
شبكة النبأ: تُعد الانتخابات
الأمريكية – الرئاسية والتشريعية – فرصة مواتية للجاليات والعرقيات
المختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية لوضع قضاياها وقضايا
دولها على أجندة مرشحي الانتخابات الأمريكية. وعلى الرغم من هجرة
العديد من مواطني الدول الناطقة بالعربية من جنوب آسيا وشمال
إفريقيا واستقرارها بالولايات المتحدة منذ عام 1880، وتزايد أعداد
الجالية العربية داخل الولايات المتحدة مقارنة بالجاليات أخري إلا
أنها تعاني من إشكالية حقيقية إبان التصويت في الانتخابات
الأمريكية وذلك بالنظر إلى دورها في الانتخابات الأمريكية السابقة
ومقارنة هذا الدور بدور الجاليات الأخرى لاسيما اليهودية التي يقل
عددها عن نظيرتها العربية. بحسب موقع تقرير واشنطن.
واحتدام المنافسة الانتخابية بين المرشحين الديمقراطي "باراك
أوباما" ونظيره الجمهوري "جون ماكين" بشأن العديد من قضايا المنطقة
بداية من الصراع العربي – الإسرائيلي، مروراً بالتأزم الأمريكي
بالعراق وإمكانية سحب القوات الأمريكية من العراق وقضية
الديمقراطية، وصولاً إلى الدعم الأمريكي لإسرائيل ومقاربة الأزمة
النووية الإيرانية يفرض على الأمريكيين العرب أن يكون لهم دوراً
يتجاوز دورهم في الانتخابات السابقة، واستخدام تلك الانتخابات
كفرصة لتقوية وجودهم داخل المجتمع الأمريكي المتعدد العرقيات
والجاليات.
الأمريكيون العرب
يواجه أي باحث في شئون الأمريكيين العرب تحدي عدم وجود إحصاء
دقيق لعددهم، ولكن العديد من المصادر والمؤسسات المهتمة بشؤون
الأمريكيين العرب تُشير إلى أن عددهم يصل إلى 3.5 مليون شخص وفقاً
للإحصاء السكاني لعام 2000. ويتميز الأمريكيون العرب بتعدد وتنوع
أصولهم فنسبة تصل إلى 39% منهم من أصول لبنانية و12% من أصول مصرية
وسورية، في حين تصل نسبة من هم من فلسطين إلى 6% و3% من أصول
عراقية ومغربية.
وبالنسبة للديانة فإن ما يقرب من ثلاث أرباعهم مسيحيين - وهم
ينقسموا أيضاً ما بين 35% كاثوليك و18% أرثوذكس، و10% بروتستانت -،
بينما الربع الأخر ينقسم ما بين 24% مسلمين و13% ديانات أخرى. وهذا
التنوع يُعد أحد التحديات التي تصعب من تنظيمهم كقوة سياسية تحظى
بالتوافق العام، والذي من شأنه تقليل فرص التوافق حول تمويل
الحملات السياسية باسم قضايا الأمريكيين العرب.
ويتوزع الأمريكيون العرب على الولايات الخمسين، غير أن ثلثيهم
يتركز في عشر ولايات، فيعيش ثلثهم في ولايات كاليفورنيا، ونيويورك،
وميتشجان. ويقطن حوالي 94% منهم في المناطق الحضرية. وتُعد لوس
أنجلوس وديترويتDetroit ونيويورك وشيكاغو Chicago وواشنطن أعلى خمس
مدن يتركز فيها الأمريكيون العرب.
ويتمتع العرب بوجود جيد في الولايات المتأرجحة swing states وهي:
فلوريدا، وميتشجان، وأوهايو، وبنسلفانيا وفيرجينيا، والذي يعني
تأثير حجم أصوات الأمريكيين العرب في الانتخابات الأمريكية على
كافة المستويات. فعلى سبيل المثال يُمثل الأمريكيون العرب 2% من
الناخبين في أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا في الانتخابات الرئاسية
المحتدمة حالياً، وفي ولاية ميتشجان يفوق أصوات الأمريكيين العرب
الـ 5% من الأصوات الانتخابية بالولاية، ويعتقد العديد من المحللين
أن الديمقراطيين لا يستطيعون تحقيق الفوز في نوفمبر المقبل دون
الفوز في ميتشجان. ومع أن نسبة أصوات الأمريكيين العرب الانتخابية
تبدو نسبة صغيرة لكنها قد تُغير من مسار هذه الانتخابات، ففي
انتخابات 2000 فاز بوش بأصوات الأمريكيين العرب على منافسه "أل جور"
بنسبة 7.5% نقطة.
القضايا الإنتخابية محل الاهتمام
رغم أن العديد من أصوات الأمريكيين العرب تتفق مع بقية
الأمريكيين بشأن قضايا الداخل الأمريكي مثل الاقتصاد، الرعاية
الصحية، والتعليم، غير أن ارتباطهم بحرب العراق بشكل شخصي جعلها
القضية الأهم في تحديد اتجاهاتهم في اختيار الرئيس المقبل. ففي
إحدى استطلاعات الرأي لمؤسسة زغبي بشأن القضايا الأكثر أهمية لدي
الأمريكيين العرب والتي على أساسها سيختار الناخب الأمريكي العربي
الرئيس المقبل، أظهرت نتائج الاستطلاع مركزية القضية العراقية فقد
عبر 61% من المستطلعين عن أن موقف المرشح من الحرب الأمريكية في
العراق سيحدد لمن سيصوت الأمريكيون العرب، بينما سجلت قضايا العمل
والاقتصاد ما نسبته 31%، والهجرة 13% ، والرعاية الصحية 13% ،
والتعليم 8%. ويرجع تأثير الحرب الأمريكية في العراق على مجتمع
الأمريكيين العرب كما أوضحت إحدى استطلاعات زغبي إلى أن 4 من 10 من
الأمريكيين العرب أجابوا بأنهم يعرفون شخصاً من العراق. بينما أجاب
41% منهم بأنهم لديهم معرفة شخصية بأحد أفراد الخدمة العسكرية
الأمريكية بالعراق، و16% قالوا أنهم يعرفون بشكل شخصي شخصاً من
العراق كما يعرفون أيضاً أحد أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية.
بينما يؤيد 23% فقط من الأمريكيين العرب فكرة بقاء القوات
الأمريكية في العراق حتى النصر وذلك وفقاً لاستطلاع رأي تم في
يوليو 2007.
ووفق تقرير أصدره المعهد العربي الأمريكي بعنوان " الأمريكيين
العرب والمشاركة السياسية"، كتب ميشيل دبليو. سليمان بعنوان "تاريخ
المشاركة السياسية للعرب الأمريكيين" أن هناك أربع قضايا رئيسية
كانت وستظل المحور الرئيسي لمجتمع الأمريكيين العرب، تتعلق القضية
الأولي بأحوال وظروف العمل وتهتم بالتمييز الوظيفي. بينما تتعلق
القضية الثانية بالحقوق المدنية والمساواة. أما القضية الثالثة
ترتبط بالتسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية. وتتعلق القضية
الرابعة بالمواطنة والحاجة للشعور بأن الأمريكيين العرب مقبولون
كمواطنين ومتمتعين بكل الحقوق بالمجتمع الأمريكي.
وتشير خبرة مشاركة الأمريكيين العرب في الانتخابات الأمريكية
إلى استبعادهم من مجال العمل السياسي الأمريكي. فقد تم رفض
مساهماتهم في الحملات الانتخابية للمرشحين السياسيين، حيث تم
استبعاد الإسهامات التي قدمها الأمريكيون العرب في سباق ويلسون جود
على منصب العمودية في فيلادلفيا عام 1983، وفي عام 1986 تم رفض
كلاً من الإسهامات المقدمة في حملة روبرت نيل في سباق الكونجرس في
ولاية ميريلاند، وحملة جوزيف ب. كينيدي في سباق الكونجرس.
كما تم ذلك أيضاً في حملة والتر موندال في السباق على الرئاسة
عام 1984، وفي حملة هيلاري كلينتون في السباق حول مقعد مجلس الشيوخ
الأمريكي لعام 2000. فقد تم رفض الأموال المقدمة بحجة أن
الأمريكيين العرب ليسوا مواطنين أمريكيين كاملين، بمعنى أخر
معاملتهم كغرباء. ويكمن الهدف من استبعاد أي دور للأمريكيين العرب
في الانتخابات التشريعية أو الرئاسية عدم مناقشة المرشحين قضايا
السياسة الخارجية وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي.
أي من المرشحين يدعم الأمريكيون العرب؟
ترتبط الصورة الذهنية لمُرشحي الرئاسة الأمريكية بصورة أو بأخرى
بأدوات الخطاب المستخدمة لدى كلا المرشحين. فنجد على سبيل المثال
أن الجالية العربية المسلمة لا تثق بالمرشح الجمهوري ماكين الذي
يستخدم لفظ "الإسلامي Islamic" للإشارة للإرهابيين وجرائم الإسلام،
وتصر حملة ماكين على استخدام هذا المعنى. فضلا عن إصرار ماكين
بالاحتفاظ بالقوات الأمريكية في العراق ومواصلة الحرب حتى النصر
إلى جانب انحيازه الدائم لإسرائيل، مما يؤشر إلى غياب دور الوسيط
الأمين في المفاوضات بين إسرائيل وجيرانها العرب الأمر الذي يعكس
استمرار سوء الصورة الأمريكية في العالم العربي والإسلامي، وهو ما
يسعى الشعب الأمريكي لتغييره. وعلى عكس ماكين يعارض أوباما بشدة
الحرب الأمريكية في العراق ويصر على الانسحاب الأمريكي من الأراضي
العراقية. ورغم تأييده للسياسات الإسرائيلية إلا أنه يدعم بعض
الحقوق الفلسطينية والتي تعطي مساحة من التعاطف والتفاعل مع
الأمريكيين العرب.
وقد أوضحت استطلاعات رأي لمؤسسة زغبي أن الأمريكيين العرب
يدعمون أوباما، على الرغم من أنه مسيحي، ويرجع زغبي دعم الأمريكيين
العرب لأوباما إلى خطابه الذي أدلى به في مؤتمر الحزب الديمقراطي
في عام 2004، فما زال الأمريكيون العرب يتحدثون عن هذا الخطاب
ويتذكرون قوله "إذا قام أحد بإهانة أو جرح الأمريكيين العرب أنا
أيضاً أجرح". الأمر الذي يشير إلى قدرة أوباما على التواصل مع
الجماهير وتركيزه على أهمية توحيد الأمة الأمريكية، وهو ما يرتبط
بالتعاطف مع الأقليات. الأمر الذي تعاني منه الجالية العربية خاصة
بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما ترتب عليها من قيود تجاه
حقوقهم المدنية والسياسية، فـ20% من الأمريكيين العرب يرون أنهم قد
تعرضوا للتمييز منذ 11 سبتمبر والهجمات الإرهابية، وثلثين ممن تم
استطلاع آراؤهم قالوا أنهم خائفين سواء على أنفسهم أو أطفالهم لو
استمرت سياسات التمييز التي اتبعتها إداراتي بوش ضدهم.
وفي هذا الصدد نشير إلى ما قام به باراك أوباما من تقديم
الاعتذار إلى امرأتين مسلمتين بعد أن منعهما أعضاء من حملة أوباما
الانتخابية من الظهور خلفه خلال تجمعين انتخابين بسبب الحجاب، وهو
الأمر الذي أثار حفيظة منظمات الجالية العربية بصورة كبيرة والتي
أعربت عن احتجاجها الواضح على هذا الموقف، وقد أرسلت رسائل واضحة
للسيناتور أوباما تُطالبه باتخاذ رد فعل إيجابي تجاه الحادث وعدم
تجاهله للموقف، وقد أصرت حملة أوباما على أن المتطوعين تصرفوا من
تلقاء أنفسهم دون أي موافقة رسمية. وكرد فعل لهذه الحادثة وزعت
حملة أوباما الانتخابية صوراً من تجمعات أخرى تظهر أوباما يقف مع
نساء يرتدين الحجاب، كما حرص أوباما على الاعتذار للمرآتين، الأمر
الذي يؤكد حرصه على جذب كافة فئات المجتمع الأمريكي بما في ذلك
الجالية العربية.
ومع ذلك يصعب على الجالية العربية أن تتوقع تغيير راديكالي في
السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط وذلك بغض النظر عن
من يفوز بانتخابات 2008 إلا أنها واقعياً تفضل رئيس يسعى إلى
التغيير- تحقيق تغيير جديد- كبقية الشعب الأمريكي وهي صورة أقرب
لأوباما من ماكين خاصة بعد جولة أوباما الأخيرة التي شملت منطقة
الشرق الأوسط والتي أعطت الانطباع ببداية للتغيير، خاصة أنه لم
يتجاهل زيارة الأراضي الفلسطينية كنظيره ماكين واعتمد صيغة الحوار
في خطاباته.!
هل من لوبي عربي بواشنطن
اللوبي هي جماعة منظمة تسعي إلى تحقيق مصالحها سواء مصالح
أعضائها أو مصالح الدول التي تُمثلها داخل الولايات المتحدة، ويتيح
النظام السياسي الأمريكي فرصة لنشاط متزايد لهذه اللوبيات، التي
استثمرتها بعض اللوبيات في خدمة مصالح أعضائها والدول التي تمثلها
وما مثال اللوبي الإسرائيلي ببعيد عن الأذهان العربية.
واللوبي العربي شأنه شأن أي لوبي في الولايات المتحدة الأمريكية
يُعبر عن مصالح الأمريكيين العرب في الولايات المتحدة الأمريكية،
وترجع جذور اللوبي العربي إلى الملك سعود ملك المملكة العربية
السعودية في 1951 الذي سعى لتمويل لوبي عربي. وفي هذا الصدد أُنشئت
الرابطة القومية للأمريكيين العرب في 1972، كجماعة سياسية تعمل على
تقوية العلاقات الأمريكية مع الدول العربية، وتعزيز وجود سياسة
أمريكية تقوم على العدالة والسلام في كل الشرق الأوسط. كما تم
تشكيل جماعات أخرى في بدايات السبعينيات كرد فعل للتوجهات المضادة
للعرب بسبب الصراع العربي الإسرائيلي فظهرت رابطة خريجي الجامعة
الأمريكيين العرب The Association of Arab- American University
Graduates، واللجنة الأمريكية العربية ضد التمييز The American-
Arab Anti-Discrimination Committee، وأيضاً المعهد الأمريكي
العربي The Arab American Institute والعديد من المنظمات الأخرى.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الجماعات قد تعاونت لسنوات عديدة مع
بعضها في إطار سعيها لحل القضية الفلسطينية، وطالبت الحكومة
الأمريكية بأن تقوم بالضغط على إسرائيل، وقد استعانت في ذلك
بالجرائد، والبريد، وحملات الإعلان. غير أنه بعد ولوج منظمة
التحرير الفلسطينية في اتفاقيات مع إسرائيل انقسمت هذه الجماعات
على بعضها إلا أنهم استمروا في التعاون من أجل فلسطين.
ومن أبرز منظمات اللوبي العربي في الولايات المتحدة الأمريكية
حالياً اللجنة الأمريكية العربية ضد التمييز The American-Arab
Anti-Discrimination Committee(ADC) والتي بدأت عملها في عام 1980
على يد السيناتور جيمس أبورزق، وهي تُعد من أكبر منظمات حقوق
الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل مجتمع الأمريكيين
العرب، ويرأسها حالياً سيدة الكونجرس الأمريكي السابقة ماري روز
أوكار، التي تضع على رأس اهتماماتها مواجهة التمييز ضد العرب
والأمريكيين العرب كما تدافع عن سياسة أمريكية متوازنة تجاه الشرق
الأوسط.
بالإضافة إلى المعهد العربي الأمريكي، والذي أنشئ في 1985 على
يد جيمس زغبي وهو منظمة غير ربحية تُركز على قضايا ومصالح
الأمريكيين العرب. كما تبحث المنظمة عن زيادة مشاركة الأمريكيين
العرب كمصوتين ومرشحين في النظام السياسي الأمريكي. |