اللاجئون العراقيون بين الإبعاد القسري والبحث عن الحماية

إعداد:علي الطالقاني

شبكة النبأ: لم تعد مدينة أو بلد إلا ونجد فيها جالية عراقية أو لاجئين عراقيين ويعود هذا التواجد منذ فترات تاريخية وآنية ولأسباب كثيرة، من أبرزها هجرة العراقيين إبان الحكم الدكتاتوري في عهد النظام البائد لتتواصل هذه الهجرة منذ توليه الحكم وحتى سقوط نظامه، وما تبعها من مرحلة أستخدم فيها أتباع هذا النظام من أساليب لتمرير خططهم ما أباد الشعب ومن ثم ترحيل أبنائه وتهجيرهم من خلال الممارسات التي انتهجوها بالتحالف مع مجاميع أخرى تبغي الوصول إلى السلطة حتى وإن كان على حساب دماء الأبرياء. وكل ذلك بالتعاون الوثيق مع تنظيم القاعدة الموغل في الجرم والإرهاب..

ففي شأن الهجرة والمهجرين عبرت الحكومة العراقية مؤخرا عن قلقها من إبعاد عراقيين مقيمين في الدنمارك . من جانبه عبر وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي عن قلق الحكومة العراقية وعدم رضاها للطريقة التي تمت بموجبها إعادة بعض العراقيين المتهمين في الدنمارك إلى العراق ، جاء هذا عن اجتماع بين السفير الدنماركي في بغداد مع وكيل وزير الخارجية العراقي.

كما أشار"لبيد عباوي" إلى أن مثل هذا الإجراء قد يعمل على نشر الخوف لدى أبناء الجالية العراقية في الدنمارك" كما قال بيان صحافي للوزارة اليوم . وأكد المسؤول العراقي "على إن مثل هذا الإجراء يجب أن يتم بالتنسيق المباشر مع الحكومة العراقية لإيجاد وسيلة لإعادة هؤلاء المتهمين واستقبالهم في ظل الظروف التي يمر بها العراق مع احترام العراق للقوانين في الدنمارك وعدم التدخل في شؤونه الداخلية".

وأوضح أن العراق يدرس مذكرة التفاهم المقدمة من قبل الجانب الدنماركي وبالشكل الذي يضمن العودة الطوعية للعراقيين والحفاظ على كرامتهم وتوفير الظروف المناسبة لعودتهم ودمجهم بالمجتمع آملين أن تراعي الحكومة الدنماركية ذلك في أي إجراء مماثل قد تتخذه في المستقبل.

من جانبه وعد السفير الدنماركي بنقل ذلك إلى حكومته مشيراً إلى أن الإجراء اقتصر على المحكومين بجنح مختلفة وان عددهم لا يزيد على ثمانية أشخاص. حسب موقع ايلاف.

وكانت الدنمارك أبعدت هؤلاء العراقيين من البلاد مؤخرا بعد ان دانتهم المحاكم الدنماركية بارتكاب جنح مختلفة لم ترق الى مستوى الجرائم الكبرى.

معروف ان السلطات الدنماركية تتخذ اجراءات صارمة بحق طالبي اللجوء وهي لاتمنح اللجوء الا في اضيق الحدود وخاصة بعد وصول الائتلاف الحالي الى الحكم والذي يضم احد اشهر الاحزاب الدنماركية المنادية بالتشدد في قضايا الاجانب والقادمين الى الدنمارك . وكانت تقارير اشارت مؤخرا الى وجود حوالي 600 لاجيء عراقي في النمارك رفضت السلطات طلبات لجوئهم وابقتهم في معسكرات منذ عدة سنوات وتدرس حاليا تسفيرهم الى العراق وخاصة الاكراد منهم الى اقليم كردستان والبالغ عددهم حوالي المائة بذريعة استقرار الاوضاع هناك.

سخاء سورية مع اللاجئين العراقيين

وفي نفس السياق أجرى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في دمشق ، محادثات مع المنسق الاميركي لشؤون اللاجئين العراقيين جيمس فولي حول اوضاع المهجرين وسبل توفير احتياجاتهم، على ما ذكرت وكالة الانباء السورية (سانا).

وقال فولي في تصريحات للصحافيين في ختام اللقاء إن زيارته لسورية والمنطقة تهدف الى تقييم حاجات اللاجئين العراقيين في المنطقة وتقييم حجم المساعدة الدولية لمساعدة اللاجئين. ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله «حاجات اللاجئين تزيد. أنا هنا في سورية والمنطقة لتقييم هذه الحاجات والعبء الذي تتحمله» الدول التي تستضيف اللاجئين. وأوضح ان من مسؤولية الولايات المتحدة احلال الامن في العراق كي يتمكن هؤلاء اللاجئون من العودة الى ديارهم بسلامة. حسب جريدة الشرق الأوسط.

وأشاد المسؤول الأميركي بسورية التي تستضيف نحو 5. 1 مليون لاجئ عراقي على أراضيها. وقال فولي نحيي سورية حكومة وشعبا على سخائها باستقبالها هذا العدد الكبير (من العراقيين).

 وأضاف ندرك انه عبء كبير. ونقدر التعاون الذي نقيمه حول هذه المسألة. ونعتبر انه من مصلحتنا المشتركة ومصلحة الشعب العراقي. ويتوجه فولي الى لبنان بعد سورية. وسبق ان زار تركيا والأردن.

وغادر ما مجموعه 7. 4 مليون عراقي ديارهم منذ بدء الحرب في العراق في مارس (آذار) 2003 بينهم مليونان انتقلوا الى الدول المجاورة ولا سيما في سورية والاردن. وتهجر 7. 2 مليون داخل العراق على ما تفيد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

القرآن الكريم والسنة فيهما ما يكفل حماية اللاجئين

من جانب آخر تحدث  المفوض السامي للمفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة انتونيو غوتيريس بالكثير من الألم عند الحديث عن اللاجئين والنازحين حول العالم. فهذا العام يشهد نمواً جديداً لاعداد اللاجئين حول العالم، ووصل عددهم الى 11.4 مليون لاجئ، مع 26 مليون نازح داخل بلادهم. ووجه غوتيريس تحذيرات من نمو اعداد اللاجئين مع تفاقم الازمات السياسية وارتباطها بمشاكل اوسع تتعلق بالتغيير المناخي والشحة في المياه والغذاء أمس من لندن، حيث اطلق اسبوعاً من الفعاليات لإحياء يوم اللاجئ العالمي، الذي يصادف يوم 20 يونيو (حزيران) من كل عام.

 و شدد غوتيريس على ضرورة احترام «حق حماية الضعفاء ومنح اللاجئين مكانا آمنا للجوء اليه. وبما ان نصف لاجئي العالم هم من مناطق عربية أو اسلامية، هناك ضرورة لتحمل الدول العربية والاسلامية مسؤولية تجاه اللاجئين. وعند سؤاله عن القوانين الخاصة بحماية اللاجئين في الدول العربية والاسلامية، رد غوتيريس: لا يحتاجون الى القوانين الدولية، أو حتى التوقيع على اتفاقية جنيف لعام 1951، فهم لديهم القرآن الكريم الذي ينص على ادق تفاصيل حماية اللاجئ، واكثر من أي كتاب سماوي آخر. حسب جريدة الشرق الأوسط

وأضاف: القرآن الكريم والسنة والحديث فيهما تفاصيل تتطابق مع القوانين الحديثة للاجئين، واذا طبق المسلمون هذه التعليمات لكانت افضل قوانين اللجوء.

 واوضح غوتيريس، ان المفوضية السامية تعمل مع الجامعة العربية على نشر كتاب مبني على تفسير فقهاء للدين الاسلامي وتطابقه مع قوانين اللجوء الحديثة ولمعالجة قضايا اللجوء. وبدا غوتيريس متحمساً لإظهار معرفته بتعليمات الاسلام حول اللاجئين، قائلاً: هذه المبادئ تأتي من مبدأ الأمان، وهو مبدأ ممتاز ينص عليه الاسلام، ويرد في سور مثل سورة البقرة وسورة التوبة». وعلى صعيد آخر، شدد غوتيريس على ان هناك ضرورة لاحترام حق الضعفاء باللجوء الى دول اخرى في حال مواجهتهم خطراً في بلادهم، محذراً من الخطر على هذا الحق بسبب القوانين الأمنية.

وقال: التجربة تظهر انه من الممكن تماماً احترام الدولة، ضمان امن مواطنيها والحق السيادي لحماية الحدود مع الاحترام الكلي لطالبي اللجوء والمحتاجين مثل النساء والاطفال.

 واضاف ان على أوروبا ان تبقى قارة داعمة للجوء والا تغلق حدودها لمن يحتاج للحماية مع تشديد اجراءات الدخول الى البلاد بسبب المخاوف الأمنية. وقال غوتيريس ان المخاوف الامنية لا تبرر غلق الحدود لمن يحتاج الى اللجوء، موضحاً الارهابي لن يدخل أي بلد من خلال طلب اللجوء، فستكون بصماته وكل معلوماته مدونة عند السلطات وبالتأكيد لن يرغب أي ارهابي في ذلك. وربط غوتيريس بين ضرورة منح الفرص الكافية لمن يحتاج الى اللجوء ومكافحة الاتجار بالبشر.

 وقال: اذا لا توجد هناك فرص كافية للمحتاجين، فكثيراً ما يقعون في مشكلة التهريب والاتجار بالبشر، مضيفاً ان الحل يكمن في تنظيم موجات الهجرة بطريقة افضل واعتبر غوتيريس المجتمع الدولي لا يفعل ما فيه الكفاية لمكافحة الاتجار بالبشر، وخاصة النساء والاطفال، وهي اقبح جريمة في البشرية.

 واضاف: الحكومات تهتم اكثر بتجارة المخدرات من الاتجار بالبشر، ولكن المهربين هم يشكلون شبكات دولية من الجريمة، وعادة ما تربط بجرائم دولية اخرى». وتحدث غوتيريس مطولاً عن الازمات حول العالم التي تتفاقم وتزيد من عدد اللاجئين، وعلى رأسها الاوضاع في العراق والسودان وافغانستان.

وقال ان في المرحلة المقبلة سيشهد العالم ترابط اكبر بين الازمات الاقتصادية والتغيير المناخي مع الأزمات السياسية مما سيفرض انماطا جديدة من الهجرة الإجبارية، وتزيد من اللاجئين.

ولفت الى أن بعض الأزمات ستكون حلولها سياسية بحتة، مثل العراق وافغانستان، بينما أزمات أخرى ستكون حلولها مرتبطة بالاقتصاد والبيئة وغير ذلك. وفي ما يخص العراق، شدد غويتريس على ضرورة منح المجتمع الدولي اللاجئين العراقيين «المساحة الضرورية» للجوء.

وأضاف ان المفوضية السامية تطلب من اوروبا عدم اعادة العراقيين الى وسط العراق وجنوبه، موضحاً: يمكن إعادة العراقيين الى الشمال فقط، بالنظر الى كل حالة على حدة، فالأوضاع غير جاهزة بعد لعودة اللاجئين.

 ورحب غوتيريس بتسليم العراق، مكتب المفوضية السامية للاجئين 8 ملايين دولار لمساعدة اللاجئين العراقيين، موضحاً: كل دعم مفيد، وهذا المبلغ هو جزء من مبلغ 25 مليون دولار اعلنت الحكومة العراقية عنه العام الماضي للاجئين في الاردن وسورية ولبنان ومصر، وبعد مصاعب في تسليم الاموال في الاردن تم الاتفاق على تسليمها لنا. ولكنه لفت الى أن هناك حاجة لأن تفعل الحكومة العراقية المزيد من اجل مليوني نازح ولاجئ خارج العراق، قائلاً الأوضاع صعبة جداً جداً للعراقيين في الدول المجاورة وخاصة سورية، مع ارتفاع اسعار الغذاء ونفاذ الأموال الموفرة لديهم.

وشدد غوتيريس على الحاجة الى المزيد من الدعم للاجئين العراقيين، قائلاً: من الضروري جداً للمستقبل ان تتواصل الحكومة العراقية مع العراقيين في الخارج.

 واعتبر ان هذا الربط ضروري لدعم جهود المصالحة الوطنية في العراق، ففي النهاية حل مشكلة اللاجئين العراقيين تعتمد على عودتهم الى بلدهم، لا يوجد خيار آخر.

ونبه غوتيريس ان الحديث عن عودة العراقيين ليس كلام شعارات سياسية، وانما امر واقعي يجب دعمه فلا يوجد خيار آخر على المدى البعيد.

وشدد غوتيريس على اهمية العودة الطوعية وعدم اجبار العراقيين على ذلك، موضحاً: أن «الحكومتين الأردنية والسورية اعطتنا التزامات رسمية، بعدم اعادة العراقيين اجبارياً». ولقد سجلت المفوضية السامية 200 الف لاجئ في سورية و100 الف في الدول المجاورة، بينما قدمت طلبات 30 الف عراقي للجوء في دول ثالثة. وصرح غوتيريس بأن المفوضية السامية تعمل مع الحكومة العراقية، على الاستعداد لعودة العراقيين في المستقبل وعندما تتوفر الظروف الملائمة. وفي يخص السودان، قال غوتيريس ان الحكومة السودانية لم تنمح المفوضية السامية حق الوصول الى مخيمات نازحين في دارفور حتى الآن. واوضح ان هذا الرفض يأتي ضمن مصاعب الحكومة السودانية في قبول ان هناك مسؤولية دولية لحماية الآخرين، وتعتبر ان حمايتهم مسؤوليتها وحدها. واضاف ان الجهود متواصلة للتوصل الى اتفاق مع الحكومة السودانية.

..........................................................................................

- المركز الوثائقي والمعلوماتي في مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام:يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية للاتصال والاشتراك www.annabaa.org///[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء  9/تموز/2008 - 5/رجب/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م