قوة اللغة في مواجهة العنف

اللجوء إلى وسائل الإعلام للرد على التطرف المستخدم للعنف وشجبه

شبكة النبأ: يقال إن العبرة بالأفعال لا بالأقوال، ولكن الأمر قد يكون على العكس تماماً في عالم السياسة الخارجية حيث لكل كلمة وقعها.

واللغة والكلمات هي السلاح الذي اختاره معهد الشرق-الغرب للتصدي للتطرف المستخدم للعنف من خلال برنامج استهله قبل عامين تقريبا.

وقال عظمات حسن، مدير مبادرة التصدي للتطرف العنيف التي أطلقها المعهد إنه "يمكن لوسائل الإعلام أن تساعد في جعل العالم مكاناً أفضل وأكثر أمانا."

وكان البرنامج الذي يسعى إلى فهم الأسباب الجذرية المؤدية إلى التطرف المستخدم للعنف وإلى العثور على وسيلة للتصدي له قد بدأ في العام 2006.

ومن الأفكار التي تم بحثها لتحقيق ذلك، فكرة تنظيم قمة للفعاليات الإعلامية القيادية لمناقشة وضع قواعد للمهنة. وستوفر هذه القواعد، في حال التوصل إليها، خطوطاً عريضة يمكن للمؤسسات الإعلامية الاسترشاد بها لدى اختيارها اللغة والصور التي ستقدمها في المقالات والتقارير والقصص الإخبارية المتعلقة بالتطرف المستخدم للعنف. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وأوضح حسن أن من شأن تلك القواعد، إذا ما تم الاتفاق عليها، أن تغير من اللهجة والفحوى لدى التعامل مع أنباء التطرف المستخدم للعنف.

وأضاف متسائلاً في سياق تعليقه، على سبيل المثال، على الصور والمشاهد الرهيبة المروّعة التي كثيراً ما تقدمها وسائل الإعلام لدى تغطيتها أنباء التطرف المستخدم للعنف: "لمَ نزيد الأمر سوءاً من خلال إثارة حساسية لدى المشاهدين؟ هذه مشاهد ينبغي ألا يشاهدها الأحداث."

أكثر من مجرد كلمات

يتمحور عمل معهد الشرق-الغرب حول إجراء الأبحاث والدراسات ووضع الأوراق المعنية بالسياسات والمتضمنة توصيات حول التصدي للتطرف المستخدم للعنف. وقد ركزت ورقة وضعتها آزمي زالمن في أيار/مايو بعنوان "التصدي للتطرف المستخدم للعنف: أكثر من كلمات،" على ما للغة من خصائص مفيدة ومضرة.

وتضمنت دراسة زالمن ست توصيات موجهة إلى الحكومات ومجموعات المجتمع المدني حول كيفية صياغة رسالتها. وتضمنت هذه التوصيات إخراج الفحوى السياسية من سياق العقيدة الدينية الشخصية، والتوقف عن استخدام "نحن ضدهم،" واللجوء إلى ذكر أمور محددة لدى التحدث عن أفعال وأشخاص ضالعين فيها، والعمل ضمن حقائق وسائل الإعلام العالمية. وأشارت الدراسة في هذا المجال إلى أن التقدم في مجالي الإنترنت والفضائيات التلفزيونية التي تبث عبر الأقمار الصناعية يعني أن وسائل الإعلام لم تعد مقيدة بالحدود الجغرافية، مما يعني بدوره أن على الكيانات المختلفة صياغة رسالتها مدركة أن الجمهور الذي سيشاهدها يتعدى الجمهور المقصود.

ومن الأمثلة على ذلك أن المعهد يتجنب استخدام كلمة "إرهابي،" لأنه يعتقد أنها أُضعفت في عالم ما بعد 11 أيلول/سبتمبر. وأشار حسن إلى أن هناك دولاً تستخدم هذه الصفة لشجب أولئك الذين يعارضون الحكومة أو أولئك الذين تكون الدولة على خلاف معهم لأساب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو قانونية.

وأضاف أن معهد الشرق-الغرب يستخدم تعبير "التطرف المستخدم للعنف" لأنه ليس ككلمة "إرهابي،" بل صفة "يمكن إطلاقها على المؤسسات والأشخاص والدول."

كما أن المبادرة تشير إلى المواطنين المسلمين العاديين في أي دولة على أنهم من "التيار السائد" بدل "المعتدلين."

وأوضح حسن أن سبب ذلك يعود إلى أن "بعض المسلمين، بسبب ديانتهم، لا يريدون أن ينظر إليهم على أنهم معتدلون. وتعبير من "التيار السائد" تعبير أكثر حيادية."

ترجمة الأبحاث إلى سياسات معمول بها

إن معهد الشرق-الغرب مؤسسة أبحاث سياسية، إلا أنه ليس كغيره من مؤسسات الأبحاث إذ يتفرد بكونه كياناً يضغط بنشاط في سبيل تبني توصياته.

ويطرق أعضاء المعهد جميع أبواب الكيانات التي يريدون منها إحداث تغيير في العالم. ويجتمع الناشطون مع صناع القرار السياسي وقادة الرأي العام والفعاليات القيادية في وسائل الإعلام والشركات الخاصة لضمان ترجمة آرائهم ورؤيتهم إلى واقع فعلي.

وفي حين أن المعهد لا يملك قياسات واضحة ملموسة لما لتوصياته من تأثير، إلا أنه يتلقى معلومات ارتجاعية، خاصة من دول في الشرق الأوسط مثل الإمارات العربية المتحدة والأردن. ويشير المعهد إلى أن بعض الزعماء النافذين في المنطقة يطالعون الدراسات والأوراق التي يصدرها وأن ردود فعلهم عليها كانت إيجابية. وسوف ينشئ المعهد "شبكة خدمات إنترنت" لجمع المعلومات المتعلقة بالنتائج التي تثمر عنها توصياته.

ويهتم معهد الشرق-الغرب بالشباب من السكان بشكل خاص لأنه يعتبر أنه يمكن التعاطي معهم الآن، أكثر من أي وقت مضى، من خلال تشكيلة واسعة مختلفة من مواقع التعارف والتآلف الاجتماعي مثل Facebook وYouTube على الشبكة العنكبوتية.

وقال حسن إنه رغم أنه لن يتم التوصل إطلاقاً إلى إجماع حول أفضل كلمة تستخدم لدى وصف وشجب الإرهابيين أو التطرف المستخدم للعنف، إلا أن معهد الشرق-الغرب بدأ يتخذ خطوات تؤدي إلى إعلام أكثر مسؤولية يكون حساساً بالنسبة للغة المستخدمة وما لها من وقع وتأثير. وخلص إلى أنه "يمكن للغة أن تلطف العنف، ولكنها تستطيع أيضاً أن تلعب دوراً في لأم الجراح."

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس  24/تموز/2008 - 20/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م