
شبكة النبأ: يبدو ان الأزمة التي
اندلعت في جورجيا، هي بداية لحرب جديدة ومن نوع آخر، خصوصا بعد
انتهاء الحرب الباردة وتفكك منظومة الاتحاد السوفييتي السابق.
روسيا اليوم تطل بوجه جديد على نافذة العالم السياسية
والعسكرية، والولايات المتحدة الأمريكية تدخل بكل ثقلها السياسي
وتفتح الباب على مصراعيه، ليبقى العالم في حالة ترقب ورصد لما
ستؤول إليه الأمور، فها هما الدولتان العظمى روسيا وأمريكا يعودان
إلى قلب الصراع مرة أخرى، وما جورجيا وأوسيتا إلا شرارة لفتح
الحديث بين الطرفين، وهو حديث طويل ذو شجون.
(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على آخر التطورات
والمستجدات في الأزمة الحاصلة في جورجيا، والدعوات الأمريكية
لروسيا بسحب قواتها فوراً:
المواجهة المحتملة بين روسيا وأمريكا في
البحر الأسود
اعتبر خبراء ومسؤولون عسكريون في روسيا أن دخول وحدات بحرية
أمريكية إلى البحر الأسود، قد يؤدي إلى حدوث مواجهة عسكرية بين
القوات الروسية والأمريكية، وأكد المسؤولون الروس أنه بإمكان
جورجيا افتعال مواجهات من هذا النوع.
ويرى الخبراء الروس أن دخول سفن عسكرية أمريكية إلى البحر
الأسود سيعني حصار القوات البحرية الروسية، الموجودة في هذا البحر،
إلا أنهم قالوا إنه بإمكان روسيا فك هذا الحصار، بإرسال وحدات
بحرية من بحر البلطيق، ولكنهم رجحوا أن تعترض قوات الناتو تلك
الوحدات الروسية. بحسب (CNN).
وتسعى الولايات المتحدة إلى إدخال عدد من قطعها البحرية إلى
البحر الأسود قبل نهاية أغسطس/ آب، عبر البحر المتوسط، إلا أن
تركيا التي تسيطر على مضيقي البسفور والدردنيل، رفضت في وقت سابق،
دخول قطع البحرية الأمريكية، باعتبار أنها تحمل أوزاناً تتجاوز
الأوزان المسموح بها.
إلا أن مسؤولين عسكريين وسياسيين في موسكو أكدوا أن أنقرة لن
يمكنها مقاومة الضغوط الأمريكية طويلاً، خاصة أن تركيا عضو بحلف
شمال الأطلسي الناتو، وهو ما سيضع البحرية الروسية وجهاً لوجه أمام
البحرية الأمريكية، في البحر الأسود، وفقاً لما نقلت وكالة نوفوستي
الروسية للأنباء.
ونقلت نوفوستي عن مصدر في الأسطول الروسي في البحر الأسود، قوله:
إنه من الأفضل، في حال وصول وحدات بحرية أمريكية إلى الشواطئ
الجورجية، أن تعيد روسيا انتشار وحداتها البحرية في المياه
الإقليمية الأبخازية.
ولكن المسؤول الروسي شدد على قوله إن هذا لن ينفي احتمال وقوع
مواجهات بحرية بين روسيا والولايات المتحدة، لأن بإمكان جورجيا
ذاتها افتعال مواجهات من هذا القبيل.
وقال الخبير العسكري، قسطنطين ماكيينكو، إنه: لا خيار أمام
روسيا، أمام حالة كهذه، سوى حشد مزيد من القوات الجوية في المنطقة،
مشيراً إلى أنه بمقدور الطيران الروسي ضرب أي هدف في البحر الأسود.
ودعا الخبير الروسي إلى ضرورة أن تقوم روسيا بتعزيز الجيشين
الأبخازي والأوسيتي، مضيفاً قوله إنه: لو كانت أوسيتيا الجنوبية
تملك جيشاً قوياً، لما وجدت روسيا نفسها مضطرة لإرسال قوات مسلحة
إلى هذا الإقليم، مكتفية بتوفير الحماية الجوية للجيش الأوسيتي.
كما دعا إلى زيادة الاهتمام بإمداد القوات الروسية بمزيد من
الأسلحة الحديثة، معتبراً أنه لو لم تكن معنويات الجنود الجورجيين
ضعيفة، ربما واجهت القوات الروسية صعوبات في دحر قوات جورجية مدججة
بأسلحة متطورة، حصلت جورجيا عليها من دول حلف شمال الأطلسي، أو من
حلفاء هذه الدول.
وكانت الوكالة الروسية ذاتها قد ذكرت في وقت سابق، أن أزمة
دبلوماسية تفجرت بين الولايات المتحدة وتركيا، بعدما منعت السلطات
التركية عبور سفينتين عسكريتين أمريكيتين لمضيقي البوسفور
والدردنيل، كانتا متجهتين إلى البحر الأسود.
وقالت أنقرة إن حمولة سفينتي مرسي وكومفورت، وهما السفينتان
اللتان تحملان ما مساعدات الإنسانية أمريكية إلى جورجيا، تزيد عن
الحد الأقصى للحمولة المسموح بنقلها عبر المضيقين، وهو 45 ألف طن
وفقاً لاتفاقية مونترو.
وحسب نوفوستي فإن تركيا أوقعت الرئيس الأمريكي، جورج بوش، في
حرج، مشيرة إلى أنه أصدر أوامره بنقل الإمدادات الإنسانية إلى
جورجيا، دون أن يقدم إشعاراً مناسباً إلى الحكومة التركية، التي
تسيطر على الممر الذي يربط البحرين المتوسط بالأسود.
مطالبة امريكية من روسيا بمغادرة جورجيا "الان"
وطالبت واشنطن روسيا بأن تسحب قواتها من جورجيا "الآن" لكن
موسكو قالت ان القسط الاكبر من قواتها لن يغادر الاراضي الجورجية
قبل مضي عشرة أيام أخرى.
وفي علامة على تزايد التوتر بين موسكو والغرب بشأن الصراع في
جورجيا قالت وكالة انباء روسية ان روسيا جمدت مؤقتا تعاونها مع حلف
شمال الاطلسي رغم عدم ورود تأكيد فوري.
وفي واحد من اكثر تصريحات واشنطن شدة حتى الآن أعلن البيت
الابيض ان روسيا تنتهك التزاماتها بمغادرتها الاراضي الجورجية بعد
ان ألحقت هزيمة بقوات جورجيا في حرب نشبت منذ اسبوعين. بحسب رويترز.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض جوردون جوندرو انه لا يمكنه ان
يتصور أي ظروف يمكن للولايات المتحدة فيها ان تتعاون عسكريا مع
موسكو الى ان يحل الوضع في جورجيا.
ويضيق صبر واشنطن يوما بعد يوم مع انتظارها انسحابا كاملا
للقوات والعتاد الذي ارسلت به روسيا الى جارتها الصغيرة في منطقة
القوقاز منذ اسبوعين للتصدي لهجوم جورجي على منطقة اوسيتيا
الجنوبية التي تدعمها موسكو.
ورأى مراسل لرويترز رتلا من دبابات من طراز تي 72 عند الحدود
بين روسيا وجورجيا في أول علامة على سحب مدرعات ثقيلة من الاراضي
الجورجية لكن في اماكن اخرى بقيت القوات الروسية كما هي.
وقال قائد القوات البرية الروسية ان كل القوات التي ارسلت
لتعزيز قوات حفظ السلام الروسية في اوسيتيا الجنوبية ستعود الى
روسيا في غضون عشرة أيام.
وقال فلاديمير بولديريف للصحفيين في سوتشي حيث مقر الاقامة
الصيفي للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف عبر الهاتف: هذه القوات
ستسحب الى الاراضي الروسية.
ولم يتضح على الفور كيف سيتوافق هذا الجدول الزمني مع التزام
سابق لروسيا بسحب قواتها الى خلف منطقة عازلة حول اوسيتيا
الجنوبية.
لكن موسكو قالت انه حتى بعد الانسجاب ستنشر 500 جندي فيما تطلق
عليه منطقة مسؤولية ضمن عملية لحفظ السلام لحماية اوسيتيا
الجنوبية.
وبهذا ستظل قوات روسية داخل قلب الاراضي الجورجية وقريبة من
الطريق السريع الرئيسي بين الشرق والغرب الذي يعتمد عليه اقتصادها.
وقال الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي الذي تدعمه الولايات
المتحدة ويريد ان تنضم دولته الصغيرة السوفيتية سابقا الى عضوية
حلف شمال الاطلسي انه لن يسمح بهذا.
وقال لرويترز في العاصمة تفليس: لن تكون هناك مناطق عازلة. لن
نعيش ابدا مع اي مناطق عازلة. لن نسمح ابدا بشيء مثل هذا.
وقال مراسل لرويترز عند نفق روكي الذي يبعد بضعة كيلومترات عن
الحدود بين جورجيا وروسيا والذي يعد طريق العبور الرئيسي للقوات
الروسية ان بعض العتاد يجري سحبه.
وقال: يمكنني أن أرى 21 دبابة من طراز تي-72 تتحرك نحو نفق روكي
باتجاه روسيا. وأضاف، يمكنني أيضا أن أرى أيضا أربع قاذفات مدفعية
جراد وعددا من ناقلات الجند المدرعة والشاحنات الثقيلة تستعد لدخول
النفق.
وقال شاكاشفيلي في مؤتمر صحفي في وقت سابق ان الجيش الروسي ابعد
ما يكون عن الانسحاب بل انهم يوسعون المناطق التي يحتلونها.
ونشبت الأزمة يومي السابع والثامن من اغسطس اب عندما حاولت
جورجيا استعادة سيطرتها على اوستيا الجنوبية وهي منطقة مؤيدة
لموسكو انفصلت عن جورجيا عام 1992. وردت القوات الروسية ودخلت
الاراضي الجورجية وتغلبت على الجيش الجورجي في قتال شرس.
وضغط حلف شمال الاطلسي على روسيا لتسحب قواتها سريعا من جورجيا
وجمد الحلف اتصالاته مع روسيا بسبب الصراع.
وذكرت وكالة الاعلام الروسي للانباء نقلا عن المبعوث الروسي لدى
حلف شمال الاطلسي ديمتري روجوزين قوله ان وزارة الدفاع الروسية
جمدت مؤقتا التعاون مع الحلف في انتظار قرار من الكرملين بشأن
العلاقات في الاجل الطويل.
وقد يفسد هذا اتفاقا تنتقل بموجبه كثير من الامدادات الى قوات
الامن التابعة للحلف في افغانستان من خلال المجال الجوي الروسي.
وفي تأكيد على الدعم الغربي لجورجيا قال جنرال امريكي كبير انه
من المتوقع ان تساعد وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) تفليس على
اعادة بناء جيشها الذي حطمه الهجوم الروسي.
روسيا خارجة على القانون.. في نظر أمريكا
وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ان روسيا أصبحت
الطرف الخارج على القانون في الصراع بينها وبين جورجيا فقد أحدثت
دمارا صارخا في جارتها الصغيرة وحاولت خنقها.
وفي مقابلة مع شبكة تلفزيون (سي.بي.اس) استخدمت رايس بعضا من
أقوى تعبيراتها لإدانه أفعال روسيا في هذه الدولة الواقعة على
البحر الاسود.
وقالت رايس في المقابلة التي جرت في بروكسل حيث حضرت اجتماعا
لحلف شمال الاطلسي عن الازمة: من الواضح بجلاء ان روسيا تعزل نفسها.
انها تتحول على نحو متزايد لتصبح الطرف الخارج على القانون في هذا
الصراع. بحسب رويترز.
واضافت رايس قولها: انهم عازمون وعلى الارجح مازالوا عازمين على
خنق جورجيا واقتصادها.
وقال الكرملين في وقت سابق ان القوات الروسية سوف تنسحب من
جورجيا لكن حلف شمال الاطلسي قال انه سيجمد اتصالاته بموسكو حتى
تنسحب كل القوات الروسية من هذه الدولة.
وكانت القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة طالبت بانسحاب
فوري للقوات الروسية بموجب خطة هدنه انهت حربا قصيرة بين الدولتين
بسبب اقليم اوسيتيا الجنوبية الانفصالي المتمرد.
وفي المقابلة مع سي.بي.اس سئلت رايس مرارا ماذا ستفعل الولايات
المتحدة او حلف الاطلسي اذا لم تف روسيا بوعدها وتغادر جورجيا.
وكان رد رايس هو ان روسيا تنأى في الواقع بنفسها عن بقية العالم
وهي في خطر أن تدمر سعيها للاندماج في المؤسسات العالمية. واضافت
روسيا هي الخاسر هنا.
وقالت رايس: هل يشك حقا أحد في ان روسيا قد تستخدم تفوقها
العسكري الساحق في ضرب جار صغير.
واستشهدت رايس ايضا بتقارير عن استخدام ذخائر في ضرب المدنيين
ما كان ينبغي ابدا استخدامها، وهي فيما يبدو اشارة الى زعم جماعة
لحقوق الانسان ان روسيا اسقطت قنابل عنقودية على مناطق مأهولة في
جورجيا. ونفت موسكو انها فعلت ذلك. |