تونس من الإسلام السياسي إلى النهضة الجديدة 

شبكة النبأ: تونس واحدة من الدول العربية التي مازالت تعتمد أساليب الأنظمة التي يصفها العالم المتفدم بأنها بالية، رغم المحاولات الخجولة التي تحاول التحديث والتغيير على مساحة الجسد العربي. وقد بان الامر جليا بعد دخول الحركات المتشددة الإسلامية ولعبها بمقدرات الشعوب العربية، وماكان لها من دعم في البداية من بعض المؤسسات الحكومية العربية، بيد انها علمت بعد حين ان هذا الغول الذي مدت له يد العون في يوم ما سينقلب عليها. وفعلا جاء ذلك اليوم وبدأ التمرد العلني والخروج عن الإتفاقيات، كما هو الحاصل في السعودية أو المغرب أو الجزائر أو تونس ذاتها.

(شبكة النبأ) في سياق هذا التقرير تستعرض لكم الشأن الداخلي التونسي، ومدى التحسينات التي أطلقتها السلطة ظمن مشاريع كثيرة نحو التغيير:

الإسلام السياسي وحركة النهضة الإسلامية في تونس

اعتبر مؤلف تونسي أن فشل حركة النهضة الإسلامية في تونس ومحدودية تأثيرها على الرأي العام ليس نتيجة للملاحقات الأمنية فحسب بقدر ما هو بسبب التصدع التنظيمي للحركة وبسبب التداخل بين السياسي والديني.

وحاول الدكتور اعلية العلاني في كتابه الحركات الاسلامية بالوطن العربي، تونس نموذجا. ان يرصد اسباب اخفاق ومحدودية تأثير هذه الحركة في الاوساط الشعبية.

وصدر الكتاب عن دار النجاح الجديدة بالرباط عام 2008 وجاء في 303 صفحات تصدرت غلافه صورة لشخصين يمثلان حركة اسلامية.

ولم يستثن العلاني في كتابه اغلب الحركات الاسلامية بالعالم العربي بالدراسة لكنه حاول التركيز في الجزء الاكبر من الكتاب على أسباب فشل حركة النهضة الاسلامية المحظورة منذ 1990 في تونس. بحسب رويترز.

وقال العلاني لرويترز انه تطرق الى موضوع الحركات الاسلامية لانها ظاهرة تتطور سلبيا وايجابيا حيث عبرت عن قضايا الهوية المهمشة قبل ان تنشطر الى تيارات راديكالية جهادية واخرى انتهازية.

واضاف انه بعد اعتداءات 11 سبتمبر ايلول 2001 في الولايات المتحدة وقع خلط كبير بين التيارات الاسلامية وتيارات الاسلام السياسي.

ويعتبر العلاني في كتابه المكون من ستة محاور ان حركة النهضة الاسلامية لم تستغل الفرصة التي اتيحت لها للاندماج في المنظومة السياسية عند وصول الرئيس زين العابدين بن علي للحكم عام 1987 بعد سنوات من المواجهة مع السلطة مطلع الثمانينات.

واوضح العلاني في كتابه ان انفتاح حكومة بن علي انذاك على الحركة الاسلامية تجلى من خلال الافراج عن مساجين الحركة ومن بينهم راشد الغنوشي زعيم الحركة وعدد اخر من القادة وفتح المجال امامهم للمشاركة في الحياة السياسية والمشاركة في مجالس حكومية.

غير انه قال ان فشل المصالحة التاريخية التي منحت لهم كانت بسبب خطاب الحركة الذي اصبحت تعتبره السلطة خطيرا واصوليا، عندما لوح بعض مرشحيها في الانتخابات البرلمانية لعام 1989 بامكانية التراجع عن قبول (مجلة) الاحوال الشخصية والمطالبة بارجاع العمل بنظام تعدد الزوجات.

وأنهت انتخابات عام 1989 عهد مشاركة حركة النهضة لتتحول الى مواجهة واعتقالات ومحاكمات شملت مئات الاعضاء والقياديين وفرار قادة اخرين من بينهم زعيم الحركة الغنوشي الى الخارج.

وقال العلاني لرويترز ان حركة النهضة كان بالامكان ان تنجح لو التزمت بثوابت النظام الجمهوري والحفاظ على المكاسب التعددية وان تكون حزبا سياسيا لا دينيا.

وخلص الكاتب الى ان الحركة شدت اليها الانظار كحركة جماهيرية بسبب القمع الذي تعرضت له في فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة لكن جهازها التنظيمي لم يكن متماسكا وكانت تشقها خلافات ايديولوجية.

وارجع صلابة الحركة خصوصا في مطلع الثمانينات الى نفوذها المالي الكبير واستفادتها من اخطاء النظام البورقيبي الذي تعامل مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي وانتهازي حينما اظهرت السلطة عداءا متكررا لبعض القيم الدينية بشكل اثار حفيظة شق كبير من الراي العام تعاطف تلقائيا معها ظانا بانها الملجأ الوحيد للدفاع عن هوية الشعب التونسي الحضارية.

ومنذ عامين عادت حركة النهضة لتبرز من جديد على الساحة رغم انها محظورة عندما أعلن قياديون منها الانضمام الى تحالف "18 اكتوبر الحقوقي" الذي يضم اتجاهات سياسية متباعدة من بينها العلمانية. ويدعو هذا التحالف الحقوقي الى اطلاق الحريات العامة وسن عفو تشريعي عام.

فشل تونس في الحد من تعذيب السجناء  

اتهمت منظمة العفو الدولية تونس بالفشل في الحد من تعذيب المعتقلين المحتجزين للاشتباه في ارتكابهم جرائم تتعلق بالامن والارهاب.

وقالت الدولة الواقعة في شمال افريقيا والحليفة للغرب ان مزاعم المنظمة تفتقر الى المصداقية.

وأصدرت المنظمة المعنية بحقوق الانسان تقريرا يحمل عنوان: باسم الامن.. انتهاكات منهجية في تونس. يضم قضايا تعذيب مزعومة من ضمنها الضرب وتغطية الرأس والحرمان من النوم والصدمات الكهربائية.

وقال بيان المنظمة: الحكومة التونسية أكدت مرارا أنها تطبق التزامات حقوق الانسان الدولية لكن هذا أبعد ما يكون عن الواقع. بحسب رويترز.

وأضاف البيان، حان الوقت لكي تكف السلطات عن التشدق بحقوق الانسان واتخاذ اجراءات ملموسة لانهاء التجاوزات. وكخطوة أولى ينبغي أن تقر السلطات التونسية بالمزاعم التي تبعث على الانزعاج والتي يتضمنها هذا التقرير وتلتزم بالتحقيق فيها وتقديم المسؤولين عنها للعدالة.

وقال مسؤول بالحكومة التونسية ان الارهاب تحد خطير تحاول السلطات التصدي له في الوقت الذي تفي بالالتزامات الوطنية والدولية.

واضاف، العفو الدولية نشرت (البيان) بدون مراعاة التحقق من صدق مزاعم مضللة جاءت من افراد معروفين بتحيزهم ضد تونس.

واوضح المسؤول ان الحكومة لن تتردد في التحقيق في جميع ما يثبت من اساءة استخدام السلطة من جانب ضباط الشرطة وإنزال عقاب شديد بمن يقوم بذلك.

وفي أحد الامثلة التي وردت في التقرير قالت المنظمة ان المعتقلين رمزي العيفي وأسامة العبادي ومهدي بن الحاج علي أبلغوا محاميهم أنهم تعرضوا للكم والركل واوثقت ايديهم من قبل حراس سجن المرناقية في 16 أكتوبر تشرين الاول 2007 لانهم أضربوا عن الطعام فيما يبدو احتجاجا على ظروف احتجازهم.

وسجن الثلاثة لاحقا بسبب تهم امنية تتعلق بما وصفته سلطات الادعاء بأنها محاولة للاطاحة بالحكومة. وقتل 14 رجلا في اشتباكات بين الشرطة وجماعة من الاسلاميين في ضواحي تونس العاصمة في ديسمبر كانون الاول 2006 ويناير كانون الثاني 2007 .

وتونس التي يسكنها عشرة ملايين نسمة هي اكثر دول المغرب العربي اتباعا للنمط الغربي في الحياة وينسب الى الرئيس زين العابدين بن علي الفضل الى حد كبير في ضمان الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي القوي.

لكن جماعات حقوق الانسان تتهم الحكومة بعدم المبالاة فيما يتعلق بحقوق الانسان والقيم الديمقراطية وهو اتهام تنفيه الحكومة بشدة.

وتقول الحكومة انها ملتزمة بتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الانسان مصرة على ان منتقدي سجلها في مجال حقوق الانسان متحيزون ويعكسون اراء اقلية من المعارضين عقدوا العزم على تشويه صورة البلاد في الخارج.

المعارضة التونسية والحرمان الدائم من الممارسة السياسية

قال المعارض السياسي التونسي نجيب الشابي إن على تونس أن تسارع لاتخاذ خطوات كي تجعل نظامها السياسي منفتحا اذا ما أرادت تجنب انتشار الاضطرابات الاجتماعية.

واندلعت مظاهرات الشبان بسبب البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة في الشهرين الماضيين في جنوب غرب البلاد التي تشهد استقرارا على الدوام. وستجرى انتخابات رئاسية في تونس في العام المقبل. بحسب رويترز.

وقال الشابي لرويترز: اذا لم يكن هناك اصلاح للنظام السياسي فستكون البلاد معرضة للمخاطر. في اشارة لاعمال الشغب. وأضاف، انه انفجار اجتماعي يهدد بالانتشار الى مناطق أخرى.

والشابي هو الامين العام السابق للحزب التقدمي الديمقراطي وهو السياسي الوحيد الذي أعلن نيته الترشح للرئاسة. ولكن هناك مشروع قانون سيمنعه من خوض الانتخابات.

ووصل الرئيس زين العابدين بن علي الى السلطة في عام 1987 وفاز في انتخابات عام 2004 بنسبة أصوات بلغت 94.4 في المئة أمام ثلاثة مترشحين. وتعرض بن علي لضغوط محلية وخارجية من أجل مزيد من الانفتاح السياسي في البلاد التي يبلغ تعداد سكانها عشرة ملايين.

ودعا الشابي لحوار بين السلطات والمجتمع المدني ولمزيد من التنوع للقوى السياسية الممثلة في البرلمان ولفتح وسائل الاعلام التونسية.

وقال الشابي بعد اجتماعه مع رئيس البرلمان الاوروبي هانز جيرت بوتيرينج في بروكسل: ان اصلاح النظام السياسي الخاص بالانتخابات مهم بالنسبة لتونس.

وأضاف، من دون تحرير الحياة السياسية ومن دون اصلاح الاطار القانوني فان تونس ستظل في حالة أزمة. وتابع أن تونس ستتخلف اذا لم تجر الاصلاحات.

وأعلن بن علي عن تعديلات دستورية في مارس اذار من أجل السماح لمزيد من المرشحين بخوض انتخابات 2009 ولكن التعديلات ستحول دون ترشح الشابي لانها تقصر امكانية خوض الانتخابات على زعماء الاحزاب الذين يشغلون مواقعهم منذ عامين على الاقل.

وقال الشابي (60 عاما) وهو محام: هذا قانون يحبس البلاد ويبعد حرية المنافسة. وكان الشابي قد منع من الترشح في انتخابات عام 2004 لان حزبه لم يكن يحتل أي مقعد في البرلمان. وأضاف الشابي: حتى اذا لم نستطع جعل النظام ينفتح فان ما سنفعله لحين الانتخابات سيقوي المعسكر الديمقراطي وسيجعل النظام ينفتح قريبا.

مصرع شخص في مظاهرة وجرح آخرين في مدينة رديف

قال مصدر رسمي ان شخصا قُتل وأُصيب آخرون إثر مصادمات بين قوات الشرطة ومتظاهرين في مدينة الرديف الغنية بالفوسفات والتابعة لمحافظة قفصة جنوب شرقي العاصمة تونس احتجاجا على غلاء المعيشة وزيادة البطالة.

وقال عدنان الحاجي وهو قيادي نقابي بمدينة الرديف لرويترز عبر الهاتف ان الحفناوي المغزاوي (22 عاما) قُتل بعد ان أطلق فرد أمن النار فأُصيب برصاصة في كبده حوالي الساعة الثالثة ظهرا بالتوقيت المحلي. بحسب رويترز.

وقال مصدر رسمي: في غضون اليوم بلغ الى علم السلطات ان عناصر بصدد صنع زجاجات حارقة لاستعمالها في أعمال تخريبية مما استوجب تدخل أعوان الأمن الذين تعرضوا للرمي بعدد من هذه الزجاجات.

وأضاف المصدر انه: رغم إنذار المشاغبين فانهم تمادوا في أعمالهم مما استوجب تدخل قوات الأمن ونجم عن الحادثة وفاة أحد المشاغبين وجرح ثلاثة أعوان أمن وخمسة مشاغبين.

وخرج مئات الشبان العاطلين عن العمل يوم الجمعة بمدينة الرديف الواقعة على بعد 340 كيلومترا جنوبي العاصمة في احتجاجات شعبية على غلاء المعيشة وللمطالبة بمنحهم فرص عمل في المنطقة الغنية بالفوسفات.

وبدأت موجة الاحتجاجات منذ ابريل نيسان الماضي وتواصلت باعتصامات قبل ان يتسع نطاقها وتنتشر الى مدن أُخرى مثل أُم العرائس وفريانة.

وقال الحاجي لرويترز ان: عدد الجرحى بلغ حتى الآن 22 شخصا حالاتهم متفاوتة. مضيفا ان الشرطة مازالت تلاحق بعض المتظاهرين حتى الآن في الجبل.واعتقلت السلطات في ابريل أكثر من 20 شخصا قبل ان تطلق سراحهم. وقال مصدر رسمي ان وكيل الجمهورية بقفصة أصدر إذنا بفتح تحقيق لتحديد المسؤوليات.

احتجاجات واسعة تسفر عن عزل مسؤول نفطي كبير

قالت مصادر رسمية في تونس ان رئيس الدولة زين العابدين بن علي قرر عزل مسؤول كبير بشركة حكومية نفطية بعد احتجاجات شعبية على زيادة البطالة والمحسوبية ببلدة الرديف جنوب العاصمة خلفت قتيلا يوم الجمعة الماضي.

وقتل شخص واصيب اكثر من 20 اخرين يوم الجمعة الماضي في مصادمات عنيفة جرت بين قوات الشرطة ومئات من المتظاهرين في مدينة الرديف الغنية بالفوسفات خرجوا للاحتجاج على زيادة البطالة والمطالبة بحقهم في فرص عمل بشركة فوسفات قفصة احدى أكبر الشركات النفطية في البلاد. بحسب رويترز.

وقالت وكالة الانباء الحكومية ان بن علي قرر تعيين محمد رضا بن مصباح مديرا عاما للمجمع الكيميائي وشركة فوسفات قفصة: في اول رد فعل حكومي بعد مقتل شخص في احتجاجات الجمعة الماضي.

وجاء تعيين مصباح مكان عبد الحفيظ النصري المدير العام السابق للشركة لاعادة الهدوء والثقة لسكان المنطقة الذين اتهموا النصري بالمحاباة في توظيف الشبان.

وانطلقت شرارة الاحتجاجات في منطقة الحوض المنجمي التي تضم الرديف والمتلوي وام العرائس مطلع هذا العام دون توقف بعد اتهام الاهالي لمسؤولي شركة فوسفات قفصة بتزوير نتائج مناظرة للانتداب بتوظيف شبان من مناطق اخرى من البلاد عوضا عن ابناء الجهة. ويطالب ابناء المنطقة بأولوية التمتع بفرص العمل بالجهة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت   9/تموز/2008 - 7/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م