أهمية الفتاوى الإسلامية في ضوء المتغيرات الإجتماعية

شبكة النبأ: بدأً يمكن التيقن أن الاستعانة بالفتاوى الإسلامية على أمور الدنيا هو أمر ضروري ينتهل منه المسلمون تلمس الطريق الأفضل لما يجب عمله وما يجب تجنبه بكثير من الحالات التي تصادفهم.

وفي التمهيد للقناعة بحكمة الفتاوى الدينية الإسلامية والالتزام بالعمل بها سواء كانت الفتوى صادرة في حقيقتها عن الشخص المفتي أو الهيئة المفتية فلا بد أن يكون فحوى أي فتوى منسجماً مع المتطلبات المبدئية للإسلام.

وبقدر ما يستوجب من طالبي الفتوى توضيح الحالة التي يطلبون رأي الدين الإسلامي فيها بصراحة متناهية وما يترتب على هذا الرأي من التزام بالفتوى المعينة الصادرة حوله فيتعين من المفتي إبداء حلول شرعية تؤدي الى راحة الضمير عند المفتي ذاته والمفتي له بآن واحد.

فالذي يفهم من غاية طلاب الفتوى حذرهم من أن يوقعوا في إثم ديني أمام الله تبارك وتعالى أو يمسوا في حالة قصور معنوي أمام بني جلدتهم لذات تراهم لا يسايرون أهواء ذواتهم لا بكبيرة ولا بصغيرة حول أمر حياتي ما. فمن المعروف أن الشخص إذا ما اقترف خطأ بحق الآخرين فممكن أن يحاسب قانوناً وربما أدى به ذلك فيودع في السجن لمدة زمنية يحددها القانون ببلده كـ(نوع من العقاب) لكن إذا ما سولت للشخص نفسه وعمل مخالفة غير مسموح بها دينياً ولم يكن قد كشفت فإن حسابه سيقع حتماً على عاتق الرب الخالق سواء في الدنيا أو الآخرة وهذا ما لا يعرفه إلا من يرضي الله تبارك وتعالى عنهم وربما بعض الراسخون في العلم أيضاً.

وتلافياً لإمكانية وقوع خطأ في تقدير مفتي أو مفتون ما فهذا ما يستدعي معرفة حدود (مسألة الفتوى) بحيث إذا ما صدرت فإنها ستنسجم مع المطالب الشرعية بحسب تقدير المفتي أو المفتون لكل حالة على حدة.

إن الفتوى تشبه لحد بعيد نوعاً من الحكم القاطع على قضية معينة ولعل بالبحث عن أفضل فتوى لأي استفسار يعني أن هناك تولي لأمر الدين الذي غالباً يكون محصوراً عند اتقياء المسلمين ممن يتمتعون بأنفاس وتطلعات علمية وقدرة على الاستبناط لما يأتي به كل عصر من جديد.

ولأن كل حالة ربما تختلف كثيراً عن الحالات الأخرى التي يطلب إذ تقترن بفتوى تواكب ما تقره النظرية الدينية الإسلامية من هنا فإن في إصدار الفتوى مسؤولية كبرى يقر أهميتها العقل والعقلاء.

والفتوى بطبيعتها مقسومة الى قسمين فأما أن تكون الفتوى خاصة (أي تتعلق بمصلحة شخص ما) أو عامة (وبهذه الحالة لها صلة بمصلحة الأمة). وبما أن الفتاوى تشكل عصب مهم لحيوية الدين فهذا ما يمكن تفسيره على كون حيوية أي مذهب إسلامي تتوقف على اعتماد الفتوى أو الفتاوى كـ(نهج لا استغناء عنه) وذلك بسبب كون العديد من الأشياء الجديدة أو المستجدة تحتاج الى رأي الدين الإسلامي بها على أساس معاصر ممكن التطبيق.

إن الاهتداء الى الأمر الصحيح الذي يجب اتباعه بالاستناد الى الفتاوى الشرعية الإسلامية حسب كل حالة فإن الهدف الأول والأخير بقدر ما يصبو الى مرضاة الله العلي القدير فإن أي فتوى من الضروري أن تأخذ بكل اعتبار ضرورة الابتعاد عن أي بدعة أو اجتهاد ناقص فهذا الزمن المتشابك بكثير من الأشياء مشبع بروح التشكيك بكل شيء تقريباً لذا فإن الرجوع الى الفتوى يجعل من المرء المستفتي صامداً في الظرف الإيماني الصحيح بسبب كونه قد طلب الإرشاد الإسلامي كي يكون موقفه سليماً وبعيداً عن أي أرجحة بهذا العصر الذي يكاد الالتزام الديني فيه مقتصراً على قلة من المؤمنين ما زال الأمل الإسلامي معقود على جهودهم وجهادهم كي تعم الروح الإسلامية وعدالة الإسلام المحمدي على وجه الأرض الواسعة.

وما يحز في النفس كثيراً لدى جمهرة المؤمنين أن يطلعوا (غالباً عن طريق الصدفة) أن جوهر الفتاوى الإسلامية قد أصبحت مستهدفة من قبل بعض العبثيين ممن يستغلوا المبدأ الإسلامي الثابت: (لا حياء في الدين) فيوجهوا نوع من الأسئلة المصبوغة بطلاء (طلب الاستفتاء) حول سلوك ما بين الزوجين يمتاز بـ(خصوصية شديدة في علاقتهما الجنسية المشروعة) ليطلبوا راي الدين الإسلامي بها وأصحاب تلك الأسئلة يتناسون أن الاتحاد الجسدي بين الزوجين بكل مشروعيته لا يحبذ طلب فتوى فيها خروج عن حدود الأدب واللياقة.

إن طرح (أي سؤال غير مؤدب يطرح بشكل طلب استفتاء حوله) يستهدف صاحبه أن يجر المفتي أو المفتون إلى (فخ الإجابة عليه) الذي يظهر مصدر الفتوى أو مصدروا الفتوى وكأنهم خبراء في المسائل اللامؤدبة مما ينبغي الابتعاد عن الإجابة عن الفاضح منها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  25/تموز/2008 - 22/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م