الإسلام والشباب.. منهج التعامل وفق رؤية الإمام الشيرازي (قده)

الباحث الاجتماعي/عبد الكريم العامري

شبكة النبأ: "ان سبل الحياة متشعبة وصعبة وشائكة خصوصا في هذا العصر، فاللازم ان يؤخَذ بأيدي الشباب عِلماً وعَملاً حتى يعرف كيف يمكنه أن يسير في هذا الضنك بسلام في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعائلية وغيرها وكيف يتمكن من ان يحل مشاكله". هذا بعضٌ يسير مما قاله الإمام الشيرازي (قده) بشأن تطوير الشباب وصقل قابلياتهم. فهو رائد التجديد الذي دُعي بـ المجدد الثاني، ونذر جزءا كبيرا من جهده خلال حياته الشريفة ليبين للشباب أهمية الوقت والعمل والجد... ومما قاله أيضاً:

- ايها الشباب: تعلّموا، اكتبوا، عَلّموا، أرشدوا، إعملوا، إخترعوا، اكتشفوا، عمّروا، أزرعوا، تقدّموا، تزوّجوا، أبنوا، إرتقوا، تاجروا، أكتسبوا، أرفعوا مستوى بلادكم، أنشروا دينكم، قدموا أمتكم، تناقشوا في الخير.

- ان الدروس التي تقرر في المناهج الدراسية, يجب ان تبحث في دين المسلم وفي آخرته معا، لتفي بمتطلبات الانسان والمجتمع وتسد كلتا حاجتيه المادية والمعنوية, وتبعده عن طريق الانحراف وحتى يأخذ الشباب المسلم الدور اللائق به في المجتمع.

- ينبغي ان يذكر الشاب والشابة بسرعة ذهاب فترة الشباب, حيث ان الحياة فرصة سريعة، وسريعة جدا.

- ان سبل الحياة متشعبة وصعبة وشائكة خصوصا في هذا العصر، فاللازم ان يؤخذ بأيدي الشباب عِلماً وعَملاً حتى يعرف كيف يمكنه ان يسير في هذا الضنك بسلام في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعائلية وغيرها وكيف يتمكن من ان يحل مشاكله.

- ينبغي على القيادة الشبابية زرع المعاني الخيّرة في نفوس الشباب, فان الانسان ينمو جسما وروحا كما ينمو النبات.

- ايها الشباب انظروا الى تاخر بلادكم, وتقدم بعض بلاد العالم, فاجعلوا من انفسكم أداة تقدم وآلة رُقي, واسهروا في الليل والنهار لتلحقوا بركب الحضارة الحديثة, بل التقدم عليها, مع الاحتفاظ بالتراث الاسلامي الزاخر بكل خير وسعادة ورفاه وطمانينة.

- ان الغرب والشرق, نشروا شباكهم وحبالهم, بكل مكر ودهاء لصيد الشباب وادخالهم في منظمات الإلحاد والفساد, وقد تمكنوا بالفعل من صرف غالبية الشباب, لذا فمن الضروري على المسلمين انقاذ الشباب المنحرف, وحفظ الشباب غير المنحرف, ولا يكون ذلك إلابمنظمات لها نفس المقومات والاساليب ولكن بصورها المشروعة.

- الجيل الجديد كافِ في حمل مشاعل الإسلام والصلاح, فان الشباب كالنهر, اذا فسد منه قسم, كان الباقي صافيا, يستفاد منه في مختلف مرافق الحياة.

واجب التيار الاسلامي

وضح الإمام الشيرازي (قده) واجبات التيار الإسلامي تجاه شريحة الشباب، فقال: من اهم ما يلزم على الدولة الاسلامية والتيار الاسلامي قبل قيام الدولة الاهتمام بالشباب, فانهم على ما ذكره بعض علماء الاجتماع ثلث المجتمع غالبا, ونشاطهم اكثر من الثلث, لحيويتهم واندفاعهم المتزايد, مما ليس للانسان تلك الحالة قبل سن الشباب ولا بعده. فالمهم من العاشرة تقريبا الى فوق الثلاثين والاربعين. وترك هؤلاء يؤدي الى الكوارث المتعددة التي منها على سبيل المثال لا الحصر:

- ضياع هذه الطاقة الهائلة بنفسهاز

-عدم استفادة المجتمع من مواهبهم وطاقاتهم الكامنة فيهم.

- انحرافهم الى الهدم اما بالفساد بسبب الاعمال اللااخلاقية ونحوها مما يعقب الاعراض والامراض, واستعمال المواد المخدرة, او الانجذاب الى الاحزاب المنحرفة بما فيها الاديان المزيفة التي صنعها المستعمرون في بلاد الاسلام, وبالنتيجة تكون الة هدم الاسلام و المسلمين وبلاد الاسلام في سبيل المستعمر الشرقي او الغربي.

ولذا فمن الواجب الاهتمام بشان الشباب من البنين والبنات اهتماما متزايدا باعطائهم حاجاتهم,وتوجيه طاقاتهم الى حيث صلاح انفسهم,وصلاح بلادهم,ومجتمعهم وذلك عن طريق المناهج البنائية, وانعقاد المؤتمرات الاستشارية0

واجبات المرجعية في صيانة الشباب

وبيّن الإمام الشيرازي (قده) واجبات المرجعيات الدينية تجاه الشباب، فقال:

اولا- تنظيم شؤؤن عباداتهم من قيامهم بالصلوات والحج والصيام وغير ذلك.

ثانيا- الزام من كان قابلاً منهم بأخذ القلم والكتابة لرفع الاسلام والمسلمين الى الأمام فاذا تدرّبوا و ألّفوا نفعوا وانتفعوا هم ايضا.

ثالثا- الزامهم بصعود المنابر وجعلهم وكلاء وما اشبه لمن كان قابلا منهم.

رابعا- الاستفادة من حقوقهم الشرعية كالخمس والزكاة وما اشبه كالكفارات والنذور والمظالم المردودة ومجهول المالك وصرفها في مصاريفها الشرعية.

خامسا-  صرف نشاطاتهم في البناء والعمران لأجل انفسهم ولأجل الاخرينز

سادسا- الاستفادة من عطائاتهم كالطب والهندسة والحقوق لنفع المسلمين, خصوصا الفقراء والمعوزين منهم.. والشباب جزء من هؤلاء.

سابعا- ادخالهم في الحوزات العلمية لأجل الاستفادة منهم في الامور الدينية.

ثامنا- حب نشاطاتهم في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والدينية وغيرها كالاحتفالات ومراسيم الاحزان الدينية والحج ورمضان.

تاسعا- ادخالهم في مختلف المراكز كالشورى من القرية الى رئاسة الدولة مرورا في المعمل والمصنع والمطار والقطار والمستشفيات.

عاشرا- تكليفهم برعاية مختلف المؤسسات المتواجدة في البلاد دينية كانت كالمساجد والمدارس والحوزات والمكتبات وسائر اقسام المؤسسات الاجتماعية. وبذلك يكون الشباب له بناء معنوي ومادي, لا آلة هدم ولا طاقة حيادية.

وبذلك يسحب البساط تلقائيا عن تلك الانظمة الفاسدة, وعن سائر المفاسد التي يقع فيها الشباب, ومن الغني عن البيان احتياج الشباب الى امثال الدورات الرياضية والمخيمات الكشفية، كذلك لزوم اهتمام التنظيمات المرجعية لترفيع مستوى الشباب الى الافاق الرفيعة دون المستويات الواطئة, واللازم على المرجعية المتولية لشؤن الشباب الاهتمام بجعل الشباب مثقفين واصحاب مهن رفيعة، فان الاحتياج الاجتماعي وان كان الى القسمين الا ان الاحتياج الى القسم الاول اشد واكثر وعلى اكتافهم يمكن سد النواقص والسير بالامة الى التعالي والترفع, حتى يصل المسلمون الى مقبض الزمام كما كانوا في اول الاسلام باذن الله سبحانه.

حاجة الشباب الى الصبر

ان جميع الشباب يحتاج الى اكبر قدر من الصبر والعلم والتقوى والورع والاخلاق الفاضلة، والصبر جزء مهم بالنسبة الى كل عمل, خصوصا بالنسبة الى العمل الشاق. فان الصبر مفتاح الفرج، ويحتاج الصبر الى ارادة قوية وعزيمة حديدية (ولمن صبر وغفر فان ذلك من عزم  الامور), وهل يتمكن كل احد من الصبر, كلا فالصبر أمرّ من العلقم, وان أورث عاقبة أحلى من العسل.

 ويبين الإمام الشيرازي بأنه، بالصبر يتقدم كل متقدم من  كل صنف وجهة, سواء كان عالما بارعا او شاعرا قديرا او خطيبا او مهندسا او طبيبا او فلكيا او مرجع تقليد او غيرهم. فان كانت الاعمال الفردية تحتاج الى الصبر فكيف بالاعمال الاجتماعية, خصوصا في هذا الامر الوعر جدا حيث شباك الشرق والغرب بكل اساليبهما ومالها ورجالها ودعاياتها تريد الالتفاف حول الشباب.

وترى القرآن الكريم والسنة النبوية يؤكدان على الصبر. قال سبحانه (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب), وقال (ياايها الذين آمنوا اصبروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).

ومن المعلوم ان المرابطة وتقوى الله ايضا محتاجان الى صبر متزايد. وقال سبحانه (واصبر وما صبرك إلا بالله).

وقد ورد بالحديث: الصبر من الايمان كالرأس من الجسد, وكما لاخير في جسد لارأس فيه  كذلك لاخير في ايمان لاصبر معه.

وفي صدد ذلك يقول الإمام الشيرازي، يجب جعل المراكز المرجعية كالوكلاء ونحوهم في كل بلد بحيث تجمع تلك المراكز شباب كل بلد وقرية, وتربطهم بالخط الاسلامي الصحيح. وبذلك يمكن الوصول الى الهدف المذكور باذن الله سبحانه وتعالى. فان الله سبحانه(مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) وقد وعد المسلمين النصر على شرط نصرهم لله تعالى. وقال سبحانه:(ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم).

ان الجهة التي تريد جمع الشباب وادخالهم في الخط الاسلامي تحتاج الى نوعين من الصبر اساسيين:صبر الاذى وتكبد المشاق وصبر على الاستمرار والثبات. وكثيرا ما يتحمل الانسان احد الصبرين فيستمر على السير لكنه لايصبر على تحمل المشاق فيقابل الاساءة بمثلها وبذلك ينفلت الزمام من يده ولا يحصل على النتيجة والله المستعان في ضبط النفس وتحمل الصبرين الى الوصول الى النتيجة.

حقوق الشباب

وفي شأن حقوق الشباب حثَّ الإمام الشيرازي على إتباع الامور التالية:

اولا- تكوين الاحزاب الاسلامية التابعة للمراجع, فيكون لكل مرجع حزب من شباب, مقلدية, ومريديه, ويكون لدى المرجع جماعة من المثقفين الدينيين الثقات النزيهين لياخذوا زمام اولئك الشباب الذين ينخرطون في منظمة المرجع. وهذا شئ غير سائر شؤون المرجع, حيث لكل مرجع جماعات يحضون به لإدارة شوؤن المسلمين, بعضهم لإدارة الحوزة العلمية, وبعضهم لأجل ادارة شؤون الوكلاء وبعضهم لأجل جواب المسائل الواردة, وبعضهم لأجل امور المؤسسات الدينية كالمساجد والمدارس. وبعضهم لأجل الامور المالية.. وهكذا يكون هذا البعض المقترح لأجل ادارة امور الشباب. ويتعاون بعض هذه الجماعات مع بعض, ومن الواضح ان الشباب اذا راى طعاما طيبا لا يجنح الى الطعام الاسن الذي يهيئه له شبكات الغرب والشرق. الفساد شانه شان كل جائع حيث يتناول الفاسد اذا لم يجد الطيب من الطعام والشراب.

ثانيا- تهيئة المكتبات والكتب اللائقة بشان الشباب حسب مختلف مستوياتهم العمرية والثقافية والاجتماعية. وكذلك سائر انواع الثقافة من المنابر والاذاعات والتلفزيونات والجرائد والمجلات والاشرطة والفيديو.

ثالثا- اعطائهم الحاجات الثقافية من الروضة الى الجامعة في مختلف شوؤنها وخصوصياتها.

رابعا- اعطاء من يريد العمل منهم، ولا مال له، رأس المال المناسب له ليقوم بالإكتساب والإتجار والإمتهان.

خامسا- اعطائهم حاجاتهم الجسدية من الزواج ودار السكنى ومحل الكسب.

سادسا- عقد التنظيمات لهم من قبل اتحاد الطلبة في المدارس, واتحاد المحامين والاطباء والنقابات العمالية.

سابعا- توفير مكانات العبادة والنشاط الديني لهم من قبيل المساجد والحسينيات.

ثامنا- اعطائهم الحاجات الصحية من قبيل المستوصفات والمستشفيات والصيدليات..وهكذا اعطائهم دور الرضاعة والحضانة ودور الولادة.

تاسعا- جعل أفراد منهم  لحل مشكلاتهم العائلية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

عاشرا- تعليمهم الكتاب والحكمة وتزكيتهم.

........................................................ 

المصادر/

1- رحلة في آفاق الحياة / محمد طالب الاديب

2- الفقه / السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده)

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين  4/تموز/2008 - 2/شعبان/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م