الإتفاقية العراقية التركية هل تكون حجر الزاوية في الإنفتاح على العالم؟

اعداد/صباح جاسم 

شبكة النبأ: فيما أبدى الاكراد امتعاظهم لعدم تضمين جدول اعمال رئيس الوزراء التركي اردوغان أية لقاءات مع مسؤولين في كردستان خلال زيارته الاخيرة الى العراق اظهر نواب وسياسيين اخرين ارتياحهم للاتفاقية الاستراتيجية مع تركيا ودعوا الى اهمية ان يقيم العراق علاقات جيدة مع دول الجوار على اعتبار ان السياسة العراقية تتجه الان لتحقيق افضل علاقات مع دول الجوار..

فقد وصف عدد من الخبراء الاقتصاديين العراقيين الاتفاقية الثنائية التي وقعها رئيس الوزراء التركي أردوغان ونظيره العراقي نوري المالكي القاضية بتشكيل لجنة عليا للتعاون الاستراتيجي بين البلدين بأنها ايجابية ومشجعة لزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمار.

ويقول المحلل الاقتصادي هلال الطعان لوكالة أصوات العراق أن "للاتفاقية العراقية التركية تأثير ايجابي على الاقتصاد العراقي، كاشفا عن عدد من من الاتفاقيات بين الجانبين في مجال الطاقة والسياحة والموارد النفطية".

وكان رئيس الوزراء التركي أعلن، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره العراقي نوري المالكي، بعد وصوله إلى العاصمة بغداد، في أول زيارة لزعيم تركي إلى العراق منذ عام 1990، ان بلاده وقعت مع العراق اتفاقية تقضي بتشكيل لجنة عليا للتعاون الاستراتيجي بين البلدين بوجود إرادة مشتركة للعمل معا من اجل اكتساب دفعة قوية في العلاقات بين البلدين.

وجاء في نص الاتفاقية الثنائية لتشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي السياسي المشترك والتي وقعها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع نظيره التركي أردوغان أن رئيسي وزراء البلدين سيرأسان هذا المجلس ويقوم وزيرا خارجيتهما بتنسيق عمل المجلس ووضع اللمسات الأخيرة لأجندة كل إجتماع.

وأضاف الطعان أن "تركيا دولة جارة والعراق على علاقات طبيعية معها وهناك اتجاه كبير نحو تطوير العلاقات إلى الأفضل بعد زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان"، موضحا أن أهم التطورات الاقتصادية بالنسبة للعراق "تكمن في وجود احتياطات نفطية كبيرة" وفي حال "فتح الخط الشمالي إلى تركيا عن طريق ميناء جيهان سيحصل العراق على مبالغ بيع النفط الكبيرة" وبالمقابل سيحصل الجانب التركي على "عمولات نقل وبيع النفط الى الاسواق العالمية والدول الأوربية".

وتابع "كما ان فتح الحدود بين البلدين سيؤدي إلى زيادة الاستيراد العراقي من تركيا وتحويل بعض المواد الفائضة من الإنتاج العراقي اليها، الأمر الذي سينعكس ايجابيا على اقتصاد البلدين".

ومن جانبه، اعتبر نائب رئيس اتحاد الصناعات العراقي باسم جميل انطوان زيارة أردوغان للعراق "فاتحة خير نحو الاقتصاد العراقي وتشجيع لباقي دول المنطقة في كسر الطوق الذي وضع حول العراق سياسيا بشكل عام واقتصاديا بشكل خاص".

ويضيف أنطوان أن العراق "له علاقات واسعة مع تركيا وسبق ان وقع خلال عقد الثمانينات اتفاقيات تعاون واسعة في تمويل الاقتصاد العراقي وتجهيز السلع والمواد الأولية للصناعة العراقية خاصة"، لافتا الى ان الجانب التركي يتفهم الواقع العراقي وله استثمارات كبيرة في منطقة كردستان.

وتتمتع محافظات إقليم كردستان الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك) باستقرار أمني، الأمر الذي يشجع الشركات الأجنبية للاستثمار فيها.

وأبدى انطوان ثقته من ان تركيا "بما تمتلك من إمكانيات صناعية وتكنلوجيا متقدمة وخبرة واسعة ستعمل على تقديم العون والدعم للاقتصاد العراقي"، مضيفا "نحن كصناعيون نستبشر خيرا بهذه الخطوة ونعلق عليها الآمال لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في كل مناطق العراق وليس كردستان فقط".

أما رئيس الاتحاد الدولي لرجال الأعمال في العراق حميد العقابي فرأى أن "الحقبة القليلة القادمة ستشهد تحول العراق إلى عضو فعال في المجتمع الدولي وخاصة مع المنظمات التابعة لمنظمة للتجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والدول المجاورة، بسبب التحسن الأمني وفرض سلطة الدولة والقانون".

وأضاف العقابي أن "الوضع الاقتصادي والأمني أصبح أكثر استقرارا من قبل، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان للمجيء إلى العراق وخاصة أن بلدنا يمتلك اقتصاد قوي وثروات وطاقات بشرية هائلة، الأمر الذي سينعكس في النهاية على نمو الاقتصاد لدى الجانبين".

ودعا العقابي الدول العربية في المضي قدما في علاقاتها مع العراق وخصوصا مسالة إطفاء الديون، وقال "اذا كانت هناك سياسة خاطئة تبناها النظام السابق وأدت إلى تحمل الكويت اعبائها لمدة تسعة أشهر فالعراق تحمل لمدة 19 عاما ودفع انهار من الدم وخسر قوة اقتصاده الذي أصبح منهكا جراء تلك السياسات".

الإتفاقية ستنعكس إيجاباً على العراق 

وأجمع برلمانيون على ان الاتفاقية العراقية التركية التي تم التوقيع عليها بين المالكي ونظيره التركي اردوغان ستنعكس ايجابا على العلاقات السياسية مع كل دول الجوار وتمثل"بوابة" جديدة للعلاقات بين العراق وتركيا.

النائب عن الائتلاف العراقي الموحد علي الاديب قال لوكالة اصوات العراق ان "سياسة العراق تهدف الى بناء "علاقات ايجابية مع كل دول الجوار وخاصة تركيا التي هي دولة جارة وبإمكانها ان تقدم نوعا من التعاون في مجال الاعمار والبناء كما هو حاصل في اقليم كردستان بالاضافة الى مناطق اخرى في الجنوب"، معربا عن امله "ان تشارك تركيا بحجم اكبر من ما هو عليه الان في اعمار العراق".

وكان رئيس الوزراء التركي أعلن، خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره العراقي نوري المالكي، بعد وصوله إلى العاصمة بغداد، في أول زيارة لزعيم تركي إلى العراق منذ عام 1990، ان بلاده وقعت مع العراق اتفاقية تقضي بتشكيل لجنة عليا للتعاون الاستراتيجي بين البلدين بوجود إدارة مشتركة للعمل معا من اجل اكتساب دفعة قوية في العلاقات بين البلدين.

وجاء في نص الاتفاقية الثنائية لتشكيل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي السياسي المشترك، ان "رئيسي وزراء البلدين، سيرأسان هذا المجلس "ويقوم وزيرا خارجيتهما بتنسيق عمل المجلس، ووضع اللمسات الأخيرة لأجندة كل إجتماع". مضيفا أن "الوزراء المعنيين في مجالات الطاقة والتجارة والإستثمار والأمن والموارد المائية، سيكونون أعضاء في هذا المجلس، مع إمكانية أن يقرر رئيسا الحكومتين توسيع المجلس ليضم وزراء ومسؤولين في مجالات معينة مع تطور التعاون الثنائي ليشمل تلك المجالات".

واضاف الاديب ان "الموضوع الوحيد الذي قد يثير توتر بين تركيا والعراق هو تواجد حزب العمال وهذا الامر يجب ان يحل بالطريقة الدبلوماسية السياسية لكي لا تتعقد القضية بشكل اكبر"، وعلى العراق ان "يتفهم الوضع التركي وكذلك على الاتراك ان يتفهموا الوضع العراقي بحيث لا يمكن ان يتدهور الوضع في شمال العراق بسبب تواجد حزب العمال".

ويشير الاديب الى دور انقرة وجهودها لتحقيق الامن في العراق بإعتبارها "احدى الدول المشاركة في مؤتمرات حفظ امن العراق اكثر من مرة وكانت المضيفة اكثر من مرة لهذه المؤتمرات وكانت مواقفها ايجابية من العراق".

وعن التحرك السياسي والدبلوماسي للعراق ذكر ان "العراق بدأ ينفتح على دول الجوار بشكل عام ويحرص على تطبيع العلاقات مع عدد من الدول العربية، التي كانت في حالة تردد من اقامة العلاقات مع العراق، مشيرا في هذا الجانب الى"زيارة رئيس الوزراء للامارات والى دول اخرى"، ما يجعل "المشروع السياسي العراقي يبدأ للتو بعد النجاحات الأمنية التي تحققت بالداخل، ما اعطى انطباعا للدول بان العراق يتجه نحوى الاستقرار وفتح علاقات ايجابية مع كل الدول وخاصة دول الجوار".

اما النائب عن التحالف الكردستاني فرياد راوندوزي فقد ذكر ان "هذه الاتفاقية مهمة جدا وهي اتفاقية تشمل جميع الجواب الاقتصادية والتجارية والامنية والمائية، وتمهد الطريق لفتح معبرين بين تركيا والعراق"، كما انها "اعطت روحا جديدة بشأن خطوط النفط بيت الدولتين".

ولفت راوندوزي الى ان "تركيا دولة مهمة ينبغى على العراق ان تكون له علاقات جيدة معها خاصة وانها تعتبر البوابة الى اوربا، وكذلك فانه بحسب الخبراء الاقتصاديين فان حجم التبادلات التجارية بين العراق وتركيا سترتفع الى خمسة مليارات دولار في سنة 2009".

وكان رئيس الوزراء التركي اكد خلال لقاءه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي أنه من المتوقع أن يصل حجم التجارة بين العراق وتركيا إلى 5 مليارات دولار وربما سيرتفع مع الاستثمارات خلال السنوات الثلاث القادمة إلى 25 مليار دولار". بحسب بيان لمكتب الهاشمي.

ونقل البيان عن أردوغان أن "الاستثمارات ستكون في مجالات عديدة في الاقتصاد والسياسة والصحة والتربية وغيرها وان الشركات التركية ستلعب دورا هاما في إعادة البناء وخاصة في المجال التربوي والصحة".

وتابع  راوندوزي مؤكدا ان"هذه الاتفاقية ستفتح المجال لتشارك تركيا في اعادة اعمار العراق خاصة وان الشركات التركية نحجت في اقليم كردستان في بناء البنية التحتية".

وخلص الى القول إن "العراق بشكل عام يحرص على ان يقيم علاقات جيدة مع دول الجوار والسياسة العراقية تتجه الان لتحقيق افضل علاقات مع هذه الدول وبالنسبة لتركيا هي دولة ديمقراطية وكان لها دور في تشجيع العرب السنة في  الدخول في العملية السياسة وكذلك فان علاقاتها جيدة مع جميع المكونات العراقية".

من جانبه قال النائب عن القائمة العراقية عزت الشابندر ان "تركيا دولة جارة ومهتمة بالشأن العراق بشكل واضح والعراق بحاجة الى علاقات متوازنة مع كل دول الجوار"، مبديا في الوقت نفسه شيئا من التحفظ اذ يرى انه "اذا كانت تركيا تهدف من خلال هذه الاتفاقية الى تهديد حالة التوازن لذلك فان هذه الاتفاقية من الممكن ان تنعكس سلبا على شأن عراقي محدد هو مهم بالنسبة لتركيا فانها تكون مرفوضة وعلى العراق محسوبة سلبا بحيث تنعكس على الداخل وتؤثر في حالة التوازن".

ومع ذلك يشير الشابندر الى ان "هناك جهودا واضحة من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي لفتح او كسر الطوق المفروض على العراق عالميا وانا اعتقد انه حقق نجاحا ملموسا على مستوى العلاقات مع دول عربية وعالمية"، ومن ايجابيات الاتفاقية انها "تفيد في تحجيم النفوذ الايراني في العراق بشكل او باخر والسياسة العراقية ستكون ناجحة كلما استطاعت ان تحقق علاقة متوازنة مع دول الجوار فستكون المحصلة النهائية لمجموع هذه العلاقات ان تعود بالخير على استقرار العراق وعلاقاته مع دول الجوار".

نواب أكراد: اردوغان ارتكب نفس الاخطاء بعدم لقائه المسؤولين الاكراد 

من جهة ثانية رأى نائبان، كردي وتركماني، في برلمان اقليم كردستان، أن الزيارة التي قام بها اردوغان لبغداد، لم تحمل نتائج ايجابية بسبب ما وصفوه بـ"تكرار نفس الخطأ" الذي وقع فيه الاتراك بعدم لقائهم المسؤولين الاكراد بصورة مباشرة.

يأتي هذا على خلفية عدم تضمن جدول اعمال الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء التركي للعراق حاليا، لقاء بالمسؤولين السياسيين في حكومة اقليم كردستان.

وقال النائب عن الاتحاد الاسلامي الكردستاني في برلمان كردستان، محمد فرج، لوكالة اصوات العراق إن رئيس الوزراء التركي "ارتكب خطأ سياسيا واضحا حين لم يضمن جدول اعمال زيارته للعراق، لقاء مباشرا بالمسؤولين الاكراد". واصفا نتائج الزيارة بانها ستكون "غير مثمرة، بسبب عدم وجود فرصة حقيقية لمناقشة المشاكل العالقة بين اقليم كردستان وتركيا مثل قضية حزب العمال الكردستاني، والقصف التركي المتكرر لاراضي الاقليم".

ويشكل موضوع حزب العمال الكردستاني، وقضية كركوك المثيرة للجدل، والقصف التركي لاراضي اقليم كردستان، ابرز الملفات المعقدة بين حكومة اقليم كردستان والحكومة التركية، إذ سبقوان اتهمت تركيا حكومة إقليم كردستان بالسماح لمسلحي الحزب بشن هجمات على الجيش التركي من داخل أراضي الإقليم، وقام الأخير في شباط فبراير الماضي بشن عملية برية داخل الأراضي العراقية لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني في المناطق الحدودية بإقليم كردستان، فضلا عن القصف المتكرر للمناطق الحدودية المحاذية لتركيا.

واضاف فرج، ان "تركيا اعلنت رسميا في وقت سابق، عن لقاءات مباشرة بين اردوغان والمسؤولين في الاقليم، لكن الغاء اللقاءات كان بمثابة ضياع لفرصة الحوار بين الطرفين المعنيين بحل المشاكل العالقة، وهما حكومة الاقليم والحكومة التركية".

من جهته، اعرب رئيس الحركة التركمانية في كردستان، والنائب بالبرلمان كرخي التي برماغ، عن اعتقاده بان زيارة اردوغان للعراق "ستكون بلا نتيجة، لأن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لا يستطيع اتخاذ القرارات التي تتعلق باقليم كردستان". مبينا أن "أي قرارات يتم اتخاذها بين بغداد وانقرة لن تكون قابلة للتطبيق في اقليم كردستان اذا لم تكن متطابقة مع مصلحة الاقليم". وهذا ما يعني، بحسب برماغ "ان مصلحة أي طرف لن تتحقق من هذه الزيارة".

وتابع برماغ ان حزبه، "كحزب تركماني، يعتبر زيارة اردوغان خطوة ايجابية ومهمة على صعيد العلاقات بين بغداد وانقرة"، لكن تركيا "عادت وارتكبت نفس الخطأ الذي ترتكبه كل مرة تجاه اقليم كردستان، بعدم اقرارها ان المشاكل العالقة بين الطرفين يجب ان تحل بالتحاور بينهما مباشرة".

شبكة النبأ المعلوماتية- االاثنين  14/تموز/2008 - 10/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م