شعبان وفرحة الولادات السعيدة

أ.د. موفق عبدالعزيز الحسناوي

  الحمد لله رب العامين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين واصحابه الغر الميامين.

  يحتفل ملايين المسلمين في مشارق الارض ومغاربها هذه الايام بحلول شهر الخير والسعادة والافراح شعبان المعظم. ففي هذا الشهر المبارك العديد من المناسبات المفرحة والتي تهفو اليها قلوب محبي آل بيت النبوة عليه السلام لتكون لهم اشراقة خير وأمل متجدد على مدى الايام، يرون من خلالها نورا ساطعا وحبلا ممتدا الى منقذ وهاديها اخر الزمان الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف.

  لقد جاءت ولادة ائمتنا الاطهار في هذا الشهر المبارك لتكون مكملة بعضها للبعض الاخر ومتوافقة مع بعضها البعض، وكأن الله سبحانه وتعالى يريد ان يبين لنا بأن مسيرة الاسلام متصلة ومستمرة من جيل الى آخر، والائمة المعصومين عليهم السلام امتداد طبيعي بعضهم للاخر، فمولد الامام الحسين عليه السلام في هذا الشهر وهو رمز الكبرياء والشموخ ورمز الثائرين في كل زمان ومكان، وهو الذي يقض مضاجع الجبابرة والطغاة حيث ذكر اسمه ومايتبعه من مولد الامام العباس عليه السلام وهو رمز التضحية والفداء والايثار، والذي يبقى رمزا خالدا لكل المضحين بكل غال ونفيس في سبيل المباديء والقيم التي يؤمن بها.

ومن ثم يأتي مولد الامام زين العابدين علي السجاد عليه السلام وهو رمز التقوى والايمان والخشوع لرب العالمين سبحانه وتعالى، ومولد السيدة الكبيرة الحوراء زينب عليها السلام وهي رمز الصبر والشجاعة وقوة التحمل وروح القيادة، والتي ضربت بهذا اروع الامثلة واعطت اعظم العبر والمعاني السامية على مر الاجيال. ومن ثم تتوج هذه الافراح الكبرى بالمولد الميمون لصاحب العصر والزمان الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف المنقذ والهادي للبشرية جمعاء.

  ان مولد الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف في الخامس عشر من شعبان مناسبة عظيمة وفرحة كبرى يترقبها كل المستضعفين والمحرومين وتدق اجراس الانذار والخطر في قلوب كل المتكبرين والطغاة المتجبرين. ان هذه المناسبة تمثل مفترق طرق في تأريخ الشرية فهي تمثل نقطة الانطلاق نحو بناء مستقبل العدالة والفضيلة ومستقبل الاسلام الحق الذي جاء به الرسول الاعظم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، بعد ان لحقه الكثير من الزيف والتزوير والتحريف ومحاولة طمس الحقائق وتشويهه على مر العصور.

  اننا نتذكر دائما المقولة الشهيرة " اذا كان الاسلام محمدي الوجود فهو علوي الانتشار وحسيني البقاء ومهدوي الانبعاث والتجدد والعودة ". فالاسلام سوف يعود اسلاما حقيقيا نقيا صافيا على يد الامام المهدي المنتظر واتباعه الابرار والذين سيملؤون الارض عدلا ونورا بعد ان تملأ ظلما وجورا.

  اننا اذ نحتفل سنويا بهذه المناسبة السعيدة احتفالا قلبيا عفويا صادقا، فأننا نضع نصب اعيننا وفي ضمائرنا كل المعاني العظيمة التي تجسدت في شخصيات هؤلاء العظام، لتكون لنا نبراسا مضيئا نقتدي به ونحن نعمل جاهدين ونعد العدة لتهيئة الارضية والظروف المناسبة لظهور صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف وجعلنا من اتباعه ومناصريه، لكي يملأ الارض بمعاني العدل والفضيلة، وليكون نصيرا للفقراء والمظلومين، ولكي يكون هدفا ساميا نهفو اليه دائما لهز عروش الطغاة والجبابرة في كل عصر ومكان.

  مااحوجنا في هذا الشهر المبارك لكي ندرس سيرة حياة ائمتنا العظام عليهم السلام والاهداف الكبيرة التي ولدوا من اجل تحقيقها، والمباديء العظيمة التي استشهدوا من اجلها، وان تكون مناسبة رائعة للتعريف بفكر ومكانة اهل بين النبوة عليهم السلام وبيان الصورة الحقيقية لمعاني الشهادة التي استشهدوا من اجلها.

  اننا اذ نحتفل سنويا بهذه المناسبات العديدة وتغمرنا الفرحة الكبرى والامل المتجدد بمستقبل اجمل تسود فيه الفضيلة والعدل والايمان، فعلينا ان نتخلق باخلاق الائمة الاطهار عليهم السلام، وان نلتزم بتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف السمحاء التي تدعو الى وحدة جميع المسلمين وتكاتفهم، ليكونوا قوة ضاربة ضد اعداء الاسلام الحقيقي الذي ينبذ كل مايسء الى الافكار والمباديء التي جاء بها  هادي البشرية الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم. واننا نرجو شفاعة ائمتنا الاطهار عليهم السلام وان يكونوا سفن النجاة لنا لنسير في طريق الفلاح والهداية ورضا الله سبحانه وتعالى.

  اخير فأننا نبارك ونهنيء الامة الاسلامية جمعاء ومراجعنا العظام حفظهم الله ونتمنى الخير والموفقية لمحبي آل بيت النبوة عليهم السلام. وكل عام وجميع المسلمين بألف خير.

  وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين واصحابه الغر الميامين.

* هيئة التعليم التقني - المعهد التقني في الناصرية - جمهورية العراق

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس   14/تموز/2008 - 12/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م