التواصي بالحق طريق النجاة

برير السادة

يعتبر مفهوم التواصي من المفاهيم القرانية الاجتماعية-التكاملية التي تعزز من متانة وقوة الروابط الاجتماعية والاخلاقية, وتساهم في اشاعة الخير  ونشر الفضيلة, ودفع الاخرين نحو التكامل. فهي ادراك معرفي وخبرة حياتية تنطوي على ابعاد نفسية خيرة لتنمية الفضيلة..." فذكر تواصيهم بالحق و بالصبر بعد ذكر تلبسهم بالإيمان و العمل الصالح للإشارة إلى حياة قلوبهم و انشراح صدورهم للإسلام لله فلهم اهتمام خاص و اعتناء تام بظهور سلطان الحق و انبساطه على الناس حتى يتبع و يدوم اتباعه قال تعالى: «أ فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين»:

فالتواصي دعوة مفتوحة لعمل الخير, وتبني الفضيلة وتنميتها ودعوة لاتباع الحق, والبحث عنها بصدق واخلاص "التواصي بالحق هو أن يوصي بعضهم بعضا بالحق أي باتباعه والدوام عليه فليس دين الحق إلا اتباع الحق اعتقادا و عملا و التواصي بالحق أوسع من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لشموله الاعتقاديات و مطلق الترغيب و الحث على العمل الصالح"   

فالتواصي طريق النجاة " فإن هؤلاء ليسوا في خسر بل هم في أعظم ربح و زيادة يربحون الثواب باكتساب الطاعات و إنفاق العمر فيها فكان رأس مالهم باق كما أن التاجر إذا خرج رأس المال من يده و ربح عليه لم يعد ذلك ذهابا"

ولقد استثنئى المتواصين من الخسر والهلاك في سورة العصر " وَ الْعَصرِ (1) إِنّ الانسنَ لَفِى خُسرٍ (2) إِلا الّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ وَ تَوَاصوْا بِالْحَقِّ وَ تَوَاصوْا بِالصبرِ" كما جعلهم من اهل الميمنة في سورة البلد " ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ "

والقران يرسم لنا اثر التواصي في استفهامه من قول الذين كفروا عن النبي بانه ساحر " كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ"

ولعلنا ندرك من هذا الاستفهام اثر التواصي في استمرار وانتشار الفضيلة او الرذيلة والملكات الحسنة او السيئة في المجتمع. وعمق تجذرها في نفوس الناس.

بماذا نتواصى:-

يحثنا القران على التواصي بالحق والصبر والرحمة لاهميتهما في حياة الفرد والمجتمع, بل ان الحق والصبر والرحمة صفات الافراد والمجتمعات القوية المتماسكة " أوصى بعضهم بعضاُ بأن يلازم الحق ويعمل به ((وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)) بأن يصبروا على مكاره الدنيا، وذلك بالصبر عن المعصية والصبر على الرزية، وخصص السياق هذين الأمرين بعد دخولهما في مطلق الأعمال الصالحة لشدة الاحتياج إليهما في تلازم العمل الصالح فإنهما عمادان له"  

ولا غرابة ان اشارت بعض الروايات الى ان التواصي بالحق هو التواصي بالولاية لكونها مجمع الخير والفضائل,  من هنا كان التاكيد على صفات الشيعة التي عرفوا بها ونحن ننقل رواية واحدة.

شيعتنا من سلمت قلوبهم

قَالَ رَجُلٌ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، أَنَا مِنْ شِيعَتِكُمْ .

قَالَ : " اتَّقِ اللَّهَ ، وَ لَا تَدَّعِيَنَّ شَيْئاً يَقُولُ اللَّهُ لَكَ كَذَبْتَ وَ فَجَرْتَ فِي دَعْوَاكَ ، إِنَّ شِيعَتَنَا مَنْ سَلِمَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ كُلِّ غِشٍّ وَ غِلٍّ وَ دَغَلٍ ، وَ لَكِنْ قُلْ أَنَا مِنْ مَوَالِيكُمْ وَ مُحِبِّيكُمْ ".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  6/أيلول/2008 - 5/رمضان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م