلفزيونية روسية "لا ترغب روسيا في مواجهة مع أي دولة. ولا تخطط روسيا لعزل نفسها."لكنه أضاف "يتعين على كل فرد أن يفهم أنه اذا قام شخص ما بشن هجوم عدواني فأنه سيتلقى ردا." وقال ان القانون الروسي يسمح للكرملين بفرض عقوبات على الدول الاخرى لكن من الافضل عدم اتباع ذلك المسار.

وحثت جورجيا الاتحاد الاوروبي على فرض عقوبات ضد من يتعاملون مع الاقليمين الانفصاليين والسماح بإرسال بعثة مدنية لمراقبة المناطق العازلة حولهما ومنح تفليس نحو مليوني مليار دولار أمريكي للمساعدة في اصلاح الاضرار التي لحقت بالبلاد.

وقال رئيس الوزراء الجورجي لادو جورجنيدزه لرويترز في بروكسل "يمكن لاوروبا أن تفعل الكثير بدءا من ارسال بعثة من المراقبين المدنيين التي ستؤدي الى الية دولية لحفظ السلام تحل محل القوات الروسية."

وقال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ان تدخل روسيا في جورجيا كان خطيرا وغير مقبول. وكتب بروان في تعليق نشرته صحيفة اوبزرفر البريطانية "في ضوء الافعال الروسية .. يتعين على الاتحاد الاوروبي ان يجري مراجعة شاملة لعلاقاتنا مع روسيا."

وقال وزير الخارجية الالماني ان موسكو تستحق الانتقاد لكن أوروبا في حاجة الى التعاون مع روسيا. وقال شتاينمر ان "أوروبا ستضر فقط بنفسها اذا خرجنا تماما عن شعورنا واغلقنا كافة الابواب المؤدية للغرف التي سنرغب في دخولها فيما بعد."

وتزود روسيا أوروبا بما يزيد على ربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي. ويقول بعض المراقبين ان هذا يجعل العقوبات التأديبية الصارمة من الاتحاد الاوروبي أمرا غير محتمل.

الغرب يراجع علاقاته مع روسيا

ووضعت المانيا وبريطانيا وهما من مراكز الثقل الاوروبية علاقات روسيا بالمؤسسات الدولية موضع الشك قبل اجتماع قادة الاتحاد الاوروبي لاتخاذ قرار بشأن العمل الذي يجب القيام به فيما يتعلق بتدخل الكرملين في جورجيا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون انه سيدفع باتجاه مراجعة " شاملة" للعلاقات مع روسيا عندما ينضم الى قادة الاتحاد الاوروبي الاخرين في قمة طارئة في بروكسل غدا الاثنين. وقال حليف للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل انه يتعين تعليق عضوية روسيا في مجموعة الثماني.

لكن مبعوث موسكو في بروكسل رفض جميع هذه الاقتراحات التي قد تحاول اوروبا من خلالها عزل روسيا على الساحة الدولية ووصفها بأنها "غير واقعية".

ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يرأس الاتحاد الاوروبي في دورته الحالية الى قمة كي يتمكن التكتل من الرد على تدخل روسيا في جورجيا واعترافها باستقلال اقليمين انفصاليين.

وكتب بروان في تعليق نشرته صحيفة اوبزرفر البريطانية "على الاتحاد الاوروبي في ضوء الافعال الروسية ان يجري مراجعة شاملة لعلاقاتنا مع روسيا." ولم يتحدث عن احتمال فرض الاتحاد عقوبات على روسيا.

وفي اشارة الى الدور الروسي كمزود بأكثر من ربع احتياجات اوروبا من الغاز والذي يقول بعض المراقبين انه هدأ من الادانة الاوروبية قال بروان "لا يمكن السماح لاي دولة بممارسة سيطرة في مجال الطاقة على اوروبا."

وقال ايكرت فون كلايدن المتحدث باسم السياسة الخارجية لحزب ميركل المسيحي الديمقراطي في البرلمان ان الدول الصناعية الكبرى يجب ان تجتمع على انها مجموعة السبع دون روسيا حتى تلتزم بالمطالب الدولية.

وكتب فون كلايدن في صحيفة بيلد أم زونتاج "الغرب استوعب روسيا كعضو في مجموعة الثماني لاهم الدول الديمقراطية الصناعية ورغم ذلك فانها لم تف بالمتطلبات الاقتصادية او السياسية."واضاف "وبالتالي فان على هذه الدول الاجتماع في شكلها القديم وهو مجموعة السبع طالما ان روسيا ليست مستعدة لايجاد حل في اطار الامم المتحدة."

وسئل عن التحديات التي تواجه مشاركة روسيا في اجتماعات مجموعة الثماني قال فلاديمير تشيزهوف السفير الروسي لدى الاتحاد الاوروبي "الاتحاد الاوروبي ليس في موقف يسمح له باخراج روسيا من اي مكان."

وقال في مقابلة مع رويترز "اي محاولة لعزل روسيا لن تتسم بقصر النظر فحسب بل ستكون غير واقعية" مضيفا انه يعتبر امكان فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على بلاده بأنه امر "غير محتمل".

كما اوضح ان التقارير التي تفيد بأن روسيا قد ترد على تعرضها لاجراءات عقابية بتقييد امدادات الطاقة الى اوروبا لا تزيد عن كونها مجرد "شائعات" وان موسكو لم تستخدم الطاقة قط كسلاح سياسي.

بوتين لأوروبا: لا تخدموا المصالح الأمريكية

وحذر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الدول الأوروبية من خدمة مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة في إطار رده على الانتقادات الغربية لسياسة روسيا بشأن جورجيا.

وقال بوتين في مقابلة مع محطة تلفزيون ايه.ار.دي الالمانية عرضها التلفزيون الروسي يوم الجمعة "اذا أرادت الدول الأوروبية خدمة مصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة.. حينئذ.. من وجهة نظري.. لن يكسبوا شيئا من ذلك."

واضاف "البلد الذي يمكنه.. وهو روسيا في الوضع الحالي.. ان يدافع عن شرف وكرامة مواطنيه ويدافع عن أرواحهم... لن يعزل رغم التفكير شبه التكتلي لشركائنا في اوروبا او في الولايات المتحدة."

وقال بوتين الذي ترك منصب الرئاسة في مايو آيار بعدما أمضى فيه ثماني سنوات ان "العالم لا ينتهي عند اوروبا او الولايات المتحدة."

وقال بوتين ان روسيا تصرفت بما يتفق تماما مع القانون الدولي دفاعا عن اوسيتيا الجنوبية وهي منطقة جورجية انفصالية هاجمتها قوات جورجيا يومي السابع والثامن من اغسطس آب مما أثار أزمة دولية.

وأضاف "نريد علاقات جيرة جيدة كشركاء مع بعضنا. لا نعتزم ان نلعب ببعض القواعد الخاصة من صنعنا.. نريد ان يعمل الجميع حسب مجموعة واحدة من القواعد معروفة باسم القانون الدولي."وتابع "لا نريد ان يتلاعب أحد بذلك المفهوم."

بريطانيا تحذر من هيمنة روسيا على اوروبا في مجال الطاقة

وقال جوردون براون رئيس وزراء بريطانيا انه يجب عدم السماح لروسيا باخضاع اوروبا "لسيطرة في مجال الطاقة" وقال انه يتعين على حلف شمال الاطلسي مراجعة العلاقات مع موسكو في ضوء تصرفاتها في جورجيا.

وفي مقال نشرته صحيفة اوبزرفر قال براون انه تحدث مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف وطلب منه ان يتوقع ردا حاسما عندما يجتمع الزعماء الاوروبيون لمناقشة الازمة الجورجية يوم الاثنين.

وقال براون انه سيحث الزعماء الاوروبيين على زيادة التمويل للسماح لدول الاتحاد الاوروبي بالحصول على الطاقة من بحر قزوين مقلصة الاعتماد على روسيا.

ونقلت اوبزرفر عن براون قوله في مقال في الصفحة الاولى "لا يمكن السماح لاي دولة بممارسة سيطرة في مجال الطاقة على اوروبا."

وقال براون"ما لم يتم اتخاذ عمل عاجل فاننا نخاطر بان نصبح معتمدين في الحصول على الطاقة من شركاء اقل استقرارا وثقة."واضاف براون انه يتعين على روسيا الالتزام بالقواعد اذا كانت تريد التمتع بمزايا منظمات مثل مجموعة الثمانية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة التجارة العالمية.

واردف قائلا" وفي ضوء التصرفات الروسية يجب على الاتحاد الاوروبي مراجعة علاقاتنا مع روسيا بكل جوانبها."واضاف انه ربما يكون ضروريا استبعاد روسيا عندما تجتمع دول مجموعة الثمانية ولابد من اعادة تقييم علاقة حلف شمال الاطلسي بموسكو. وتعهد بدعم غربي مكثف لجورجيا"والاخرين الذين ربما يواجهون عدوانا روسيا."

محللون: روسيا تستعرض عضلاتها في افريقيا مجددا

من جهة اخرى تجدد روسيا اهتمامها بافريقيا الذي انهار مع الحرب الباردة كما أن اقبالها المتزايد على عقد صفقات للنفط والغاز في افريقيا زاد من عدم الارتياح في غرب أوروبا المتعطش للطاقة.

وتقول شركات روسية إن الهدف هو تنويع مصالح الطاقة وتأمين المواد الخام من أجل اقتصاد سريع النمو لكن الشركات ينظر اليها أيضا باعتبارها أدوات لسياسة خارجية للكرملين اكثر اثباتا للوجود الروسي.وافريقيا مصدر بديل مهم للطاقة بالنسبة للدول الأوروبية التي تعتمد على روسيا.

وحقيقة أن المؤسسات الروسية لم تحرز تقدما يذكر في افريقيا لم تهديء من مخاوف الغرب خاصة منذ ان أثار التدخل الروسي في جورجيا تساؤلات جديدة بشأن امدادات الطاقة من الشرق.

وقال جون ماركس رئيس تحرير النشرة الاخبارية الصناعية (افريكا انرجي) " بهدوء لكن بذعر متنام نسمع مسؤولين من حكومات أوروبية كبرى يشكون بشأن ما يفعله الروس." ومساعي روسيا في افريقيا تتجاوز الحلفاء التقليديين الذين كانت تمدهم بالسلاح والمال ابان الحرب الباردة.

وأحد اكبر الشركاء التجاريين لها في افريقيا هو المغرب الحليف الوثيق للولايات المتحدة والذي يمدها بالفوسفات الذي تستهلكه المزارع الروسية بكميات كبيرة.

لكن روسيا أظهرت في عام 2006 أنها ترغب في الاحتفاظ بعلاقات قوية مع الجزائر حليفتها السابقة ومنافسة المغرب عندما وافقت على اسقاط ديون قيمتها 4.7 مليار دولار ترجع إلى حقبة الحرب الباردة مقابل صفقة لبيع طائرات مقاتلة وغواصات وسفن حربية وصواريخ للجزائر.

وتنفق الشركات الروسية مثل الشركات الآسيوية مليارات الدولارات للدخول بشكل أفضل على الثروات المعدنية لدول القارة.

ويحظى هذا الاهتمام بافريقيا بترحيب خاص من قبل الحكومات التي ترفض تطبيق شروط الديمقراطية وحقوق الإنسان والاصلاح التي يمكن أن ترتبط بالتعاملات مع الأمريكيين او الأوروبيين.

ويقول محللون إن رغبة روسيا التي ظهرت مؤخرا في أن تقف في وجه الغرب باستخدام القوة العسكرية تجعلها شريكا اكثر جاذبية للزعماء الافارقة الذين سئموا املاء الاوامر عليهم من قبل القوة العظمى الوحيدة في العالم.

وقال جي بيتر فام الخبير في شؤون افريقيا والشرق الاوسط بجامعة جيمس ماديسون في فرجينيا "نظرا للاهمية السياسية لافريقيا التي يتزايد ادراكها... يجدر بواضعي السياسات والمحللين الأمريكيين أن يتوخوا الحذر من عودة الدب الروسي" إلى افريقيا.

والخوف الاكبر في غرب أوروبا هو من أن تكون الصفقات الروسية المتقطعة مع الدول الافريقية الاعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) ما هي الا محاولة للسيطرة على امدادات الغاز الطبيعي لأوروبا.

واتفقت شركة جازبروم الروسية التي توفر ربع احتياجات أوروبا من الغاز مع شركة سوناطراك الجزائرية للنفط على التنقيب عن الغاز الطبيعي بشكل مشترك عقب زيارة للجزائر قام بها الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين العام الماضي.وسوناطراك هي ثالث اكبر مورد للغاز لدول الاتحاد الأوروبي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/أيلول/2008 - 7/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م