درويش يسدل الستار على عصر العمالقة

شبكة النبأ: موت الشعراء والأدباء والمثقفين، خسارة كبيرة تلحق بجميع الأمم، خاصة وإن كان ذاك الصوت من الأصوات القلائل التي تنادي بالحرية والتحرر والإستقلال، واحترام الإنسان. واليوم وبحزن بالغ يودع العرب جميعا شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة محمود درويش. 

بموت محمود درويش تكاد سلسلة العمالقة تنتهي ولم يبق فيها إلا القليل من الشعراء والمثقفين العرب، هذا ما قاله بحزن شديد الشاعر العراقي كاظم الحجاج عن درويش الذي توفي اثر المضاعفات الصحية التي أعقبت عملية (قلب مفتوح) خضع لها في مستشفى بولاية تكساس الأمريكية.

ويضيف الحجاج أن: وفاة درويش خسارة كبيرة ليس للفلسطينيين وحدهم بل للعرب بصورة عامة، وانا اعتبره في فلسطين مثل الجواهري في العراق ارتبط شعره بتأريخ البلاد وبقضيته الوطنية والإنسانية. بحسب أصوات العراق.

وتوفي الشاعر الفلسطيني محمود اثر مضاعفات صحية ألمت به عقب عملية (قلب مفتوح) أجريت له في مستشفى ميموريال هيرمان بولاية تكساس الأميركية.

أما فاضل ثامر رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في العراق فقال: إن شعر محمود درويش يعد خارج اطر النقد؛ لان القضية الفلسطينية التي حملها حولها إلى جذوة شعرية خاصة به من جهة وعامة للجميع من جهة أخرى.

ومن جانبه، قال الشاعر محمد علي الخفاجي: تعرفت على محمود درويش في الستينيات من القرن الماضي من خلال مجلة شعر كانت تنشر قصائد درويش وكانت تلك القصائد لا تخلو من بعض السذاجة نتيجة التجربة الفلسطينية وحدتها.

ويعتبر درويش الذي زار العراق وشارك في مهرجان المربد الشعري الذي يقام في العراق لأكثر من مرة، واحدا من أشهر الشعراء العرب المعاصرين، وترجمت أعماله إلى ما يقرب من 22 لغة، وحصل على العديد من الجوائز العالمية.

وولد درويش عام 1941 في قرية البروة قضاء عكا التي دمرت عام 1948 ليهاجر مع عائلته إلى لبنان قبل أن تعود العائلة وتعيش في الجليل، وأجبر درويش على مغادرة البلاد بعد أن اعتقل عدة مرات ثم عاد بعد التوقيع على اتفاقيات السلام المؤقتة.

وأضاف الخفاجي: كتبت نقداً في مجلة المعرفة السورية عن ديوان درويش (آخر الليل نهار) الذي نشرته له مجلة الهلال المصرية في احد أعدادها، وكنت حائراً مع نفسي أداولها وأقول ماذا سيكتب درويش بعد أن تحل القضية الفلسطينية وهو الذي استغرقته كلياً وإذا به في دواوينه الأخيرة يغادر ذلك النفس بجدية بحيث لا أظن أن هناك صوتاً شعريا عربيا يعلو على صوت محمود درويش.

واختتم الخفاجي حديثه بالترحم على شاعر أثرى الأدب العربي وأعطاه دفعة من الشعرية وأرسى قواعد جديدة لقصيدة الشعر الحديث وخاصة قصيدة التفعيلة التي تبدو وكأنها ستظل مدى أطول مقاومة لكل الأشكال الشعرية التي طرأت على القصيدة الحديثة كالنص المفتوح وقصيدة النثر.

أما الناطق باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق لم يبتعد كثيراً عن الرؤية العامة لشعر درويش ومكانته الا انه يختلف معه في موقفه من العراق ومن الشعب العراقي، وأوضح إبراهيم الخياط في حديثه: لا نختلف في أن المقاومة الفلسطينية بكل ما تحمل من بريق لم تستطع أن تنجب مثل الشاعر محمود درويش لأنه كان شاعراً وثائراً في آن واحد، وهذا لا يخرج عن تأثيرات المؤسسة السياسية اليسارية داخل فلسطين حتى بعد تهجير عائلته وتهجيره للمرة الثانية من بيروت.

وأضاف الخياط، كان درويش صاحب حضور شعري لا يستطيع أي شاعر عربي من جيل السبعينيات فلاحقاً ان يحفظ نفسه من تأثيرات محمود درويش المتأتية من سطوته في الصوت واللغة والشعر.

وتابع أن درويش طور شكل الشعر العربي كما طور عبد الحليم حافظ شكل الأغنية العربية وكذلك درويش بدأ يكتب القصائد ذات النفس السيمفوني الطويل.

وفي سؤال بخصوص موقف درويش من العراق، أجاب الناطق باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق: اعتقد ان درويش أساء إلى الشعر العراقي لأنه كان يميل إلى النظام السابق والفاشست والمؤسسة الثقافية التي يحكمها هذا الفاشست.

وكان الشاعر علاوي كاظم كشيش متأثراً وهو يشاهد مراسم التشييع من على شاشات الفضائيات، وقال بحزن شديد: إن تأثير درويش لم يكن على الشعر العراقي فحسب، مع أن الشعر العراقي كان حاضنة كبيرة لنصوص محمود درويش تلك النصوص التي استطاع هو بحذاقته أن يخرج تماماً عن إطار الصنعة الشعرية واستطاع أن يبتدع هارموناً شعرياً يمزج بين الحداثة والتراث من جهة واللغة والصنعة من جهة أخرى.

ولكشيش حكاية مع درويش، إذ أضاف: شخصياً أنقذني محمود درويش من الانتحار في منتصف حرب الثمانينيات حينما قرأ في بغداد ما يستحق الحياة، وانه أثر في القراء العراقيين بشكل عام والشعراء بشكل خاص.

ومن جانبه، قال القاص العراقي نبيل وادي: حمّلنا محمود درويش وجعا أبديا لفقد الوطن الذي استطاع ان يشحنه بالشعر وبالبلاغة وبالحنين.... هو الخبز والزوادة في طريق الخلاص الطويل الذي لم يستطع ان يبلغ مداه.

وأضاف وادي: وهو الذي وعدنا شعره بالميعاد وبالنشور الشعري.. مات محمود درويش وخلف هضابا وتلالا وسهولا ونجوما، مات وخلف لنا النجوم والكواكب والايتام والثكالى يندبن لرحيله.

وكان درويش خضع لعمليتي قلب مفتوح، عامي 1984 و1998، وكانت العملية الأخيرة وراء ولادة قصيدته المطولة جدارية، التي يصف فيها علاقته بالموت.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد   17/تموز/2008 - 15/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م