حُلم السلام بين مطالب الفلسطينيين ونوايا الإحتلال المُتقلّبة

شبكة النبأ: يجتمع مفاوضون اسرائيليون وفلسطينيون حاليا للعمل على التوصل الى اتفاق سلام شامل هذا العام في مسعى لتحقيق هدف امريكي طموح حتى أن رئيس الورزاء الاسرائيلي يقول انه بعيد المنال على ضوء إمكانية تنحيه عن السلطة ورئاسة حزب كاديما قبل نهاية العام الحالي تحت ضغوط سياسية وإتهامات بالفساد..

وتعتزم وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس الاجتماع بشكل منفصل مع كل من تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية وأحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني الاسبق اللذين يقودان المفاوضات على الجانبين ثم الاجتماع معهما معا في واشنطن، وهذه المحادثات الثلاثية ستكون الاحدث التي تعقدها رايس هذا العام ولكنها مثل المحادثات الثنائية الفلسطينية الاسرائيلية لم تحرز تقدما يذكر بعد باتجاه انهاء الصراع المستمر منذ ستة عقود.

والى جانب الصعوبات الفعلية المتعلقة بحل القضايا الخلافية مثل ترسيم الحدود ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس هناك عراقيل أخرى بسبب الانقسامات السياسية على الجانبين.

فأولمرت يواجه تحقيقات بشأن مزاعم فساد في حين ينقسم الفلسطينيون بين قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والضفة الغربية التي تهيمن عليها حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس.

ونتيجة لذلك هناك تشكك كبير بين الاسرائيليين والفلسطينيين والمحللين المستقلين في أن تكون هناك أي فرصة لتحقيق هدف الرئيس الامريكي جورج بوش وهو "حل جميع القضايا المعلقة" قبل ان يترك منصبه في يناير كانون الثاني المقبل. بحسب رويترز.

وقال بوش كذلك في مؤتمر للسلام عقده في نوفمبر تشرين الثاني الماضي في انابوليس بولاية ماريلاند ان الجانبين اتفقا على "بذل أقصى جهد ممكن للتوصل الى اتفاق قبل نهاية 2008."

وقال اولمرت انه يمكن التوصل الى اتفاق على الحدود واللاجئين الفلسطينيين هذا العام لكن الاتفاق الشامل الذي يشمل وضع القدس ليس "احتمالا قابلا للتحقق".

وتعتبر اسرائيل القدس بشطريها عاصمة لها وهو أمر غير معترف به دوليا. ويريد الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وحتى المسؤولون الامريكيون بدأوا يقولون في أحاديثهم الخاصة انهم يفكرون في افضل سبيل لدعم عملية السلام قبل تسليمها لمن سيخلف ادارتهم.

وقال مسؤول أمريكي ردا على سؤال عما اذا كانوا يعطون دفعة اخيرة لتحفيز المحادثات "من الانسب القول اننا نحرص على وضع القاطرة المطلوبة لتسير الامور في الاتجاه الصحيح حتى تتسلم الادارة القادمة أفضل وضع ممكن من حيث القدرة على التحكم فيه وتحقيق انجازات."

وقال بروس ريدل وهو مسؤول سابق بمجلس الامن القومي عمل بشؤون الشرق الاوسط في عهد ادارة الرئيس الامريكي السابق بيل كلينتون انه مازال هناك أمل في التوصل الى اتفاق جزئي في عهد ادارة بوش مثل اتفاق على الحدود باستثناء القدس.

والعقبات التي تواجه التوصل الى اتفاق شامل كبيرة وتبدأ بانقسامات داخل الطبقة السياسية في اسرائيل وبين الفلسطينيين.

فأولمرت يواجه تحقيقات في مزاعم بأنه قبل أظرفا مكدسة بالنقود من رجل اعمال أمريكي وقدم طلبات لاسترداد نفقات سفر عن نفس الرحلة مرتين. وينفي اولمرت ارتكاب أي مخالفة لكنه يقول انه سيترك منصبه اذا وجهت اتهامات رسمية له.

وتفيد استطلاعات للرأي ان ليفني هي المرجح ان تخلف اولمرت كرئيسة لحزب كديما. وستواجه تحديا من جانب وزير النقل شاؤول موفاز وهو وزير دفاع سابق معروف بسياساته العنيفة في سحق الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000.

والمنافس الاخر في حال اجراء انتخابات اسرائيلية جديدة هو وزير الدفاع ايهود باراك الذي حاول وفشل في ابرام اتفاق سلام عندما كان رئيسا للوزراء في عام 2000.

وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان التنافس السياسي في اسرائيل يقلل من فرص التوصل الى اتفاق.

واضاف "يصعب ذلك الامر جدا لانه لا يمكنهم القيادة بل يمكنهم فقط المنافسة. والتنافس على القيادة يؤدي الى اظهار التشدد بدلا من تحمل المخاطر."

وقال مسؤولون اسرائيليون ان ليفني قلقة من اصدار وثيقة مؤقتة تحدد التنازلات التي ستقدمها اسرائيل فيما يتعلق بالاراضي للفلسطينيين لان ذلك يمكن أن يستخدم ضدها في انتخابات الحزب. وقالوا ان أي تنازل اسرائيلي فيما يتعلق بالحدود دون تنازل فلسطيني فيما يتعلق باللاجئين قد يحدث اثرا عكسيا.

ومن المتوقع أن تتناول محادثات باراك اليوم الثلاثاء ايران التي تعتبرها اسرائيل تشكل خطرا على وجودها ذاته للاشتباه في انها تعمل على انتاج سلاح نووي.

وقال مسؤول أمريكي ان تركيز واشنطن سينصب على التزامات اسرائيل بموجب خارطة الطريق للسلام في الشرق الاوسط التي توسطت فيها الولايات المتحدة عام 2003 والمتعلقة بوقف النشاط الاستيطاني وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية عن طريق ازالة نقاط التفتيش وعوائق أخرى.

وأجرى الجنرال الامريكي المتقاعد جيمس جونز تقييما سريا لدرجة التزام اسرائيل والفلسطينيين بتعهداتهم والتي تشمل جهود الفلسطينيين للحد من العنف ضد اسرائيل.

وقال المسؤول الامريكي ان تقرير جونز انتقد اسرائيل لكنه لم يورد تفاصيل. غير ان المحللين قالوا ان اسرائيل لم تبذل سوى أقل القليل في الضفة الغربية.

وقال ريدل "بالمقارنة بالطنطنة المبالغ فيها في انابوليس وباستراتيجية تحويل الضفة الغربية التي تسيطر عليها فتح الى جنة مقارنة بصحراء غزة التي تسيطر عليها حماس اعتقد ان ما شهدناه قليل جدا ومتأخر جدا."

أولمرت لايرى فرصة لاتفاق مع الفلسطينيين هذا العام

وقال اولمرت للبرلمان (الكنيست) إنه لا يرى فرصة كبيرة للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين هذا العام يتضمن القدس لكنه قال إن الفجوة فيما يتعلق بقضايا اساسية اخرى مثل الحدود واللاجئين أخذت تضيق.

وحث الرئيس الامريكي جورج بوش الجانبين على توقيع " اتفاق سلام" قبل مغادرته منصبه في يناير كانون الثاني القادم دون ان يقدم تفاصيل حول ما الذي ينبغي ان يتضمنه هذا الاتفاق. لكن اولمرت قال في ملاحظات نشرها البرلمان بعد جلسة مغلقة انه يصعب التغلب على الخلافات حول القدس هذا العام وانه ينبغي ان تتفق اسرائيل والفلسطينيون على "الية" لمعالجة المسألة في 2009. بحسب رويترز.

وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات ان تصريحات اولمرت تظهر عزم اسرائيل على تدمير المفاوضات وعملية السلام.

وكان أولمرت صرح في وقت سابق من الشهر بأن اسرائيل والفلسطينيين لم يكونوا أقرب الى السلام مما هم عليه الان. ويتحدث اولمرت عن احتمالات السلام في حين يتشبث بمنصبه في مواجهة تحقيقات للشرطة في مزاعم فساد قد تجبره على الاستقالة.

وصرح مسؤولون بأن اولمرت يتصور الاتفاق على وثيقة مشتركة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تضع حدودا للدولة الفلسطينية المستقبلية وترتيبات أمنية وتتعامل مع مصير ملايين اللاجئين الفلسطينيين لكنها تترك قضية القدس الاكثر صعوبة.

ونقل مسؤول عن اولمرت قوله للجنة برلمانية اسرائيلية "لا أرى احتمالا قابلا للتحقيق للتوصل لتفاهمات بشأن موضوع القدس في الاطار الزمني المحدد."

واضاف اولمرت مشيرا الى مسائل الحدود واللاجئين والامن " فيما يتعلق بالقضايا الثلاث الاخرى.. اقدر انه سيكون ممكنا التوصل الى تفاهمات بحلول نهاية العام بما في ذلك مسألة اللاجئين." ووصف الفجوات بين الجانبين بشأن القضايا الثلاث بأنها "ليست مما لا يمكن التغلب عليها."

وقال نبيل ابو ردينة المتحدث باسم عباس ان القدس " خط أحمر" بالنسبة للفلسطينيين الذين يريدون القدس الشرقية العربية عاصمة لدولتهم المستقبلية. وصرح بأن الجانب الفلسطيني لن يقبل اي اتفاق يستبعد القدس.

وقال احد زعماء حماس البارزين في غزة محمود الزهار ان اسرائيل التي تساندها الولايات المتحدة ليست لديها النية لاعطاء الفلسطينيين "مطالبهم الاساسية وهي اقامة دولة مستقلة" وقال هذا هو السبب في ان حماس اختارت النضال.

وذكر مسؤولون اسرائيليون ان الوثيقة المشتركة يجب ان تشير الى القدس في اطار المفاوضات المتواصلة وليس لترسيم الحدود بشأن كيفية السيطرة على احياء المدينة واماكنها المقدسة.

وقال مارك رجيف المتحدث باسم اولمرت "بدلا من السماح لاعقد القضايا بأن تنسف العملية بكاملها نعتقد ان من المهم التوصل الى الية متفق عليها لمواصلة مناقشة هذه القضايا في 2009."

وبدأ اولمرت وعباس محادثات سلام برعاية امريكية في نوفمبر تشرين الثاني الماضي بهدف التوصل الى اتفاق قبل ان يغادر الرئيس الامريكي جورج بوش البيت الابيض في يناير كانون الثاني عام 2009 . لكن المفاوضات تعثرت بسبب نزاعات أغلبها حول بناء مستوطنات يهودية داخل القدس وحولها.

أمريكا لاتزال تأمل في اتفاق بحلول نهاية 2008

من جانبها قالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس انه مازال هناك وقت للتوصل الى اتفاق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين بحلول نهاية عام 2008.

وقالت رايس ان محادثات السلام الثلاثية في واشنطن بين الولايات المتحدة واسرائيل والسلطة الفلسطينية يجب ان تكون مغلقة لتقدم أفضل أمل لتحقيق تقدم.

وقالت رايس ان أحدث جولة في المحادثات التي بدأت في انابوليس بالولايات المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2007 وضعت "أساسا متينا يمكن للجانبين اخيرا استخدامه في انهاء الصراع بينهما."

وقالت رايس في مؤتمر صحفي انه "مازال هناك وقت لديهما وفقا لانابوليس للتوصل الى اتفاق بحلول نهاية العام وسنواصل العمل نحو ذلك الهدف."بحسب رويترز.

وقامت الولايات المتحدة بتنشيط المفاوضات بشأن اقامة الدولة الفلسطينية بين الاسرائيليين والفلسطينيين في مؤتمر انابوليس بولاية ماريلاند في نوفمبر تشرين الثاني على امل التوصل الى اتفاق قبل ان يغادر الرئيس الامريكي البيت الابيض.

لكن الخلافات بشأن توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة وفضيحة فساد تحيط برئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والمتاعب السياسية لدى الزعيم الفلسطيني محمود عباس وقضايا الامن أضرت جميعها بجهود الولايات المتحدة.

وتزمع رايس استضافة محادثات سلام بين المفاوض الفلسطيني أحمد قريع ووزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني في واشنطن يوم 30 يوليو تموز.

وقالت رايس ان محادثات واشنطن يجب ان تبقى سرية. وأضافت ان "أنجح مفاوضات جرت بينهما ربما كانت تلك التي عقدت في اوسلو ولم يعرف أحد انذاك انه كانت تجري مفاوضات."

الاردن: ملف الأسرى على قمة الاولويات

من جهة ثانية قال وزير الخارجية الاردني صلاح البشير ان ملف الاسرى في اسرائيل يقع على قمة الاولويات وان الاردن يسعى لتحريرهم من خلال العمل بصمت وهدوء بعد اسبوعين من عملية تبادل للاسرى بين حزب الله واسرائيل.

ونقلت صحيفة الدستور اليومية عن البشير قوله ان الاردن وضع دوما "ملف اسرانا ومعتقلينا في الخارج على قمة اولوياتنا خاصة معتقلينا في اسرائيل."

وأضاف الوزير "التطورات التي شهدتها الأيام الاخيرة تدعونا كوزارة خارجية وكحكومة أردنية الى ان ندرس تأثيرات هذا الملف على بقية ابنائنا الذين ما يزالون يقبعون في السجون الاسرائيلية."

وقال ان هذا "يدعونا الى ضرورة معالجة هذا الموضوع باسلوب هادئ بحيث نحقق الهدف الذي نريد لان ما نصبو اليه هو الافراج عن كافة هؤلاء المعتقلين."

وأدت عملية تبادل السجناء بين حزب الله اللبناني واسرائيل الى زيادة الضغط على الاردن الذي وقع اتفاقية سلام مع اسرائيل في 1994 للعمل على اطلاق سراح اسراه.

واستقبل زعيم حزب الله حسن نصر الله الاسبوع الماضي خمسة سجناء لبنانيين أطلقت اسرائيل سراحهم بعد ان أعاد حزب الله جثتي جنديين اسرائيليين.

وبموجب الاتفاق الذي طبق بترتيب من وسيط ألماني معين من قبل الامم المتحدة أعادت اسرائيل رفات ثمانية من مقاتلي حزب الله الذين قتلوا في حرب 2006 في لبنان بالاضافة الى رفات أربعة فلسطينيين من بينهم دلال المغربي الناشطة التي قادت غارة على اسرائيل عام 1978 .

واعتصم العشرات من اهالي الاسرى الاردنيين في السجون الاسرائيلية ونقابيون وحزبيون امام مقر رئاسة الوزراء مطلع هذا الاسبوع متهمين الحكومة بالتقاعس عن اطلاق سراح 28 معتقلا اردنيا كما طالبوا باطلاق سراح اربعة اسرى كانت اسرائيل قد سلمتهم الى الحكومة الاردنية في يوليو تموز من العام الماضي بحيث يتم الابقاء عليهم في سجن اردني 18 شهرا بموجب اتفاقية مع اسرائيل.

وقال البشير ان الحكومة راضية بما تم انجازه في ملف المعتقلين حتى الان وهو "انجاز كبير... ولكن نطمح لتحقيق المزيد في هذا الاطار."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت  2/تموز/2008 - 29/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م