موريتانيا: وليد الديمقراطية البِكر يُعدمُ رمياً بالإنقلاب

اعداد: ميثم العتابي

شبكة النبأ: يروي لنا تاريخها الحافل بالإنقلابات والتناحرات العسكرية والمزدحم بالمراهنات السياسية، صور البشاعة والقتامة والتدهور والتلاعب بمقدرات الإنسان، لتيكون مثلا يضرب بالسوء وتفاقم الأزمات الإنسانية.

أفريقيا اليوم تستيقض على شكل آخر من أشكال الإنقلاب، وبحلة جديدة لايكاد يختلف عما سبقه  من إنقلاب آخر، ليسحق ثمرة حديثة من ثمرات الديمقراطية، وليأتي بالكامل على الإنجاز الذي حققه الشعب عام 2007 في الإنتخابات الرئاسية العامة. فيطفأ إذ ذاك آمال وطموح الشعب الموريتاني في إقامة دولتهم الديمقراطية المبنية على الأسس الدستورية الصحيحة:

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تسلط الضوء على الأوضاع القائمة في موريتانيا بعد الإنقلاب، وكيفية تقبل المجتمع الدولي له، وتأثيراته على الحياة السياسية الأفريقية:

التاريخ الأفريقي الحافل بالإنقلابات السياسية والعسكرية

يعكس انقلاب موريتانيا أزمنة كان استيلاء الجيش فيها على السلطة بمثابة وباء في افريقيا لكن التنديد السريع من داخل القارة يشير الى انه لن تكون هناك عودة الى الايام السابقة السيئة.

والانقلاب الذي وقع مؤخرا فيه كل عناصر الاسلوب القديم لمحاولات الانقلاب الافريقية حيث استولي قادة عسكريون على السلطة عندما حاول الرئيس سيدي محمد ولد شيخ عزلهم.

لكن بينما أحدث دولة منتجة للنفط في افريقيا مازالت عرضة للحكم العسكري.. واخر انقلاب ناجح كان في نفس البلد منذ ثلاث سنوات.. فان افريقيا ككل تخلصت من شهرتها كمرادف للاستيلاء على السلطة بوسائل العنف. بحسب رويترز.

وبينما كانت منظمة الوحدة الافريقية القديمة تشتهر بتقاعسها عن التدخل أو حتى التعليق على اعمال العنف والحكم الاستبدادي في الدول الاعضاء فان المنظمة التي تكونت بعدها منذ عام 2002 وهي الاتحاد الافريقي اتخذت مسارا جديدا تمثل في ردود فعل علنية.

وسارع الاتحاد الافريقي إلى التنديد بالانقلاب في نواكشوط مثلما فعل في محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في تشاد في فبراير شباط وارسل مفوض السلام والأمن إلى موريتانيا.

وقال توم كارجيل الباحث بمؤسسة تشاتام هاوس للابحاث في لندن ان: رد فعل الاتحاد الافريقي وتنديده استمرار لموقف ايجابي للغاية في السنوات الاخيرة للتنديد بالتدخلات العسكرية... ان الازمنة تغيرت بشدة.

ولم يقع سوى عدد ضئيل من الانقلابات في افريقيا في السنوات العشر الماضية مقارنة مع الانقلابات التي وقعت في الفترة من الستينات الى الثمانينات قبل ان تنهي جهود التحول الديمقراطي هذا الاتجاه في التسعينات.

وفي الفترة بين التحركات الاولى نحو الاستقلال من الاستعمار في الخمسينات وحتى عام 2004 وقع أكثر من 80 انقلابا في افريقيا لكن معظمها كان في العقود الاولى.

وقال خبراء في تلك الفترة ان الانقلابات كانت تؤدي إلى مزيد من الانقلابات حيث اعتاد ضباط االجيش الساخطون على عزل الحكومات في انحاء القارة.

وبالاضافة إلى الاتجاه نحو الديمقراطية في التسعينات فإن العوامل الاقتصادية القوية بدأت تؤثر كرادع قوي للاستيلاء المسلح على السلطة في السنوات القليلة الاخيرة مع استفادة افريقيا من الازدهار العالمي للسلع واصبحت هدفا رئيسيا للاستثمار.

وتشعر الدول الافريقية بالقلق بدرجة متزايدة من ان الاضطرابات في بلد ستؤثر على المستثمرين في بلد اخر.

وسارعت نيجيريا أكبر الدول تعدادا للسكان في افريقيا وأكبر منتج للنفط في القارة والتي تشهد ازدهارا نتيجة لارتفاع اسعار الطاقة إلى التنديد بانقلاب موريتانيا قائلة ان أبوجا لن تعترف بالحكام العسكريين الجدد.

وكانت نيجيريا نفسها في وقت من الاوقات تشتهر بالحكومات العسكرية لكنها لم تشهد أي انقلاب منذ عام 1993 والتقدم الاقتصادي هو أكبر عامل لبقاء الجنود في ثكناتهم.

وقال كارجيل: بورصة أسهم نيجيريا تشهد ازدهارا وقطاعها المصرفي بدأ بالفعل ينطلق. لقد بدأوا يشعرون بالاثار الايجابية والفوائد الاقتصادية التي تأتي من السلام والأمن.

وتتبنى راضية خان كبيرة خبراء الشؤون الاقتصادية الافريقية بمؤسسة ستاندارد تشارتارد وجهة نظر مماثلة قائلة ان الانقلاب: يجب ان يؤدي أيضا إلى بعض التركيز على الاستقرار السياسي لاقتصاديات النفط الجديدة في افريقيا.

غير ان بعض المحللين أقل تفاؤلا بشأن الحالة الراهنة لافريقيا. حيث يقول مارك شرويدر بمؤسسة ستراتفور للابحاث انه بينما الانقلابات التقليدية في تراجع فان كثيرين من الحكام الافارقة أظهروا ترددا في التخلي عن السلطة التي استولوا عليها بطريقة غير دستورية. وأضاف، يوجد كثير من اعضاء الاتحاد الافريقي في السلطة الان لانهم جاءوا عن طريق انقلاب.

وقال ان رفض الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي التنحي بعد ان خسر في الجولة الاولى من انتخابات الرئاسة في مارس اذار ثم اعادة انتخابه في اقتراع جرى في يونيو حزيران قاطعته المعارضة بسبب اعمال العنف، يشكل على نحو أو اخر انقلابا في حد ذاته.

ويعتقد شرويدر ان عدم تقبل الانقلابات في الوقت الحالي بين الزعماء الافارقة ربما كان مرجعه الخوف من ان يصبحوا هم انفسهم ضحايا اذا أصبح استيلاء الجيش على السلطة اتجاها سائدا مرة اخرى.

ويقول منتقدو الاتحاد الافريقي ان دبلوماسييه يفتقرون للفاعلية في تعزيز الكلمات القوية بالافعال ومن غير المرجح ان يتمكنوا من تغيير أي شيء في موريتانيا.

لكن الاتحاد الافريقي تدخل بقوة في العديد من الصراعات في السنوات الاخيرة. وفي كينيا كان الاتحاد الافريقي من المفاوضين الرئيسيين الذين دفعوا الاطراف المتنازعة الى تشكيل حكومة لاقتسام السلطة أنهت اعمال العنف الدامية بعد الانتخابات.

وشاركت قوات افريقية في هجوم في مارس اذار أطاح بزعيم التمرد في جزيرة انجوان بعد ان تحدى الحكومة في جزر القمر بالمحيط الهندي.

فشل أول إنتخابات ديمقراطية على أيدي الإنقلاب

أطاح الجنود الموريتانيون بأول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد وأعلنوا ان مجلسا عسكريا تولى السلطة في الدولة الواقعة في شمال غرب افريقيا.

واعتقل الجنود الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في قصره بعدما أقال ضباطا كبارا بالجيش خلال أزمة سياسية في موريتانيا التي تقع بين افريقيا العربية والسوداء وتعتبر من أحدث دول القارة انتاجا للنفط. بحسب رويترز.

وأدان الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي الانقلاب. لكن هناك انقساما في الرأي في الدولة الصحرواية الى حد كبير ويسكنها ثلاثة ملايين نسمة.

وأعلن مجلس دولة برئاسة أحد الضباط المقالين وهو قائد الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز ان عبدالله أصبح الآن رئيسا سابقا وألغى مرسومه السابق باقالة عبد العزيز وقائدى الجيش وقوات الأمن.

وبثت قناة العربية التلفزيونية الفضائية البيان الذي وصف بأنه البيان رقم واحد للمجلس. وفاز عبد الله بأول انتخابات حرة ونزيهة تجرى في موريتانيا العام الماضي منذ استقلالها في عام 1960 وتسلم السلطة من حكومة عسكرية أطاحت بالرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد الطايع في انقلاب الابيض في عام 2005 .

وكان عبد العزيز مؤثرا أيضا في الإطاحة بالطايع في آخر انقلاب ناجح في افريقيا وكان الرجل الثاني في المجلس العسكري الحاكم.

وقالت أمل ابنة الرئيس في تصريحات لرويترز: جاء ضباط الأمن في الحرس الرئاسي الى دارنا حوالي الساعة 9.20 (0920 بتوقيت جرينتش) وأخذوا أبي.

واضافت ابنة عبد الله: أبقينا في المنزل ومنعنا من مغادرته. هناك حراس متمركزين في المطبخ وغرف النوم وحتى في الحمامات. الهواتف فصلت. انه انقلاب بالتأكيد.

وقال مسؤول في الرئاسة طلب عدم نشر اسمه ان رئيس الوزراء ووزير الداخلية اعتقلا ايضا. وأُغلق المطار الرئيسي في البلاد ووقف جنود على متن عربات جيب ممسكين بالمدافع خارج مقر الحكومة فيما تجمع الشبان الذين كانوا يرتدون القمصان او الملابس التقليدية قريبا ولوح بعضهم بفرح لكاميرات التلفزيون. لكن الشرطة أستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق نحو 50 من مؤيدي عبد الله.

وصاح كوري ولد ناينا: نحن ضد الجيش وضد الانقلاب بشدة.. ونؤيد سيدي حتى الموت. وأدان المجتمع الدولي بوضوح الانقلاب. وكان قد رحب على نطاق واسع بالانتخابات الديمقراطية العام الماضي.

وجاء في بيان صدر في مقر الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا: ان الاتحاد الافريقي.. يدين الانقلاب ويطالب بعودة الشرعية الدستورية.

وطالب لوي ميشيل مفوض الاتحاد لشؤون المساعدات باطلاق سراح عبد الله قائلا ان الانقلاب يجعل سياستنا للتعاون مع موريتانيا قيد المراجعة.

وقالت نيجيريا القوة الاقليمية انها لن تعترف بأي حكومة لم تأت الى السلطة عبر الوسائل الدستورية.

وأبدل عبد الله الحكومة في مايو آيار بعد ان وجهت لها انتقادات بشأن تعاملها مع ارتفاع أسعار الغذاء وهجمات شنها على مدى عام جناح القاعدة في شمال افريقيا.

لكن الحكومة الجديدة استقالت الشهر الماضي في مواجهة اقتراح بسحب الثقة منها. وتشكلت حكومة أخرى دون مشاركة حزب اتحاد قوى التقدم وحزب التواصل الاسلامي اللذين شاركا في الحكومة السابقة.

واستقال هذا الاسبوع معظم اعضاء البرلمان الذين ينتمون لحزب عبد الله العهد الوطني للديموقراطية والتنمية من الحزب بشكل جماعي.

وقال محمد علي ولد شريف أحد البرلمانيين المستقيلين: للأسف ان الأمر تطلب انقلابا عسكريا لكني أؤيد تماما التغيير الذي أحدثه.

ودعا حزب تجمع القوى الديمقراطية المعارض الى العودة الى النظام الدستوري لكنه لم يدن الانقلاب.

وقال رويري باترسون وهو محلل بمؤسسة كونترول ريسكس الاستشارية: سرت شائعات قبل نحو اسبوعين بأنه قد يحدث انقلاب في المستقبل القريب. لم يكن سرا الى حد ما أن اثنين من كبار القادة العسكريين يدفعان هذا الانقسام داخل الحزب الحاكم. وأوضح باترسون ان الاستثمارات النفطية والتعدينية لن تتأثر بشدة على الأرجح.

وموريتانيا التي تصل مساحتها الى مثلي مساحة فرنسا التي استعمرتها في السابق غنية بالحديد الخام والنحاس والذهب.

ولدى شركات التعدين فيرست كوانتام وارسيلورميتال وقطر للصناعات مناجم او مشروعات هناك. وتدير شركة بتروناس الماليزية للنفط مشروع لاستخراج النفط الخام قبالة السواحل الموريتانية بدأ العمل في 2006 وتقوم شركة النفط الفرنسية الكبرى توتال بالتنقيب عن النفط.

التشدد الإسلامي وموقف الحكومة العسكرية في موريتانيا

يتخذ حكام موريتانيا العسكريون الجدد موقفا اكثر تشددا تجاه متشددي تنظيم القاعدة والساسة الاسلاميين الاكثر اعتدالا عن أسلافهم المدنيين الذين اطيح بهم في انقلاب الاسبوع الماضي.

ولم يكن الجيش راضيا عن الموقف الاكثر تساهلا الذي اتخذه أول رئيس ينتخب في اجواء من الحرية في تلك الدولة الافريقية والذي أطيح به.

وربما تحاول الحكومة العسكرية تخفيف حدة الانتقادات العالمية للانقلاب خاصة من قبل الولايات المتحدة من خلال ملاحقة المتشددين في البلاد التي شهدت عدة هجمات للاسلاميين في العام المنصرم. وقطعت الولايات المتحدة المعونة العسكرية احتجاجا على الانقلاب.

وقال جيف بورتر المحلل في مجموعة يوراسيا "الانقلاب الاخير الذي نفذه الجيش... ربما يعزز من رد فعل الحكومة على التنظيمات الارهابية الاسلامية الوليدة في موريتانيا."

ورغم وعود باجراء انتخابات واحترام الديمقراطية يقول محللون ان من المرجح أن يقوم قائد الانقلاب محمد ولد عبد العزيز بتهميش الاسلاميين المعتدلين الذين فازوا بمناصب في الحكومة الضعيفة للرئيس المخلوع. بحسب رويترز.

وبعد حظر نشاطهم لسنوات سمح للاسلاميين بانشاء حزب سياسي العام الماضي بعد أن انتخبت موريتانيا التي تقع في كل من افريقيا السوداء وافريقيا العربية أول رئيس ديمقراطي لها هو سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.

لكن البعض انتقدوا رفع الحظر عن الاسلاميين خاصة حين قتل متشددون من القاعدة في وقت لاحق عدة سائحين فرنسيين في ديسمبر كانون الاول الماضي واشتبكوا مع أجهزة الامن الموريتانية في أوائل العام الحالي 2008.

وعززت الهجمات التي أفضت الى الغاء رالي دكار الشهير من المخاوف من أن جناح تنظيم القاعدة في شمال افريقيا يمكن أن يمتد الى دول غرب افريقيا الهشة بالفعل.

ومن المؤكد أن هجمات الاسلاميين لم تكن الدافع الرئيسي وراء انقلاب الاربعاء. فهناك أزمة سياسية نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء أعقبها صراع على السلطة بين الرئيس وكل من الجيش ومشرعيه هي التي تسببت فيه بشكل مباشر.

وأضاف بورتر: تبنى الجيش منهجا يعمد الى الاستئصال مماثلا لذلك الذي يسود الجيش الجزائري بينما كان عبد الله يفضل منهجا مؤسسيا بدرجة اكثر ينطوي على اعتقال الارهابيين ومحاكمتهم امام محكمة واطلاق سراحهم اذا لم تتم ادانتهم بموجب التهم المنسوبة اليهم.

ورحب المجتمع الدولي على نطاق واسع بانتخاب عبد الله العام الماضي بوصفه خطوة نحو الديمقراطية وخاصة بالنسبة للولايات المتحدة على اعتبار أنها جاءت بشريك جديد محتمل لمكافحة الارهاب. وواشنطن سعيدة ايضا بحماية علاقات موريتانيا الممتدة منذ زمن طويل مع اسرائيل. وهي واحدة من بضع دول عربية تقيم علاقات مع الدولة العبرية.

وسريعا ما أدرجت موريتانيا الديمقراطية ضمن عمليات وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) لمكافحة الارهاب في الصحراء بميزانية قدرها 500 مليون دولار والتي تشارك فيها ايضا مالي والنيجر وتشاد.

غير أن واشنطن أدانت انقلاب الاسبوع الماضي على الفور وعلقت المساعدات لموريتانيا بما في ذلك معونة عسكرية حجمها 15 مليون دولار وتمويل لمكافحة الارهاب.

وقال محلل اخر ان زعماء موريتانيا الجدد لن يفاجأوا بهذا التعليق للمساعدات لكنهم سيؤكدون سرا التزامهم بمكافحة الارهاب وسيستغلون مخاوف من زعزعة الامن الاقليمي للحصول على قدر من الدعم.

ويرى الان انتيل رئيس برنامج افريقيا جنوب الصحراء بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أنهم سيقولون انهم يمثلون الاستقرار وأنه يجب الا تكون هناك أية مخاوف بشأن زعزعة الامن.

وكثيرا ما اتهم الرئيس معاوية ولد سيد احمد الطايع الذي حكم موريتانيا لفترة طويلة وأطيح به في انقلاب عام 2005 قاد الى انتخاب عبد الله باستغلال خطر الارهاب في ملاحقة المعارضة الاسلامية المعتدلة.

وعزز رفع الحظر عنهم العام الماضي من موقف عبد الله. ثم حين واجه أزمات سياسية واجتماعية متزايدة هذا العام أعطى الرئيس الذي تحاصره المشاكل للاسلاميين عدة مناصب في حكومته الجديدة في محاولة لتوسيع قاعدة التأييد له.

وقال انتيل: بعد هجمات (المتشددين) الناس شعروا بالقلق من أن هذه ليست الفكرة الصائبة. مضيفا أن الخطوة لم تحظ بتأييد خاصة من قبل الجيش الذي يتولى الحكم الان.

ولدى سؤاله عن الاجراءات التي قد تتخذها الحكومة العسكرية ضد الساسة الاسلاميين أجاب قائلا: لا أدري الى أي مدى سيصل هذا. وتابع قائلا لست متأكدا ان كانوا سيذهبون الى حد حظرهم لكنهم (الاسلاميين) بالتأكيد لن يكون لهم دور يلعبوه.

الرئيس المخلوع والمباحثات السابقة مع الإنقلابيين  

واعلن رئيس المجلس الاعلى للدولة في موريتانيا الجنرال ولد عبد العزيز انه تفاوض مع الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله قبل اطاحته كي يلغي مرسومه القاضي باقالة قادة الجيش لتحاشي الاسوأ ولكنه رفض رفضا قاطعا.

وقال الجنرال ولد عبد العزيز في مقابلة مع محطة الجزيرة اتصلت به هاتفيا وشرحت له خطورة مرسومه واقترحت عليه سحبه لتحاشي الاسوأ. بحسب فرانس برس.

واضاف، شرحت له كيف يمكن ان يكون لهذا المرسوم نتائج خطيرة وقد يؤدي هذا الامر الى تحركات عسكرية وسقوط قتلى ووقوع خسائر خصوصا ان احد الضباط المعنيين كان غائبا وانه من الافضل ان يعود عن قراره ولكنه تشبث برأيه.

واوضح: كان من واجبنا ان نضعه هكذا امام مسؤولياته الانسانية لثنيه عن قراره ولكنه اختار ان يقيلهم وبنفس الطريقة التي تصرف بها لتدمير البلاد وعرقلة مؤسساتها. موضحا انه من واجب الجيش التدخل من اجل انقاذ البلاد ومؤسساتها.

واعتبر ولد عبد العزيز ان الرئيس المخلوع هو الذي قام بانقلاب باصداره مرسوما في الليل وبالخفاء في منزل خاص مع رقم مسروق وخارج اي عمل يتم حسب الاصول من قبل الادارة.

ووصف الانقلاب بانه ردة فعل على فشل الرئيس في تسيير شؤون البلاد. مضيفا ان البلد كان في حالة عجز تام وان الاقتصاد كان في حالة افلاس.

واشار الى ان الرئيس المخلوع لم يجد طريقة للتفاهم مع البرلمانيين الذين يعود لهم الفضل في انتخابه وهو ما ادى الى شلل كامل في الحياة البرلمانية.

وقال ايضا: نملك وثائق مكتوبة بخط يده تتعلق بتوزيع المال العام مبالغ ضخمة للوصول الى هدفه وهو شلل مؤسسات الدولة.

واكد ولد عبد العزيز ان المجلس الذي يرأسه سيشرف على تنظيم انتخابات رئاسية في مدى قريب. ولكنه لم يحدد اي تاريخ.

وقال ايضا ان الرئيس المخلوع يعيش في ظروف جيدة حيث يزوره طبيبه الخاص يوميا موضحا انه معتقل في نواكشوط لاسباب امنية.

الاستخبارات في المغرب والتحرك نحو قيادة الإنقلاب في موريتانيا

بعد أن ظل لأيام يلتزم صمتا، وصفته مصادر إعلامية بـ الغامض، قاد محمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات الاستخبارات العسكرية أول تحرك مغربي تجاه المجلس الأعلى للدولة الموريتاني، الذي يترأسه محمد ولد عبد العزيز، عقب الإطاحة بالرئيس سيدي ولد شيخ عبد الله، المنتخب في آذار (مارس) 2007، إثر تنفيذ انقلاب عسكري، على خلفية الصراع بين ولد الشيخ عبد الله من جهة، وعدد من قادة الجيش والغالبية النيابية من جهة أخرى، بلغ ذروته مع إصدار الرئيس قرارا بإقالة أربعة ضباط كبار، الأمر الذي أدى إلى تحرك مسلح لأولئك الضباط، انتهى بالسيطرة على القصر الرئاسي دون إراقة دماء. بحسب إيلاف.

ويأتي هذا التحرك لجس نبض القيادة الجديدة تجاه المملكة، بعد أن حركت الأجهزة الاستخباراتية، خاصة في المغرب والجزائر، آلاتها لمتابعة التطورات بدقة، وتحديد مسار قائدي الانقلاب وميولاتهم ومواقفهم من القضايا في المنطقة.

وذكر مراقبون أن أهم نقطة تركز الرباط على استوضاحها هي الموقف من قضية الصحراء، التي علقت عجلة المفاوضات حولها في الرمال، بعد أرب جولات فقط.

ولم يغفل المراقبون أن تكون نقاط أمنية أثيرت في هذا اللقاء، الذي نقل خلاله المنصوري رسالة شفوية من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى محمد ولد عبد العزيز.

وحضر هذا اللقاء شياخ ولد اعل مدير ديوان رئيس المجلس الأعلى للدولة، وسفير المغرب بنواكشوط عبد الرحمن بنعمر.

وتتابع الرباط، في الآونة الأخيرة، عن كثب تطورات الأوضاع في موريتانيا، خاصة أن البلدين تربطهما علاقات استمرت لسنوات، لم تتغير على الرغم من تغير القيادات.

وأصدر المجلس الأعلى للدولة الحاكم في نواكشوط منذ انقلاب السادس من آب (أغسطس) أمرا دستوريا يحدد سلطاته المؤقتة كما جاء في بيان له.

وأوضح البيان أن هذا الأمر الدستوري يهدف وبدون المساس أكثر من ما هو ضروري بأحكام دستور 20 تموزي(يوليو) 1991 المعدل إلى تحديد السلطات المؤقتة للمجلس الأعلى للدولة.

والنص الوارد في 11 مادة يقول "تمارس القوات المسلحة وقوات الأمن من خلال المجلس الأعلى للدولة الصلاحيات الضرورية لإعادة تنظيم وتسيير الدولة والشؤون العامة خلال الفترة اللازمة لتنظيم انتخابات رئاسية.

ويضيف أن القوات المسلحة وقوات الأمن تتعهد أمام الشعب الموريتاني بالقيام خلال أقصر فترة ممكنة بتنظيم انتخابات حرة وشفافة تمكن مستقبلا من سير مستمر ومتناسق للسلطات الدستورية.

كما ينص على أن يمارس المجلس الأعلى للدولة بطريقة جماعية الصلاحيات التي يخولها دستور 20 تموز (يوليو) 1991 المعدل لرئيس الجمهورية.

وينص أيضا على أن رئيس المجلس الأعلى للدولة يعين رئيس الوزراء والوزراء الذين يصبحون مسؤولين أمامه وأمام المجلس الأعلى للدولة، كما يعين في الوظائف المدنية والعسكرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس   14/تموز/2008 - 12/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م